مراسيم الضرورة الأربعة، التي صدرت، لم تكن في مغزاها السياسي "ضرورة"، إنما بالونات اختبار لجس ردود الفعل المعارضة للمرسوم المحتمل لقصر التصويت في صوتين. ردة الفعل من المعارضين بعنفها الخطابي يفترض أن تكون متوقعة، وتصعيد لغة خطاب المعارضة مسألة عادية، وإن كان هذا لا يبرر خروج بعض الأصوات الخطابية عن الأصول في مفرداتها، ولم تعتد الأذن الكويتية بحكم تاريخها العتيق في مسايرة النظام بحكمة "وين تروحون وياكم" على مثل ذلك الاستعراض الخطابي. كان أولى أن يصرح رموز المعارضة بأن ما تحدث به بعض الخطباء في ديوان النملان يمثل أصحابه في مفردات لغة الخطاب، وكان على هؤلاء الرموز أن يوضحوا أنه لا يوجد هناك "ناطق رسمي" يتحدث باسم المعارضة، وهذا يعني أنه على من يتبنى التجمعات من السادة النواب السابقين المعارضين أن يطلب من المتحدثين المحتملين أن ينتبهوا لانفعالاتهم، وأن يلجموا بعضاً من حماسهم في الندوات العامة، ففي النهاية المعارضة، مهما اختلفت توجهاتها، ستدفع ثمناً هي في غنى عنه في معركة الإصلاح السياسي.
من جهة أخرى، ليس من المقبول أيضاً أن يتم التحريض على المعارضين والمطالبة بقمعهم تحت ستار النصح والتحذير، حين يرتدي الواعظون الناصحون أثواب العقل والاتزان، بينما هم في عالم الفكر خواء بخواء، وهمهم أولاً وأخيراً بقاء ما كان على ما كان. بكلام آخر، هم يقولون جهاراً: دعونا على طمام المرحوم، فهنا مصالحنا وهنا الوزة الثمينة التي تبيض ذهباً… فرياح التغيير القوية قادمة لمناطقنا إن لم يكن اليوم فغداً، وعلينا أن نتعلم الإبحار معها جيداً حتى لا تغرق سفينتنا.
الشهر: أكتوبر 2012
أصابع «ملالا يوسفزاي»
أوقف مسلحون كثّو اللحى مكفهرو الوجوه صلبو التقاطيع، يضعون على رؤوسهم أغطية طالبان، أوقفوا باص مدرسة بنات، وسألوا إن كانت بينهن واحدة باسم «ملالا يوسفزاي»، وعندما وقفت هذه عاجلها أحدهم بعدة طلقات من رشاش اصابت احداها رأسها، والاخرى طرف عنقها، وهرب المسلحون الجبناء بعدها، متوارين عن الأنظار. وكالعادة، لم تتردد أو تتأخر حركة طالبان في تبني مسؤولية القيام بحادثة الاغتيال، حيث صرح إحسان الله إحسان، المتحدث باسمها، وهي حركة مسلحة شبه مشروعة في باكستان، بالاتصال بـ «البي بي سي» خدمة لغة الأوردو، مؤكداً مسؤولية الحركة، لأن ملالا كانت تحرض الفتيات ضدهم وضد مساعيهم لمنعهن من الذهاب الى المدارس، وإن هذا يتعارض ومبادئ الإسلام، وان التعليم لم يخلق للفتيات.
بدأت جهود ملالا يوسفزاي في معارضة جهود طالبان بمنع تعليم البنات منذ ان كانت في الحادية عشرة من العمر، من خلال ما كانت تدوّنه من مذكرات تنشرها بمختلف الطرق، ومن خلال موقعها الإلكتروني. وجاءت فرصتها عندما تمكنت قوات الحكومة من طرد مسلحي الحركة من سوات، التي اغلقوا فيها كل مدارس البنات، وهنا كشفت ملالا عن اسمها الحقيقي وزادت من كتاباتها، وبرزت أكثر عندما استضافها راديو «البي بي سي»، خدمة الأوردو والخدمة الإنكليزية، لأكثر من مرة، وكانت أولى تلك المقابلات عام 2009، حيث بينت نضجا في تفكيرها وقوة في حجتها وجمالا وأملا في موقفها، وقرأت بعناية صفحات من مذكراتها، ووصفت الخوف الذي تعيشه آلاف الفتيات، في منطقة لا تزال لطالبان سطوة ونفوذ، وفي منطقة هي الأكثر تخلفا وتشددا دينيا، ربما في العالم أجمع!
