قرأت تعليقا للاستاذ محمد الدلال يؤيد فيه قرار مجلس القضاء الأعلى بفتح المجال امام المرأة الكويتية للعمل في سلك القضاء، ونظراً لوجودي خارج البلاد عند كتابة المقال، ولعدم صدور قرار او موقف من الحركة الدستورية الاسلامية بهذا الشأن، فإني سأعتبر رأي الاخ الدلال رأياً شخصيا. أما انا فأرى ان نستمع أولاً الى الرأي الشرعي الصريح في هذه القضية (قضية تولي المرأة للقضاء)، حيث استمعنا سابقاً الى رأي الجمهور الذي يمنع تولي المرأة للقضاء، وكذلك هناك آراء اخرى، فان جاء رأي الشرع واضحا وصريحا وراجحا على الآراء الاخرى ايدناه ودعمناه حتى لو كان موافقا لرأي مجلس القضاء. والا.. فلا.
وأتمنى بهذه المناسبة ألا تتدخل الواسطة في تعيينات وكيلات النيابة حتى لا يأتي اليوم الذي نقول فيه «ما قلنا لكم ما يصلحون».
***
كتبت، وكتب غيري، وكتب آخرون تعليقا على فيلم «براءة المسلمين» وردات فعل الجماهير الاسلامية عليه، وتأسفنا حيث ركز الكثير ممن كتب على انتقاد ردات الفعل العفوية وغير العفوية، واعتقد ان هناك ايجابية لا يمكن تجاهلها من غضب الشارع الاسلامي وعنفه تجاه الفيلم سيئ الذكر، وهي ان رسالة وصلت للمسؤولين الاجانب مفادها ان للحرية حدوداً يجب ان تتوقف عندها، ومتى ما تجاوزتها لم تعد حرية بمعناها الصحيح! واعتقد من اليوم سيراجع الغرب تشريعاته في هذا الجانب، خصوصا ان هناك سوابق كثيرة، أهمها التشريع الاوروبي بتجريم من ينكر حادثة الهولوكوست (محرقة هتلر لليهود)، والذي يعتبر تقييداً لحرية الرأي. كما ان حجز الولايات المتحدة لمعتقلي «غوانتانامو» سنوات من دون محاكمة اكبر دليل على ان مفهوم الحريات عند الغرب ليس على اطلاقه كما يحاول البعض ايهامنا هذه الايام تبريراً لعرض الفيلم سيئ الذكر.
بالمناسبة ايضا يقال ان ايران ستقوم بعرض فيلم آخر فيه تجسيد لشخصية محمد صلى الله عليه وسلم. وهنا أتمنى من منظمة التعاون الاسلامي ان تبادر لمنع هذا التجاوز الخطير حتى لا ننتقل الى ميدان آخر من ردات الفعل الشعبية غير المنضبطة.
***
عندما كتبت عن د. أحمد الخطيب أنعته بانه غيّر جلده.. كنت اظن ان هذا تصرف وتحول شخصي، ولم يدر في خلدي ان التيار الليبرالي والمسمى بالوطني كذلك يسير في الاتجاه نفسه!
انظر واقرأ ما يكتبه رموزهم في الصحف حول القضايا الوطنية والدستورية.. تجد هذا التحول واضحا والتراجع عن المبادئ التي كانوا ينادون بها! خصومتهم مع التيار الإسلامي اعمت اعينهم، بعدما حقق هذا التيار مكاسب على مستوى العالم العربي، فتناسوا مبادئ كانوا يدعون اليها وتحولوا الى ابواق للسلطان.
***
المربية صفاء الهاشم.. وراك وراك.. أين الدليل على تسلمي صفقة من وزارة الدفاع بقيمة 120 مليون دينار كويتي؟ والا فالمحاكم حتى نعرف الحقيقة!
الشهر: سبتمبر 2012
هات الشناوي وخذ مني…
هنا… الكتابة في الشأن السياسي أسهل من القراءة فيه، هي سهلة لدرجة الإسهال، وهي مستباحة لا عزوة لها تحميها. وكل من “طق طبله” كتب في السياسة، وأنا ممن “طق طبله” على الطريقة الإفريقية. على أن بعض الكتّاب تعامل مع السياسة باعتبارها مكب نفايات على الدائري السابع، وباعتبار الصحيفة كيساً بلاستيكياً أسود.
قوافل من الأقلام تزاحمت على بئر السياسة، الكتف بالكتف والقدم على القدم، في حين تنعق البوم في الصفحات الفنية، إلا ما ندر، وما أندر “ما ندر”! طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار وعقله أن الرياضة والاقتصاد بنتا السياسة ووريثتاها الشرعيتان.
