الله يخرب بيت الشعوب الأوروبية والأميركية وشعوب اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وغيرها من الشعوب التي لا تتقاتل مثلنا بدوافع طائفية، الله يخرب بيت كل من لا يهتم مثلنا بأمر الجنة والنار، فيقتل جاره وزميله في العمل تقرباً إلى الله، ولا يفعل كما يفعل الغربيون واليابانيون الذين ألهتهم الدنيا وشغَلهم الدولار والين واليورو عن قتل مخالفيهم في الدين والطائفة.
ويأتيك الأميركان بجلالة غبائهم فينتخبون رئيساً من طائفة تشكل أقلية في أميركا، هي الطائفة الكاثوليكية، ويدلي البروتستانتيون بأصواتهم لمصلحة الكاثوليكي جون كينيدي في انتخابات الرئاسة ضد ابن طائفتهم نيكسون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويا ويلهم من الله.
ويتغاضى اليابانيون "الشنتو"، وهم الأكثرية، عن اليابانيين المسيحيين وهم أقلية الأقلية، فلا يقتلونهم ولا يسحلونهم ولا يصادرون أملاكهم. ليش؟ لأن اليابانيين قوم منشغلون في أمور التكنولوجيا والاقتصاد والصناعة وما شابهها من التوافه ووسخ الدنيا ولا يهتمون لأمر الجنة والنار. ويسكن الشنتو في مبنى واحد مع البوذي والمسيحي، الشقة فوق الشقة، دون أن تعرف بوذيهم من شنتويهم من مسيحيهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويا ويلهم من الله.
ويعلن اللاعب الإيطالي السابق الشهير روبيرتو باجيو تغيير ديانته من المسيحية إلى البوذية، ويتقبل الطليان ذلك بكل بلاهة، ويرفع مشجعو ناديه المسيحيون في المدرجات لوحات "بوذا.. نتوسل إليك ساعد باجيو في هذه الليلة"! سحقاً لهم، لماذا لم يقتلوه بعد أن ارتد عن دين آبائهم السماوي إلى دين غير سماوي ليتقربوا بدمه إلى الله؟ إنها البلاهة والاستهتار بالجنة والنار، نسأل الله العفو والعافية.
الجنة يا صاحبي تحتاج إلى تضحيات، تحتاج إلى اقتتال كاقتتال السنة والشيعة في بعض بلدان الخليج والوطن العربي وأفغانستان، تحتاج إلى حرق دور العبادة بما فيها كما يفعل الهندوس والمسلمون بعضهم ببعض في الهند، وتحتاج إلى التضييق على طوائف الأقليات، وما شابه من التضحيات.. الطريق إلى الجنة ليس بالسهولة التي يتوقعها الأميركان واليابانيون والأوروبيون والأستراليون وبقية المستهترين.
ولا مناص من تعديل المناهج الدراسية في أميركا وبقية البلدان والقارات المشابهة وإبراز الخلافات بين طوائفها، لنساعدهم على الاقتتال والوصول إلى الجنة، فالجنة ليست حكراً ولا قصراً على الشرق أوسطيين، ولا على العرب العاربة والمستعربة… في الجنة متسع، لكن أين العقول، وأين الدماء، وأين المحرضون، وأين الأحزمة الناسفة، وأين وأين وأين، وواخدني ورايح فين يا حبيبي يا نور العين..
الغريب أن المسلمين الشيعة والسنة في بلدان أوروبا وأميركا واليابان لا يتقاتلون، مع أن الهدف خارج أرضك بهدفين، كما يقول الرياضيون. لذا، ومن باب التذكير أقول لهم: ما زالت لديكم الفرصة فاغتنموها يرحمني ويرحمكم الله، وتذكروا أن الجنة، كما أسلفت، ليست حكراً على بقعة جغرافية.
اليوم: 23 مايو، 2013
«انچعموا»
ليس لي غير كلمة "انچعموا" أقولها للكثيرين من حزب النظام الذين أضجرونا وأقرفونا بخطاباتهم السقيمة عن الديمقراطية الكويتية ودولة المؤسسات وحكم القانون وحكمة السلطة. "انچعموا بالكويتي" تعني اصمتوا، وأغلقوا أفواهكم تماماً، فإن تكونوا في حكم الساكت عن الحق الذي هو كالشيطان الأخرس فربما أفضل بمرات من ثرثرة الرياء والنفاق وتزوير الحقائق وتضليل الناس التي تخنقوننا بها عن إمبراطورية العدالة الكويتية.