إن ما قام به جبناء طالبان، والذين يوجد بيننا من أمثالهم الكثير، ما هو إلا محاولة لإسكات الحق بالرصاص، فهؤلاء، بكل ما لديهم من قوة بشرية وحجج دينية وقوة نارية لم يستطيعوا التغلب على أصابع ملالا الرقيقة بغير استخدام رصاصات غادرة في رأسها، ولو وصل هؤلاء للحكم في أي دولة فمصير فتياتها لن يكون بأفضل من مصير ملالا، فليس للفتيات حق لا في التعليم ولا في غيره، هكذا يقول الشرع!
أحمد الصراف
يا صاحب السمو
قد نختلف مع الأغلبية البرلمانية في بعض المفردات التي وردت على لسان بعض المنتمين إليها في ديوان النملان، لكن لا يمكن أن نقبل ما يحاول بعض المرجفين بالمدينة بالإيحاء بأن هذا التصعيد في لغة الخطاب هو محاولة للانقلاب على الحكم أو للتحريض عليه!
نعم، نختلف على توجيه عبارات مباشرة إلى المقام السامي من باب «رب كلمة قالت لصاحبها دعني»، لكن لا يمكن أن نشكك بحسن نوايا هذه الأغلبية ومسعاها للإصلاح، حتى هذا التصعيد كان له تفسير، وهو أنهم أرادوا توصيل رسالة مفادها إن كانت هناك حلول في السابق لبعض مشكلاتنا بيد الحكومة، فاليوم المشكلة والحل بيد سمو الأمير وليس بيد غيره!
ومع هذا، كنت وما زلت أعتقد أن استخدام بعض المفردات ساهم في استغلال الخصوم وبعض المفسدين لها لبث سمومهم ونفخ نيرانهم في رماد فتنتهم، وكان أولى مراعاة مقام سمو الأمير وهذا ما أتمناه في القادم من الأيام.
الآن، نتوجه نحن إلى مقام سموه لنقول له بقلوب يملؤها الحب، والخوف على مستقبل هذا البلد..
يا صاحب السمو… وضح جلياً الآن أن أغلبية شعبك لا تريد مراسيم ضرورة لا ضرورة لها، صحيح أنك صاحب الحق الأوحد، لكن التعبير عن الأمنيات والمواقف كان واضحاً وجلياً في الأيام الماضية، حتى خصوم الأغلبية والحراك السياسي أمثال المنبر والتحالف والتيار التقدمي أعلنوا ذلك في بيانات واضحة وجلية، وقد شكلوا وفوداً لسموك لتسمعها منهم مباشرة!
ولعل البيانات التي بدأت تصدر من شيوخ بعض القبائل والمتوقع أن يصدر غيرها قريباً دليل على هذه الرغبة الشعبية، والأمل بعدم استخدام هذا الحق!
يا صاحب السمو…
لا نريد مجلساً مشوهاً يكون نسخة من المجلس الوطني الذي أصبح الانتماء إليه مسبة ونقصاً! لا نريد أن نشاهد مجلساً أفضل من فيه المتردية والنطيحة من المتسلقين والانبطاحيين أصحاب المصالح!
إننا – يا صاحب السمو – ندرك جيداً أن تغيير آلية التصويت بمرسوم ضرورة سيؤدي إلى مقاطعة شاملة للانتخابات من قبل قطاعات شعبية كبيرة لها تأثيرها، كما ندرك أن هناك من يوحي بأن المعارضة شر على البلد وليس لديها تأثير، ويستشهدون بحضور الندوات وتوجهات المقالات، ونحن نؤكد لسموك أن هؤلاء هم الذين سيكونون أول المنهزمين الفارين إن حدث للبلد أي مكروه لا قدر الله، بينما أثبتت الأيام أن المعارضة السياسية والقوى السياسية هي أكثر إخلاصاً للنظام والأسرة من غيرها!
