سامي النصف

قدمك اليوم.. تحدد موقفك!

لا حياد اليوم، فمستقبل البلد وأمنه رهن بتحرك قدم كل واحد منا، ويشترك في هذا الامر الشباب واولياء الامور، فنحن كحال اهل السفينة التي تحدث عنها رسول الامة صلى الله عليه وسلم ان تركنا بعضنا يخرق قاعها عبر الفوضى وضرب هيبة الدولة والخروج للساحات والشوارع غرقت وهلكنا جميعا معها، وان منعنا الفاعلين وأفشلنا مخططاتهم نجت سفينة الوطن ونجا الجميع معها.

ان لي ملاحظات ثلاثا اوجهها للشباب ممن لا اشك اطلاقا في حسن نواياهم ورغبتهم في الاصلاح، وهي:

1 ـ هل الكويت ودول المنطقة مستهدفة بمخططات الفوضى والتأجيج والشحن والنزول للشوارع التي اثبتت الايام والتجارب انها تنتهي في كل مرة بالتطاحن وسفك الدماء والقتل وتحويل البلدان المستهدفة الآمنة الى غابات متوحشة تسودها الفوضى والميليشيات والتهجير وغيرها من مآس وكوارث نشاهدها على شاشات الفضائيات، ويريد البعض منا تحويلها الى حقائق نعيشها على الارض؟!

2 ـ هل يعتقد احد ان من تدخلوا بنفوذهم او اموالهم في شؤون الدول الاخرى يعفّون عن الرغبة في التدخل في شؤوننا؟! ثم هل يشك احد في ان مخططات الخراب والتدمير تتم عبر شخصيات تدعي الوصال وحب الوطن ومحاربة الفساد والمحافظة على المال العام والحرص على الدستور والوحدة الوطنية.. الخ؟! كحال رجل الوطنية الكبير الزعيم ميشال سماحة، وكم من ميشال سماحة بيننا لن تطفأ ناره حتى يحترق البلد بشرارتها؟! وهل احرق لبنان والصومال والعراق واليمن وغيرها الا زعامات ورجال وشباب من تلك البلدان؟!

3 ـ هل الكويت بلد قمع وجوع وغياب حريات حتى يهددنا اصحاب الاجندات الخارجية التي وقفت ضدنا ابان الغزو الصدامي الغاشم بمشروع ربيع كويتي مدمر، في وقت تحاول فيه البلدان التي دخلت بمشروع الربيع العربي الخروج منه بأقل الخسائر، بعد ان استبدل القمع القديم بقمع جديد وساد الخراب الاقتصادي وغياب الامن واحتمال التفتيت والتشطير على بلدانه.

***

اخيرا، ان رِجلك لا فكرك هي التي تحدد موقفك اليوم، فخروجك للساحات هو موقف له تبعاته الخطيرة على استقرار ومستقبل البلاد، لذا يجب ألا يكون الخروج قائما على الفضول او التسكع او «بلاغة الشف»، فاذا كنت مؤمنا كما نؤمن بأن البلد مستهدف ويراد له ان يتحول من بلد أمن ورفاه الى بلد خوف وجوع وساحة صراع، فعليك ان تلزم مكانك، وان كنت تؤمن كما نؤمن بأن التغيير الذي يريده الآخرون لبلدنا والذي يمثله بعض التوجهات والقيادات السياسية هو «التغيير للأسوأ» والى كوارث تجعلنا نبكي ونترحم على احوالنا الحالية، فالزم مكانك، اما اذا كنت من المغررين او المغرر بهم فاخرج الى الساحات والميادين ولن تكون اول او آخر من دمر بلده بيده بسوء او حسن نية، ولنا فيما حدث في ربيع عام 90 خير عظة وعبرة.

***

آخر محطة: اذا ارتعبت وزارة الداخلية ولم تقم بواجبها بالتدقيق على هويات المتواجدين في الساحات وهو حق من حقوقها لمنع تزييف ارادة الشعب الكويتي من قبل الغرباء والمأجورين من غير الكويتيين، فسنقول وبحق: على الكويت السلام!

 

احمد الصراف

الساعة وما أدراك ما الساعة!