حزني على الصفحات الفنية، وعلى الفن في الكويت، وأزعم أنه بسبب عدم وجود أقلام فنية حادة ساحت ألوان الفن بعضها على بعض، وانتهك عرضه… ستقسم أمامي أن صحافتنا ملأى بهم، وتشير بإصبعك إلى الكاتب “الفني” فلان، والناقدة الفنية فلانة، فأضطر إلى خنقك بغترتك وإقناعك بأن “الناقد الفني” يختلف عن متعهد الحفلات.
دعنا من هذا فمسؤوليته تتحملها شرطة الآداب، وقل لي بالله عليك: هل أتاك حديث الكاتب المصري العظيم طارق الشناوي، المتخصص في الفن والثقافة؟ هل تقرأ له مثلي في جريدة “التحرير” المصرية حالياً و”الدستور” سابقاً؟ هل تستشعر مثلي حدة قلمه وصدقه وعمقه وسعة إدراكه وثباته على مبادئه وقوة حجته؟ هل سمعت عن هجومه، كما يظن السطحيون، على الممثل حسن يوسف، أحياناً، ودفاعه عنه أحياناً، رغم اختلافه الشديد معه؟ هل أدركت مثلي أن هجومه كان على الفكرة ودفاعه كان عن المبدأ، ولم يكن متقلباً كما يظن عشاق الشخبطة على اللوحات الجميلة؟
هكذا أتخيل طارق الشناوي… ممسكاً عصا القيادة، وله فيها مآرب، يوجه بها هذا الشاب، ويرفعها تحية لذلك المبدع الخلّاق، ويضرب بها ظهر ذاك المرتزق المنافق، ويخيف بها الدخلاء، ويحافظ على تناغم اللحن. وأظن أنه لو كان في الكويت لاستبدل عصاه بساطور ألماني، ولارتفع الصراخ، ولنَفَذَ غالبية “الفنانين” بجلودهم وجباههم وظهورهم.
صدقني، من الخطأ والخطر ترك الساحة الفنية بلا “كاتب فني معارض للسلطة”، ستقول: ما علاقة صنعاء ببغداد؟ فأجيبك: إذا تُرك الفنانون بلا عين رقيب ولا عصا حسيب، فسينجرفون تلقائياً إلى ما يرضي الكراسي والبشوت والشيكات، فيتساقطون في الوحل، وقبلهم الفن نفسه.
أعطني “شناوياً” أُعْطِك فناً… سلّم واستلم.
لمن ستنتصرون؟
قفز عدد من المشايخ والنواب إلى خشبة مسرح الفتاوى، وأدخل كل واحد منهم يده بجيبه، وأخرج من محفظته فتوى جاهزة أو رأياً شرعياً يحرم دخول المرأة إلى سلك القضاء بمناسبة انتصار مجلس القضاء للدستور، وفتحه الباب لتولي المرأة العمل القضائي. هذا رأيهم وهذا اجتهادهم سواء كان مبنياً على رأي فقيه أو فقهاء (يسمونهم علماء حالهم من حال علماء الفيزياء والطب إلخ) أو كان سبب رفضهم “حكارة” (تحفظاً) اجتماعياً حصر خيالهم بأن المرأة التي تحيض وممكن أن تصير محلاً للوطء لا يمكن قبولها جالسة على كرسي القضاء، وتفصل في خصومات، وتحكم بحبس أو براءة رجال بشارب ولحى. هذا رأيهم وهذا اجتهادهم الذي يدفع المجتمع والدولة إلى أحط عصور الظلام، لكن لا يمكن مصادرته مادام في دائرة الرأي والاجتهاد ويدخل في باب حرية الرأي. الخطورة ليست في ما أبداه هؤلاء، وإنما ما توعد به النائب هايف بإصدار تشريع يلغي قرار مجلس القضاء، ويحظر عمل المرأة بالقضاء.
لنتخيل أن مثل هذا التشريع ممكن أن يصبح واقعاً في غد ليس ببعيد، ماذا سيقول الناشطون المدافعون عن الدستور عندئذٍ، إذا ما عرفنا أن الجماعات المحافظة تشكل مساحة كبيرة في جسد الأغلبية المعارضة للسلطة، وكيف سيواجه هؤلاء قواعدهم الانتخابية وضغوطها لقبر قرار مجلس القضاء. هل سينتصرون للدستور وأحكامه بالمساواة في المواطنة لا فرق فيها بسبب الجنس أو الدين،،،! هل سيقفون مع الدستور اليوم أو مع “اجتهاد فقهي” أو رغبة محافظة يقبران الدستور، بينما قوام حراكهم السياسي هو الانتصار للدستور، وتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات الدستوري بما يعني عدم الزج بالقضاء في عالم السياسة في قضية تعديل الدوائر الانتخابية، بينما نجد أن من بينهم من يريد اليوم الإطاحة بهذا الفصل بين السلطات من أجل تغليب رأي شرعي لا يعرف أساسه ومعقوليته، وإنما فصلوه حسب هواهم… لمن ينتصرون… ننتظر الجواب.