يا صاحب السمو…
اعقلها وتوكل… اعقلها بقرار يحافظ على وحدة البلد، ويحترم دستوره، ويطفئ الفتنة، وليتولَّ تعديل القانون مجلس أمة يمثل الشعب الكويتي، يمثل أغلبيته، ويحترم أقليته، قال رسول الله (ص) «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، حفظك الله وحفظ الكويت وشعبها.
***
أسأل الله العظيم أن يمنّ بالشفاء على الأخ العزيز والصديق الوفي محمد العفاسي وزير الشؤون الأسبق، وأن يرجعه إلى أهله وأحبابه ووطنه سالماً معافى، وكل مريض يا رب.
خير المراسيم.. أسرعها في الصدور!
أسئلة مهمة تستحق الاجابة العاجلة، هل مازال الدستور عقدا قائما بين الحاكم والمحكوم في نظر من اصدر بيان بعض القوى السياسية الاخير؟! وهل نحن امام تحرك سياسي لقوى خيّرة في المجتمع تهدف إلى الصالح العام ام بيان انقلابي لقوى مسيّرة من الخارج تروم ان نصبح سورية او ليبيا او يمنا او صومالا او عراقا آخر تقطع فيه الاعناق وتنتشر فيه التفجيرات ويتحول اهله من مواطنين الى لاجئين؟ وهل ـ وبحق ـ لو انتهت المشكلة بالموافقة على الاربعة اصوات (الذي كان قائما ولم يهدأ البلد قط ابان العمل به) ستهدأ الامور ولن تخلق نفس القوى متى ما عادت للبرلمان الجديد اشكالات جديدة مع الحكومة الجديدة لتخرج من خلالها المغرر بهم للشوارع؟! وهل الحكمة تقتضي ان تقوي خصمك وخصم الكويت ام ان تضعفه؟! الاجابة عن تلك الاسئلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وتقتضي الحسم واصدار مراسيم طال انتظارها.
***
كتب الزميل احمد يوسف المليفي مقالا قيما في جريدة «السياسة» يوم الخميس الماضي، نرجو من الجميع الرجوع له، رد من خلاله على الشبهات التي تثار حول الصوت الواحد ومراسيم الضرورة ونلخص ما ذكره فيما يأتي تعميما للفائدة وحسما للجدل: حالة الضرورة تبدأ فعليا منذ لحظة توقف الاداة التشريعية بحل مجلس الامة لانه لا يجوز ان تمر لحظة على الدولة دون ان تكون هناك اداة تشريعية مستمرة ومتاح لها اصدار التشريعات. الدستور لم يحدد ولم يصف بشكل قسري حالات الضرورة وترك الامر تقديريا لرئيس الدولة، وفي حال الخلاف حول مدى الضرورة يمكن اللجوء للمحكمة الدستورية. يحق لأعضاء المجلس التشريعي المقبل اقرار او ابطال تلك المراسيم، فلماذا التشكيك المسبق في اعضاء وقرارات المجلس المقبل بعد ان تم التشكيك بشكل مسبق في قرارات المحكمة الدستورية وقرارات القيادة السياسية؟! هناك خلط فاضح لدى المشككين في مراسيم الضرورة وفقا للمادة 71 وبين مراسيم الضرورة باعلان الاحكام العرفية وفقا للمادة 69 من الدستور التي تصدر للضرورات القصوى كالحروب والكوارث والزلازل والانقلابات. السلطة التنفيذية اكثر حيدة في اصدار تشريع الطريقة الانتخابية من المجالس التشريعية التي تفصّل نظام الدوائر وطرق التصويت طبقا للمصالح الشخصية لنوابها، كونها، اي السلطة التنفيذية، ليست طرفا في العملية الانتخابية.
***
آخر محطة: من الافضل الاسراع في اصدار المراسيم فبقاء الامور عالقة يزيد من حالات التوتر ويرفع وتيرة الضغط للعودة عنها، كما ان اللجوء لنظام الصوتين لن يرضي احدا وسيتسبب في خسارة الجميع، فالمطالبون بالاربعة اصوات سيستمرون في الخروج للشوارع، والمطالبون بالصوت الواحد سيرون في الصوتين خروجا عن المبدأ العام المعمول به في جميع الديموقراطيات الاخرى، اي صوت واحد لكل ناخب، وتخذيلا لهم. التأخير في اصدار مراسيم الضرورة ينفي عنها صفة الضرورة التي لا تحتمل التأجيل.