قبل سنوات، أخبرني الزميل أحمد الديين، وكان يكتب في جريدة الراي، أن تعليمات سلطوية فرضت سطوتها، وتم توقيف زاويته، فقمت بالاتصال بعدد من الزملاء الكتاب، واتفقنا أن نترك مكان زوايانا مساحة بيضاء، احتجاجاً على قهر حرية الضمير، وكتبت افتتاحية صغيرة في "القبس" بعنوان "مساحة بيضاء نتركها لكم" إن لم أنس العنوان، لم تكن في حقيقتها بيضاء، وإنما كانت سوداء، بمثل سواد "حريات الضمير" في هذه الدولة، التي تتماهى بممارساتها السلطوية مع شقيقاتها بدول مجلس التعاون. حدث منع أحمد الديين، تم في ظل قانون المطبوعات والنشر القديم، واليوم، المساحة السوداء تعيد ذاتها، مع القانون الجديد وإن كان بدون حكم القانون، فقبل أيام حظرت السلطة الكبرى على قناة اليوم برنامج "توك شوك" لمحمد الوشيحي، هكذا دون أسباب، غير أن الزميل عبر عن رأيه منتقداً ممارسات "البعض" من أمراء القبائل الذين يفرشون السجاد الأحمر، ويسكبون قوارير ماء الورد ويحرقون البخور حين يزور ديوانهم شيخ من أسرة الصباح. كان ينتقد البعض وليس الكل، لم يعمم، ولم يحد عن الصواب في نقد سلوكيات الرياء والتزلف البعيدة عن أخلاق هذا المجتمع، والمتناقضة مع الكبرياء الإنساني، لكن في عرف أهل السلطة الوشيحي انتقد بالتلفزيون أعرافاً اعتاد عليها وعلى منهجها المخجل الكبار، في تكريس أعراف الذل والتزلف، التي تكون لقاء مقابل مادي، وتحقيقاً لتراثيات شاعر البلاط والخليفة الحاكم، عندما يأمر الأخير الخازن بأن يعطي شاعره المداح: صرة من بيت المال!
أما الزميل محمد الجاسم، اختلفنا معه أو اتفقنا، فهو يمثل عقدة أبدية عند "الأكابر"، فقد حظرت مقالاته، وهي مصدر رزقه في جريدة عالم اليوم، قبل فترة، لم يكن هناك حكم قضائي، ولا غير ذلك، غير مزاج أهل الحل والعقد، الذين "يرون ما لا نراه" حسبما يتراءى لهم أنه من أجل الوطن ومصالح الوطن. ومن جديد، تعود الملاحقة السلطوية للقلم، وأصحاب القلم وما يسطرون، ويتم الحجر على رأيه، ويمنع من الكتابة في "الكويتية" لأنه حسبما يقولون الجريدة بيعت، والملاك الجدد، "ويا عيني عليهم" لا يهضمون رأي الجاسم…!
أليس من حقنا، أن نخشى على أنفسنا، أن نقلق من ردود فعل كلماتنا مهما تواضعت وطأطأت الرؤوس لحكم القوانين والأعراف الجائرة، في وطن الحريات والدستور وحكم القانون… وتحياتي للمؤلفة قلوبهم الدائرين في فلك صرر بيت المال.
هرم الحجرف
أؤمن بأنه لا يمكن أن تتقدم أمة بغير التعليم، ولا بتقدم فرد بغير القراءة المكثفة، وفي كل مجال وموضوع! ولو قمنا باستخدام هذا المعيار لقياس تخلف «الأمة الكويتية» أو تقدمها لوجدنا أنفسنا في مستوى متدن جدا نتيجة قرار السلطة في بداية الثمانينات بالتحالف مع القوى الدينية، من إخوان وسلف، خوفا من غيرهم، وتمكينهم أو غض النظر عن سيطرتهم على كل أنشطة التربية والتعليم والثقافة في الكويت ليصل بنا الحال الى هذا المستوى التعليمي والثقافي السيئ في بلد «كان» جميلا ومبدعا وواعدا وسباقا في مجالات عدة! ويروى عن أحد أثرياء الكويت، من باب المبالغة طبعا، أنه تعجب من قرار تعيين أحد ابنائه في منصب مالي كبير، وكيف أنه لم يفعل الشيء ذاته، وهو والده! وهكذا مع السلف والتلف، فمن ولوهم مهمة تعليم شعب الكويت وتثقيفه، طوال العقود القليلة الماضية، أبوا عليهم، وإن بصورة غير مباشرة، تولي هؤلاء مسؤولية تربية ابنائهم وبناتهم وتعليمهم وتثقيفهم! أقول هذا بعد قراءة تصريح أكبر مسؤول عن التربية في الكويت، وربما افضل من تولى الوزارة فيها، من أن مؤشرات واقعنا التعليمي غير مرضية، وهنا يقصد أنها كارثية! وأن النتائج المتدنية التي حققها طلبة الكويت في الاختبارات الدولية كشفت المخفي! وأن ثقة المجتمع ككل بوزارة التربية معدومة (والدليل التكالب المكثف على التعليم الخاص)! وبالرغم من أنه نوه بدور المجلس الأعلى للتعليم، فإنه يعلم أن المجلس وعدمه واحد تقريبا، مع الاحترام لأعضائه، الذين لم يبد أي منهم اعتراضه الصريح، حتى الآن، على الضعف الشديد لمخرجات التعليم بالرغم من صرف المليارات! كما أبدى الوزير في تصريح آخر «استغرابه» واستياءه من عدم قدرة طلبة الكويت حتى على «القراءة والكتابة» بشكل صحيح، بعد «تخرجهم»! وفي جلسة حوارية عقدت في «ديوان معرفي» تطرق المشاركون للكثير من المشاكل التي يواجهها التعليم في الكويت سواء ما تعلق منها بعدم التزام المعلمين بالمناهج، أو ضعفهم وضعفها، وغير ذلك. ولا شك أن العلة الكبرى تكمن في المعلم والمناهج، وبغير تطوير هذين العاملين الأساسيين، فلا أمل في أي تقدم، ونظرة على «جمعية الإخوان المعلمين» تكفي لمعرفة الكثير عما جرى ويجري في هذا المرفق المهم! ولو كنت مكان وزير التربية لما ترددت في القضاء على مافيا المناهج وإبعاد كل من له ميول «دينية حزبية» من مهمة التعليم والتأثير في المناهج، حيث يصعب احراز اي تقدم او تطوير بوجود هؤلاء.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com