ثمن الحرية
شاركت قبل سنوات في مناظرة على تلفزيون «الرأي» مع النائب فيصل مسلم، وكان موضوعها الرسوم الدانمركية، وكانت الحدث الأكثر سخونة وقتها، وكيف قامت التظاهرات في عدة مدن عربية وإسلامية منددة بالرسوم، محطمة كل ما وقعت عليه أيديها من منتجات دانمركية، سبق أن دُفع ثمنها! ولكن، ما إن مر وقت قصير حتى هدأ الغليان واطمأنت النفوس وتناسينا دعوات مقاطعة المنتجات الدانمركية، بعد أن حذت صحف دول غربية عدة حذو الدانمركية ونشرت الرسوم المسيئة نفسها، وبالتالي كان من الصعوبة مقاطعة منتجات جميع هذه الدول، وطرد سفرائها وحرق سفاراتها، وهي السفارات نفسها التي كان أبناؤنا يقفون في طوابير طويلة أمام أبوابها، طالبين رحمة الهجرة أو حتى جبر خاطر بزيارة منفردة! واليوم عدنا مرة أخرى لواجهة الأحداث، بكل همجية وتخلّف، بعد أن كدنا، بثورات «الربيع العربي»، أن نبدل صورتنا «المتخاذلة والخانعة» في أعين العالم، بعد رفض القهر والدكتاتورية والبطش، والدعوة للحرية والديموقراطية، لندخل ثانية في دوامة الجهل والتناقض! فنحن نمد أيدينا للغرب ومؤسساته المالية، طالبين دعم خبزنا وإنقاذ اقتصاداتنا من الانهيار، في الوقت نفسه الذي نصرّ فيه على حرق سفارات تلك الدول، لأنها أهانت رموزنا، متناسين أن ما جعل العالم الغربي بكل تلك القدرة على إنتاج الغذاء والدواء بأكثر مما هو بحاجة له، هي حريته الفكرية والاقتصادية، وهي نفسها التي نرفضها ونطالبه بمنعها والحجر عليها!
يقول باري شوارتز Barry Schwatz في كتابهThe Paradox of Choice إننا إذا كنا مهتمين بزيادة رفاهيتنا إلى الحد الأقصى، فإن علينا أن نعطي أنفسنا الحد الأقصى من الحرية، فإنسانيتنا تحتم علينا ألا نتمتع فقط بالحرية المطلقة، بل وأن يكون لنا الحق المطلق في الاختيار بين كل البدائل المعروضة، وكلما زادت الخيارات زادت الحرية وزادت الرفاهية!
وقد لا يتفق الكثيرون مع هذه الفلسفة، بسبب قرون القهر والتعسّف التي عاشتها عقولنا، ولكن من الصعب فك الارتباط بين رفاهية الإنسان وقدرته على إنتاج الأفضل، وبين درجة تمتعه بالحرية. وقد رأينا كيف فشلت الأنظمة القمعية في توفير أدنى متطلبات شعوبها، وبالتالي نحن نعيش تناقضا رهيبا في حياتنا، فبالرغم من عجزنا عن الاكتفاء ذاتياً في أي مجال، فإننا لم نتردد في مطالبة الدول الصناعية، المنتجة لكل ما نحتاج إليه، بأن تتخلى عن سبب تفوقها، وتلجم وسائل إعلامها لكي لا تسيء إلى ما نحترم ونقدس. ولو انصاعت هذه الدول لمطالباتنا، التي لن تنتهي، فسيكون ذلك بداية انهيار ازدهارها، وسنخسر ساعتها من يدعم أسعار خبزنا ويصنع لنا حاجياتنا ويوفر لنا متطلباتنا! ونحن هنا لا نتكلم عن الدول النفطية أو ما يقاربها، بل عن مجتمعات إسلامية غارقة في الفقر والجهل والديون والمتاعب السياسية والاقتصادية، كمصر وباكستان وأندونيسيا، التي تحلم نسبة غير قليلة من سكانها في العمل عندنا، وهذا أمر يدعو للرثاء حقا! إن الحل من المأزق الذي نحن فيه، وعجزنا التام عن الرد على تكالب البعض في السخرية منا ومن رموزنا، لا يكون بالقيام بالأعمال السلبية من حرق واغتيال وتدمير، فهذه سهلة، والغوغاء متوافرون دائماً، ولكن التحدي يكون بقلب المعادلة، وبأن نصبح شعوبا تحترم نفسها، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير الحرية. فقد يُسحب هذا الفيلم ويُضرب على يد ذلك الرسام وتُقفل تلك القناة ويُسجن ذلك الكاتب، ولكن ليس هناك من يضمن عدم تكرار الإهانات، مادمنا بكل هذا الضعف والهوان، ولا يبدو أننا قادرون على شيء غير الحرق والقتل والتدمير.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
لهذا أؤيدهم
السياسيون اليوم في الكويت أنواع وأصناف متعددة، ورغم كثرة العدد لكن الأفكار للأسف قليلة، فلنأخذ الأغلبية المبطلة وغطاؤها الشعبي “نهج” مثلا، فقد تشبثت بمطلب واحد متفرع، وهو سحب الطعن الحكومي، وحل مجلس 2009 والدعوة إلى انتخابات بنظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات دون تغيير، وكما هو واضح فهذا لن يتحقق، وها هي اليوم تورط نفسها بمقاطعة الانتخابات لأنها لم تمتلك الرؤية، فإن أقدمت على المقاطعة فستعقّد الانتخابات من دونهم، ويخوض الشعب التجربة دون تيارات كالإخوان وبعض السلف والشعبي والعدالة وغيرهم من مستقلين، وإن تراجعت عن المقاطعة خسرت ثباتها على الكلمة وفقدت مصداقيتها.