يلاحظ في كل إعلانات الساعات أن الوقت في غالبيتها يشير الى العاشرة وعشر دقائق! ويعتقد البعض أن سبب ذلك يعود إلى وقت توقيع اتفاقية إنهاء الحرب العالمية الثانية، واستسلام ألمانيا النازية عام 1945! بالبحث تبين عدم صحة ذلك، فقد استسلم قادة الجيوش الألمانية في أكثر من مكان ومناسبة، ولم تكن أي منها في العاشرة وعشر دقائق، مساء أو صباحا، وبالتالي المسألة تتعلق بما تبدو عليه الساعة من جمال الشكل عندما يشير عقرباها الى 10/10، فهذا الشكل يسمح بقراءة اسمها ورؤية علامتها التجارية في الوسط وقراءة أي كتابة بين العقربين بسهولة! كما أن الشكل يشبه الوجه المبتسم. ويقال ان هذا التقليد عمره مائة سنة، ولكن بعض الماركات العالمية تفضل تثبيت عقارب ساعاتها على الثامنة و19 دقيقة، وهذه بشكلها المنحني تشير للسقوط بعكس تلك التي تشير عقاربها للأعلى. كما أن هذا التوقيت يشير للزعل أو التقطيب. وأحد مصنعي الساعات يفضل تثبيت الوقت في كل اعلاناته، وعلى ما هو معروض منها للبيع، على الساعة 8 و3 دقائق. أما إعلانات ساعات الرولكس، الأكثر شهرة، فإنها تشير للعاشرة و9 دقائق، وكانت في عام 1926 تثبت على 10 و10. أما ساعات «هاملتون» فتقاليدها، التي تعود لعام 1920، تطلبت تثبيت العقربين على العاشرة وعشر دقائق، إضافة لتثبيت التاريخ على 28 من الشهر ويوم الاثنين من الأسبوع! وبالرغم من المخاوف التي اعترت بعض مصنعي الساعات من إمكانية انخفاض الطلب على ساعاتهم نتيجة انتشار استخدام الهواتف النقالة، والتي فيها جميعا ساعة دقيقة، إلا أن شعبية ساعات المعصم لم تتأثر كثيرا، ولا تزال الهدية المفضلة للكثيرين. والطريف ان الوقت في إعلانات هواتف «الآيفون» يشير إلى 9 و42 دقيقة صباحا، ويقال ان ذلك يمثل الوقت الذي قدم فيه ستيف جوبس هاتفه الجديد للعالم عام 2007 في مؤتمر مبيعات عالمي! وساعة المعصم يتم ارتداؤها دائما على اليد اليسرى ولا أحد يعرف لماذا لم يتم تصميم ساعة لليد اليمنى. وقد بدأ تطور ساعات الرسغ من القرن 17 وفكرتها أخذت من ساعات الحائط التي ظهرت قبلها بأكثر من قرن، ولكن ساعات المعصم لم تصبح رائجة إلا في الـ 1920، وكانت في البداية تقتنى من النساء كحلية، وكان لها غطاء وسلسلة، وتردد الرجال كثيرا في ارتدائها، حيث تعرضوا للسخرية لتشبههم بالنساء، ولكن مع الوقت تقبلها الجميع، إلا أنها لم تصبح رائجة كساعة يد إلا بعد الحرب العالمية الأولى عندما اكتشف الجنود أن وضعها على يدهم اليسرى أكثر عملية، وبالتالي قاموا بربطها، بقطع من الجلد، على ايديهم، بدلا من الاحتفاظ بها في جيوبهم، والتقط مصنعو الساعات الفكرة من يومها، وكانت تلك بداية نهاية ساعات الجيب. وبالرغم من أن ساعات الكوارتز، التي عرفها العالم في 1970، رخيصة الثمن وأكثر دقة من غيرها، إلا أن البعض يفضل الساعات التقليدية الغالية الثمن، لما لها من قيمة معنوية ودقة صنع، وقد تتحول لقطع أثرية مع الوقت. وينتشر بيع الساعات الثمينة في الدول الخليجية اكثر من غيرها، مع العلم بان غالبية سكان المنطقة لا يعني لهم الالتزام بالوقت شيئا.

أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

كما ارتفعتم… نرتفع

كشرب الماء، تعاملت شرطة نيويورك مع حادثة إطلاق النار أمس، وكشرب العصير أجاب مسؤولو الولاية عن أسئلة الصحافيين قبل أن يجف عرق الجريمة، وشرحوا للناس تفاصيل الجريمة وقدموا ما لديهم من معلومات. ليش؟ لأنهم يحترمون الشعب ويخشون غضبته إذا ما أخفوا المعلومة عنه.
هنا، في الكويت، هذا البلد المنكود، ثمة عداء بين قيادات الحكومة والمايكروفون، كره متبادل “الله لا يبلانا”، طبعاً إذا استثنينا “مؤتمر ديوان الحربش” العجيب. فوزارة الداخلية عندنا أكبر من مستوى الشعب، ووزارة الخارجية من طبقة النبلاء، لذلك لا تلقي للشعب بالاً ولا حبالاً، فتسكت وتصهين في قضية اختطاف المواطن الكويتي في لبنان، كما سكتت وصهينت في قضية اختطاف المواطن الكويتي في إيران.
تحدث الجريمة عندنا، أقصد تحدث الجرائم عندنا، فتدور عجلات الصحف بحثاً عن أصل الخبر وفصله، وتضع كل ذات حبر حبرها، وتتبارى الصحف والخدمات الإخبارية في ما بينها في قوة “المصادر الأمنية” أو “المصادر الموثوقة”، وتنهمر علينا الحروف الأولى من اسم المجرم (ط. ش. ف)، وتعال فك الحروف وركبها بما يمليه عليك تخمينك المبارك، ووو، وتتركنا قيادات الداخلية نغرق في بحور الصحافة وحروفها إلى أن نموت، الله يرحمنا.
وكما يرتفع برج كل يوم في دبي، يرتفع دخان حرائق أمغرة كل يوم في الكويت، والبادئ أظلم… ويلطم الناس، وتصمت الحكومة، وتستمر الحياة… وهنٌ ما بعده وهن.

سامي النصف

أيها الشباب.. هل ستستفيدون حقاً من حرق الكويت؟!

حالنا في الكويت هذه الأيام كحال قرية ضرب الله بها مثلا (قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) صدق الله العظيم. هل تستحق الكويت ما يفعله بعض ساستها اصحاب الاجندات الخارجية ومن يتبعهم من الشباب المغرر بهم من رغبة في تحويلها من بلد آمن مطمئن إلى ساحة فوضى وتناحر وتقاتل على امور لا تتناطح عليها عنزتان في «جميع» بلدان العالم الأخرى؟!

***

فتغيير الدوائر وتعديلها في جميع الديموقراطيات الأخرى ومنها بالطبع الكويت هما من صلاحيات السلطة التنفيذية بدلالة ما حدث في عمليات تغيير الدوائر السابقة فما يعترض عليه ويدعى لحرق البلد لأجله ونشر الفوضى بسببه هو اقرب لبديهة وحقيقة «ان الشمس تشرق من الشرق»، ومن البديهيات كذلك عملية توقير وتبجيل احكام المحكمة الدستورية التي ذكرت ضمن حكمها الأخير ان النظام الحالي للدوائر غير دستوري ومن ثم يصبح من البله والغباء الشديدين ان تقام الانتخابات القادمة على نفس النظام المطعون فيه والذي قرر كثيرون رغبتهم في الطعن في نتائجه لدى المحكمة الدستورية التي أفتت بشكل مسبق بعدم دستوريته.

