احمد الصراف

ملحمة الفساد السياسي الديني

منذ ما بعد التحرير بقليل وأنا أكتب عن مخالفات بعض الجمعيات المسماة بالخيرية وتلاعبها باموال التبرعات، وكيف استطاعت جمع مليارات الدولارات دون أن تطالها يد الرقابة أو المحاسبة، فما جمعته مكنها من تقوية نفوذها السياسي، وزيادة ممثليها في البرلمان، وتعيين محازبيها في مراكز القرار، وهذا حصنها كثيرا من اي محاسبة أو رقابة. وقد رأينا سنة بعد اخرى كيف استمرت بعض هذه الجمعيات في مخالفة قرارات وأنظمة وقواعد وزارة الشؤون فيما يتعلق بجمع الأموال النقدية والتحويلات المصرفية، دون خوف بالرغم من تهديدات الوزارة بتوقيع اقصى العقوبات عليها، ولا أدري كيف بإمكان الوزارة القيام بذلك إن كانت هذه الجمعيات هي التي توصي بتعيين نصف الوزراء تقريبا؟ فقد قامت بعض هذه الجمعيات، وللمرة العشرين على الأقل، وخلال رمضان الماضي، بارتكاب مخالفات عدة رصدتها أجهزة الوزارة. كما قامت موظفة في الوزارة بالتقدم بشكوى للوكيل لتعرضها للسب والقذف من قبل مدير مالي في الجمعية المحلية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بعد ان رصدت مخالفات جسيمة بحقهم (جريدة «الجريدة» 8/10). كما اشتكت الموظفة من عدم تعاون مدير إدارتها مع تقاريرها، ربما لأنه قد يكون عضوا في اكبر جمعية خيرية متورطة في جمع الأموال! وهنا نجد أن عدم تعاونه مبرر، فالشرهة ليست عليه بقدر ما هي على من عينه لمراقبة «ربعه»! فهو منتمٍ لحزب سياسي ديني متطرف ومنصبه رقابي، ولحزبه الديني علاقة بمخالفات جمع التبرعات، فكيف يستقيم ذلك؟
تتلخص مشكلة التبرعات، التي عجزت اجهزة الدولة، ووزارة الخزانة الأميركية عن السيطرة عليها، في جوانب ثلاثة رئيسية: أولا: كبر حجم الأموال التي جمعت طوال الثلاثين سنة الماضية، وحق «القائمين عليها» في الحصول على ما نسبته %20 منها لاستخدامهم الشخصي، وهنا نفترض أن الأربعة أخماس الأخرى، أو %80 من الأموال المحصلة ستذهب للغرض نفسه الذي جمعت له. ثانيا: بالرغم من كل الترهل الذي تشكو منه الإدارة الحكومية، والعمالة الفائضة والعاطلة، فإن الجهات المعنية في السلطة بخلت على إدارة رقابة الجمعيات بأي كوادر نوعية أو حتى عددية للعمل في جهاز رقابة أموال التبرعات، لكي لا تشغل بالها بتقاريرها. ثالثا: الصراع السياسي والمذهبي بين الكتلتين الأكبر في مجال جمع التبرعات، وفي عدد المخالفات بالتالي، على كسب قلب وجيب المتبرع الكويتي، وما يعنيه هذا الصراع من اشغال الإدارة السياسية وإرباكها! وبهذه المناسبة، وبعد مرور شهرين على آخر مخالفات الجمعيات الخيرية قام مدير إدارة الجمعيات والمبرات الخيرية في الشؤون بإمهال الجمعيات والمبرات المخالفة مهلة إضافية لتقدم تفسيرا لمخالفاتها، وتقديم كشوف بما جمعته لدعم الشعب السوري! وهدد المدير بأنه، في حال تقاعس الجمعية المخالفة عن التعاون، فإن الوزارة ستقوم بإغلاق الحساب الخيري للجهات المخالفة. ونحن نشك طبعا في أن يقوم السيد المدير بتنفيذ أي من تهديداته.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«حسبة بدو»

