الأيام دول، وموضات… والله يرحمك يا “شارلستون”. من هو شارلستون؟ علمي علمك، لكن اسمه كان يُطلق على البنطلونات الضيقة من الأعلى والواسعة من الأسفل، وكان هو الموضة أيام صبا سهير رمزي ونجلاء فتحي وسعاد حسني.
وكانت موضة الشباب في الكويت تلك الأيام “الآفرو”، ينفخ الواحد منهم شعره، ويركز المشط في وسط شعره، ويضع الغترة على كتفه، ويتمشى بغرور موسوليني وصلف ذكر الطاووس.
الأيام يا صاحبي دول، وموضات… راحت موضة القميص الرجالي الشفاف شفافية اقتصاد فنلندا، الذي كان يكشف شعر صدر الشاب، وتبعتها موضة القميص “المربعات” أو “الكاروهات” كما يسميه المصريون.
الأيام دول وموضات… راحت موضة الكاتب الصحافي الذي ينثر الأوراق والصحف أمامه على المكتب ويدخن السيجار، وموضة المسؤول الذي تستضيفه الصحيفة وتلتقط له صورة وهو يقرأ الصحيفة ذاتها، العدد القديم منها، لفرط غبائه وغباء أهله الكرام.
موضات كثيرة تلاشت وتطايرت كدخان السيجارة، أسقطها ربيع ثورات الأناقة… حتى في السياسة المحلية تلاشت موضات وسيطرت موضات أخرى، وكان النائب الحكومي يمشي بلا رقبة، وكانت عينه في صداقة حميمة وعشق مع الأرض، وكان يعرف “موقعه من الإعراب” ويُدرك أنه “مجرور بحرف الجر”، وهو لهذا قانع وبهذا راضٍ، ولن تجده يدعي “الضمة” ولا يزعم أنه “فاعل”… راحت هذه الموضة، وجاءت موضة النائب الحكومي البجح ذي الوجه البلاستيكي، الخالي من كريات الدم الحمراء.
على أن الموضة الأشهر هذه الأيام هي “معارضة المعارضة”، فأخونا الحكومي لم يجد من أفعال الحكومة ما يدافع به عنها، فلجأ إلى ضرب المعارضة، وكلّه يكسّب… انتشرت هذه الموضة كانتشار الوباء المعدي، فهذا يضرب المعارضة ليتقرب من السلطة والحكومة والمشاريع، وذاك يقصفها بالمنجنيق لدواعي الطائفية أو السفر، وذاك يدك حصون المعارضة ليكتب اسمه “ع الحور العتيق” كما تقول فيروز، وذاك يسوطها بسوطه المسموم وهو يدعي انتماءه إليها، ووو…، وقلة قليلة، لا تكاد تُرى بالتلسكوب المجرد، تهاجم المعارضة لتقويمها وتقويم اعوجاج أسنانها.
الأيام دول وموضات… والموضة المقبلة هي “زرع” أحد السياسيين في جسم المعارضة، ليتمكن من خلخلة برامجها وأولوياتها والعبث في جهازها التنفسي من الداخل… انتظروا التفتيحة الجديدة.