***

ومن البديهيات الأخرى المغيبة لأجل اهداف شريرة تهدف لنشر الفوضى والخوف والدمار في ربوع الوطن ان من يصر على ان السلطة التشريعية ـ لا التنفيذية أو القضائية ـ هي المختصة الوحيدة بتعديل الدوائر ان يكون اول المتواجدين في قاعة مجلس الأمة لإكمال النصاب لمناقشة تعديل الدوائر بدلا من مقاطعة الجلسات دون تقديم الاستقالة من المجلس وما في ذلك من تعد على المال العام المتباكى عليه حاله حال الدستور الذي تحول من كان يكفر المطالبين بتعديل بعض مواده الى المطالب الأكبر بـ ..نسفه!

***

آخر محطة: (1) في وقت تتردد في العراق الأغاني والأشعار والأعمال الدرامية المستجدة المطالبة بالكويت، وفي وقت اتت فيه تصريحات من مسؤولين ايرانيين لا تسر، نجد ان هناك من يخلق الفوضى في الداخل ويرفض مشروع الوحدة الخليجية الذي نحن المستفيد الأول منه بسبب الأوضاع الخطرة المحيطة، نجد ان هناك من يفتعل المعارك مع السعودية والامارات وهم اقرب الاقرباء وأصدق الحلفاء فما القصد مما يجري؟ وهل بقي هناك ادنى شك في النوايا المبيتة لتدمير الكويت؟!

(2) لا نعتب على من يريدون حرق الكويت لأجل الأوامر والأموال الخارجية، من نعتب عليه هم بعض الشباب المغرر بهم الذين غيبوا عقولهم وفهمهم وأصبحوا يكذبون ما يرونه من خير ونعمة وأمن ويصدقون ما يسمعونه من كلمات تحريض وتأجيج تستعملهم كأحجار صماء لا عقل لها ضمن مخططات التدمير التي تستهدف المنطقة.

 