 قد ينشر المقال بعد صدور مرسوم الحل مرفقاً بمرسوم ضرورة لا ضرورة له بتغيير عدد الأصوات لصوت واحد أو صوتين، فإن تحقق ذلك فسأطعن بالانتخابات النيابية القادمة لانتفاء صفة الضرورة التي اتفق عليها خبراء دستوريون أثق بهم.
وهناك للأسف من يهلل للصوت الواحد، ويحاول أن يضغط لإقرار هذا الأمر بمرسوم ضرورة، وكأن الصوت الواحد هو الخلاص من عفن الأفكار الطائفية والقبلية وشراء الذمم والإقصاء والتعدي على الحريات، وهو أمر منافٍ للواقع تماما، بل يكرّس ما يدعون القضاء عليه، نعم قد يخلصنا من بعض التحالفات التي شهدتها تجربة الدوائر الخمس بأربعة أصوات، لكنه، وفي سبيل إلغاء هذه التحالفات، سيدخلنا في مصائب أكبر وأعظم على البلد وأهله.
إليكم حسبة بسيطة بمعطيات كويت اليوم، الكويت التي تسودها الطائفية والقبلية وكبت الحريات والفساد والرشاوى، وبالطبع فإن التحول من 4 أصوات إلى صوت واحد لن يكون إكسير محبة يغير ما في النفوس من تراكمات صنعتها الحكومة مع حلفائها المنقلبين عليها اليوم من تيارات الإسلام السياسي.
الحسبة تستند إلى الدائرة الأولى الحالية بأرقام أقل… لتسهيل التشبيه وإيصال الفكرة:
1000 ناخب- 30 مرشحا- صوت واحد- نسبة التصويت 70% أي 700 صوت انتخابي.
التقسيمة التقريبية لفئات الدائرة الأولى من الـ70% الذين سيصوتون هي 280 شيعة ومثلهم للسنّة و140 صوتاً للقبائل.
ولأن الناخب الشيعي أو السني أو القبلي لا يملك سوى صوت واحد فإن الأولوية طبعا ستكون رهينة لقريبه أو تياره؛ لأني كما ذكرت بأن أسلوب التفكير لن يتغير بليلة وضحاها، والصوت الواحد لن يغير نفوساً تشبعت تفرقة وفتنة، وهو ما يعني، وبناء على نتائج انتخابات فبراير أو حتى انتخابات 2009 و2008 كذلك، أن التيار الديني الشيعي سيحصد كل المقاعد الشيعية، وهم جزء من أغلبية 2009، ولم يقدموا شيئاً يذكر، والتيار الديني السنّي من سلف وإخوان يحظى بمقعدين أو ثلاثة كذلك، وهم أغلبية 2012 ولم ينقذوا البلد أبدا، مع وجود قبلي لقبيلة واحدة فقط من خلال مقعد واحد أو اثنين.
جربوها كما تريدون على جميع الدوائر تجدوا أن النتيجة نفسها لن تتغير، وإن تغيرت أسماء فسوف تبقى الأفكار ما دامت عقلياتنا أسيرة أحمق يتحدث عن مد صفوي، ومغفل يتكلم عن أن أصوات الشيعة للشيعة، وقبلي يجعل من قبيلته شعب الله المختار، وضحل يفكر بأن عمليات التجميل سبب مشاكلنا.
مرسوم الضرورة لتغيير عدد الأصوات هو إعلان صريح من أن السلطة التنفيذية تريد تغيير نتيجة الانتخابات بطريقة غير شرعية وليس لأي هدف آخر، وسيزيد من التخندق في الحفر الكريهة كالطائفة والقبيلة والإقصاء، فإن كانت الحكومة تملك مشروعاً أفضل من القائم فلتقدمه في المجلس القادم بالنظام الانتخابي القائم والمحصن من المحكمة الدستورية بعد الإحالة الحكومية، وأكررها إن صدر مرسوم ضرورة فسأطعن ويطعن الكثيرون غيري بالانتخابات، وأعتقد أن الطعن سيقبل.
* لا أعرف لماذا سمي حساب الأرقام بحسبة بدو، فمن يملك المعلومة الصحيحة فليزودنا بها.

خارج نطاق التغطية:
كتيبة المقبور صدام في سورية تقر بدعم مجلس الأمة الكويتي لها، وتبرر تسميتها لنفسها بكتيبة صدام لأنه حارب المد الشيعي، بمعنى آخر نواب كويتيون جمعوا تبرعات من أهل الكويت ذهب جزء منها لمحاربة الشيعة، ومنا للموقعين على نبذ الكراهية.

سامي النصف

سؤال هام.. أليس وطنهم كذلك؟!

  يكفي لاثبات صحة مشروع الصوت الواحد المعمول به في جميع الديموقراطيات الاخرى وخطأ التصويت لاربعة مرشحين المعمول به في الكويت، النتائج السيئة جدا للانتخابات التي تمت ضمن ذلك النظام وأدت الى حل كثير من المجالس التشريعية والحكومات في سابقة لم تحدث في تاريخ الكويت قط، اضافة الى تفشي القبلية والطائفية والعنصرية وشراء الاصوات حتى قاربت الكويت لاول مرة في تاريخها من التناحر الاهلي، ونرجو الا يقال اتركوا المجلس المقبل القائم على فوز المتحالفين ومزوري ارادة الامة ان يقرر بقاء الاربعة اصوات من عدمه فقول كهذا لا يستحق حتى الحديث عنه او التعقيب عليه.

***

ويكفي كذلك ان يكون مناصرو الاربعة اصوات هم اهل التأزيم واهل الاجندات الخارجية التي تستهدف امن الكويت وشعبها وتروم خلق ربيع عربي على ارضنا، وهم كذلك اصحاب مشاريع الحكومة الشعبية والدائرة الواحدة وقيام الاحزاب المدمرة، وقبلها مواقفهم وتشريعاتهم التي اوقفت حال البلد، فهل صحت مواقفهم في السابق حتى تصح هذه الايام؟!

***

ومن يستشهد بنتائج انتخابات اعوام 2008 و2009 ضمن الماضي البعيد ويتناسى نتائج الماضي القريب اي انتخابات عام 2012 يصعب فهم منطقه ولا نقول اكثر من ذلك، فكيف يصح الاستشهاد بما حدث قبل اربع سنوات ونسيان ما تم قبل اربعة اشهر ومفاتيحه الانتخابية مازالت ساخنة وحبر تحالفاته لم يجف بعد؟! الا يعلمون ان ذاكرة الشعوب ضعيفة وان الانتخابات لن تجرى اليوم بل بعد شهرين من الآن وان هناك من هم سادة الخداع والدغدغة واختلاق حروب طواحين الهواء وابتداع التحالفات التي اوصلتهم للكراسي الخضراء مرارا وتكرارا ولن تكون الانتخابات المقبلة استثناء من ذلك وسيتلوها استكمال مشروع.. تدمير البلد الذي كتبنا عنه، بداية هذا العام؟!

***

وبعد ان يمن الرحمن بالهدوء على الكويت، وتدور عجلة التنمية المتوقفة منذ عقود كنتيجة طبيعية لنتائج انتخابات الصوت الواحد، سيتحسر الجميع على اننا لم نأخذ بهذا الخيار منذ زمن بعيد انشغل به البلد بالازمات التي يعلن عنها كل صباح ابطال مجالس تحالفات الاربعة اصوات لا اعادها الله على الكويت فشعبها واغلبيتها الصامتة يستحقان الافضل، و.. اعقلها وتوكل!

***

آخر محطة:

ان محاولة ابتزاز القيادة السياسية ستفشل كما فشلت محاولة ابتزاز المحكمة الدستورية التي كانت بحق معبرة عن آمال وطموحات الشعب الكويتي، السؤال المهم لمن يهدد ويتوعد بالخروج للشوارع والساحات لإيقاف حال البلد بأكثر مما هو واقف، أليس البلد الذي تهددون بخرابه لاجل كراسيكم الخضراء اللاصقة بلدكم الاول، او الثاني او الثالث بعد المائة؟!

احمد الصراف

آلام الزهير وأقواله

بسبب تراكم مشاكل وزارة الصحة وانشغال الوزراء المتعاقبين فقد تسبب الأمر في إهمال القطاع الطبي الخاص وزيادة مشاكله ومعاناته، ولكن على الرغم من كل ذلك فانه يمكن تلمس إنجازات كبيرة حققها هذا القطاع علىالرغم من كل التضييق الذي يمارس عليه، حيث نجح في السنوات الثلاث الأخيرة فيما لم تتمكن وزارة الصحة من تحقيقه طول تاريخها، وذلك بحصول خمسة من مستشفيات خاصة على شهادات الاعتراف الأميركية والكندية، وهي الأعلى في العالم، والتي يسعى لها الجميع لإثبات جودة الخدمات الإدارية والفنية. كما أن إحصاءات الوزارة لعام 2010 تشير إلى أن القطاع الخاص عالج %43 من مرضى الدولة في عياداته، وأجرى %48 من العمليات الكبرى و%67 من المتوسطة و%79 من الصغرى في مستشفياته على الرغم من قلة عددها ومحدودية مواردها وعدد أطبائها مقارنة بنظيراتها الحكومية. وبالتالي فإن القطاع الأهلي يمكن ان يعطي الكثير لو تحرر من التضييق والقرارات التعسفية! وعن ماهية هذه المضايقات، قال د. عادل الزهير، ان اتحاد المهن الطبية الأهلية طالب أكثر من وزير صحة بضرورة الالتفات الى مشاكلهم، وأملهم في الوزير الحالي كبير، ومن هذه المشاكل أولا: عدم وجود لائحة بالجامعات المعترف بها، وخضوع قبول الأطباء الجدد للمزاجية ولأكثر من جهة حكومية. ثانيا: إيقاف الوزارة العمل بقرار منع انتقال الأطباء في القطاع الأهلي من عمل إلى آخر، إلا بعد مضي سنة، فقد تسبب وقف القرار في فوضى كبيرة في سوق العمل في القطاع الأهلي في حين حافظت الوزارة على كوادرها باستمرار. ثالثا: منح تراخيص فتح مستوصفات أهلية كاملة لأطباء أسنان! رابعا: إصرار الوزارة على تحديد عدد عيادات الأسنان في المراكز الصحية دون غيرها من العيادات، ورفض إعطاء ترخيص صيدلية للمراكز الطبية ذات جراحة اليوم الواحد. خامسا: التضييق على ترخيص الطب النفسي في القطاع الخاص، وهذا أمر تنفرد به الكويت عن غيرها. سادسا: زيادة حالات الاستغلال في المجال الطبي، فبالرغم من منع المتاجرة بالطب، فإن البعض نجح في شراء عمارات وترخيصها كمستوصفات طبية، ومن ثم تأجيرها كعيادات طبية، وهذه كارثة. كما تمنع تعليمات الوزارة الترخيص للمستشفيات الأهلية باستقدام مساعدة ممرضة، أو اختصاصي أغذية، أو حتى اختصاصي تقويم العمود الفقري، أو فني ليزر، أو توظيف اختصاصي نفسي، أو مساعد مسجل وممارس عام في المستشفيات الأهلية. كما تمنع التعليمات كذلك الطبيب الحاصل على ماجستير نساء وولادة من القيام بالتوليد في مستشفى أهلي، إذا كان يعمل في مركز طبي، وتشترط على المستشفى الذي يقوم بالتوليد أن يقوم مديره أو مالكه والطبيب الاستشاري بالتوقيع على تعهد بمسؤوليتهم تجاه أي مضاعفات أو اخطاء تصدر عن هذا الطبيب، ولا تكتفي بتعهد الاستشاري الذي يعمل في المركز. وغير ذلك الكثير من المعوقات التي تتطلب التفاتة من وزير الصحة!