شانتال الشوفال
اتصلت بي شانتال قبل ايام تدعوني للمشاركة في حوار مع قناة تلفزيون محلية، وقد اعتذرت لها بلباقة عن عدم قبول الدعوة، وبحجة أن قبولي سيحرجني مع من سبقها من زملائها في دعوتي للمشاركة في البرامج الحوارية للقناة نفسها، والذي سبق ان رفضت كريم دعواتهم من منطلق قناعاتي الخاصة. وقد تفهمت شانتال الأمر، ولكن ما لم تعرفه هو أنها اوحت لي بفكرة هذا المقال، حيث ذكرتني بحادثة طريفة حدثت قبل نصف قرن تقريبا. ففي منتصف ستينات القرن الماضي قام المصرف الذي كنت أعمل فيه، بإرسالي لتلقي دورة تدريب في مصرف بريطاني في لندن، ولكي أحسن من لغتي الإنكليزية. وهناك التقيت بـ«شانتال»، واعتقدت حينها أنني التقيت بفتاة أحلامي، فقد كانت سويسرية فرنسية جميلة، متعددة الثقافات واللغات، ذات عينين خضراوين وابتسامة ساحرة وشعر اشقر طويل وقامة ممشوقة، بحيث مثلت لي قمة الجمال البشري، واظن أنني اتصلت يومها بوالدتي وأخبرتها بتعلقي بها، بشانتال طبعا! وكنت حينها قد أنهيت دراسة الفرنسية لعامين، في المدرسة الثانوية التجارية، وقبل التحاقي بالعمل في البنك، وهذه نقطة غاية في الأهمية!
كنت في محاضرات المصرف البريطاني، وأثناء ساعات التدريب والعمل المصرفي أجلس بجانب شانتال. كما كنا نتناول طعام الغداء معا، وبعد اسبوع من تعرفي عليها قررت دعوتها للعشاء، او Date ، ولكن الأمر كان يتطلب شجاعة لم أكن أمتلكها، خصوصا انه تقرر نقلي إلى إدارة اخرى، مما يعني لقاءات اقل مع شانتال، وحيث انني كنت مصرا على تعميق علاقتي بها، فبالتالي حزمت امري ودعوتها للعشاء! وهنا نظرت إلي وقالت انها تعتذر عن قبول دعوتي، لأنني سببت لها، على مدى اسبوع، حرجا، وعرضتها لسخرية زميل لها، لأنني كنت اصر على مناداتها طوال الوقت بـ«شوفال»، بدلا من «شانتال»، وشوفال بالفرنسية، التي درستها لسنتين في المدرسة الحكومية، تعني {حصان}!
أحمد الصراف
مشايخ الديموقراطية
ربما استطاع المجتمع الكويتي التخلص من سلطة المشايخ التقليدية (القبلية ـ الدينية ـ المهنية)، فلم يعد شيخ القبيلة زعيما سياسيا كما كان في السابق، وأيضا تراجعت أهمية مشايخ الدين وقداستهم، مع كثرة الطوائف والملل، وحتما لم يعد في العصر الحالي مشايخ للمهن يحتكرون التجارة كما في الأيام الخوالي.
ولكن مع الأسف، وبعد كل هذا التطور السياسي والانجاز الحضاري والتاريخي، أصبحنا نقع فريسة لمشيخة جديدة ومن نوع آخر، وهي مشايخ الديموقراطية، حيث تتحول فيها «عضوية» مجلس الأمة إلى نوع من المشيخة، يكون فيها حضرة «النائب» سيدا لقراراته ومحتكرا لمنصبه، وليس ممثلا لشعبه وناخبيه.
من الخطأ ان يسعى بعض النواب وبكل جهد إلى احتكار الديموقراطية لأنفسهم، ناسفين مبدأ تكافؤ الفرص، فنجدهم يشجعون على الانتخاب والديموقراطية ولكن فقط على الطريقة الكويتية البدائية، حيث لا أحزاب ولا قوائم ولا برامج انتخابية، ليكونوا بعد ذلك نوابا في البرلمان، ودون منافسة انتخابية تذكر، وبدون التزامات مسبقة أيضا.
