سامي النصف

أيها السادة.. لا تسمحوا بتزييف إرادتنا!

ذهبت ذات مرة الى إحدى مليونيات ميدان التحرير ووجدت إضافة الى رجال الأمن، شبابا قد أحاطوا بالميدان ساعدا بساعد، لا يسمحون لأحد بدخوله دون ان يريهم هويته الشخصية وهو ما فعلته كي يسمح لي بالتواجد ضمن الحشود رغم ان 99.9% من سكان مصر هم من المصريين ومن ثم لا خوف من ان يكون أغلب المتجمهرين من غير مواطنيها.

***

في المقابل.. يمثل الشعب الكويتي ربع سكان الكويت فقط ولا يمتاز الكويتيون بأشكال تختلف عن بقية السكان، بل من الكويتيين من هو شديد البياض ومنهم من هو شديد الاسمرار وما بينهما، كما ان سعر الدشداشة التي يمكن ان يلبسها من يشاء لا يزيد على دينار ومثلها الغترة والعقال، وعليه وكي تطمئن النفوس بأن حضور التجمعات يمثلون «بحق» الشعب الكويتي وحتى لمعرفة أعدادهم بدقة بدلا من التنابز بالأرقام المعتاد، على رجال الأمن ان يضربوا طوقا حول التجمعات ولا يسمح إلا بدخول الكويتيين فقط وأي شيء أقل من ذلك يعني ان السلطة أصبحت تسمح بتزييف إرادتنا وترك الغريب يملي شروطه عليها، كما ان الاعتراض على ذلك الإجراء المنطقي يعني ان المعترضين ينوون ملء الساحات بالغرباء لتزييف إرادة الشعب الكويتي المغلوب على أمره!

***

بعد فاجعة العريس الشاب الذي قضى برصاصة أطلقت عليه بالخطأ من صديقه، وبعد ما شاهدته على اليوتيوب من مناظر مرعبة لما يجري في بعض الأعراس من إطلاق رصاص «بغزارة» من رشاشات الكلاشينكوف الروسية وأم 16 الأميركية وكأننا في الصومال او احد بلدان الحروب الأهلية، ندعو لإصدار مرسوم ضرورة مغلظ جدا كفرض غرامة 100 ألف دينار وسجن 10 سنوات لمن يحمل السلاح غير المرخص، ونصف مليون دينار والمؤبد لمن يتاجر بذلك السلاح كي تتوقف تلك المآسي المتكررة وكي نمنع تحول التناحرات السياسية الحادة القائمة الى مشاريع حرب أهلية مستقبلية، فتلك الحروب المخططة لبلدان المنطقة لا تتم ـ للعلم ـ باستخدام الطراق والعجرة بل بالأسلحة التي نراها ونشاهدها رأي العين، فماذا ننتظر؟!

***

آخر محطة: في وقت استمتع فيه الناس بقضاء عطلة العيد مع أهاليهم، الشكر الجزيل للواء محمد اليوسف على زيارته للمراكز الحدودية الكويتية وإيصاله تحياتنا جميعا لأبنائنا رجال الأمن الساهرين على حمايتنا وأمننا والذين أصبحوا مستهدفين هذه الأيام من القائمين على «مشروع تدمير الكويت» عبر التهجم على المسؤولين ورجال القضاء ورجال الأمن.. وكم من جرائم ترتكب باسم الوطنية والدستور من قبل من باع الوطن وتاجر بالدستور.. وعلى عينك يا تاجر!

