عادل عبدالله المطيري

اتحاد اللصوص ووأد البرلمان!

يؤكد الكثيرون أن هناك اتحادا للصوص في الكويت يعمل بكل جد ـ سياسيا وقانونيا وإعلاميا لفشل الإصلاح السياسي وقمع الصحوة الديموقراطية، ويحكى أيضا انه اتخذ من «فيلا» مقرا رسميا له، ومن المؤكد أن جهود اتحاد اللصوص هذا ـ ستفشل أمام الأمواج العاتية للحراك الشبابي.

وأنا لا أشك أبدا في وجود مثل هؤلاء الفاسدين سواء كانوا في فيلا أو جاخور، وأخشى كثيرا منهم على الوطن والمواطنين، لأنهم بدأوا يعملون وفق المبدأ المدمر علي وعلى أعدائي، ولكن كلي إيمان راسخ في أن ساحة الإرادة ستكتسح كل الفيلات السياسية وعلى مختلف توجهاتها.. ولأن التاريخ وشواهده تؤكد على أن الشعوب إذا اجتمعت على شيء لا أحد يستطيع ثنيها عنه.

وكذلك الجغرافيا وخصوصا الجغرافيا العربية ترينا «بوفيها» مختلفا من الثورات العربية تتعدد نتائجها وتتوحد أسبابها.

بل حتى الطبيعة تعطينا دروسا وعبرا لمن يعتبر، ففي اليابان استطاع التسونامي وهو مجرد ماء، أن يتغلب على الطاقة النووية ويحطم محطاتها، أفلا يستطيع التسونامي البشري الكويتي إغراق نقابات الفساد النووية لدينا!

لقد كنت مستمتعا بالعزف السياسي والوطني المشترك بين مجلس امة 2012 وحكومة جابر المبارك لأجمل المقطوعات الوطنية، ولكن للأسف لم تدم طويلا، إذ فوجئنا بمن قاموا بكسر «عصاة قائد الأوركسترا» وأوقفوا العزف الجميل بحلهم لمجلس الأمة، وبدأوا بقرع طبول الفتنة وعزف موسيقاهم النشاز، بمحاولتهم تعديل الدوائر الانتخابية وتقليل عدد الأصوات.

هناك سؤال حير السياسيين في الكويت ولم يجدوا له جوابا: من المستفيد من تأزيم العلاقات الحكومية البرلمانية؟ ولماذا؟

عندما نسترجع شريط الأحداث الأخيرة نجد بعض الحقائق ومنها، أن الحكومة لم ولن تجد أفضل من العدو العاقل وأعني مجلس 2012 وخصوصا أنها جربت الصديق الأحمق مجلس 2009.

أما سمو الرئيس المبارك فقد جرب التفاهم والتعامل الراقي مع مجلس الأمة وقطف ثماره، وسبق أن رأى سموه نتائج التعالي والتسفيه من الحكومات السابقة تجاه البرلمان ونتائجها المأساوية، وبالتالي أستبعد أن تكون السياسات الأخيرة من حل المجلس وإحالة قانون الانتخاب يقف وراءها سمو الرئيس، ولكنه حتما سيتحمل نتائجها للأسف.

كذلك كان مجلس الأمة وأغلبيته متسامية على جروحها ومتعاونة مع الحكومة، حتى على مستوى الأشخاص، فنواب الأغلبية تجاهلوا سلوك بعض النواب المثيرين للجدل والسخرية معا، وركزوا على الانجاز وإقرار المشاريع التنموية، وحاولوا قطع الطريق على أعدائهم ولم يعطهم فرصة لحل مجلس الأمة على خلفية قضايا التأزيم، ولكنه بالرغم من ذلك صدموا بالحل مرة أخرى.

إذن لا المجلس ولا الحكومة مستفيدان من الوضع الحالي، فمن المتسبب في الأزمة ومن المستفيد؟

والحقيقة النهائية اننا في الكويت ـ لا أحد يعلم لماذا أو كيف أو متى، توأد مجالس الأمة، ولكن الكل يعلم أن سببها هو قلة الإيمان بالديموقراطية.

ختاما: إذا كان مجلس 2012 مجلسا مبطلا، فانه بعيون الغالبية من المواطنين هو مجلس بطل.

