انتشرت على الإنترنت فتوى «تويترية» على لسان رجل الدين السلفي اليمني علي الربيعي نصها: «إن من أكبر الكبائر نزول المرأة إلى البحر، حتى لو كانت محجبة، لأن ماء البحر ذكر، وبدخوله في مكان حشمتها تكون قد زنت، ويقع عليها الحد»! ولسخافة الفتوى ومنطقها سألت عنها، فقيل لي إنها مفبركة وليست صحيحة، ويقصد بها تشويه سمعة الرجل. وعندما تطرقت، في جلسة بلبنان، لموضوع استغلال وسائل التواصل الحديثة في الإساءة لأفراد أو طوائف، وهو ما يقوم به بعض أصحاب عقول صغيرة ونفوس مريضة من شباب الشيعة والسنة بعضهم ضد بعض، وما يتكلفونه من مال وما يضيعونه من وقت ثمين وما يهدرونه من مواهب نادرة في تركيب أفلام وافتعال أحاديث للإساءة بعضهم لبعض. وهنا قال أحد الحضور، وهو محام معروف، إن قصة فتوى الربيعي المفبركة ليست غريبة على عائلته، ففي عهد الوالي التركي أحمد باشا الجزار، (الذي ربما لمح لسيرته الأديب البوسني الصربي إيفو أندريتش (1975/1892) في رائعته «جسر على نهر درينا»، التي جرت أحداثها في القرن الـ 16، إبان احتلال العثمانيين للبوسنة، وما بعدها من عقود طويلة، والتي يتطرق فيها لأحداث وتاريخ تلك المنطقة الشديدة التوتر، وما كان يتعرض له الصبية الصرب من خطف، ونقلهم إلى الأستانة، خصوصاً أولئك الذين تبدو عليهم إمارات الذكاء والوسامة، وأن الجزار يعود أصله لصرب البوسنة، وأصبح بعدها ذا مكانة، ويقال إنه هرب منها بعد تورطه في جريمة قتل وباع نفسه كرقيق في سوق النخاسة بإسطنبول، وأقنعه حاكم مصري بالتحول إلى الإسلام، وأصبح سيافه، ثم قائم مقام لمدينة القاهرة، ومن بعدها دافع عن بيروت ضد قوات كاثرين الروسية، وتمت مكافأته بتعيينه والياً على صيدا، ولفترة على دمشق. وقد اشتهر ببطشه الشديد وقطع رؤوس مخالفيه لأتفه الأسباب)، يقول المحامي، تعليقاً على الفتوى، إن الجزار طلّق زوجة عزيزة عليه طلاقاً بائناً! وعندما أراد استردادها سأل رجل دين في الأمر فقيل له إن عليه الاستعانة بمحلل، أي أن تتزوج بغيره ثم يطلقها ليكون بإمكانه الزواج بها ثانية! وأن الجزار شعر بالإهانة فاستل سيفه وقطع رأس المفتي. وعندما لجأ إلى مفت آخر أشار عليه بالشيء نفسه، ولقي المسكين مصير الأول! وهنا تصادف وجود رجل دين من جنوب لبنان من عائلة الأمين، في ديوانه، فسأله عن المخرج من ورطته، فأشار عليه بأن يذهب بها إلى البحر، وماء البحر ذكر، وأن تغطس فيه، وبعدها بإمكانه الزواج بها! جازت لأحمد الجزار القصة وعمل بها وكافأ من أفتى له بتلك الفتوى الغريبة بقطعة أرض كبيرة لا تزال، حسب رواية المحامي، ضمن أملاك عائلة الأمين حتى اليوم!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com