***
• ملاحظة: ليست لنا مصلحة في ما كتبنا، بل نكتب من منطلق إيماننا بأن الرعاية الطبية لا تكتمل بغير تكاتف جناحيها العام والخاص أو حتى تنافسهما بشرف، بحيث تكون المحصلة النهائية لمصلحة الجميع.

أحمد الصراف

www.kalamanas.co

محمد الوشيحي

أمراء الإنسانية

كان بإمكانهم تغليفها بورق السولوفان وإهداؤها لوزير الداخلية، أو تعبئتها في زجاجات ملونة وتقديمها للحكومة في عيد ميلادها، أو تقطيعها وتجزئتها، كأوراق ملونة، ونثرها في الهواء في أعياد الحكومة أو احتفالات طهورها. كان بإمكانهم إدراجها في البورصة، وتدعيم سهمها بأذونات الخزانة، والاقتراض باسمها لحساباتهم الشخصية. كان بإمكانهم الاكتفاء بالتصاريح مع مط البوز وإظهار الشفة السفلى اللامبالية وفتح الكفين إلى أعلى، دلالة قلة الحيلة وعدم القدرة على فعل ما هو أكثر من ذلك، وكنا سنصدقهم.
كان بإمكانهم وإمكانهم، وكانوا سيأكلون الشهد لو فعلوا ذلك… أتحدث عن جمعية حقوق الإنسان وعن شبان مجلس إدارتها الجديد الفتيّ، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل ارتدوا الخوذة و"أوفرول العمل" واستعانوا بحبات العرق ونبضات القلب المتسارعة ليعيدوا إلى الجمعية بهاءها تحت دخان القنابل المسيلة للدموع. وكم اختلطت دموعهم بدموع "البدون" في المظاهرات، وكم زاحموا المتظاهرين على الصفوف الأولى، يراقبون ويحذّرون، وكم تلامست أكتافهم وأكتاف رجال القوات الخاصة في الميادين، وكم كتبت أقلامهم الغاضبة التقارير الصادقة تلو التقارير، فانزعجت وزارة الداخلية وانزعج كل أفاق أثيم.
هذه هي جمعية حقوق الإنسان التي نسمع عنها ونقرأ، هذه هي جمعية حقوق الإنسان كما شرحتها الكتب، هذه هي جمعية حقوق الإنسان التي يجب، ويجب معناها يجب، أن تكرهها الحكومات الفاشلة، ويحترمها دعاة الحريات ويحبها المظلومون. نقطة على السطر.
وكم متربص تربص بمجلس إدارتها الجديد، وكم قاطع طريق كَمِنَ له بين الحشائش، وكم ناقد نقد، وكم قادح قدح، لكن "الميدان" كان شاهداً وكاتباً للتاريخ… ويا سبحان الله، كأننا نقرأ سيرة أمير الشعراء أحمد شوقي، وما تعرض له من "هجوم" شرس شنّه عليه وعلى شعره الفطاحل الكبار طه حسين وعباس العقاد وعبدالقادر المازني وغيرهم، فهمس لجلسائه "لقد أدموا جسدي"، وكيف لا يدميه نقاد عباقرة كهؤلاء، وأخص العقاد منهم، ومع ذا ورغم أنف ذاك أكمل شوقي مسيرته وحاز لقب "أمير الشعراء".
وإذا كنا نشبّه شبان مجلس إدارة جمعية حقوق الإنسان بشوقي، فلن نظلم ونشبه ناقديهم و"حاقديهم" بالعقاد وطه حسين والمازني، ولن نخجل من رفع "عُقُلنا" لـ"أمراء الإنسانية".

سامي النصف

في الصوت الواحد خلاص الكويت

  أنا أبعد ما أكون عن التخصص في الفقه الدستوري ولم أدّع يوما أنني مرجع فيه بعكس بعض النواب السابقين، ومع ذلك أتت أحكام المحكمة الدستورية الموقرة مطابقة تماما مع ما كنا ندعوا إليه ومخالفة تماما إلى ما دعا إليه بعض مخضرمي مجالس الأمة المتعاقبة.

***

فقد دعوا على رؤوس الأشهاد للدائرة الواحدة وسوّقوا ونظّروا لها، واعترضنا على ذلك الطرح وقلنا: إن الدائرة الواحدة غير عادلة وغير معمول بها في الديموقراطيات الأخرى، وأتى حكم المحكمة الدستورية وقضاؤنا الشامخ ليؤكد ما قلناه وينقض ما قالوه..