حسن العيسى

مروا علي عصرية العيد

انتهيت هذه المرة مبكراً من ممارسة طقوس الواجب بالمباركة بالعيد لشقيقتي الكبرى وأرملة شقيقي الأكبر، فلم يعد هناك من يفترض أن أعايده وأستكمل أداء الأصول الواجبة، فالبيوت التي كنت أعايد أهلها تتقلص عاماً بعد عام، قبل سنوات طويلة رحلت أمي، وبعدها خالتي الكبرى ثم بقية الخالات والإخوان، وكل مرة يطرق الموت بيت أحدهم تنقص بالتبعية مشاوير الزيارات للمباركة بالأعياد، تلك ميزة وفرها لنا الزمن عبر جسر الموت ليخفف من أعباء الواجبات.
أعيد في كل زيارة مباركة بالعيد بعبارة، “لم يبق إلا أنت وأم عمر”، أقولها مداعباً شقيقتي، وبعدها لا زيارات أعياد، لكن من يدري فقد أسبقكما إلى الفناء، وهنا أيضاً أصل إلى ذات النتيجة، فلا زيارات مباركة وراحة أبدية، الموت مهما كانت أسبابه لن يحملك أي خسارة، ففي النهاية لا فرق كبيراً بين الخواء الروحي والاجتماعي في الكويت والموت، فهما يستويان في ميزان العدم، حقيقة لا تخسر شيئاً حين تموت كويتياً أو ساكناً في هذا البلد.
الطباخ البنغالي محمد سيد القوم في المنزل يأخذ إجازة العيد، إذن لا غداء في المنزل، عندها لابد من العودة الراسخة إلى عاداتي وتقاليدي وممارسة واجب البحث عن مطعم لنعلف به ثم نتجشأ هواء رطباً ساخناً يتلاشى سريعاً في طبقات الغبار الرمادية، والتنقل بين مطاعم “الجينكي” الكثيرة في كل زاوية متربة بالدولة أو مجرد التفكير كيف ستقضي ساعة البلع والزلط في مولات الدولة يعد نوعاً من البهجة، هي حتماً آخر ملامح للبهجة، في بلد الحرام والحرمان.
دخلت مع ابني محمد إلى مطعم علفي عادي، لم يكن معي بقية أبنائى وبناتي، فابنتي الكبرى مرهونة عند ابنها الصغير، وحامد سافر إلى دبي، فهو يقول إن العيد لا يطاق في الكويت، بينما أقول إن الحياة كلها لا تطاق في الكويت، أما الابن علي فقد أغلق على نفسه باب الغرفة، ولا أعرف ولا يهمني ماذا يفعل… آسف نسيت أول الموضوع، بعد أن ولجنا المطعم، فقد حدث… أنه لم يحدث شيء… قرأنا المينيو وطلبنا من الجرسون الفلبيني الأكل المقرر، هو مقرر كأيام الروتين المقررة في بلد اللاقرار، وكالحكومة الموقرة وكالمعارضة المقررة وكالموالين من الأوفياء التابعين، كل أمر هنا مقرر سلفاً، أكلنا، شربنا، نومنا، صحونا، تفكيرنا مقرر علينا، أليس هذا ما “يقرره” المفكر الإيراني داريوش شايغان فقد كتب: “هكذا يظل الفرد ترجيعاً للصدى في سلسلة العلاقات الكلية حيث تعد كل حركة شاذة وكل انحراف عن المجموعة وكل إبداع فردي فساداً للانسجام المسبق، بل وخروجاً على الجماعة…”، لنترك كتاب داريوش “ما الثورة الدينية” ونعد إلى مطعم علفان ستيك هاوس.
كما قلت لكم لم يحدث شيء، والذي حدث حقيقة هو أنني أخذت أعد كم ذكراً وكم أنثى يجلسون في المطعم، الطاولة التي بقربي يجلس عليها ذكران شابان لا يتحدثان، يتأملان ساحة المطعم، يتأملان اللاشيء… مساكين، ومسكين من يكون شاباً يقرر مصيره العجائز، ثم هناك طاولة بعدها جلس عليها مواطنان في منتصف عمريهما، أحدهما له بطن كبير يكاد يسقط للامام ويعلن الثورة والعصيان على “الدشداشة” التي تغطيه… هو أيضا مسكين من مساكين الكويت، فالبلع ونفخ الكرش عندنا هو وسيلة لتمضية أوقات الفراغ، لم يكن الأكل أبدا بدافع الجوع، فنحن نعوض الجوع الروحي بالأكل وتفاهات القيل والقال و”شنو قالوا وما سمعتوا… وما دريتوا…”، بقية الطاولات كلها تحيط بها كتل من الذكور عدا طاولة واحدة جلس عليها ثلاثة أجانب غربيين ذكور ومعهم أنثى واحدة هي فلبينية، كانت تلك الطاولة اليتيمة التي انخرط أصحابها في الكلام مع بعضهم ووجوههم تتفاعل مع الحياة بالابتسامات والضحك… لماذا هم مبتهجون؟ لأن معهم “أنثى” والأنثى هي الفن والجمال، أم تراهم فرحين لأنهم يعلمون أنهم في النهاية سيغادرون قلعة الغبار الكويتية المملة.
مضى الوقت سريعاً أو بطيئاً لا أدري، أعلم أنه في كل ثانية تمر تخصم من العمر وتقربك من النهاية ولا توجد لحظة حاضر، فهذه يقذفها النور إلى الماضى وتلج إلى المستقبل حالاً، ويصبح الحاضر “الآن” ماضياً، وكلما امتد بك العمر تراكمت في خزينتك الروحية أرصدة من لحظات عمر الذكريات، وهي لمن كان في أعمارنا أجمل كثيراً من اليوم، قد يكون السبب أن الشباب دائما أجمل أو أن الكويت كانت أجمل في لحظة الليبرالية التي مرت سريعاً في السبعينيات أم أن كآبة اليوم هي كآبة العمر، فالذين عشت أجمل سنيني معهم والذين ضحكت وفرفشت بمجالسهم، رجب أمين وعبدالله سعود والفنان راشد الخضر ونصر الله النصر الله… وفايز المطوع والقائمة ممتدة، كلهم رحلوا بعد أن اشترى لهم عزرائيل تذاكر سفر سريعة “ون واي”. تذكرت أحد الأحياء من الأصدقاء اقترح بصيغة تساؤل، وبعد أن عزينا بوفاة قريب: ما رأيك أن نسهر الليلة في الصليبيخات (المقبرة) فهناك “اونس” كل الربع موجودون! موجودون كجثث، رمم، كانوا وكانوا مثلنا موجودين، الآن ليس لهم وجود، وسنصير يوماً ما مثلهم.
خرجنا من المطعم، ذهبت للمنزل، جلست وحدي كالعادة، مرت على خاطري عبارة للروائي الياباني “مشيما” من رواية “معبد الفجر” (أعتقد ذلك) بأن الشيخوخة هي الموت بل هي أسوأ منه، لم ينتظر مشيما الشيخوخة ولا مفاجأة الموت، شق بطنه منتحراً على الطريقة اليابانية.
مضى العيد، ومرت عصريته، ويمضي بنا العمر، ولا يبقى لك غير الذكريات، ولوعتها، ولن تجد العزاء مع بروست ولا منازل سوان وستظل تبحث عن “الزمن المفقود”.