وهي نفس الحال بالمناسبة مع الجبهة الوطنية التي تبنت نفس مطالب الأغلبية المبطلة و”نهج”، ولا أفهم أبداً لماذا لا تنضوي الجبهة تحت “نهج” ما دامت المطالبات نفسها، إلا إن كان الغرض تسويقياً بعد فشل تجمعات “نهج” الأخيرة.
أما معارضو الأغلبية المبطلة فمعظمهم لا يملكون رؤية، بل كل ما يملكونه هو الرد على تصاريح الأغلبية، وما تحمله من فتن أو تخبط أو غيرها، بمعنى آخر، إنه لو صمتت الأغلبية فلن يملك هؤلاء سوى الصمت، فهم لم يقدموا حلولاً أبداً كما أرى.
أما المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني فقد بادروا مجتمعين بتقديم وثيقة تحمل رؤية أراها منطقية، وتعاملت مع الساحة السياسية بواقعية شديدة، إلا أنني ما زلت مصراً أنه بدون إعلام مرئي حقيقي لهذا التيار فإنه لن يتمكن من إيصال أفكاره بشكل مناسب وسط هذا الزخم الإعلامي من كل القوى السياسية.
فقد طرح المنبر مع التحالف وثيقة تتعاطى مع الحدث وبشكل مرحلي مميز، فكانت أولى نقاطهم التركيز على حق الحكومة بإحالة القوانين إلى “الدستورية” واحترام القضاء وأحكامه، وإن اختلفت مع بعض الأهواء، يلي ذلك أن تقوم الحكومة بتعديل الدوائر بمعية القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني دون تفرد، ووفق ما يحويه منطوق الحكم إن حكم بعدم دستورية النظام الحالي، على أن تكون تلك مرحلة انتقالية لانتخابات واحدة، ولمجلس الأمة المقبل أن يقرر مصير الدوائر الأنسب.
كما خرج “المنبر” و”التحالف” من إطار ودوامة الدوائر التي يصر البعض على أن يحوم حولها، ليقدم برنامج إصلاح سياسي متكامل مترابط يتمم بعضه بعضا من خلال تشريعات مهمة كاستقلالية القضاء، وحق اللجوء الفردي إلى المحكمة الدستورية، ومفوضية عليا للإشراف على الانتخابات، وحزمة قوانين مكافحة الفساد وغيرها، دون أن تغفل وثيقة “المنبر” و”التحالف” الهموم اليومية والأساسية للمواطنين بعيداً عن السياسة، فتطرقت لملفات كمدنية الدولة والاقتصاد والإسكان والصحة والتعليم والتوظيف.
لقد قدم “المنبر” و”التحالف” مجتمعين نموذجا إيجابيا عن التيارات السياسية التي تحمل رؤية تغطي كثيراً من مناحي الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت، وأعتقد أن مختلف التيارات يجب أن تسلك هذا المسلك الموضوعي حتى إن اختلفنا بالتفاصيل دون التشبث بقضية تنتهي فصولها بصدور حكم “الدستورية”، فشكراً لـ”المنبر” و”التحالف” على هذه الوثيقة وبناء عليها أؤيدكم.
خارج نطاق التغطية:
نقلت في مقالي السابق من إحدى الخدمات الإخبارية أن النائب مسلم البراك قال: “جربونا كأغلبية لمدة 4 سنوات”، فنبهني أحد الأصدقاء بأن هذا النقل غير دقيق مستشهداً بخبر لصحيفة مملوكة لأصحاب الخدمة الإخبارية نفسها ذكرت فيه بأن البراك قال مخاطباً السلطة “جربونا كشعب لمدة 4 سنوات”، ولأنني لم أتمكن من العثور على تسجيل الندوة لأتحقق من ذلك، فإني سأميل إلى نص خبر الصحيفة على حساب خبر الرسالة النصية، وأعتذر عن النقل الذي أعتقد أنه خاطئ.
ساحة الإرادة.. والحوار الغائب!
الحشود والتجمعات وسفك الدماء هي الطريق المعتاد للوصول إلى الحلول في المجتمعات الديكتاتورية كما رأينا في بلدان الربيع العربي الذي مازلنا في انتظار وصول سفنه إلى المرفأ الأخير وسط مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية حقيقية تهدد سفن أوطان ذلك «الربيع» بالتفتت والانشطار و«الغرق»!
