يدور في الساحة السياسية الكويتية نقاش سياسي حول «الحكومة البرلمانية»، بعض تلك النقاشات تهدف فعلا للتعرف على شكل الحكومة البرلمانية أو الحكومة الشعبية وما الفرق بينهما، والبعض الآخر من النقاشات لا يخلو من السخرية وتصيد الأخطاء أو أنها تتخذ موقفا سياسيا مسبقا من الداعين إلى «الحكومة الشعبية».
قبل أن نخوض أكثر في المواقف السياسية فلنتحدث عن أشكال الحكومات بشكل علمي مجرد، فالحكومات أنواع عديدة من حيث الشكل والمضمون، فمن حيث الشكل هناك «الحكومة الرئاسية» يختارها رئيس الدولة بغض النظر عن الأغلبية في البرلمان كما في الولايات المتحدة، وهناك الحكومة البرلمانية التي تشكلها الأغلبية في البرلمان بغض النظر عمن يكون في الرئاسة.
أما أنواع الحكومة من حيث المضمون، أي تكوينها من الوزراء، فهناك حكومة الأغلبية يشكلها الحزب الفائز في الانتخابات وهناك الحكومة الائتلافية وعادة تتشكل من ائتلاف من حزبين أو أكثر في البرلمان، وذلك لعدم مقدرة حزب واحد على حصد أغلبية مطلقة في مقاعد البرلمان، وهناك حكومة الوحدة الوطنية التي تنشأ لغرض مرحلي مؤقت أو لظرف سياسي خاص، وعادة ما تهدف لوضع قواعد دستورية وسياسية جديدة.
نحن في الكويت أقرب ما نكون إلى شكل الحكومة الرئاسية، حيث إنها تتشكل بدون اعتبارات سياسية للأغلبية في مجلس الأمة، بل إن الحكومة في الكويت لا يشترط عند تشكيلها أن تحصل على ثقة البرلمان.
نعود الآن للسؤال الرئيسي الذي يتداول بين شباب الحراك السياسي في الكويت، ما الفرق بين الحكومة المنتخبة والحكومة الشعبية؟ أولا: لا وجود علميا وواقعيا للحكومة الشعبية لأن من غير المعقول ان تكون حكومة إلا من الشعب وإلا أصبحت حكومة احتلال.
أما المفهوم الكويتي الخاص بالحكومة الشعبية والذي حتما لا تعرفه كل أدبيات السياسية وكتبها في العالم قاطبة، وهو أن الحكومة الشعبية يجب أن تكون برئاسة مواطن عادي وليس من الأسرة الحاكمة.
ولو قارنا بين الحكومة الشعبية والبرلمانية لوجدنا أن مفهوم الحكومة الشعبية بالكويتي واسعة جدا، فهي أي شكل من أشكال الحكومات الخالية من وزراء أسرة الحكم، لدرجة أنه من الممكن أن يكون أحد أشكالها الحكومة البرلمانية.
فالحكومة الشعبية قد تكون برلمانية الشكل أو أن تتشكل بطريقة الحكومة الرئاسية دون النظر للأغلبية البرلمانية، كأن يختار صاحب السمو الأمير، حفظه الله، أي شخص سياسي من خارج أسرة الحكم ليكون رئيسا للوزراء.
بمعنى آخر، الحكومة الشعبية ليست تطورا سياسيا مهما، خصوصا بعد أن تم فصل ولاية العهد عن مجلس الوزراء، وأصبح من المهم التأكيد على أن يعي شباب الحراك الكويتي أن المطلوب حكومة ذات أغلبية برلمانية بغض النظر عن رئاستها.
ويجب التأكيد على أن مفتاح الإصلاح السياسي والحكومة البرلمانية، هو بإقرار تشريع يلزم أي حكومة قادمة على الحصول على ثقة البرلمان، عندها فقط يمكن أن تتدخل الأغلبية البرلمانية في طريقة تشكيل الحكومة أو رفضها ـ وستكون حتما حكومة برلمانية.