إلى متى ونحن نصوت لهم؟! وبغض النظر عن مدى التزامهم بالمسؤولية واحترامهم للعمل البرلماني وأمانتهم، فهم في نهاية المطاف يتخذون قراراتهم البطولية التي تؤثر على المجتمع ككل، وفقا لقناعاتهم الشخصية، وبنفس الطريقة التي يتخذون بها قراراتهم الفردية أو الأسرية.
إنهم لا يشاورون ناخبيهم بقراراتهم، بل ان بعضهم لا نراهم إلا بالإعلام، أليس لنا حقوق عليهم؟!
تطالب المعارضة بتداول السلطة التنفيذية مع الأسرة الحاكمة، وهم (النواب) في حقيقة الأمر لا يسمحون لنا نحن (عامة الناس) بتداول السلطة التشريعية معهم!
هل تعلمون ان اغلب مرتادي ساحة الإرادة من المعارضة، لا يؤيدون أصلا فكرة إنشاء الأحزاب أو أي مشروع لتطوير الحياة الديموقراطية؟! فكل همهم هو المحافظة على مكاسبهم الشخصية واحتكار العضوية لأنفسهم، بل وتوريثها لأبنائهم وإخوانهم كما فعل البعض!
يامشايخ الديموقراطية ويا رموز العمل الديموقراطي، بدون الأحزاب السياسية، انتم تتحولون إلى مسخ ديموقراطي سيئ، وتنحرفون عن التقاليد الديموقراطية، فلابد من تمكين المجتمع بكل فئاته من المشاركة السياسية الفعالة، عن طريق النقاشات الجدية بين النواب والمواطنين في الجمعيات العامة للأحزاب السياسية ولجانها العاملة، وليس في الشوارع (حوارات الإرادة)!
عندئذ سيشترك الجميع في صنع القرار، ولا يحتكره القلة، وهذا مبدأ ديموقراطي أصيل لا جدال فيه.
باسوورد
"جميلة هذه الدنيا لولا "الباسوورد" – الرمز السري- سحقاً له ولأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه"… قلت هذا، فعقّب صديق: "الباسوورد مثل جدران بيوتنا ومثل ملابسنا التي تسترنا، لولاه كنا عرايا"، وثنّى آخر: "تخيل أن تنكشف أسرارنا العائلية ورسائلنا العاطفية واتصالاتنا التجارية ووو، ماذا سيكون الحال؟ احمد مولاك واشكره على نعمة الباسوورد"، ففتحت نافذة الخيال: "ماذا لو انكشف الناس على الناس واطّلع كل منا على رسائل الآخر واتصالاته؟" ورحنا نتخيل…
رحماك ربي، ماذا كنا سنقرأ في رسائل الوزراء والإعلاميين والنواب والتجار ووو؟ وماذا كنا سنقرأ تحديداً في رسائل "وعاظ السلطة"؟ أواه على اختلاف وعاظ السلطة ورسائلهم المتبادلة بعد تلقيهم الأوامر… أواه على أولئك الساسة ورسائلهم بعد خلو منصب… أواه على رسائل ذلك التاجر مع مدير شركته، وهو يأمره بتخفيض سعر المناقصة، على أن يتدبر هو "الأوامر التغييرية"، ويحثه، بعد رسو المناقصة على شركته، بالبحث عن أرخص عمالة وأسوأ مواد وأقلها كلفة، قبل أن يتباكى على حب الكويت.
وفي البرازيل، قبل نحو سنة، أقدم مجموعة من الشبان العاطلين عن العمل على خطف عمدة المدينة، بعد أن اتخذ موقفاً تجاههم، وعندما اقتادوه تلقى رسالة على هاتفه، فأرغموه على الكشف عن الباسوورد، فكانت المفاجأة: "رسالة من عضو مهم في الحزب المنافس لحزب العمدة يملي عليه الأوامر"، وتبين أنه يتلقى الأموال من الخصوم ليشوّه سمعة حزبه ويسيء إليه! واكتشف الخاطفون أنه ليس الوحيد المخترق في الحزب، وأنه وآخرين من أعضاء حزبه يزرعون المشاكل في حزبهم لمصلحة الحزب المنافس، وينقلون ما يدور في اجتماعات الحزب إلى خصومهم، وصعقوا عندما قرأوا رسائله المتبادلة مع بعض رجال الأعمال، ومع قيادات في الشرطة والقضاء ووو، وكلها تدور حول تبادل الرشوة والمنفعة، وغير ذلك.
