في الجزء المخصص من الدراسة عن الكويت، تناول الكتاب مفهوم الوطن في فكر جماعة الإخوان المسلمين، في مقاربة تاريخية سياسية بدئت بمقارنة بين مفاهيم «القوم» و«الأمة» في الجاهلية والإسلام، ومرورا على الوطن في فكر سيّد قطب وحسن البنا، وركّزت الدراسة، وهي من أخريات ما كتبه الراحل أحمد البغدادي، على الوطنية في فكر الإخوان في الكويت، وبينت أن كثيراً من المفكرين الإسلاميين، لم يناقشوا معنى هذا المصطلح برغم شيوع استعماله في الفكر الإنساني، حيث يرى البغدادي أن التعارض بين الولاء للوطن والولاء للحزب أو التنظيم سواء داخل الدولة أو خارجها، من القضايا المسكوت عنها في عالمنا العربي، لذلك تقدم جماعات الولاء للتنظيم على الولاء للوطن. في الكويت نفسها، يقدم الباحث والكاتب السّعودي مشاري الذايدي التاريخ الديني للكويت بما فيه من تسامح وتشدد، أرّخ لبروز الإسلام السياسي في الكويت عقب هزيمة يونيو 1967. كما تناولت الدراسة حداثة النشوء الحركي للإسلاميين السياسيين في الكويت من جهة، وتشابك العلاقات في تيار الإصلاح، الذي قاده الشيخ يوسف بن عيسى، واصفاً الشيخ بأنه محور كثير من الخطوات الإصلاحية في الكويت. وكشفت الدراسة أن الشيخ يوسف بن عيسى كان قنطرة العبور بين الكويت القديمة والجديدة، وهو الحلقة الوسطى بين «المثقف الإسلامي» أي الحركي السياسي، وبين رجل الدين التقليدي والمحترف، مفن.ّدا أي ادعاءات بانتسابه إلى الإخوان المسلمين. وأشار إلى نص من كتابه «الملتقطات»، نقل فيه عن عبدالله القصيمي موقفا ناقداً للإخوان، لخّص عبره ابن عيسى موقفه من جوهر دعوة الإخوان المسلمين، حيث استشعر الخطر في التسييس الحاد للإسلام لدى جماعة الإخوان، مستشهداً بما نقله على لسان شملان يوسف بن عيسى عن والده، عندما قام بطرد عبدالله المطوع أبرز قيادات الإخوان المسلمين في الكويت، من مجلسه.
وفي الجزء المخصص من الدراسة عن إخوان السعودية، أحصى يوسف الديني اتجاهات تيار التنوير الإسلامي في السّعودية، في أربعة اتجاهات، هي: الأول مجرد استنساخ مشوه لتجربة نقد الظاهرة الدينية في شكلها الأوروبي أو في تجلياتها العربية، والثاني من داخل التيار التنويري أو المتعاطفين معه من «الإخوان المسلمين» الذين يرون وبشكل براغماتي في دعم هذا التيار حدا من غلو السلفية المهيمنة على المشهد السعودي، والثالث من المتعاطفين مع تيار التنوير باعتباره ضرورة ملحة لنقد الخطاب السلفي، والرابع وهو الذي يعتبر أن التنوير حالة ذات جذور تاريخية للحراك الفكري والديني في السُّعودية، واستعرض رموزاً لها.
وانتهى يوسف الديني إلى نتيجة مفادها: إن لم يكسر التيار حاجز الخوف والتردد فسيتحول إلى تيار متكلس يردد شعارات بعناوين حالمة من دون أن ينعكس ذلك على المشهد الفكري المتغير.
***
• ملاحظة: هناك الكثير الذي يمكن قوله عن هذه الدراسة، ولكن يكفي ان نذكر بأن هناك مؤشرات على انخفاض مستوى تعليم الإناث في الدول الخليجية، والكويت بالذات، منذ بدأت سيطرة الإخوان على غالبية وزارات التعليم في دول المجلس، فهل يكفي هذا لبيان شرهم؟
أحمد الصراف