ليست السلطة وحدها هي المعزولة عن الشعب، بل حتى الفنانون يعيشون على جزيرة بعيدة، خارج حدود الشعب وهمومه، إذا استثنينا منهم المؤلف بدر محارب والشاعر خالد البذال… أضف إليهم ذوي المناصب العليا والمتوسطة، الذين يرتدون، كلهم ويا للمصادفة، قميص السلطة. وأرجو أن تضع ما في يدك اليمنى على الطاولة التي أمامك وتحك جبهتك لتتذكر ما حدث مع النائب السابق فيصل اليحيى، قبل أن يصبح نائباً، عندما عارض السلطة، فمدّت السلطة يدها المباركة على راتبه الشهري، وكأنه هبة منها وكرم، وعبثت به كما يعبث الطفل بذقن والده وشنبه، وفي المقابل طبّقت قانون نيوتن على زميلته في الإدارة ذاتها، التي امتدحت السلطة وتغنت بمحاسنها، فأكرمتها السلطة، وأمرتها بأن تهز إليها بجذع النخلة…
علامَ يدل ذلك؟ وبماذا يشي؟ الإجابة: كلك نظر… ثم يأتي من يلحّن الديمقراطية الكويتية ويغنّيها، ويردد أكذب "كوبليه" مرّ على آذاننا: "الديمقراطية الكويتية هي الأفضل في الدول العربية"، إذا كانت الحال كذلك، فبماذا نَصِف ديمقراطية "مصر مبارك"، على سبيل المثال، ونحن نرى فناني مصر وكتابها وكبار مسؤوليها ينقسمون إلى فريقين، فريق مع وفريق ضد؟
عموماً، تريد أن تعرف من هي المعارضة، وممّ يتكون عمود خيمتها؟ سأعطيك إجابة مكفولة من المصنع: "المعارضة الكويتية في غالبها الأعم الأهم تتكون من الطبقة الوسطى، وفي رواية أخرى "البسطى"، مُطعَّمة بـ"شوية سكر" على الريحة، وهو ما يعوق مهمة شراء ودها، بالطرق الحلزونية العربية". وهي طبقة لا يصافحها الفنانون ولا كبار المسؤولين ولا غيرهم من "عشاق دفء السلطة" إلا من خلف قفازات القرف والاشمئزاز، وخلف الجدران المعتمة خشية إغضاب السلطة الديمقراطية، وطمعاً في عسلها الجبلي.