في المجتمعات الديموقراطية كحال المجتمع الكويتي تستبدل منهاجية الحشود والتجمعات وسفك الدماء بلغة الحوار بين الأطراف المتباينة، سواء كانت حكومية ـ معارضة أو نيابية ـ نيابية أو سياسية ـ سياسية او إعلامية ـ إعلامية أو اجتماعية ـ اجتماعية او اقتصادية ـ اقتصادية أو فئوية ـ فئوية أو دينية ـ دينية.. الخ، وللحوار الراقي المستحق مبادئه وقواعده وأصوله التي نجدها غائبة تماماً عند المنفعلين امام ميكروفونات ساحة الإرادة وخارجها، فصلب لغة الحوار يقوم على الإيمان بالرأي و«الرأي الآخر» لا رفضه وتخوينه والعمل على تشويه اسبابه ودوافعه، فتلك ممارسة تدل على «الديكتاتورية» المطلقة ولا يهم ان اتت من الحكومة أو المعارضة!
وقد نتج عن الحوار الغائب عن الساحة السياسية الكويتية في السابق حلان غير دستوريين لمجلس الامة وعدة حلول دستورية، وذلك الغياب للغة الحوار سببه المباشر، فكر وتصرفات وأقوال احد مخضرمي السياسة الكويتية، فطريق دخوله للبرلمان وممارسته تحت قبته تقوم على الديكتاتورية الشديدة وتسيد الرأى الأوحد القائم على الطعن الشديد بالآخر حتى لو كان حكومات لم تشكل بعد كما كان يحدث في مخيماته الانتخابية التي «تسبق» تشكيل الحكومات حيث يتهمها بالفساد وعدم الاصلاح والتآمر على الدستور ثم ينقل معه نفس نهج محاربة طواحين الهواء لقبة البرلمان وكيف له ان يحاور من خونه وعاداه.. بشكل مسبق!
وقد أصبح لذلك الفكر المتأزم البعيد كل البعد عن الفهم الصحيح للديمقراطية مقلدون وتلامذة صغار وكبار فلم نعد نسمع من البعض منهم إلا خطابا غاضبا صارخا مليئا بلغة التخوين والاتهام والتشكيك بالآخر حتى وصل الأمر الى اتهام الشعب الكويتي في اغلبه بوطنيته وانه شعب يهوى الجبن الشديد وعيش العبيد كونه فقط لم يجارهم بخلق ربيع كويتي مدمر مدفوع الأثمان، ومرة أخرى ان للحوار في المجتمعات الديموقراطية قواعده ومنهاجه واساليبه التي ليس منها قطعا ما نراه قائما على الساحة المقابلة لمجلس الأمة من سباب وشتائم واكاذيب ورفض للآخر.. ان الحوار الحقيقي البناء أيها السادة هو الذي يتم على بعد شارعين من تلك الساحة.. لا وسطها!
آخر محطة:
(1) خطأ مطبعي بسيط أتى في آخر محطة لمقال امس لم يفت على فطنة القارئ، التهمة التي وجهت للصديق ناصر الروضان طُرحت في ساحة الإرادة ولم تطرح منه كما اتى في الخطأ المطبعي، إنما رد عليها واثبت عدم صدقها!
(2) هناك في علم النفس مرض خطير يدعى «الاسقاط النفسي» يقوم خلاله المصاب به باسقاط كل عيوبه وتهيؤاته وأمراضه على خصومه.. بعض الرموز السياسية تشتكي من مرض «الاسقاط السياسي» الحاد حيث تتهم خصومها دائما بالفساد المالي والتآمر والخيانة وعدم إعطاء الفرصة للشباب والالتصاق بالكراسي حيث تردد بشكل متواصل كلمة «ارحل.. ارحل» واضح انها تكرر تلك الدعاوى كل صباح ومساء أمام المرآة ثم.. تخرج بها للجموع والتويترات والميكروفونات.. واستمعوا لها اليوم!
(3) لا حوار مع أعداء الحوار كما لا ديموقراطية لاعداء الديموقراطية ولا حرية لاعداء الحرية.
(4) في التجارة ثلثا الرزق، وكان رسول الأمة تاجرا ولست شخصيا من تلك الفئة وانما معيب جدا الشتم المتواصل لـ«التجار» الذين يقصد بهم الشاتمون من بعض العنصريين والمتطرفين فئة محددة من الشعب الكويتي، وعيب ترى الناس عارفة من تقصدون!
(5) هل يعلم المتجمهرون في ساحة الإرادة ان قوى الأمن المحيطة بهم المكونة من رجال وشباب الكويت المخلصين يتركون زوجاتهم وأبناءهم وعائلاتهم للحفاظ على أمنهم، لا تصدقوا المحرضين من أعداء الكويت وأعدائكم واستبدلوا التعدي على رجال الأمن بإعطائهم الماء والورود، وهو بلا شك قليل بحقهم!
