"جميلة هذه الدنيا لولا "الباسوورد" – الرمز السري- سحقاً له ولأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه"… قلت هذا، فعقّب صديق: "الباسوورد مثل جدران بيوتنا ومثل ملابسنا التي تسترنا، لولاه كنا عرايا"، وثنّى آخر: "تخيل أن تنكشف أسرارنا العائلية ورسائلنا العاطفية واتصالاتنا التجارية ووو، ماذا سيكون الحال؟ احمد مولاك واشكره على نعمة الباسوورد"، ففتحت نافذة الخيال: "ماذا لو انكشف الناس على الناس واطّلع كل منا على رسائل الآخر واتصالاته؟" ورحنا نتخيل…
رحماك ربي، ماذا كنا سنقرأ في رسائل الوزراء والإعلاميين والنواب والتجار ووو؟ وماذا كنا سنقرأ تحديداً في رسائل "وعاظ السلطة"؟ أواه على اختلاف وعاظ السلطة ورسائلهم المتبادلة بعد تلقيهم الأوامر… أواه على أولئك الساسة ورسائلهم بعد خلو منصب… أواه على رسائل ذلك التاجر مع مدير شركته، وهو يأمره بتخفيض سعر المناقصة، على أن يتدبر هو "الأوامر التغييرية"، ويحثه، بعد رسو المناقصة على شركته، بالبحث عن أرخص عمالة وأسوأ مواد وأقلها كلفة، قبل أن يتباكى على حب الكويت.
وفي البرازيل، قبل نحو سنة، أقدم مجموعة من الشبان العاطلين عن العمل على خطف عمدة المدينة، بعد أن اتخذ موقفاً تجاههم، وعندما اقتادوه تلقى رسالة على هاتفه، فأرغموه على الكشف عن الباسوورد، فكانت المفاجأة: "رسالة من عضو مهم في الحزب المنافس لحزب العمدة يملي عليه الأوامر"، وتبين أنه يتلقى الأموال من الخصوم ليشوّه سمعة حزبه ويسيء إليه! واكتشف الخاطفون أنه ليس الوحيد المخترق في الحزب، وأنه وآخرين من أعضاء حزبه يزرعون المشاكل في حزبهم لمصلحة الحزب المنافس، وينقلون ما يدور في اجتماعات الحزب إلى خصومهم، وصعقوا عندما قرأوا رسائله المتبادلة مع بعض رجال الأعمال، ومع قيادات في الشرطة والقضاء ووو، وكلها تدور حول تبادل الرشوة والمنفعة، وغير ذلك.
وأجزم بأن العمدة البرازيلي ملاك بأجنحة أمام الكثير من سياسيينا وإعلاميينا… فاللهم احفظ الباسوورد وأطل عمره وارزقه من حيث لا يحتسب.