 

احمد الصراف

ملاحظات صديقي سلمان

1 – يقول سلمان انه كان وزملاؤه جالسين في مسجد مع مدرس التربية الإسلامية، وهنا دخل الطالب طوني عليهم ليستأذن من المدرس بالانصراف، لأنها كانت الحصة الأخيرة، ولا علاقة له بها. وما ان وصل إلى منتصف المسجد حتى صرخنا فيه بألا يدخل، لأنه مكان محرم عليه كونه مسيحيا، فتصلب طوني في مكانه والخوف باد على وجهه، وهنا قال الأستاذ: الا تستحون؟ أليس عيبا عليكم؟ ثم دعا طوني، وسط دهشتنا، للجلوس معنا، إلا أنه رفض وغادر المسجد ممتقع اللون. وهنا قال المدرس: من منكم يستطيع ان يخبرني أين كان نبي الإسلام يستقبل وفود الكفّار، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ألم يكن ذلك في المسجد؟ وكان ذلك صحيا ولكن عقولنا الصغيرة يومها لم تستوعب الأمر، فربما تصرفنا من واقع أنهم أنجاس، وهذا ما قاله أحد الطلبة للمدرس، في معرض تبريره لما بيناه من اعتراض على دخول غير مسلم للمسجد! ولكن المدرس لم يرد، واستمر في درسه!
2 – ويقول ان نظامنا التعليمي لم يكتف بإهدار وقتنا في تعلم مواد علمية لا نذكر منها شيئاً، كالفلزّات وحساب نصف قطر الدائرة وغيرها، بل ساهمت مدارسنا في ترسيخ نزعات العنصرية المتغلغلة في نفوسنا حتى اليوم. فعندما تستمع إلى أحدهم وهو يحكي عن جاره أو زميله في العمل، ستجده يشير في حديثه، دون أن يشعر، إلى لون بشرة ذلك الجار أو عرقه أو مذهبه، ولذلك علينا ألا نستغرب إن ضربت الفتنة الطائفية كل المنطقة قريبا، وإن هذه ليست إلا بداية العاصفة! ومن يستخدم الــ «التويتر والواتس أب» والايميل يعرف مدى ما يزخر به الإنترنت من رسائل حقد وكراهية طائفية والكثير من الأكاذيب والأحاديث والفيديوهات والصور المفبركة عن الشيعة والسنة!
3 – ويقول سلمان ان في كل بيت من بيوتنا ابن لادن، أو متعصبا صغيرا ينتظر الساعة المناسبة لمقاتلة الكفار وأهل البدع، إن في المدرسة أو الملعب أو المقهى، وحتى في العمل، وما إن يصطدم معه أحد فكرياً، حتى تتفجر مشاعره المكبوتة في داخله ويتحول إلى مقاتل، وإن كان بقلبه فقط. وعندما كنّا صغاراً علّمونا بأنه «مَعَ حَمَد قَلَم»، وعلمونا «أن هنداً تلعب في المدرسة»، وعندما كبرنا كان أول عمل قاموا به هو الفصل بين حمد وبين هند حتى لا يقعا في خلوة محرّمة. وعندما كبر حمد، أخذوا منه قلمه وأعطوه قنبلة، ففجر نفسه والآخرين بها، وسؤالي هو: أين ذهب قلم حمد، وهو الذي نحتاجه الآن؟
4 – ويقول سلمان انه في الخمسينات كان في مكتب البريد الرئيسي موظف هندي من كيرالا، أو ربما اثنان آخران، وكانت الرسائل تصل بانتظام وسرعة ودقة، بالرغم من بطء وسائل المواصلات حينها مع قلتها. ولكن اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن وعشرات الرحلات الجوية اليومية، مع تخمة في وسائل فرز الرسائل إلكترونيا، وعشرات مركبات التوزيع، ومئات الموظفين الكويتيين والعرب، إلا أنهم أعجز من أن يؤدوا ما كان يؤديه ذلك الموظف الهندي «المخلص لعمله»! ويقول سلمان بحسرة: اننا إن كنا فشلنا بجدارة في أداء واحدة من أبسط الخدمات الحكومية، والتي لا تزيد على وضع رسالة بريد في الصندوق الخاص بها، فكيف يمكن أن ننجح في ميكنة الشؤون أو التسريع في عمل الموانئ أو ضبط الحدود أو القضاء على الرشوة؟ فقلت لسلمان: اذهب لبيتك وقل لخادمتك العجوز: غطيني يا «صفية»، ما في فايدة من الكلام!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com