وأجزم بأن العمدة البرازيلي ملاك بأجنحة أمام الكثير من سياسيينا وإعلاميينا… فاللهم احفظ الباسوورد وأطل عمره وارزقه من حيث لا يحتسب.
اعترفوا بالجريمة الكبرى
مصدر أمني قال لـ"الجريدة" إن وزارة الداخلية اعتقلت 12 متهماً من "البدون" بتهمة التحريض والدعوة إلى اعتصامات وتجمعات مخالفة للقانون، ومقاومة رجال الأمن، عشرة من "المكاريد" المعتقلين أحيلوا إلى السجن "المركزي"… وأضاف المصدر الأمني أن "المحرضين "اعترفوا" أمام سلطات التحقيق بأنهم كانوا يعقدون اجتماعات دورية ويدعون ويخططون للاعتصامات والتظاهرات بمشاركة ناشطين"، وأن المحرضين "اعترفوا" كذلك بأنهم كانوا على اتصال بزملاء خارج البلاد.
هل لاحظ القارئ لغة الخطاب في تصريح المصدر الأمني لـ"الجريدة"، بأنها لغة لا تتهم فقط، إنما تدين وتصدر أحكاماً نهائية "بجرائم" المحرضين، وتتردد كلمة "اعترفوا" أكثر من مرة، في تصريح المصدر الأمني، موحية لمن يقرأ الخبر أن الجريمة تامة، وأنها خطرة، وتكاد تكون من جرائم أمن الدولة. لغة الخطاب لوزارة الداخلية لم تبق ولم تذر، فماذا بقي للمتهمين كي يقولوا دفاعاً عن أنفسهم بعد ذلك… بعد الاعتراف… بعد الاتصال بجهات خارجية، وبعد أن سالت دماء بعض المتجمعين بتيماء، في مقابل تهشيم زجاج سيارة لوزارة الداخلية…! لغة الخطاب لوزارة "الأخ الأكبر" -تعبير جورج أورويل برواية ١٩٨٤- كعادتها هي مستبدة، وقمعية، ومحرضة، ونصبت المشانق "للمتهمين" بعد أن قطعت تماماً في صحة نسبة الاتهامات الموجهة إليهم، فلماذا المحاكمة بعد ذلك؟!
هل للمتهمين أن يقولوا إن الاستبداد ليس في تنفيذ حكم القانون فقط، وإنما في نصوص القوانين التي تجرم الاجتماعات والاعتصامات أياً كان الغرض منها؟، وإنه لا يهم ولا يختلف الأمر إذا كانت تلك التجمعات "سلمية" تعبر عن تجاوزات لحقوق وكرامات مهضومة لـ"البدون"، أم بغرض قلب نظام الحكم أو التشكيك فيه، وهل للمتهمين أن يسألوا أين كان نواب الأمة طوال سنين ممتدة من تلك القوانين الظالمة؟، وهل سيتحرك هؤلاء النواب إذا وصل المخلصون منهم إلى كراسي النيابة، بعد أن تتضح نوايا السلطة بتحديد عدد أصوات الناخبين بصوت أو صوتين بمرسوم "ضرورة" من عدمه…؟!