احمد الصراف

يا سكري يا عسلي

تقوم جهات عدة، تجارية بالذات، بالترويج لمزايا العسل ووصفه بالمعجزة، وفي هذا مبالغة كبيرة، حتى ولو وجد من استفاد من العسل في علاج مرض ما، فقد يكون السبب ما أضيف له من مواد مسكنة او كورتيزون، فعلميا لا يختلف العسل كثيرا، في دوره كمادة محلية، عن سكر القصب الطبيعي غير المعالج. فمادتا العسل، وهما الكولوكوز والفروكتوس، أو سكر الفواكه، glucose and fructose منفصلتان فيه، بعكس السكر، والفروكتوس أكثر حلاوة، ولكنه لا يتحول الى طاقة بسرعة كالكولوكوز، وبالتالي فإن الأغذية المعلبة مثلا التي تحتوي على سكر عالي الفروكتوس تتحول الى دهون بطريقة أسرع من العسل. كما أن ملعقة من السكر العادي تحتوي على %50 أقل من السعرات الحرارية، من ملعقة مماثلة من العسل، وهذا يدفع البعض الى استخدام العسل بكميات أقل لحلاوته العالية وكثافته. كما يعتقد بعض خبراء التغذية أن العسل يحتوي على كمية قليلة من الفيتامينات والمعادن المفيدة، وفائدته في الهضم مؤكدة، مقارنة بالسكر الأبيض، الذي يخضع لإضافات عدة، وهذا ينزع عنه مواده النافعة، كالألياف، التي لا توجد بالعسل، بحيث لا يتبقى في السكر غير الحلاوة والضرر. واستخدام العسل في التحلية على المدى البعيد قد يكون أرخص، وهذا الكلام موجه للعقلاء، علىالرغم من سعره العالي مقارنة بالسكر، لأن الكمية المطلوبة منه أقل في التحلية. كما أثبتت التجارب أن العسل يتحلل بالدم بطريقة أكثر بطئاً من السكر، وهذا يساعد في عملية الهضم، وبالتالي من الأفضل استبدال السكر بالعسل، وخاصة في ظل صعوبة الحصول على سكر غير معالج في الأسواق. والخلاصة أن كل ما يدعيه البعض من احتواء العسل على العجائب أمر لا يدعمه أي بحث علمي، ولكنه بشكل عام أفضل من السكر، وعلينا في جميع الأحوال تجنب او التقليل من استهلاكنا من السكر الأبيض القاتل، هذا إضافة إلى أن العسل معرض للغش، حيث يضاف السكر لبعض أنواعه، ويمكن معرفة الأصلي منه برفع بعض منه في ملعقة وجعله ينسكب ببطء، فإن تقطع وهو ينحدر فهذا يعني أن مواد كالسكر قد اضيفت له، خاصة في الرخيص من أنواعه! وفي غياب السكر الطبيعي والعسل الصافي يمكن استخدام سكر الفواكه المستخرج من التين والزبيب، فهو لا يختلف في تركيبته عن العسل.
ويقول د. بانتنك Banting Dr، مكتشف الإنسولين، الذي يدعو البعض عليه في المساجد لأن ينقطع نسله ويحرق زرعه، إن الإصابات بمرض السكر في أميركا والعالم الثري، ارتفعت بطريقة موازية ومتساوية مع ارتفاع استهلاكه لسكر القصب الأبيض المعالج، وان عملية التسخين التي يتعرض لها السكر تحوله الى مادة خطرة. وهنا ننصح بقوة بالتوقف كليا، إن أمكن عن استخدام السكر الأبيض، وإن صعب على البعض ذلك، فعلى الأقل التقليل منه، وتربية أولادنا، والصغار بالذات، على عدم تناوله، أو تعويدهم عليه وهم صغار، لكي لا يدمنوا عليه، فالإنسان ابن بيئته! ولو كنت مكان وزير الصحة، وهذا ما لا اتمناه، لفرضت ضريبة عالية على السكر المستورد، ووجهت المبلغ المحصل لمعالجة أمراضه المنتشرة بيننا، بدلا من التفرغ لطرد الكفاءات الطبية! كما نعيب على الحكومة الرشيدة، ووزير صحة شعبها، الإعلان عن توفر مضخات إنسولين للأطفال المصابين بالسكر، ثم يتبين لاحقا ان الموجود لا يزيد على 160 مضخة، والمصابون من الأطفال أكثر من 3500، كما أن «أمناء»الجمعيات الخيرية لا يزالون على اعتقادهم بأن الصرف على وجبات طعام لمسلمي تمبكتو، التي يصعب مراقبتها ومعرفة حقيقتها، أكثر أهمية من الصرف على أطفالنا المرضى!

أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

انتكاسة جديدة للعلمانيين

وهكذا تتوالى الانتكاسات الواحدة تلو الأخرى للتيار العلماني في عالمنا العربي! فبعد نتائج الانتخابات التونسية تلتها المصرية تفاءلوا بنتائج الانتخابات الليبية التي تم الإعلان خلالها عن تقدم التيار الليبرالي، ثم تبين لنا أن أشد الليبراليين تشدداً عندهم لا يقل التزاماً بثوابت الدين عن كثير من الإسلاميين عندنا! وهذا انعكس على انتخابات رئاسة البرلمان عندما تنافس مرشح الليبراليين مع مرشح الإسلاميين وفوز الأخير، ولعل فوز الرئيس محمد مرسي لم يكن آخر هذه الانتكاسات، بل ما حدث بالأمس في القاهرة كان استمراراً لهذا المسلسل من الإخفاقات، حيث راهن التيار الليبرالي مدعوماً من فلول الحزب الوطني والأقباط بعمل مليونية ضد الرئيس والإخوان المسلمين! وكتب عدد غير قليل من علمانيي العرب مؤيداً لهذا التجمع الذي عقدت عليه آخر الآمال بإسقاط الإخوان المسلمين، بعد أن عجزت صناديق الاقتراع عن ذلك، وتحمس من تحمس من زملائنا وجيراننا، لكن خيبة الأمل كانت رفيقة دربهم منذ فترة ليست بالقصيرة، فأعلن الشعب المصري مرة أخرى أنه اختار التيار الإسلامي لقيادته في هذه المرحلة والمراحل المقبلة! وندرك جيداً أن فلول هذه التيارات البائسة لن يهدأ لها بال إلا بزعزعة الاستقرار وتعطيل التنمية في البلاد إلى أن يرجع عهد الرئيس البائد ومن لف لفهم! حفظ الله المحروسة من شرورهم. 
* * *
ساحة الإرادة
دعت «نهج» والقوى الشبابية وتكتل الأغلبية من نواب مجلس 2012 وقوى سياسية أخرى إلى تجمع غداً الاثنين في ساحة الإرادة، لمعالجة تداعيات طعن الحكومة بقانون الدوائر الانتخابية أمام المحكمة الدستورية، وساءني حقيقة طريقة تعامل المعارضين لهذا التجمع مع هذه الدعوة، فالبعض طعن في نوايا الداعين وتجاوزوا الخطوط الحمراء في ذلك، حيث اتهموهم بالنية في قلب نظام الحكم! والبعض الآخر شكك في قدرة المعارضة السياسية في حشد أعداد كافية غداً، واتهمهم بالكذب واستخدام أساليب غير مشروعه في دعوتهم! إلى آخره من تطرف في النقد وصل إلى التجريح في كرامات الناس! 
أنا أعتقد أن هذا الطرح يؤكد أن البعض منا ما زال بعيداً عن الروح الرياضية في تقبل الرأي الآخر، بل إن بعضنا لا يستحق الأجواء الديموقراطية التي تعيشها الكويت، وكان الأولى أن ننتظر حتى نرى ما ستسفر عنه هذه الفعالية ثم نعلق سلباً أو إيجاباً، حسب ما يراه كل واحد منا، وقراءة سريعة لما يصرح به المدعو نبيل نوري عبدالحليم خضير يومياً، وما تتضمنه تصريحاته من ألفاظ يترفع عنها كرام الناس، تبين لنا الوضع المزري الذي يعيشه هذا البعض الذي ضاقت به لبلأرض بما رحبت 
* * *
مجدي.. ولاريجاني
كم كنت أتمنى لو أن السفير المميز مجدي الظفيري لم يتبرع بالدفاع عن لاريجاني وينوب عنه في نفي تصريح قناة المنار المدعومة من حزب الله! وكان أولى به عندما أخبرته الخارجية الإيرانية بالنفي أن يطلب منهم أن يعلنوا هذا للملأ ولا يكتفوا بالحديث «الخشاشي»!
* * *
نواب الأولى وسوريا
أما وقد رجع مجلس القبيضة (كما يطلق عليه) قسراً وقهراً، وأصبح السادة الأفاضل القلاف والدويسان ومعصومة وزلزلة وعبدالصمد وجوهر وعاشور والمطوع وعلي الراشد أصبحوا أعضاء بالبرلمان المتبرأ منه، فإننا نستغرب سبب صمتهم المطبق عما يجري في سوريا من قتل وتدمير لبلد وشعب بشكل غير مسبوق! كلمة واحدة تبرئ ذمتهم عند الله، وعند الناس، لم نسمعها منهم! ويتحدثون عن الوحدة الوطنية؟! عجيب أمركم. 