شيء من العقل
نحتفظ بصداقات وعلاقات مع البعض ليس بدافع المحبة دائما، بل لوجود حاجة مادية أو نفسية لاستمرار تلك العلاقة! وبالتالي من الغباء التفريط بها من دون إيجاد بديل عنها. فنحن نساير ونجامل رؤساءنا مثلا، ومن الخطأ أن ننفعل ونستقيل من عملنا بمجرد توجيههم كلاما نعتقد أنه يمس «كرامتنا»، إن لم نكن على ثقة بأن بإمكاننا الحصول على عمل آخر! فقد يدفعنا سعينا لإيجاد عمل بديل، مع بدء قرصات الجوع وإلحاح الأقساط وبكاء الأطفال، لأن نجامل من لا نحترم ونسكت عن الإهانة ونلجأ لذل السؤال، وبالتالي نكون قد فقدنا مصدر رزقنا أولا وكرامتنا لاحقا، فالكرامة لا تكتسب بقوة ردة الفعل على إهانة ما، بل بطريقة الرد وأسلوب الحياة!
نكتب هذه المقدمة تعليقا على ردود الفعل الهستيرية، وغير المتعقلة ولا المبررة، على الفيلم السينمائي الرخيص والتافه الذي انتج في أميركا، والذي تعلق ببعض جوانب من حياة رسول الإسلام. وقد مررنا بتجارب مماثلة من قبل كثورة الرسوم الدانمركية، والتي لم يتمخض عنها شيء، حيث عدنا جميعا للتعامل مع كل حكومات ومنتجات الدول التي نشرت صحفها تلك الرسوم، وكأن شيئا لم يكن، وسبب ذلك لا يعود لـ«قصر موجات ذاكراتنا»، بل لعجزنا البائس عن فعل شيء آخر، فلا حول ولا قوة لنا في ظل عجز صناعي ونقص مياه وتلوث بيئي وتردٍ صحي مخيف، بل خواء وفراغ تام وشامل، وحتى المطالبين باستخدام سلاح النفط، وهو القوة الوحيدة التي يمتلكها بعض المسلمين، ليسوا إلا مجموعة من السذج.
إن المشكلة ليست في مدى ما تتمتع به وسائل الإعلام في الغرب من هامش حرية كبير، وهي الحرية التي تضمنتها دساتير شديدة الثبات، والتي يمكن أن تستغل من اية جهة في اية لحظة، ولا ضمان بالتالي من أن الغرب سيتوقف يوما عن الإساءة لمقدسات الإسلام والمسلمين، أو التعريض بمعتقداتهم، مهما حرقنا وكسرنا من ممتلكاتهم، بل المشكلة في ضعفنا الصحي والنفسي والمادي والعسكري والتقني، وبالتالي من الغباء المفرط التفريط في علاقاتنا بكل من يسيء لنا بهمسة أو لمسة أو كلمة أو رسم أو فيلم تافه، بحجة الدفاع عن كرامتنا ومقدساتنا، فهذه المقدسات لا يتم الدفاع عنها بحرق عشرات السفارات، ولا بقتل مائة سفير وبتر أعضاء ألف دبلوماسي غربي، بل بالسعي الجاد للقضاء على الأمية في دولنا، والتخفيف من وطأة الفقر على مليار مسلم، ودعم اقتصادات العشرات من دولنا، وسد جوع مئات الملايين من شعوبنا، وغير ذلك الكثير. ومؤلم أن تكون الملايين على «أهبة» الاستعداد للتظاهر وحرق وكسر ممتلكات كل من يسيء لمقدساتنا، ولا نتظاهر ولا نأسف ولا نحزن للحالة البائسة التي يعيشها المسلمون.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
الجاهلية الثالثة…
تَغيّر اتجاه الكاميرا، من متابعة أحداث سورية إلى متابعة أحداث الفيلم القميء عن رسولنا الكريم (لم أقل المسيء إلى رسولنا الكريم، لأنه أقل من أن يصل إلى هذه المكانة من الأهمية).
أقول تغير اتجاه الكاميرا وابتعدت أحداث سورية عن الشاشة، ولن أستبعد أن تفكر عصابة السفاح بشار في إنتاج فيلم آخر أكثر وقاحة وسفالة، لإشغال الناس عن جرائمهم أطول فترة ممكنة، بعدما شاهدوا تأثير هذا الفيلم المسخ.
ولا أدري متى نهتم بسلاح الإعلام وندرك قوته، خصوصاً المرئي منه، كالسينما والتلفزيون والمسرح، أقول ذلك بعد أن ارتفع ضجيجنا احتجاجاً على مسلسل الفاروق عمر، رغم أنه من “إنتاجنا” ويمدح ولا يقدح!