***

ودعا من ادعوا أنهم مرجعيات بالدستور لتساوي الأصوات بين الدوائر وتقدموا بمقترحات نُشرت في الصحف تقلل من عدد نواب مناطقهم (جزاء سنمار لناخبيهم المغرر بهم) وقلنا بالمقابل: إن الديموقراطيات في العالم أجمع لا تعتمد تساوي الأصوات بل التمثيل الشرائحي والجغرافي لا العددي وأتى حكم المحكمة الدستورية الموقرة ليؤكد تلك الحقيقة المعمول بها في العالم أجمع، ودعوا لاستجواب رئيس مجلس الوزراء على أعمال أو أخطاء وزرائه وأوضحنا مقدار الخطأ الفادح والشنيع بهذا الطرح المدمر نظرا لتعارضه مع العقل والعدل والمنطق وصحيح الدستور ومحاضر المجلس التأسيسي التي حمت رئيس الوزراء وأبعدته عن تقلد أعمال أي وزارة دفعا للاستقرار السياسي، فدعوا بالمقابل لمحاسبته على أعمال «جميع» وزرائه وإبعادهم عن المساءلة عن أعمالهم كي يفسدوا كما فسد بعض أعضاء مجلس الأمة لعدم محاسبتهم بعد أن رفضوا إنشاء لجان القيم التي افترضوها وقوانين النزاهة والذمة المالية، وأتى حكم المحكمة الدستورية ليؤكد ما طرحناه لا ما طرحه من ادعوا المرجعية بالدستور.

***

وزيّنوا لحل مجلس 2009 بعكس ما قاله الخبراء الدستوريون الحقيقيون وأتى حكم المحكمة الدستورية الموقرة ليبطل ذلك الحل ويظهر خطأ وبطلان من دعوا له، وإذا كانت تلك الاجتهادات الخاطئة هي من عمل من يدعون مرجعيتهم بالدستور، فماذا يعمل الجاهلون به إذن؟ لست أدري.

***

آخر محطة:

(1) الحقيقة الجلية التي هي أشبه بالشمس في رابعة النهار تظهر ان الصوت الواحد هو الحل الوحيد لمشاكل وأزمات الكويت السياسية وإيقاف لمخطط تدميرها، وهو الحل الذي سيسعد شعبها ويخرج طائرها من تحت الرماد ويحرك قاطرتها ويبدأ مشروع نهضتها ويفضح من يود موتها عبر تقديمه مصالحه وأجنداته على مصلحتها.

(2) حدث خطأ مطبعي في بداية المثل الذي ذكرناه في مقال الأمس ونصه «تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت ولكن لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت» لذا اقتضى التنويه.

احمد الصراف

الماسونية والإخوان والخطوط

تمنع «التعليمات» في غالبية الدول العربية، وبعض الإسلامية، تأسيس أي فروع للماسونية، إن بسبب سرية أنظمتها وأنشطتها، وربما لما تدعو إليه من تآخ ديني، أو لأنها تعتمد على التضامن بين أعضائها وتفضيل العمل بينهم على مشاركة الآخرين فيه، ولو كانوا أفضل منهم! وقد نالها الكثير من الهجوم، خصوصاً من قبل التنظيمات الدينية في الدول العربية. ولكن لو نظرنا إلى أنشطة أي تنظيم سياسي ديني مثل حركة «الإخوان المسلمين»، لما وجدنا أنها تختلف كثيراً عن أنشطة أي تنظيم سري عالمي آخر، فهم أولاً يتطلبون الولاء التام من الأعضاء للمرشد الأعلى للتنظيم والخضوع والطاعة لأوامره. كما يتطلب الانضمام إليهم تحقيق شروط قاسية ومراقبة مستمرة وتزكية من أكثر من طرف معروف. كما يحابى المنتمون لهم على حساب الآخرين، ولو كانوا أفضل منهم بكثير، ويدافع أعضاؤه عن مصالح بعضهم البعض بشكل شرس. كما يخضع التنظيم في عمله لسرية مطلقة، خصوصاً في ما يتعلق بأهداف القائمين عليه، أو بثروات واستثمارات التنظيم الهائلة التي تدار من خلال هياكل مالية متشابكة ومتشعبة تحاط بسرية تامة ومعقدة لا يعرف عنها شيئاً غير أفراد معدودين في مكتب الإرشاد، ولولا ما سرّبه المنشقون عن التنظيم، وما أكثرهم، من أسرار تتعلق بحجم تلك الثروات و«الأباطرة» القائمين عليها، لما عرف العالم شيئاً عنهم وعن الشركات والجهات المالية التي تقوم بإدارة مليارات الجماعة في بنوك «أوفشور» في البهاماس وكيمان ايلاند وغيرها! كما يعيش المشرفون على الإدارة في حصن مكين وضمن أسوار عالية، ولا يعرف عنهم إلا القليل. ولو نظرنا إلى شعار الإخوان المتمثل بسيفين متقاطعين، وكلمة «وأعدوا»، لوجدنا ما يشكله الشعار من استفزاز لكل من يعاديهم، فهو يتضمن رسالة عنف وتهديد لا شك فيها، وهم بالتالي ليسوا بأفضل من أي حركة سرية أو مافيا تعمل تحت الأرض!