في القسم الثاني من خبر "الجريدة" أن الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (أيضاً كلمة المركزي تعود مرة ثانية، مرة بالسجن للبدون، ومرة أخرى كنعت لجهاز دولة أتوقراطي، له وحده دون معقب تحديد وضع "البدون" ورصهم في خانة حمراء أو زرقاء أو صفراء… وكلها ألوان ليس بها لون الجنسية الكويتية، أو لون يضمن كرامتهم) يقول إن ملفات ٧٥٠ عسكرياً من الداخلية والدفاع من غير محددي الجنسية من حملة إحصاء ٦٥، والمشاركين في الحروب العربية، وحرب تحرير الكويت ستحال إلى مجلس الوزراء تمهيداً لتجنيسهم…!! ما هذا؟ عسكريون من حملة إحصاء ٦٥ (بعد ثلاث سنوات تقريباً سيمضي عليهم نصف قرن) خدموا الدولة بأشرف خدمة، والتي يبدو أنها لا تعتبر من الخدمات الجليلة في عرف السلطة، ومع ذلك، حتى الآن، هم في مرحلة "الروضة" التمهيدية لدخول جنة الجنسية الكويتية… إذا كان "هؤلاء" لم يبلغوا الحلم لاستحقاق الجنسية والمسألة معلقة على قرار من مجلس الوزراء فمن يستحقها بعد ذلك؟، ومن كسبها قبل ذلك؟، وبأي وجه حق وبأي أبشع صور الظلم؟
معضلة الأخلاق والبطالة
نشرت «مؤسسة الخليج للاستثمار»، وهي هيئة مالية إقليمية، تقريرا عن البطالة في دول مجلس التعاون، ذكرت فيه أن اقتصاداتها تعتمد على النفط والغاز كمصدر أساسي للإيرادات التي تستخدم للصرف على المشاريع والرواتب. وعلىالرغم من أن برامج التنمية الاقتصادية نجحت في الارتقاء بمستويات المعيشة والرفاهية، لكنها تقاعست عن خلق العدد الكافي من الوظائف لاستيعاب الأعداد المتزايدة من العمالة الوطنية الجديدة في السوق، الأمر الذي تمخض عن بطالة تجاوزت %10 في السعودية و%14 في الإمارات و%8 في عمان والبحرين وان تدنت إلى %6 في الكويت وحوالي %3 في قطر. وإذا كانت هذه المعدلات مرتفعة إلا أن خطورتها تكمن في نوعيتها، فغالبية العاطلين تتراوح أعمارهم بين 19 – 25 عاما، ويشكلون حوالي %30 من مجموع العاطلين في السعودية وأقل قليلا من ذلك في البحرين وعمان والإمارات و%12 في الكويت! والأخطر أن غالبية العاطلين هم من الذين امضوا فترات طويلة في «حالة بطالة» حتى أصبحت «مزمنة»، وبينهم نسب عالية من المتعلمين جيدا، مما يدعو للتساؤل عن مدى ملاءمة مخرجات النظام التعليمي مع متطلبات أسواق العمل الحديثة. ومحصلة ذلك كله تمثل في انخفاض معدلات الإنتاجية في دول مجلس التعاون وتزاحم العمالة الوطنية في القطاع العام مع استخدام القطاع الخاص لعمالة أجنبية رخيصة الأجر وقليلة المهارة. كما لاحظت الدراسة أن هناك تزايدا في أعداد الإناث المتخرجات من النظام التعليمي والباحثات عن عمل، وبالتالي فإن نسب البطالة ستتجه إلى التزايد ما لم يتم خلق الأعداد الكافية من الوظائف لاستيعاب العمالة الوطنية عند أجور مقبولة تكفل العيش الكريم. ويعتقد صندوق النقد أن أعداد المواطنين العاطلين في دول المجلس ستزيد قريبا الى أكثر من 2.5 مليون ما لم يتم اتخاذ إجراءات وخلق وظائف مناسبة لمواجهة هذه الكارثة. وسبب البطالة، حسب التقرير، يعود الى سرعة معدلات النمو السكاني وغلبة الفئات الشابة والفتية في الهرم السكاني التي ستتدافع في الأعوام المقبلة نحو الالتحاق بأسواق العمل بمعدلات مرتفعة تستوجب إيجاد وظائف كافية لها، إضافة إلى أن اقتصادات دول المجلس ريعية، رب العمل الكبير هو الحكومة، الذي بإمكانه دفع رواتب وأجور مرتفعة للعمالة الوطنية لاستقطابها لشغر الوظائف الحكومية، مع فتح الباب للعمالة المهاجرة للقيام بأعمال مرحلة التعمير والبناء، ومن هنا نشأت فجوة كبيرة بين أجور القطاعين، وزيادة معاشات التقاعد المبكر، وسعي الحكومات لاسترضاء مواطنيها.
التقرير طويل ويحتوي على معلومات قيمة، ولكن، كالعادة، ليس هناك من يقرأ او يستوعب أو يتخذ القرار، وبذلك سيحفظ في أحد الأدراج. ولعلم من كتب التقرير فإن في الكويت قرابة 35 ألف شاب وشابة يرفضون العمل، واختاروا ممارسة الجلوس في المقاهي.
