ربما استطاع المجتمع الكويتي التخلص من سلطة المشايخ التقليدية (القبلية ـ الدينية ـ المهنية)، فلم يعد شيخ القبيلة زعيما سياسيا كما كان في السابق، وأيضا تراجعت أهمية مشايخ الدين وقداستهم، مع كثرة الطوائف والملل، وحتما لم يعد في العصر الحالي مشايخ للمهن يحتكرون التجارة كما في الأيام الخوالي.
ولكن مع الأسف، وبعد كل هذا التطور السياسي والانجاز الحضاري والتاريخي، أصبحنا نقع فريسة لمشيخة جديدة ومن نوع آخر، وهي مشايخ الديموقراطية، حيث تتحول فيها «عضوية» مجلس الأمة إلى نوع من المشيخة، يكون فيها حضرة «النائب» سيدا لقراراته ومحتكرا لمنصبه، وليس ممثلا لشعبه وناخبيه.
من الخطأ ان يسعى بعض النواب وبكل جهد إلى احتكار الديموقراطية لأنفسهم، ناسفين مبدأ تكافؤ الفرص، فنجدهم يشجعون على الانتخاب والديموقراطية ولكن فقط على الطريقة الكويتية البدائية، حيث لا أحزاب ولا قوائم ولا برامج انتخابية، ليكونوا بعد ذلك نوابا في البرلمان، ودون منافسة انتخابية تذكر، وبدون التزامات مسبقة أيضا.
إلى متى ونحن نصوت لهم؟! وبغض النظر عن مدى التزامهم بالمسؤولية واحترامهم للعمل البرلماني وأمانتهم، فهم في نهاية المطاف يتخذون قراراتهم البطولية التي تؤثر على المجتمع ككل، وفقا لقناعاتهم الشخصية، وبنفس الطريقة التي يتخذون بها قراراتهم الفردية أو الأسرية.
إنهم لا يشاورون ناخبيهم بقراراتهم، بل ان بعضهم لا نراهم إلا بالإعلام، أليس لنا حقوق عليهم؟!
تطالب المعارضة بتداول السلطة التنفيذية مع الأسرة الحاكمة، وهم (النواب) في حقيقة الأمر لا يسمحون لنا نحن (عامة الناس) بتداول السلطة التشريعية معهم!
هل تعلمون ان اغلب مرتادي ساحة الإرادة من المعارضة، لا يؤيدون أصلا فكرة إنشاء الأحزاب أو أي مشروع لتطوير الحياة الديموقراطية؟! فكل همهم هو المحافظة على مكاسبهم الشخصية واحتكار العضوية لأنفسهم، بل وتوريثها لأبنائهم وإخوانهم كما فعل البعض!
يامشايخ الديموقراطية ويا رموز العمل الديموقراطي، بدون الأحزاب السياسية، انتم تتحولون إلى مسخ ديموقراطي سيئ، وتنحرفون عن التقاليد الديموقراطية، فلابد من تمكين المجتمع بكل فئاته من المشاركة السياسية الفعالة، عن طريق النقاشات الجدية بين النواب والمواطنين في الجمعيات العامة للأحزاب السياسية ولجانها العاملة، وليس في الشوارع (حوارات الإرادة)!
عندئذ سيشترك الجميع في صنع القرار، ولا يحتكره القلة، وهذا مبدأ ديموقراطي أصيل لا جدال فيه.