***
• ملاحظة: التعدي على الرموز الدينية خط أحمر. التعدي على القبائل خط أحمر. التعدي على الطوائف خط أحمر. التعدي على الثوابت خط أحمر. والتعدي على الدستور خط أحمر! ولكن التعدي على الأطباء والمعلمين خط لا لون له! والتعدي على المال العام خط أخضر! والتعدي على المخافر والضباط والشرطة خط بنفسجي! والتعدي على الحريات خط أبيض! والتعدي على الأخلاق خط بألوان متعددة ليس بينها الأحمر. والتعدي على حق المواطن في دوام الموظفين لا لون له حتى الآن.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

من أسقط العالم الإسلامي؟

 

في موقعه الذي خصصه لكتابه «من أسقط العالم الإسلامي؟»، وقبل إصداره، فتح المؤلف سعيد المحفوظ المجال للمفكرين والمثقفين وعلماء الدين وعامة الناس ليطرحوا الإجابات التي يؤمنون بها، ويقدموا وجهات نظرهم لأسباب ذلك السقوط، وهل هو سقوط فعلاًً أم تراجع؟ أم نكسة؟ وفرع التساؤلات لتشمل متى بدأ الانهيار والسقوط؟ كيف سقط؟ ومتى كان ذلك؟.

توالت الإجابات على هذا التساؤل لتتصدرها التالية: «علماء الدنيا، الاستبداد، البعد عن العقيدة، ترك الجهاد في سبيل الله». وأجمع البعض على أن أسباب السقوط هي كثرة ذنوب المسلمين، فشل التربية الأخلاقية وضياع الأهداف، تخاذل المسلمين أنفسهم تجاه الكثير من القضايا. وطالب آخرون بتغيير اسم الكتاب إلى «أسباب تأخر وانحطاط العالم الإسلامي»، هل هو سقوط أم هبوط أم نكسة؟ فيما رأى طرف ثالث أن العالم الإسلامي لا يسقط إنما يتعثر أو يتأخر ثم يقوم بعد ذلك. واكتفى آخر بالقول ان الحديث في أسباب السقوط يطول، إلا أن الأمة لم تعمل بدينها الحق ظاهراً وباطناً، فيما كانت بعض الإجابات ملتهبة بالتركيز على أن الذي أسقط العالم الإسلامي هم القادة العرب والحكام، والعلماء المقربون من البلاط.

ولكن الكاتب، في دعوته للمشاركة، أورد مقدمة نصها «جهودٌ تبذل من بعض المخلصين والغيورين لإخراج أمتنا الإسلامية مما هي فيه الآن من انهزامية وتشتت، وعدم اتحاد كلمتها، إلى العزة والكرامة والتمكين، ولكن هذه الجهود التي بذلت ومازالت تبذل إلى الآن، لم تكن في مستوى تطلعات أبناء هذه الأمة، لأنها لم تحدث الأثر الفعال الذي يروي غليل هذه الأمة».

وأرجع غياب الأثر الفعال إلى أمرين: الأول هو أن هذه الجهود مبعثرة هنا وهناك، والثاني أنها تصادمت بدل أن تتحد، وصار الخلاف بينها خلاف تضاد وليس خلاف تنوع.

ونظراً لأهمية دور الغيورين والمصلحين في النهوض بالأمة، فلابد من مشاركة الجميع بدءاً بأهل العلم والفكر، مع الاستمرار في الحوار والمناقشة حتى نصل إلى جميع شرائح المجتمع. فالأمة الإسلامية كانت في يوم من الأيام في الأعلى فهوت، فإذا أردنا الصعود بها علينا أن نعرف كيف سقطت؟ فإذا عرفنا سبب السقوط سهل علينا إعطاء العلاج المناسب للصعود. والسؤال المطروح هو: من أسقط العالم الإسلامي؟ ومتى بدأ الانهيار والسقوط ؟ وبصيغة أخرى: كيف سقط العالم الإسلامي؟ ومتى كان ذلك؟ و ما هي الأسباب التي أدت إلى سقوطه؟

الكاتب، استخلص – كما يقول في مقدمة الكتاب – بعد تأمله بحال الأمة وتفحصه للإجابات التي وردت الموقع عن أسباب سقوط المسلمين خريطة محددة لأسباب السقوط وكيفية النهوض ولخصها في رسم توضيحي. ذلك الرسم شمل العنصر الرئيسي الذي يرتفع بالمجتمع الإسلامي أو يهبط به هو علماؤه، فإيمان الأمة وأعمالها الصالحة هي التي تؤدي إلى نصر الله، والعلماء هم المعنيون بنشر دين الله الحق داخل المجتمع لزرع الإيمان والتقوى داخل القلوب، وهم الذين يستطيعون توجيه الشعوب والحكام لاتخاذ قرارات عادلة والحكم بما أنزل الله وتعظيم حدود الله في الأرض والعيش بمنظور يرضي الله من الأوجه كافة.

لكن كمحصلة نهائية وواضحة، ومع إجماع الآراء على دور القلة القليلة من علماء المسلمين «الصالحين» الذين لا تجد الكثير من حكومات العالم الإسلامي فيهم سوى «عناصر لا تطاق»، وبزوغ نجم «الطالحين» ممن لا يليق بهم اسم «علماء»، فإن التشخيص الحقيقي لكل ما يقع على الأمة الإسلامية من ابتلاء هو فساد العلماء. فالمؤلف يرى، كما يرى الجميع بنظرة بدهية، أنه إذا فسد العلماء فسد منهجهم وفسد منهج من ينقلون عنهم من الدعاة وطلبة العلم، وفساد المنهج يعني تخبط وتضارب الفتاوى والفُرقة بين أفراد المجتمع. وقد رأينا كم أثر تضارب مناهج العلماء في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولم تعد هناك ثقة في فتواهم. بل في بعض بلداننا العربية لم تعد هناك قيمةٌ لهؤلاء العلماء والدعاة، ما أدى إلى اجتهادات خارج إطار القواعد التي أنزلها الله لتنظيم حياتنا بما ينفعنا، فبنى الناس على قواعد غير ثابتة، وبدأ البناء في التهاوي، ذلك أن فساد المنهج يعني أيضاً، كما يقول المؤلف نصاً: «انتشار سوء الخلق والتشدد، ويعني سوء سمعة الدين، ما يؤدي إلى بحث الناس عن مناهج أخرى تأويهم فيلجأون إلى المفاهيم الليبرالية واليسارية والعلمانية، أما غياب القدوة فتدفعهم إلى الارتباط بفئة الفنانين ولاعبي الكرة والإقبال على صحافة الفضائح والشائعات وتضييع الوقت فيما يغضب الله، ومن الطبيعي أن يصبح حكام هؤلاء ظالمين! فضياع المنهج يعني تفشي الظلم بين الناس، فيولي الله عليهم من هو مثلهم، فينتشر الفساد، فالحاكم الفاسد لا يعنيه إلا نفسه… فلا يعنيه شعبه أو أرضه أو كرامته، إنما هو الجاه والمال، فيفتح بلاده لأطماع الغرب وسيطرتهم ويفتح معها أبواب الذل والهوان فلا عزة إلا مع الله».

ويصل المؤلف إلى ما رآه نتيجةً حتميةً… إن السقوط يبدأ ويستمر حين يغمر قلوب العلماء حب الدنيا فيتبعون أهواءهم ويفتحون للشيطان مداخل يلهو فيها كيفما شاء. لكن المؤلف يجزم بأن سقوط الأمة الإسلامية يستمر بالمعاصي التي ترتكبها دون خشية أو شعور بمراقبة الله، وكأن الإنسان وُجِد في الدنيا ليقتطف منها ما يحلو له فيدهس بأرجله على جثث الآخرين من حوله غير ناظر تحت قدميه.

على أية حال، من الحري بمن يطلقون على أنفسهم «علماء» وهم يلهثون ليل نهار لتدمير المجتمع الإسلامي بأفكارهم الهدامة، أن يطلعوا على مثل هذا الكتاب وغيره، مع أن أولئك الذين لم يؤثر فيهم كتاب الله، لن تؤثر فيهم قطعاً مؤلفات يرون أن «عبقريتهم» أعلى منها بكثير.

سامي النصف

خير الحل.. عاجله!

  نرجو أن يصدر حل مجلس 2009 عاجلا لا آجلا لاسباب عدة منها انهاء حالة الترقب القائمة، وكي تتم الانتخابات قبل 18/12/2012 وهو تاريخ بدء عطلة المدارس الخاصة وسفر الاهالي مع ابنائهم الى ما بعد عطلة رأس السنة، وليتم كذلك تفعيل مراسيم الضرورة العامة والعاجلة التي لا يمكن ان تصدر في وجود مجلس 2009 الذي اصبح كبعض ابناء الطلاق الذين لا يرغب فيهم الاباء أو الامهات.

***

ونرجو ان نرى ضمن مراسيم الضرورة تقليص عدد من يصوت لهم من 4 إلى 1 وهو – للعلم – الامر المعمول به في العالم «اجمع» حيث يقوم التصويت في الديموقراطيات الاخرى طبقا لمبدأ ONE MAN ONE VOTE الشهير والذي لم يشتك منه احد كونه يحقق العدالة بين شرائح المجتمع السياسية والاجتماعية ويمنع احتكار شريحة معينة تمثيل الناخبين كما هو الحال القائم مع نظام 4 أصوات الذي جرب منذ عام 2006 فلم نر منه الا الظلم الشديد حيث يفوز من لا يملك الا 2000 صوت مقابل سقوط صاحب 7000 صوت بسبب تحالف الاول، فيما يعتبر ـ كما يقول الخبير الدستوري د.هشام الصالح ـ رشوة انتخابية حيث لا تنحصر الرشوة في تسلم المال فقط، اضافة الى تسبب ذلك النظام المهترئ والضرير في افشاء الطائفية والقبلية وشراء الاصوات وتكرر الازمات السياسية التي تسببت في تخلف الكويت وارجاعها عقودا الى الوراء.