أحمد الصراف
نعم.. شاركت في المؤتمر
عندما دعيت للمشاركة في ندوة ضمن فعاليات مؤتمر الحوار الوطني، سألت عن المشاركين في هذه الندوة، وكان الجواب: سيد عدنان – مرزوق الحبيني – مرزوق الغانم – عبدالوهاب الهارون – ومعصومة المبارك، عندها وافقت على المشاركة لاعتقادي بانني سأثري الحوار بوجهة نظر قد يكون المؤتمر بحاجه لها، كما ان الاسماء المذكورة معروف عنها انها ذات رأي، ولم تنغمس في وحل الفساد والمفسدين، وان اختلفت معها فانك لا تملك الا ان تحترم هذه الشخصيات! وجاءني اعتذار الاخ الحبيني قبيل بدء المؤتمر، فقلت في نفسي أصبح رأيي الآن أكثر أهمية ومن الضروري ان يتواجد صوت يحفظ التوازن – ان صح التعبير – لهذه الندوة.
وفي ما يلي بعض مما طرحته في المؤتمر، حتى يعرف الناس أهمية وجودي في تلك الندوة:
• رأي الأقلية:
يرى البعض ان الأصوات الأربعة تحرم الأقلية من الوصول إلى البرلمان، وأنا اعتقد انه لا توجد أقلية في العالم تصل إلى البرلمان عن طريق الانتخابات الا من خلال نظام القائمة النسبية، يعني مثل الشركس في الأردن ولبنان! ونحن هنا لا يمكن ان نضع نظاماً يضمن وصول قبيلة أو فئة بهذه الطريقة لاختلاف مكونات المجتمع الكويتي، كما ان مفهوم الديموقراطية هو حكم الأغلبية، أي ان الاغلبية هي التي تصل إلى البرلمان عن طريق نظام التصويت الحر المباشر، لذلك فإن مقولة ظلم الأقلية غير صحيح وغير واقعي، أضف الى ذلك ان أهل الجهراء الذين دائماً يضرب بهم المثل في ظلم النظام الحالي لهم، هم الذين يحرمون أنفسهم من الوصول إلى البرلمان لشدة الخلاف بين قبائلهم الثلاث، وعدم التنسيق في ما بينهم، فالمعروف ان مجموع أصوات أهل الجهراء يتجاوز الثلاثين ألف صوت، والنجاح بالدائرة أقل من عشرة آلاف صوت، فلو كان هناك تحالفات بين قبيلتين أو أكثر لاكتسحت الدائرة!
• محاربة الفرعيات:
يدّعي البعض ان الصوت الواحد يحارب ظاهرة الفرعيات! وهذا الكلام غير صحيح، فالفرعيات وفق القانون مجرّمة، والذي يحاربها هو تطبيق القانون، لكن عمك أصمخ، لذلك تسير الأمور برداً وسلاما، والذي استطاع ان يتحايل على القانون في الأربعة أصوات لن يعدم وسيلة للتحايل بالصوت الواحد، لذلك لا نحمّل نظام التصويت مسؤولية الفرعيات، بل نحمّلها للمعني بتطبيق القانون.
• الهدف الحقيقي للصوت الواحد:
أنا أعتقد ان الذين يطالبون بالصوت الواحد والصوتين هم الذين يريدون للمال السياسي ان يكون له دور رئيسي وفاعل في نتائج الانتخابات المقبلة! فالذي كان ينجح بستة آلاف صوت في نظام الأصوات الأربعة سينجح بألفين وثلاثة في نظام الصوت الواحد، وهنا تكون فرصة نجاح من يشتري الأصوات أكبر! ولنا الحق بالتخوف من ذلك، خاصة اننا حديثو عهد بظاهرة شراء نواب في البرلمان، وظاهرة دفع ملايين للنائب الواحد، وليس آلافا من الدنانير!
لهذه الأسباب شاركت في مؤتمر الحوار عل وعسى ان أكون طرحت رأيا مميزاً فيه، وفي ختام كلمتي طالبت المؤتمر بان يصدر توصية، يرفض فيها اصدار مراسيم ضرورة لهذا الموضوع.