المشكلة أنهم يريدون أن ننتقد في وقت هم يحددونه، وأن نتجاوز متى ما أرادوا عن خطاياهم بحجة عدم زعزعة الحراك، هذا ما حدث في أكثر من مناسبة وما زال مستمراً وسيستمر؛ لأننا باختصار نعيش بين نقيضين متشابهين في أمر واحد، وهو عدم تقبل الرأي الآخر وتخوينه لمجرد الاختلاف معه، ومن يرفض أن يكون مع هذين النقيضين يكون رمادياً متردداً جباناً. منذ بداية الحراك وظهور ما يسمى بـ"نهج" وشعار حكومة جديدة بنهج جديد حينذاك طلبنا ببساطة أن يحدد النهج الجديد المنشود، وكان الرد إما التجاهل وإما التخوين، وكانت النتيجة مجلساً ذا أغلبية غير مسبوقة بلا نهج ولا رؤية، أرعب شرائح من المجتمع الكويتي بتطرفه وإقصائه. وعندما حدث ما حدث في البحرين وجهوا استجواباً إلى رئيس الوزراء السابق بسبب عدم إرساله قوات كويتية لقمع الحراك البحريني، ورفضنا ذلك فألصقوا تهمة عقد الصفقات مع الحكومة على كل من رفض ذلك الاستجواب السيئ. واليوم يتجرعون من كأس هم ساهموا في صنعها، طالبوا بما يسمى بالكونفدرالية الخليجية وانتشروا بوسائل الإعلام لتسويقها، وكنا نرفض ذلك لسبب بسيط، وهو عدم تجانس أنظمة دول المنطقة، فأصبحنا صفويين في أنظارهم، واليوم يولولون على الاتفاقية الأمنية وهي جزء يسير فقط مما يمكن أن يحدث في حالة الكونفدرالية. آخر الأمثلة وأحدثها هو موقف السيد فلاح بن جامع، فعندما اتسقت مواقفه مع المعارضة في فترات سابقة كان التمجيد والتهليل والتشجيع لآرائه كأمير قبيلة وليس كمواطن عادي يفوق الوصف، بل إنهم أقروا أن يسمى أحد شوارع الكويت باسمه، وأعتقد أن ذلك أمر غير مسبوق أبداً، حينها حذرنا من إقحام كيان القبيلة الاجتماعي في الموقف السياسي، فاعتبرونا مزعزعين للحراك، وحين أمر السيد فلاح قبيلته بالمقاطعة دون رفض مما يسمى بالمعارضة من أن يجير الموقف السياسي للأفراد لمصلحة الكيان الاجتماعي للقبيلة أقامت المعارضة الاحتفالات على شرفه، وها هو اليوم يتخذ موقفاً سياسياً للقبيلة مغايراً لما تتبناه المعارضة دون أن يتمكنوا من نقد ذلك؛ لأنهم هم من أعادوا الدور السياسي للكيان الاجتماعي للواجهة. كل ما حذرنا منه سابقاً وانتقدناه أصبحوا يدفعون ثمنه اليوم لأنهم ببساطة يعتبرون أي رأي خارج سربهم انبطاحية وموالاة وبعض التهم المعلبة الأخرى. تلك مجرد أمثلة بسيطة لما حدث وما زال مستمراً بمواقف مختلفة بل كوارث هدت أركان الإصلاح الممكن، ولكن لم يحدث ولن يحدث طالما انزويتم في ركن واحد لا ترون غيره، ولا تستمعون لسواه. خارج نطاق التغطية: كل الكويت تشيد وتدعم وتؤيد بشكل غير مسبوق خطوات اللواء عبدالفتاح العلي لإصلاح الوضع المروري بالكويت، كل هذا التأييد والدعم والثناء لمجرد أنه قرر أن يطبق القانون على الجميع دون تمييز.