لماذا يكره نواب مثل خالد سلطان العيسى ووليد الطبطبائي شيعة الكويت؟
ولماذا ينظرون إلى الشيعة بنظارة سوداء قاتمة تحجب بصيرتهم عن رؤية حقيقة الهوية الكويتية وتاريخ شيعتها كأساس ثابت وطيد منها؟ ماذا فعل شيعة الكويت لهؤلاء النواب المتشنجين دينياً والمتدثرين بشعار عنصري متغطرس يقول: نحن وحدنا الفرقة الناجية والبقية في النار، وطبعاً “الشيعة” سيكونون وقودها قبل بقية خلق الله من علمانيين وليبراليين ويساريين ونصارى ويهود…! لماذا يقيس هؤلاء من القيادات الفكرية للحركات السنية السياسية الشيعة بمسطرة واحدة، وهي مسطرة عوجاء متآكلة أطرافها غير مستوية، فلا يفرقون بين صادق خلخالي ود. حسن جوهر مثلاً، ويستوي عندهم أشد المتشددين كإمام نكرة في حسينية منزوية بشارع مجهول في طهران وبين الإمام السيستاني الذي ردع جموح الجنون والثأر والانتقام عند شيعة العراق عندما فجرت حثالات «القاعدة» المراقد ومواكب العزاء الشيعية، وحقن هذا الزاهد الكبير دماء الكثيرين من سنة العراق؟
ولماذا لا تفرق قيادات الفكر الطائفي الكويتي بين طائش شيعي يبحث عن الأضواء، ولعن شخصيات من الصحابة واجترّ حوادث سياسية مَضى عليها أكثر من ألف عام، وبين شيعي تقدمي رفض الهوية الطائفية وتمسك فقط بهويته الإنسانية؟
أين مصلحة الكويت ووحدة أهلها، حين تكون العقدة النفسية التاريخية لهؤلاء النواب هي الشيعة والشيعة والشيعة ولا أحد قبلهم ولا أحد بعدهم؟، وأين هي الوحدة الوطنية المزعومة حين يدور محور خطابهم البائس على التشكيك في ولاء شيعتنا وأهلنا الكويتيين ويرمونهم بأنهم “طابور خامس” لإيران وعملاء حسب الطلب للجمهورية الإيرانية؟ لماذا لا تتفهم تلك القيادات السياسية الدينية وضع الأقليات أياً كان موقعها في دول التخلف الفكري والحضاري عندما تنظر إلى ما وراء حدود الدولة حين تشعر بالغبن السياسي والاجتماعي في أوطانها، فتتصور أن إيران كمثال هي الدولة اليتيمة الحامية الوحيدة لهويتهم الطائفية بعدما رسخ غلاة الأغلبية مشاعر النبذ والاستبعاد لها؟
لا نريد من أكثرية “أهل السنة والجماعة” غير أن يدركوا بأن الكويت ليست سورية الجريحة ولا لبنان الملتهب، ولا نريد لهذا الوطن الصغير أن يكون حاضنة تفريخ للكراهيات الطائفية. ليتذكر مشايخ السلفيات الكويتية أن عمر حسينية معرفي أكثر من مئة عام، وأن “جندل و”باسجيل” سقف الحسينية الخزعلية كان يمدنا بشعور عميق بهوية الكويت وبهويتنا التاريخية التي “كانت” متسامحة قبل أن تزال تلك الحسينية الأخيرة ليقوم مكانها مبنى البورصة المالية، كبناء للحداثة المزورة، ففيها تتم المضاربات المادية ووراءها تتم المضاربات الطائفية السياسية التي يقودها “فرسان المناخ” الطائفي المدمر. اعقلوا قليلاً يا فرسان الطوائف، وكفوا عن سكب البنزين على جمر كراهية الآخرين.