***

ولا يضير على الاطلاق ان تقرر بعض القوى السياسية مقاطعة الانتخابات القادمة رغم عدم الشك في نزاهتها وان تركن للدعة والراحة واستثمار الملايين التي باتت تملكها من نضالها السياسي ودعاواها الدائمة لمحاربة الفساد التشريعي امام الميكروفونات وضمن اللقاءات الاعلامية لا تحت قبة البرلمان كما يفترض حيث لم نر منها قوانين الذمة المالية ومن اين لك هذا والنزاهة وانشاء لجنة القيم وجميعها قوانين نود ان نراها ضمن مراسيم الضرورة كي تعرف حقيقة من يحارب الفساد ومن يدعمه.. يقول مثل انجليزي شهير «لا تستطيع ان تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولكن لا تستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت»، والرهان الاكبر هو على ذكاء الشعب الكويتي ووعي شبابه وبدء مرحلة تنمية واعمار طال انتظارها.

***

آخر محطة:

(1) ابتلي العمل الاعلامي الكويتي بزحف غير المهنيين من مرتزقة الحبر الاسود ممن يأكلون السحت بأقلامهم وهم في حقيــقتهم لا يزيدون على كونهم من الصبيان والـ «فداوية» لمن يدفع اكثر من المعارضة او الموالاة لا فرق.. شاهت الوجوه!

(2) يقول الراحل الكبير غازي القصيبي في قصيدة له:

لا يستوي قلم يباع ويشترى

ويراعه بدم المحاجر تكتب

احمد الصراف

من هو تيدي؟

وقفت معلمة الصف الخامس ذات يوم، وقالت لتلاميذها: إنني أحبكم جميعاً! ولكنها في الحقيقة كانت تستثني تلميذاً يدعى تيدي، فملابسه متسخة دائما، ومستوى أدائه متدن، ومنطوٍ على نفسه، كما انه لا يشارك الآخرين في اللعب، ويصر على الذهاب إلى الحمام كثيرا، وكآبته منعتها من التمتع بتصحيح واجباته، كما كانت دائما تعطيه درجات متدنية! وذات يوم طلبت منها الإدارة مراجعة سجلات الدراسة السابقة لبعض التلاميذ، فوقع بيدها ملف تيدي وفوجئت بأن تقاريره السابقة كانت تقول عنه عكس ما لدينا من انطباع عنه، وأنه ذكي وموهوب ومنظم، كما ورد في تقرير آخر ان تيدي تلميذ محبوب لدى زملائه، ولكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان. وورد في تقرير ثالث ان وقع وفاة أمه عليه كان صعبا، خصوصا بعد ان أهمله والده! وفي آخر تقرير ورد ان تيدي تلميذ منطو على نفسه لا يبدي الرغبة في الدراسة، وليس لديه أصدقاء وينام أثناء الدرس. وهنا أدركت المعلمة تومسون حقيقة مشكلة الصبي، وشعرت بالخجل من تصرفها معه. وفي يوم أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لمدرستهم، ملفوفة بأشرطة جميلة، ولكن هدية تيدي كانت ملفوفة بكيس بقالة، وقد تألمت المدرسة من ضحك زملائه عليه، لان ما قدمه لها كان عبارة عن عقد من ماسات ناقصة الأحجار وقارورة عطر نصف خالية، وهنا عبرت المعلمة عن اعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها، يومها لم يذهب تيدي بعد الدراسة الى منزله مباشرة، بل انتظر ليقابلها، وقال لها ان رائحتها تذكره برائحة والدته، هنا انفجرت المعلمة بالبكاء، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد فيها رائحة امه الراحلة، ومنذ ذلك اليوم أولته اهتماما خاصا، وبدأ عقل الصبي بالعمل واستعاد نشاطه، وفي نهاية السنة اصبح أكثر التلاميذ تميزا في الفصل، وفي يوم وجدت المعلمة رسالة عند باب مكتبها من تيدي يخبرها فيها انها افضل معلمة قابلها في حياته، فردت عليه بأنها تعلمت منه كيف يمكن ان تكون معلمة جيدة، وبعد سنوات فوجئت المعلمة بدعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم: ابنك تيدي، ذهبت لحضورها، وهي ترتدي العقد ذاته وتفوح منها رائحة العطر ذاته.
والآن هل تعلم من هو تيدي؟ إنه تيدي ستودارد، واحد من أشهر اطباء العالم، ومؤسس مركز ستودارد العالمي لعلاج السرطان!
القصة بكاملها مفبركة، بخلاف حقيقة وجود طبيب شهير ومركز سرطان عالمي يحمل اسمه، ولكن هذا لم يمنع تأثر كثيرين بها وتجاوبهم معها، وخصوصا مدرسات المراحل الابتدائية في أكثر من بلد. كما اعجب بالقصة الملايين لما فيها من معان جميلة، ومغزى القصة هو المهم هنا، وليس مدى حقيقتها، فالحياة تعلمنا كل يوم درساً مفيداً.

أحمد الصراف