علي محمود خاجه

«يمكن حل»

   قسم يحتج على تقليص عدد الأصوات بمرسوم ضرورة وقسم آخر يؤيد، قسم سيقاطع الانتخابات وقسم آخر تملؤه فرحة المشاركة، لن أخوّن أحداً منهم لأن الطرفين فيهما المخلص وفيهما المتكسب، فيهم من سيقاطع ليقينه بالخسارة فقط، ومنهم من سيشارك لأنها فرصة ذهبية للفوز والكسب غير المشروع. لكني اليوم أريد أن أتعاطى مع الحلول الممكنة لهذه الأزمة غير المبررة أبداً، فلم يكن هناك أي داع لتقليص اختيار الناخب، لمجرد أن اختيار الناخب في المجلس الأخير لم يعجب الحكومة، فلا يوجد أسوأ من تقسيمة الحكومة للدوائر الـ25 سابقا إلا أنها رغم علاتها استطاعت الإتيان بمجالس قوية أدت في النهاية إلى مجلس أسقط الـ25 دائرة، وهو مولود من رحمها. وكذلك ليس من المقبول أبداً أن تغير الحكومة نظام الانتخابات وتدَّعي لاحقاً أن للمجلس الحق في تعديل النظام بعد ذلك، فالحكومة توجه الانتخابات بالاتجاه الذي تريد، وتتيح المجال لمن فاز بنظامها المرسوم لأن يعدل النظام أو لا، وهو يجعلنا أمام معضلة إطلاق يدها في جميع الانتخابات المقبلة بأن تأتي بمرسوم ضرورة قبل كل انتخابات يوجه الناخبين لاتجاه معين دون سواه، بشكل لا علاقة له لا بحرية الاختيار ولا سيادة الأمة ولا الديمقراطية. ولأن تراجع من قاطع صعب وتراجع من أصدر مرسوم الضرورة كذلك صعب، فإني أعتقد أن انتخابات ديسمبر إن اتفق الطرفان يجب أن تكون بمنزلة استفتاء وطني عام، ونسبة التصويت هي ما تثبت هل هي رغبة الكويت أم لا؟ بمعنى أوضح يتم تحديد نسبة تصويت تتفق عليها الحكومة مع التيارات السياسية وقوى المجتمع، تكون هذه النسبة التصويتية هي الرأي الصريح للشعب الكويتي، فإن تخطت نسبة التصويت حاجز الـ30% مثلاً من إجمالي الناخبين، فهو يعني أن مرسوم الضرورة الصادر هو قرار شعبي عام يستمر على إثره مجلس ديسمبر ويمارس صلاحياته، أما إن كانت دون ذلك فهو يعني أن المجلس يفتقد إلى الشرعية الشعبية، ويجب ألا يستمر، فيسحب مرسوم الضرورة وتتم الدعوة إلى الانتخابات مجدداً. أعلم أن الحل ليس نموذجياً ولن تجدوا الحل النموذجي اليوم، فكل الحلول المطروحة أراها أشد وأخطر وقعاً من هذا الحل، وللأسف أرغمنا دون حاجة إلى الوقوع في هذه المعضلة لمجرد أن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تعجب الحكومة، متناسية أن اختيارات الشعب بالتمترس خلف طائفة أو قبيلة هي صنيعة حكومية بحتة، رسختها على مر السنوات، ولن يغيرها "صوت واحد" أو "عشرة أصوات"، ولكم أن تعرفوا النتائج مسبقاً بمعرفة الخيار الأول لكل طائفي عنصري متمصلح من أبناء الشعب، فستجدون أن خياره الأول سيكون خلف عائلته، طائفته أو قبيلته، لن يتغير هذا الأمر بعدد الأصوات بل بقانون لا يكسر، يطبق على الجميع دون استثناء، ويمنح الحقوق للجميع دون استثناء. قبل النهاية، تحديدي لنسبة 30% ينطلق من أن نسبة التصويت بانتخابات فبراير هي 60% تقريباً، وهو ما يعني أن 30% تعتبر نصف عدد المهتمين بالممارسة الانتخابية والعملية الديمقراطية بالكويت تقريباً. خارج نطاق التغطية: الحكومة أصدرت مرسوما لنبذ الكراهية، وحددت عقوبات رادعة جداً؛ لذلك تجعل كل من يفكر بمصطلحات كـ"طرثوث" أو "صفوي" أو "حيتان" يفكر 1000 مرة قبل التفوه بها، وبنفس الوقت تقلص الأصوات لنبذ الكراهية، فهو ما يعني أنها لن تتمكن من تنفيذ مرسومها الأول، وهو ما اضطرها إلى إصدار مرسومها الثاني.  الخلاصة الحكومة لا تستطيع تطبيق قوانينها فتصدر قوانين أخرى لتشدد على قوانينها.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *