أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
رفض الأب الأفغاني تزويج ابنته بسبب صغر سنها، وما هي إلا أيام حتى لقيت تلك المسكينة حتفها ذبحا، وقطع رأسها، ولم تكن قد تجاوزت ربيعها الرابع عشر! تبين لاحقا أن من قام بتلك الجريمة رجلان، أحدهما من رفض الأب تزويج ابنته له! وفي الشهر نفسه دين اربعة «رجال شرطة»، في الولاية الأفغانية نفسها بالسجن لستة عشر عاما لاغتصابهم امرأة. وقد أدت أحداث عنف بشعة مماثلة اقترفت ضد المرأة، من حرق وجوه وضرب مبرح وتشويه وتزويج قسري، وعدم اكتراث بصغر سن الفتاة عند تزويجها، كل هذا دفع الرئيس كرزاي عام 2009 لإصدار قانون هدف منه وضع حد، أو على الأقل التقليل، من حوادث الاعتداء على النساء، وكانت النتيجة أن المئات من الآباء والأزواج والإخوة دينوا بجرائم بشعة من تشويه وجوه ضحاياهم من بنات أو زوجات أو حتى أقارب من الدرجة الثانية، وتقطيع أوصالهن! وخوفا من أن يأتي رئيس آخر مستقبلا ويلغي القانون، فقد قام بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، والمرأة بالذات، في افغانستان بمحاولة تحصين القانون من خلال تمريره في البرلمان. ولكن ما إن قدم القانون للمناقشة حتى ثارت ثائرة الأعضاء المتشددين من رجال القبائل والملالي ضده، وتم سحبه بعد اقل من 15 دقيقة من النقاش الناري، بعد وصفه ومن قدمه ومن سبق ان اصدره بمعاداة الشريعة. وزادوا على ذلك بطلب حماية الآباء والاخوة والأزواج من أي عقوبة إن قاموا بعمل عنيف ضد بناتهم أ وزوجاتهم، إن كان هدفهم المحافظة على الشريعة. كما طالبوا بمنح الأزواج حق اغتصاب زوجاتهم إن رفضن «طاعتهم». وطبعا هذه القوانين تخص حاليا ساكني المدن، أما مناطق الأرياف فإن حال المرأة فيه يعود لما قبل القرون الوسطى. ولكن لو عدنا لما كان عليه حال المرأة قبل نصف قرن مثلا، ومن خلال الصور والأفلام الوثائقية، لوجدنا أنها كانت في الغالب سافرة الوجه حرة في حركتها وتدرس في الجامع وتعمل وتعامل بطريقة أكثر إنسانية من الآن حتما، ولم يتدهور وضعها الإنساني والمعيشي، ولم تسلب حقوقها وتوضع في أكياس زرقاء لا تخرج من دونها، إلا مع موجة الصحوة الدينية التي اجتاحت المنطقة ككل، وبالتالي ليس هناك امل في أن تعود للمرأة كرامتها بغير القضاء التام على كل مظاهر الصحوة المزيفة، وقبر الحركات الدينية المتطرفة إلى الأبد، فقد دفعنا جميعا، والمرأة بالذات، ثمنا رهيبا يصعب تعويضه بسهولة.