هذه طبيعتنا كعربان. نثرثر في كل شيء ولا نفعل أي شيء. تنقصنا حاسة مهمة جداً، أزعم أنها الأهم من بين الحواس، حاسة “تقدير الأشياء”، فالتلفزيون، كما أفتى بعض رجال الدين في السابق، لا يجتمع مع الملائكة في بيت واحد، والدش (الستلايت) يُسقط الغيرة من صدور الرجال، ويجلب “الدياثة”! ووو… والنتيجة هي حالنا اليوم. وكأننا مانزال في عصر عمر الخيام، الذي قضى حياته هارباً بسبب ولعه بعلوم الكيمياء، فوصموه بالزندقة، ومازلت أتذكر أيام الدراسة في كلية الهندسة عندما تحدث إلينا الدكتور المحاضر ساخراً: “يا أيها الزنادقة” فلم نفقه مقصده إلى أن بيّن لنا: “بعد انحسار العصر الإسلامي التنويري، جاء عصر اعتبر الناس فيه الكيمياء والمنطق من علوم الزندقة”، فعلق أحدنا: “إذاً سنتخرج من هنا نصف زنادقة، باعتبارنا تعلمنا الكيمياء فقط”! ومازلت إلى الآن أجيب من يسألني عن تخصصي: “بكالوريوس زندقة”.
خلاصة الثرثرة، ما لم نزرع في عقولنا “تقدير الأشياء” فنعرف قوتها ومدى تأثيرها وطريقة استخدامها والتعامل معها ووو، لن نخرج من عصرنا الجاهلي الثالث. وأزعم أن الإعلام المرئي، في وقت الحرب، أشرس من سلاح الطيران والمدفعية والدروع مجتمعة.
العدالة هي تكافؤ فرص الوصول!
البلد يحبس انفاسه في انتظار حكم المحكمة الدستورية الكويتية في 25/9 والذي بناء عليه سترسم خارطة الدوائر الانتخابية الجديدة التي سينتج عن نتائج انتخاباتها مسار البلد القادم ومستقبله بعد ان توسع دور السلطة التشريعية في الكويت بشكل لا مثيل له في الديموقراطيات الاخرى في العالم، فإما عودة لمسار التأزيم السابق او انطلاقة جديدة للبلد.
***
إحدى أهم القضايا المطروحة على المحكمة هي العدالة في توزيع الدوائر التي يراها البعض انها تتمثل في «التوازن العددي» بينما لا ترى اغلب الديموقراطيات الاخرى صحة ذلك المبدأ حيث تخلق الدوائر الانتخابية في تلك الدول بشكل يمكّن كل شرائح المجتمع من الوصول لقبة البرلمان «قبائل كبيرة، قبائل صغيرة، حضر، شيعة، سلف، اخوان، ليبراليون، نساء، رجال اعمال، مثقفون ..الخ» حتى لو تباينت اعداد الناخبين بين دائرة واخرى في سبيل ذلك الهدف الوطني السامي.
***
ففروقات الاعداد موجودة في جميع الديموقراطيات الغربية والعربية وقد سبق ان اعطيت في مقالات سابقة امثلة حية وقائمة عنها ولا اود العودة لها منعا للاطالة، فالفكرة كما نصت عليها كل النظريات السياسية الحديثة هي ان العدالة تتحقق عبر دوائر انتخابية ينتج عنها «تكافؤ في فرص الوصول للمجالس النيابية من قبل الجميع» بل ان بعض النظريات تعدت حتى فكرة تكافؤ الفرص الى التعيين المباشر للشرائح المقموعة عبر نظام الكوتا او اغلاق دوائر انتخابية على النساء والاقليات، اضافة الى خلق البعض نظام المجلسين حيث يعين في احدهما الشرائح التي لا تنجح في انتخابات الآخر وجميعها للعلم تجارب ديموقراطية قائمة في العالم أجمع.
***
في الكويت نجد ان بعض الدوائر التي تتهم بأنها «غير عادلة» لقلة أعداد ناخبيها هي التي تعكس «العدالة» والفهم الصحيح للمبادئ الديموقراطية عبر تكافؤ الفرص بين مرشحيها وما ينتج عنه في كل انتخابات من فوز جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني في الكويت، حيث ينجح فيها عادة السنة والشيعة، الرجال والنساء، القبائل والحضر، السلف والليبراليون، الاخوان والوطنيون بينما تظهر الدوائر «المظلومة عدديا» عدم عدالتها في الاغلب وانعدام تكافؤ الفرص بين ابنائها حيث لا تفوز إلا احدى الشرائح الاجتماعية بسبب التشدد وغياب التسامح لدى بعض الناخبين، لذا فالإشكال الحقيقي هو كيفية العمل على ان تظهر تلك الدوائر تسامحها واظهارها كحال الدوائر الاخرى لجميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي كي يمكن بعد ذلك الحديث عن دوائر متساوية الاعداد، مع علمنا أنه وضع فريد في العالم مع غياب البدائل التي ذكرناها وتفشي رفض القبول بالرأي الآخر السائد في المجتمع واستجوابات «الهوية» لا القضية الشهيرة.
