كتبت قبل ايام مقالا عن «الإخوان المسلمين في الخليج»، وقد وردتني شتائم عدة عليه، ويبدو أنني لمست جرحا حساسا، ولهذا سنعيد الكتابة عن الموضوع، ولكن بالاستعانة ببعض ما ورد في مقال كتبه في سبتمبر 2011 الباحث والكاتب السوداني عمر البشير الترابي، ابن الترابي، الزعيم الإخواني السوداني المعروف، تعليقا على كتاب صدر قبلها بشهر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث عن «الإخوان المسلمين في الخليج».
يقول عمر ان تنظيم الإخوان في الخليج هو أقدم تنظيم إسلامي في المنطقة، وموضوعه محاط بسياج من السّرية، وهذا دعا «مركز المسبار» في دبي، لإصدار كتاب عنهم. والكتاب، الذي قدم له رئيس المركز تركي الدخيل، حاول تفكيك الخطاب الإسلاموي ورصد التجربة وتحولات الخطاب، وعلاقة الإخوان بالجماعات والتيارات الأخرى في الخليج، وموقفهم من الظواهر الثقافية السّياسية كدعوات التنوير وغيرها. كما تناول أنشطتهم في دول مجلس التعاون عدا قطر. ويقول ان جذور التنظيم في السعودية تعود لثلاثينات القرن الماضي، عندما رفض الملك عبدالعزيز طلب حسن البنا فتح فرع لهم في السعودية. ولكنهم مع هذا تمتعوا بنفوذ فكري كبير فيها، ولم يعكرها غير موقف الطرفين المتباين من حرب اليمن في بداية الستينات! ويقول ان هجرة الإخوان من مصر بدأت بعد انقلاب ناصر العسكري عام 1952، وتعرضهم للسجن والمضايقات، ولم تنفرج أحوالهم إلا في عهد السادات، وفي اجتماعهم الموسع عام 1971 تَشَكّلت ملامح التنظيم الإقليمي، الذي ضمّ إخواناً آخرين من البحرين والإمارات والكويت، وعلى الرغم من هذا التوسع الجغرافي في التنظيم، فإنّ الدراسة تشير إلى أن دور الإخوان الخليجيين لم يزد على جباية الأموال(!).
ويسأل الكاتب إن كان الإخوان قد عضوا اليد التي مُدّت لهم، وأنكروا جميل إيواء السعودية لهم، ليجيب نقلاً عن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز، والذي توفي اخيرا وكان وليا للعهد السعودي، إذ يقول «الإخوان أصل البلاء»، ويشير إلى تنكرهم للمملكة التي آوتهم، كما ظهر التنكر في موقفهم أثناء غزو الكويت واحتلالها.
وفي الجزء المخصص للإمارات تضمن الكتاب شهادة اثنين من أهم قيادات الجماعة في الإمارات وهما د. محمد الركن، ود. محمد المنصوري نائب رئيس جمعية الإصلاح في رأس الخيمة، وورد فيها أنّ بدايات الإخوان في الإمارات كانت في أوائل السبعينات، وبتأثير من إخوان مصر والكويت، حيث طالب طلاب البعثات التعليمية للكويت العائدين بإنشاء مؤسّسة تمثلهم في الإمارات أسوة بجمعية الإصلاح الكويتية. ونجحوا في دبي ورأس الخيمة والفجيرة، ولكنهم لم يتمكنوا من تأسيس فرع في أبوظبي، والشارقة. استقطبوا عبر الجمعيّة الطلاب والناشئة واستهدفوا مؤسسات التعليم، وسيطر أتباعها على الأنشطة الطلابية، وفي 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات. تزامن ذلك مع وجود ذراع إعلامية نشطة هي مجلة «الإصلاح». وقد قامت الجمعية عبر مناشطها بحملة تشويه للنظام التعليمي الحكومي في فترة الوزير أحمد حميد الطاير، وقد اعتمد الإخوان أساليب خطابية عاطفية، يعتبرها القيادي محمد الركن دليلاً على عدم نضج الجماعة حينها. وسرد منصور النقيدان، وهو من وضع الدراسة، الأحداث التي أوصلت الدولة إلى حل مجلس إدارة الجمعية وتقييد مجلتها، وإسناد الإشراف عليها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. وعلى الرغم من توتّر علاقة الإخوان مع الدولة فإنهم تمتعوا دائماً بعلاقة خاصة بحاكم رأس الخيمة ـ السابق -الشيخ صقر القاسمي. وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف