عندما كنا نكتب وننادي بالعلمانية حلاً لجميع مشاكلنا، ونقول ان في اتباعها، دون المساس باية عقيدة، يكمن الترياق الذي نحن بحاجة اليه لتغيير الكثير من أوضاعنا المهترئة ومفاهيمنا البالية كان الكثيرون ينتقدون دعوتنا ويرفضون التصديق بأن في اتباع العلمانية الحل للتخلص من أطنان الحقد الكامن في نفوس الكثيرين منا، وكان هؤلاء يزيدون باتهامنا بالكفر والردة والزندقة والعمل لمصلحة النظام الصفوي الفارسي، هذا غير تهم الانتماء للمجوسية والعمل لمصلحة الاستعمار والصهيونية، وكل هذا خير دليل وشاهد على مدى الحاجة لاتباع العلمانية طريقا وسياسة، فأنا لا يمكن أن أكون كل هذه الأمور في الوقت نفسه، وبالتالي سوقها في حقي ناتج عن كم الجهل والحقد الديني أو المذهبي الكامن في النفوس، وليس مثل العلمانية مادة لتنظيف النفوس من هذه الاتهامات السخيفة والأحقاد البغيضة، التي عادة ما تعمي القلوب وتمنع رؤية الأمور بشكل واضح! فطالما أن الدين والوطن ليسا للجميع بل لطائفة أو لأتباع دين محدد، فإن الخراب سيستمر ويشملنا جميعا، وفي هذا تقول وفاء سلمى الكاتبة السورية الأميركية، في مقال إلكتروني: قام أبناء ملتي، الاسلاميون السنة طبعا، بحوالي 3272 عملية ارهابية، بلغ عدد القتلى فيها 18562، والجرحى 39445، كان نصيب العراق منها 866 عملية ارهابية، الهند 565، باكستان 197، أفغانستان 235، الجزائر 169، الشيشان 92، روسيا 25، تايلند 133، بنغلادش 34، السعودية 26، السودان 32، لبنان 19، اسرائيل 234، نيجيريا 30، أندونيسيا 66، الفلبين 83، الصومال 7، اليمن 10، الاردن 5، طاجيكستان 16، سوريا 5، البلقان 3، مصر 9، بريطانيا 7، فرنسا 4، الولايات المتحدة 14، وأخيرا قطر عملية ارهابية واحدة، وهذا فقط حتى عام 2005، حسب قولها. ويمكنكم تخيل العدد اليوم، بعد استمرار وازدياد العنف الطائفي والمذهبي في العراق وسوريا ولبنان وباكستان، واشتراك ابناء المذاهب كافة فيه، ليعم «خير التطرف» الجميع! وتقول ان أرقامها تبين أن عدد القتلى في العام الواحد في اربع سنوات بلغ 4640 قتيلا، وهذا يفوق كل قتلى محاكم التفتيش الاسباني، بين القرنين 12 و15. كما أن عدد القتلى في 11 سبتمبر 2001 يفوق كل القتلى خلال 36 عاما من الحرب في شمال ايرلندا، ويفوق الاعدامات التي تمت في الولايات المتحدة في 65 عاما الماضية. كما أن عدد القتلى على يد الاسلاميين المتشددين السنة في العام الواحد يفوق عدد القتلى على يد جماعة «كوكلوكس كلان» العنصرية في أميركا في خمسين عاما!
لا أدري مدى صحة ما اوردته الزميلة من أرقام، ولكني لا استبعدها أبدا واكره فكرة معرفة ما هي عليه الآن، او ما ستكون هذه الأرقام بعد عشر سنوات من الآن، فالعنف الطائفي الجاهل سيستمر والقتل الديني سيشملنا جميعا، شئنا أم ابينا، ولا ادري هل سيكون حال الأمة أفضل لو اختفى الشيعة وزالت إيران عن خارطة الشرق الأوسط؟ هل سنتفرغ حينها لمحو إسرائيل والقضاء على الفقر والجهل والمرض، لأن الشيعة كانوا العائق أمام إنجاز هذه الأمور! اين ذهبت أيها المنطق؟
أحمد الصراف