محمد الوشيحي

ما أجمل السلسال… والجيد

كالعادة، اختلف الرواة والمفسرون حول عدد معتصمي ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي، فقائل قال: عشرة آلاف، وقائل: بل سبعة آلاف، وقائل: بل خمسة آلاف (وأنا من هؤلاء الرواة)، وقائل: بل ألف، وقائل: بل ثلاثمئة، وقائل: بل سبعة وثامنهم كلبهم… تعددت الروايات والحشد واحدُ.
دونك الأعداد فاختر منها ما يناسب مذاقك، لكنك لن تختلف معي في أن عدد المتجمهرين أصغر بكثير من حجم الحدث.
طيب ما الحل؟ سأجيبك فافتح لي أذنيك وعينيك وعقليك، يرحمك الله ويرحم والديك… أمامك الآن حكومة (الاسم الحركي للسلطة، نستخدم هذا الاسم لتجاوز رقابة الرقيب وقضايا النواح والنحيب)، أقول أمامك الآن حكومة مجهزة بأحدث عتاد، ومدججة بأخطر الأسلحة، واعفني من تسمية أسلحتها كي لا أضيع في الكازوزة، في مقابل معارضة متعددة الألوان، تعتمد في قوتها على الناس، وهنا مكمن ضعفها! هنا الثغرة التي تخترق فيها جيوش الحكومة دفاعات المعارضة، فالناس مزاجيون بطبيعتهم، بعضهم لم يعتد على العواصف، ولا يحتمل حرارة البراكين، ولا تطيق أقدامه الصبر ساعة على الرمضاء، وتتشقق شفاهه من الظمأ بسرعة (أكرر البعض)… لذا أظن أنه من الخبال أن ترمي المعارضة كل ثقلها على الزخم الشعبي، في وقت كهذا.
ستبادرني: هذه هي المشكلة، فأين الحل إذاً؟ صبرك علي، دعني أسألك أنا: ما هو تخطيط الحكومة؟ أقصد ما هي خطوات الحكومة بعد أن رأت أعداداً في ساحة الإرادة لا تخيفها؟ ستقول لي “سترفع مرسوم دعوة للانتخابات”، وسأقبّل خشمك وأقول لك “هنا نهاية الغي”.
ستتزاحم بعض الأسماء المشبوهة على الانتخابات وكراسي البرلمان، وسيقاطع الانتخابات رموزٌ لها ثقلها وعقلها، وسيتردد من يمتلك ولو ذرة من ال… شسمه (افهمني الله يرضى عنك)، وستتفرق الناس التي كانت في صف الحكومة، وبعد إعلان النتائج سيقرأ الناس في الصحف أسماء القراصنة في لجان المجلس، فيتضاحك الناس في بادئ الأمر، ثم تتحول ضحكاتهم إلى ابتسامات ساخرة، قبل أن تتحول الابتسامات إلى تجهّم، فيتحول التجهم إلى غضب، فيتحول الغضب إلى تجمع كاسح في ساحة الإرادة، تسقط أمامه الأسماء المشاركة في البرلمان، وترتفع أسهم مقاطعيها.
سلسلة جميلة من الأحداث كأني أراها أمام عينيّ الآن، ستقابلها سلسلة من الهبات من قِبَل الحكومة، على رأسها إسقاط فوائد القروض، لشراء ود الناس، لكن الوقت قد قزح، على رأي اللمبي، وجذوة الغضب لن تنطفئ بسهولة.
والمطلوب الآن أن تستمر المعارضة في إصدار بياناتها، وفي تجمعاتها في الديوانيات، وغير ذلك من مؤشرات الثبات على الموقف والإبقاء على الجذوة مشتعلة، ثم تستريح المعارضة تحت شجرة الحكومة وتتلقف الثمار التي ستتساقط عليها، وما أكثر ثمار الحكومة، وما أكثر غلطاتها.
ولمن يخشون نجاح الحكومة وبرلمانها في إنجاز بعض المشاريع الشعبية مصحوبة بفساد شامل، أقول: في هالشارب، لن تنجح لا هي ولا برلمانها في الإنجاز، وسيتنافسان على الفساد، فاطمئنوا.
انتظروا معي وراقبوا كيف تتشكل السلسلة، التي ذكرتها، وكيف يتزين بها جيد الكويت قريباً… وما أجمل السلسال والجيد.