سعيد محمد سعيد

إي نعم… «حبربش»!

 

عادة ما تنتشر كلمة «حبربش» بين أهل الخليج وأهل العراق كذلك لوصف «التافه» من الناس! فالحبربش، وفق المعنى الشعبي، هم أراذل الناس وأخسهم وأوضعهم أخلاقاً ممن تنال المجتمعات منهم الشر ولا شيء غير الشر.

الكثير من الناس يستخدمون هذه الكلمة بالطبع لكثرة انتشارها دون معرفة أصلها في اللغة… حالها حال الكثير من المفردات الشعبية شائعة الانتشار غريبة اللفظ، غير أن اللافت للنظر أن تصبح كلمة «حبربش» واحدة من مفردات الربيع العربي لتطلق على مثيري الفتنة والعداوة بين الناس.. البلطجية.. عصابات الحرامية.. العصابات المسلحة.. فيُصيب من يطلقها حقاً على «الحبربش» المنتشرين في الدول العربية، وخصوصاً دول الثورات، الذين تستخدمهم (فلول) الأنظمة المتهاوية، والشخصيات الرئيسية في الأنظمة (الساقطة) حيث يمدونهم بالمال والسلاح لإثارة الفوضى والجريمة في المجتمع نكايةً وانتقاماً… فيما هناك (جماعات) تربيها وتدربها وترعاها دول معادية للديمقراطية والاستقرار، وهي في الغالب تعمل لصالح استقرار «الصهانية» دون شك لتمزيق الدول العربية والإسلامية من الداخل عبر التناحر الدموي بعد عدم (شباع) تلك الدول من مجرد إثارة الفتن الطائفية والمذهبية… فلابد من (حبربش مسلح).

هذه الجماعات «الحبربشية»، كان متوقع لها -منذ انطلاق أولى الثورات العربية في تونس العام الماضي 2011 – أن تتكاثر وتزداد ضراوتها في الدول التي شهدت أو مهيئة لأن تشهد ثورات وحركات مطلبية، وليسمح لي القاريء الكريم أن أعود إلى مقال كتبته يوم 6 مارس/ آذار 2011 وردت فيه هذه الفقرة نصاً: «كل الدول العربية والإسلامية بل ودول العالم الثالث، مهيئة لثورات غضب شعبية مقبلة للمطالبة بالحقوق والإصلاحات، نظراً لتراكم الممارسات الديكتاتورية، وتعنت الحكومات وظلمها واستبدادها، وستكرر الأنظمة ذات الأساليب في التعامل مع شعوبها، وستضعها تحت عدة عناوين مكررة: فوضى وتخريب وفتنة – تآمر من الخارج كإيران تارة، وتل أبيب تارة أخرى تدار من أميركا – مخطط إسرائيلي لتقويض الأمة الإسلامية- القاعدة و»طالبان»، وربما عناوين أخرى لست أفقهها! ثم ستنحو تلك الأنظمة إلى: استخدام أقصى أنواع العنف والقوة ضد مواطنيها، وستقتل من تقتل بدم بارد – ستحذر وتهدد وتنذر وتزبد – ستستخدم البلطجية والمرتزقة الذين على ما يبدو أعدتهم تلك الأنظمة منذ زمن في أقفاص خاصة تطعمهم وتسمنهم وتربيهم للنيل من شعوبها – ستتراجع وتدعو للتهدئة والحوار، وستتباكى على سلامة الوطن واستقراره وأمنه واقتصاده – ستلفّ وتدور حول الحوار- ستسقط الأنظمة المتعنتة المكابرة- ستنجو الأنظمة التي ستظهر بشجاعة وتعترف بأخطائها، وتؤمن بأن مطالب الشعوب مشروعة ودستورية فتصل إلى بر الأمان»…انتهى الاقتباس.

لكن، ما هي اسقاطات ذلك التقديم على الوضع اليوم في الوطن العربي؟ المشهد واضح بلا ريب.. ودعوني أرسم صورة متخيلة للصهاينة وهم يضعون رِجلاً على رجل، ويراقبون ما يجري في الوطن العربي من صراعات دامية بين أبناء البلد أنفسهم، ويشربون نخب الانتصار والتشفي، وهم يشاهدون بوادر صراعات داخلية متنقلة من بلد إلى بلد، ويرفعون الشكر والتقدير لراعيتهم «أميركا»، وإلى الأنظمة والجماعات الحليفة معها ولها.