***
آخر محطة: 1 – التقيت في عزاء آل الخميس الكرام صباح امس المستشار الفاضل ناصر الروضان وسألته عما طرحه في ساحة الارادة من ان الحكومة طلبت منه تفصيل نظام انتخابي لمنع وصول نواب المعارضة ووجدت من تفاصيل ما ذكره أنه لا صحة اطلاقا لتلك المقولة!
2 – الديموقراطيات الاخرى التي تقبل بتباينات الاعداد كوسيلة لتشجيع وجود الكافة تحت قبة البرلمان هي نفس الديموقراطيات التي تسعى لنفس الهدف عبر قاعدة التصويت One Man One Vote اي صوت لكل ناخب.
هل سيندم الأميركان؟
هل ستعض إدارة أوباما إصبعها ندماً وتوسوس نفسها وتتحسر على وقوفها مع حركة الربيع العربي في تونس ومصر بالبداية، بعد أن أعطت الضوء الأخضر لعسكر مصر بأن يرفعوا الحماية عن حسني مبارك ويتركوا الشعب المصري يختار مصيره؟!
هل ستندم أميركا على مساندتها – المعنوية على أضعف الإيمان- لحركات الشعوب في المنطقة بعد أن شاهدت سفيرها المسكين في ليبيا يموت مختنقاً بسبب هجوم عصابات “القاعدة” أو “فلول” القذافي على القنصلية الأميركية في بنغازي؟ وكأنه هو وأوباما أنتجا الفيلم الساقط، ورأت تلك الإدارة مشهد الجماهير التي تحتشد من أقصى الجنوب الإسلامي حتى أبعد نقطة في شماله، ومن شرقه إلى غربه، ضد “شريط “يوتويب حقير يحط من قدر الرسول، يبدو أن أنذالاً متعصبين من اليمين الأميركي نشروه، وتلقفه برحابة صدر متعصبون سلفيون في الأمة العربية، ووجدوا فيه فرصة لإحراج حكومة الرئيس مرسي، ولتمسح، بالتالي، كلمتي “إسلامي معتدل” من قاموس الحكام الجدد القادمين إلى المنطقة! هل ستتذكر الإدارة الأميركية اليوم عبارة “برنارد لويس، وجورج دبليو بوش” بعد 11 سبتمبر “لماذا يكرهوننا؟”، وتعيد بمرارة مثل هذا السؤال بعد أن قدمت إدارة أوباما “هدايا” صواريخ “توم هوك” القيمة التي دمرت قواعد القذافي. مثلما قدمت سابقاً صواريخ ستنغر للمجاهدين الأفغان، والآن تسلمت جزاء سنمار؟
هو قصر نظر لمن يتصور أن إدارة أوباما أخطأت في مساندتها لبعض دول الربيع دون البعض الآخر، وصاحب وعي غائب ومسطول من يتصور أن الحال العربي السابق (أيام الدول التسلطية) كان أفضل من حالنا اليوم، وبالتالي سيقول للغرب ولأميركا “زرع زرعتيه يا الرفله اكليه”.
فتلك الدول تعلم أن الإرهاب والتطرف الديني بداية لم ينزلا من السماء، وإنما هما حركة تاريخ مستمرة وأمراض معدية كامنة في الجسد العربي المتخلف، وأن الأنظمة التسلطية في دول العرب مع أميركا ساندت وقوّت شوكة التطرف واستغلته في ثمانينيات القرن الماضي لتصفية حسابها مع الإمبراطورية السوفياتية… والأنظمة العربية وجدت، مرة، في جماعات الإرهاب وسيلة لتبرر استمرارها كحليف للغرب حين تضرب تلك الحركات، ومرات أخرى زايدت مع القوى الدينية المتزمتة لتسند بها شرعيتها الدينية وتعوضها عن فقدانها للشرعية الديمقراطية.
حرية الشعوب العربية مهما التصق بها من شوائب التشدد الديني أحياناً، أو التعصب العرقي والطائفي والقبلي في أحايين أخرى، ستبقى، والأميركان قبل غيرهم يعلمون ذلك جيداً، وليس لنا من خيار غير أن نتعود ونتقبل التغيير بقضه وقضيضه، ويبقى الأمل أن القوى الإسلامية المتزنة ستقف حائلاً ضد جماعات الهوس الديني، ومقالة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان في مصر (نشرت بنيويورك تايمز عدد الخميس) كانت ملهمة، وشخّصت واقع ثورات الربيع مهما كرهنا الكثير من نتائجها، فلنصبر، فليس لنا سكة أخرى نسير بها، فالطريق الليبرالي مغلق تماماً اليوم، فالنخبوية لا تحرك الشعوب حين يكون الفقر أو الجهل هما سيدَي الأحكام.