دستورنا قديم قدم الاستقلال، كان يعد إنجازا حضاريا في وقت المؤسسين الأوائل، وكان كل ما استطاعوا أن يحصلوا عليه بالتوافق مع السلطة آنذاك، وكانوا يأملون أن تأتي أجيال تستطيع ان تحصل على المزيد من المكتسبات الشعبية، لذلك وضعوا الآلية التي تحدد كيفية تطوير الدستور وشكل ونوعية التغيير، ولكن ترك الدستور دون تطوير، بل جمد العمل به سنين عديدة، حتى أصبح مع مرور الزمن وتعقد الحياة السياسية عبئا ثقيلا على كاهل الجميع، بل لا أبالغ ان قلت انه عبارة عن كتاب مليء بالرموز التي يصعب فهمها او ادعاء عدم فهمها، وبالتالي كثرت طلبات التفسير لنصوص الدستور.
بنود الدستور تناقض بعضها البعض، والصلاحيات فيه متناثرة بين أكثر من جهة ومتداخلة، تخيل ان الحكومة ومع نواب الأقلية يستطيعون شطب أو تأجيل الاستجواب (اي تعطيل مواد الدستور وعن طريق الدستور نفسه)!
السلطة التشريعية في الدستور هي أضعف السلطات على الرغم من انها تشكل عن طريق الشعب مباشرة، والذي هو مصدر السلطات واقعيا ودستوريا، حتى ان مشاريع القوانين التي يقرها مجلس الأمة تردها الحكومة ووفقا للدستور، وإذا طلب مجلس الأمة عدم التعاون مع رئيس الحكومة فسيحل البرلمان وفق الدستور أيضا، ويعاد رئيس الحكومة مرات عديدة!
دستورنا لا يستحق جبهة لحمايته بل لتطويره، إلى مزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية، وإعطاء الكثير من الصلاحيات للسلطة التشريعية الممثلة له.