هذه المرحلة على ما يبدو هي مرحلة «الحبربش»، ولا يمكن قبول كلام المنظرين بأن ما يحدث من صراعات وتوترات دامية هي جزء من (حراك سياسي) طبيعي بعد أية ثورة أو حركة مطلبية… وتبدو الصورة الأكثر دمويةً في سورية… نعم الشعب السوري له كل الحق في المطالبة بحقوقه المشروعة وإن طالب بإسقاط نظام بشار الأسد، لكن أن تنتشر جماعات مسلحة مدعومة من أطراف متعددة الغايات فيصبح الشعب السوري (الضحية) بين نيران النظام ونيران المسلحين، فذلك وضع يريح الصهاينة بالتأكيد.

نعم، من حق الشعب المصري المعترض على حكم الرئيس محمد مرسي أن ينتقده، وينتقد حركة الإخوان المسلمين، ويطالب بدولة مدنية، لكن أن تشتعل القاهرة، كما حدث يوم أمس الأول الجمعة (24 أغسطس/ آب 2012) من اشتباكات بالأيدي والأسلحة البيضاء وتراشق لفظي بعد صلاة الجمعة بين مؤيدي ومعارضي الرئيس، ودخول «الحبربش» المدسوسين والممولين من فلول النظام السابق، فتلك (جمعة إسعاد العدو الصهيوني).

في تونس… مهد «انتفاضات الربيع العربي»، وحكومتها الإسلامية المعتدلة، فيها ما يثير القلق بسبب «الحبربش» أيضاً الذين يتحولون من معترضين على «معرض فني» إلى لصوص وبلطجية يهاجمون الناس، وينهبون المتاجر، ويحطمون واجهاتها، ويعتدون على الناس… في «ليبيا» لم تتوقف أعمال العنف المسلحة، حيث يستمر تفجير السيارات، واغتيال كبار المسئولين الحكوميين والعسكريين، والهجوم على موظفي السلك الدبلوماسي الأجنبي والمنظمات غير الحكومية، وتتجه جماعات من الشبان المسلحين لاستخدام لغة السلاح… في الوقت الذي يعلن فيه اتباع «القذافي»عزمهم على تصعيد قتالهم.

لنتجه إلى اليمن، فقد بدأت الجماعات المسلحة الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح الانتقام من الشعب اليمني بتنفيذ الهجمات والعمليات المسلحة.. هي أيضاً أخبار سارة للكيان الصهيوني.. في طرابلس.. شمال لبنان.. اشتباكات مسلحة بين مجموعات سنية وعلوية من أبناء البلد في منطقتي جبل محسن والتبانة، ولن ينكر أحد بأنها بشارة مفرحة لنتنياهو وبارك وأفيغيدور…

يا إلهي، كم هي مرعبة تلك الأوضاع التي تعيشها الأمة، فتسيل دماء أبنائها بفعل مؤامرات الصهاينة المتفرجين بسعادة الشاربين كؤوس الانتصار الدموي بينهم.

ختاماً، الحبَربَش… لفظة عربية قديمة تعني الجماعة من الناس، وكان العراقيون قديماً يقولون: «جان فلان مع حبربشيته»… واللفظ الصحيح في اللغة العربية كما يرى النسابة العراقي الشهير الشيخ عبدالأمير البديري، صاحب موسوعة العشائر العراقية العربية، هو :«الأحبوش» و»الأحبوشة».. وللأسف الشديد، بوسعنا أن نقول اليوم: «جاءت حبربشية الكيان الصهيوني».

سامي النصف

أيها السادة.. لا تسمحوا بتزييف إرادتنا!

ذهبت ذات مرة الى إحدى مليونيات ميدان التحرير ووجدت إضافة الى رجال الأمن، شبابا قد أحاطوا بالميدان ساعدا بساعد، لا يسمحون لأحد بدخوله دون ان يريهم هويته الشخصية وهو ما فعلته كي يسمح لي بالتواجد ضمن الحشود رغم ان 99.9% من سكان مصر هم من المصريين ومن ثم لا خوف من ان يكون أغلب المتجمهرين من غير مواطنيها.

***

في المقابل.. يمثل الشعب الكويتي ربع سكان الكويت فقط ولا يمتاز الكويتيون بأشكال تختلف عن بقية السكان، بل من الكويتيين من هو شديد البياض ومنهم من هو شديد الاسمرار وما بينهما، كما ان سعر الدشداشة التي يمكن ان يلبسها من يشاء لا يزيد على دينار ومثلها الغترة والعقال، وعليه وكي تطمئن النفوس بأن حضور التجمعات يمثلون «بحق» الشعب الكويتي وحتى لمعرفة أعدادهم بدقة بدلا من التنابز بالأرقام المعتاد، على رجال الأمن ان يضربوا طوقا حول التجمعات ولا يسمح إلا بدخول الكويتيين فقط وأي شيء أقل من ذلك يعني ان السلطة أصبحت تسمح بتزييف إرادتنا وترك الغريب يملي شروطه عليها، كما ان الاعتراض على ذلك الإجراء المنطقي يعني ان المعترضين ينوون ملء الساحات بالغرباء لتزييف إرادة الشعب الكويتي المغلوب على أمره!

