أعتبر هذا المقال من أكثر مقالاتي صعوبة في الصياغة فألتمس منكم العذر إن تشتتم قليلاً، ولكن لقفزات المقال مغزاها فتحملوها.
يحكم ايران نظام ديني سياسي، وقبل الخوض في التفاصيل أقول لا أؤمن بأي نظام ديني سياسي معاصر، وأعتقد أن الدين بضاعة لا تبور وهو سبب استمرار معظم الأنظمة الدينية السياسية، وكذلك أعتقد أن فصل الدين عن الدولة هو الطريق الأمثل لقيام الدول اليوم، فلا يوجد سياسي من التيارات الدينية يطبق ما أنزل فعلاً من ديانات، وعليه فإن الأنظمة السياسية الدينية القائمة هي أنظمة مصالح تطوِّع الدين وفق أهوائها وللتفرد بالسلطة.
النظام الإيراني، كما ذكرت يحكمه نظام ديني سياسي، والطائفة المسلمة الشيعية في شتى بقاع العالم يجب أن يكون لها مرجع ديني على درجة من العلم يرجعون له في مسائلهم الدينية ويأخذون بأحكامه في تلك المسائل، وشيعة الكويت يتبعون مراجع دينية متعددة كالسيد السيستاني والسيد الشيرازي والميرزا الإحقاقي والسيد الخامنئي، والأخير تحديداً هو يعتلي قمة هرم النظام السياسي الإيراني بالإضافة إلى كونه مرجعاً دينياً يتبعه في مسائل الدين الكثيرون من الشيعة في إيران وخارجها.
في الكويت مثلاً، فإن من أبرز من يتبع مرجعية السيد الخامنئي من سياسيين، النواب عدنان عبدالصمد وفيصل الدويسان والنائب السابق أحمد لاري، وطبعاً هناك عدد كبير من المسلمين الشيعة في الكويت يتبعونه دينياً كذلك.
لتبسيط الفكرة أكثر فإن مكانة السيد الخامنئي للكثير من الشيعة بالكويت تعادل مكانة المرحوم بن باز بالنسبة لكثير من السنّة في الكويت، فهو مرجعهم في أمور الدين وصاحب الرأي الأهم في شؤون عقيدتهم.
فرحت كثيراً عندما بادر شباب حوارات التغيير بتوقيع وثيقة نبذ خطاب الكراهية، وعلى الرغم من عدم تمكني من الحضور للتوقيع حينها فإني حرصت أن يُضَم اسمي إليها، وكما علمت فإن نواب كتلة العمل الشعبي قد وقعوا عليها كذلك، وقد نص المبدأ الأساسي في الوثيقة على ما يلي: “أتعهد أنا الموقع أدناه بالعمل قولاً وعملاً على تعزيز الوحدة الوطنية والتصدي علناً لكل من يشق النسيج الاجتماعي ويثير النعرات الطائفية والقبلية والعنصرية والله على ما أقول شهيد”، أكثر ما أفرحني هو النص المتعهد بالتصدي العلني لمثيري الفتن.
بعد هذه الوثيقة مباشرة صرح النائب جمعان الحربش بما يلي: “أن الإشاعات حول الجيش السوري الحر نابعة ممن يريد بقاء المد المجوسي في الشام”.
يصف الحربش النظام الإيراني بالمجوسي أي أنه نظام كافر، وكما ذكرت لكم سابقا بأن من يعتلي هرم النظام الإيراني هو السيد الخامنئي المرجع الديني لكثير من شيعة الكويت، وهو ما يعني بأن الحربش يصف المرجع الديني لكثير من المسلمين الشيعة بالكويت بالمجوسي.
واليوم الاثنين يحتشد البعض بساحة الإرادة ومن بينهم نواب “الشعبي” وبعض شباب حوارات التغيير بمعية النائب جمعان الحربش، وكلي أمل أن يلتزموا بما وقعوا عليه ويتصدوا علناً لتكفير المسلمين الشيعة في الكويت من خلال تكفير مرجعهم الديني، فإن لم يفعلوا فلا جدوى أصلاً من وجود الوثيقة.
ضمن نطاق التغطية:
لم أتكلم عن تصريحات النائب وليد الطبطبائي العنصرية قبل يومين، لأنني وبكل أمانة أجد أنه يفتقد لأبسط أساسيات التفكير السليم.