احمد الصراف

سكر الإرادة

سألني قارئ شبه صديق: أنت وين عايش؟ ألا ترى ما يحدث في الوطن؟ أليس لك رأي؟ نحن بحاجة لآراء أمثالك! قلت له، في مكالمة خارجية على حسابي، طالت كثيرا: يا سيدي عتبك على الراس، ولكن ما فائدة «الحكي وطق الحنك» عندما يصم كل طرف أذنيه، ويصر على موقفه؟ فصوت العقل قد غاب عن الساحة منذ فترة، والكل، بلا استثناء، مخطئ، ولكن يمكن القول، وإن بحذر، ان هناك خطأ وهناك خطيئة، وحتى هنا لا يمكن الجزم بصورة قاطعة خطأ من أقسى وأمر من غيره! وقلت له انني أحاول أن ألهي نفسي، وربما قرائي، بمواضيع وكتابات أبعد ما تكون عن السياسة، لعل وعسى تساعد في تبريد القلوب وتهدئة النفوس الثائرة، بعد أن أفقدنا صراعنا على السلطة والمال والنفوذ ما تبقى من منطق لدينا، واصبحنا سخرية، وبالذات لدى من كنا بالأمس القريب لهم قدوة ومثالا يحتذى! ولكنه اصر على رأيه، وهنا، كان لا بد من تلبية طلبه ووقف النزيف المالي، وكان هذا المقال!
تعتبر الفطائر الدانمركية الأكثر شهرة عالميا في عالم المعجنات، ويقال ان اصلها يعود للعاصمة النمساوية فيينا، فتسمياتها، حتى في الدانمرك، وخلطاتها نمساوية، ولكن هذا لن يغير شيئا، والقصة تعود لعام 1850 عندما اضرب عمال المخابز عن العمل فاستعان اصحابها بعمال من فيينا، وجاء هؤلاء مع خبراتهم وخلطاتهم، التي تطورت مع الوقت واصبحت دانمركية بقدر ما كانت نمساوية!
تصنع المعجنات من طحين القمح والخميرة والحليب والبيض مع كثير من الزبدة، وأحيانا كثيرة تستخدم الزيوت النباتية في صنعها، كما تضاف اليها محسنات كالهيل وطبعا الكثير من السكر. وتضاف الى أنواع منها مكسرات أو فواكه طازجة أو مجففة وشوكولاتة الكاكاو ومواد لذيذة أخرى.
وما يجعل الفطيرة الدانمركية هشة ولذيذة ما تتعرض له من تكرار في العجن والطي والتبريد تحت درجات منخفضة! وقد ساهم في شهرة الفطائر الدانمركية غنى الدانمرك بالحليب والزبدة والقمح، إضافة إلى أن الشعب الدانمركي كان يوما المستهلك الأكبر للسكر في العالم، مقارنة بحجمه الصغير، فقد كانت بلاده في القرن السادس عشر تمتلك مزارع قصب سكر ضخمة في جزر الهند الغربية، وكان السكر يتوافر في كل بيت بكميات كبيرة في الوقت الذي كان فيه شحيحا وغاليا في غالبية الدول الأوروبية الأخرى. وقد اكتشفت حكومة الدانمرك، غير الرشيدة طبعا، مضار استهلاك السكر، وسعت لحرمان شعبها منه بإضافة «ضريبة سكر» عالية عليه، وأدى هذا لرفع اسعار الحلويات والكيك وشكولاتة الكاكاو لمستويات عالية جدا، وبالتالي قلّ الاستهلاك بشكل واضح، ولم يكن غريبا بالتالي تقدم الدانمرك لاحقا في صناعة دواء مرض السكر، أو الانسولين بحيث اصبحت الدولة الأكبر والأفضل في انتاجه. والآن هل هناك أمل بأن تقوم حكومات دولنا الخليجية، الرشيدة طبعا، مقارنة بغير الرشيدة، مع كل ما نشكو منه من سمنة مفرطة وكسل عجيب، وعدد إصابات بمرض السكر هو الأعلى في العالم، بفرض ضريبة عالية على السكر، وتوجيه المبلغ المحصل لزيادة وعي المواطن، او حتى إعادته له، بعد أن فقدنا جميعا وعينا؟ لا طبعا، لن يحدث شيء من هذا، خاصة بعد فقد جماعة ساحة الإرادة لوعيهم بسبب قلة الحضور.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com