***

بعد فاجعة العريس الشاب الذي قضى برصاصة أطلقت عليه بالخطأ من صديقه، وبعد ما شاهدته على اليوتيوب من مناظر مرعبة لما يجري في بعض الأعراس من إطلاق رصاص «بغزارة» من رشاشات الكلاشينكوف الروسية وأم 16 الأميركية وكأننا في الصومال او احد بلدان الحروب الأهلية، ندعو لإصدار مرسوم ضرورة مغلظ جدا كفرض غرامة 100 ألف دينار وسجن 10 سنوات لمن يحمل السلاح غير المرخص، ونصف مليون دينار والمؤبد لمن يتاجر بذلك السلاح كي تتوقف تلك المآسي المتكررة وكي نمنع تحول التناحرات السياسية الحادة القائمة الى مشاريع حرب أهلية مستقبلية، فتلك الحروب المخططة لبلدان المنطقة لا تتم ـ للعلم ـ باستخدام الطراق والعجرة بل بالأسلحة التي نراها ونشاهدها رأي العين، فماذا ننتظر؟!

***

آخر محطة: في وقت استمتع فيه الناس بقضاء عطلة العيد مع أهاليهم، الشكر الجزيل للواء محمد اليوسف على زيارته للمراكز الحدودية الكويتية وإيصاله تحياتنا جميعا لأبنائنا رجال الأمن الساهرين على حمايتنا وأمننا والذين أصبحوا مستهدفين هذه الأيام من القائمين على «مشروع تدمير الكويت» عبر التهجم على المسؤولين ورجال القضاء ورجال الأمن.. وكم من جرائم ترتكب باسم الوطنية والدستور من قبل من باع الوطن وتاجر بالدستور.. وعلى عينك يا تاجر!

 

احمد الصراف

ملاحظات صديقي سلمان

1 – يقول سلمان انه كان وزملاؤه جالسين في مسجد مع مدرس التربية الإسلامية، وهنا دخل الطالب طوني عليهم ليستأذن من المدرس بالانصراف، لأنها كانت الحصة الأخيرة، ولا علاقة له بها. وما ان وصل إلى منتصف المسجد حتى صرخنا فيه بألا يدخل، لأنه مكان محرم عليه كونه مسيحيا، فتصلب طوني في مكانه والخوف باد على وجهه، وهنا قال الأستاذ: الا تستحون؟ أليس عيبا عليكم؟ ثم دعا طوني، وسط دهشتنا، للجلوس معنا، إلا أنه رفض وغادر المسجد ممتقع اللون. وهنا قال المدرس: من منكم يستطيع ان يخبرني أين كان نبي الإسلام يستقبل وفود الكفّار، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ألم يكن ذلك في المسجد؟ وكان ذلك صحيا ولكن عقولنا الصغيرة يومها لم تستوعب الأمر، فربما تصرفنا من واقع أنهم أنجاس، وهذا ما قاله أحد الطلبة للمدرس، في معرض تبريره لما بيناه من اعتراض على دخول غير مسلم للمسجد! ولكن المدرس لم يرد، واستمر في درسه!
2 – ويقول ان نظامنا التعليمي لم يكتف بإهدار وقتنا في تعلم مواد علمية لا نذكر منها شيئاً، كالفلزّات وحساب نصف قطر الدائرة وغيرها، بل ساهمت مدارسنا في ترسيخ نزعات العنصرية المتغلغلة في نفوسنا حتى اليوم. فعندما تستمع إلى أحدهم وهو يحكي عن جاره أو زميله في العمل، ستجده يشير في حديثه، دون أن يشعر، إلى لون بشرة ذلك الجار أو عرقه أو مذهبه، ولذلك علينا ألا نستغرب إن ضربت الفتنة الطائفية كل المنطقة قريبا، وإن هذه ليست إلا بداية العاصفة! ومن يستخدم الــ «التويتر والواتس أب» والايميل يعرف مدى ما يزخر به الإنترنت من رسائل حقد وكراهية طائفية والكثير من الأكاذيب والأحاديث والفيديوهات والصور المفبركة عن الشيعة والسنة!
3 – ويقول سلمان ان في كل بيت من بيوتنا ابن لادن، أو متعصبا صغيرا ينتظر الساعة المناسبة لمقاتلة الكفار وأهل البدع، إن في المدرسة أو الملعب أو المقهى، وحتى في العمل، وما إن يصطدم معه أحد فكرياً، حتى تتفجر مشاعره المكبوتة في داخله ويتحول إلى مقاتل، وإن كان بقلبه فقط. وعندما كنّا صغاراً علّمونا بأنه «مَعَ حَمَد قَلَم»، وعلمونا «أن هنداً تلعب في المدرسة»، وعندما كبرنا كان أول عمل قاموا به هو الفصل بين حمد وبين هند حتى لا يقعا في خلوة محرّمة. وعندما كبر حمد، أخذوا منه قلمه وأعطوه قنبلة، ففجر نفسه والآخرين بها، وسؤالي هو: أين ذهب قلم حمد، وهو الذي نحتاجه الآن؟
4 – ويقول سلمان انه في الخمسينات كان في مكتب البريد الرئيسي موظف هندي من كيرالا، أو ربما اثنان آخران، وكانت الرسائل تصل بانتظام وسرعة ودقة، بالرغم من بطء وسائل المواصلات حينها مع قلتها. ولكن اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن وعشرات الرحلات الجوية اليومية، مع تخمة في وسائل فرز الرسائل إلكترونيا، وعشرات مركبات التوزيع، ومئات الموظفين الكويتيين والعرب، إلا أنهم أعجز من أن يؤدوا ما كان يؤديه ذلك الموظف الهندي «المخلص لعمله»! ويقول سلمان بحسرة: اننا إن كنا فشلنا بجدارة في أداء واحدة من أبسط الخدمات الحكومية، والتي لا تزيد على وضع رسالة بريد في الصندوق الخاص بها، فكيف يمكن أن ننجح في ميكنة الشؤون أو التسريع في عمل الموانئ أو ضبط الحدود أو القضاء على الرشوة؟ فقلت لسلمان: اذهب لبيتك وقل لخادمتك العجوز: غطيني يا «صفية»، ما في فايدة من الكلام!

أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com
www.kalamanas.com