سامي النصف

قرقيعان العيد

«عيدكم مبارك» نوجهها للمسلمين كافة، كما نوصلها لمن بقي في الكويت ولم يسافر من المواطنين والمقيمين والذين ما ان ينتصف نهار اول أيام العيد السعيد حتى يصيحوا «ضيقة خلق» لذا نرجو من الدولة الحاضنة أن تملأ الشوارع بالإضاءات والزينة الملونة وان يهتم الناس كنوع من التغيير بالتخطيط للفرح، فالعيد بذاته هو مجرد يوم آخر اذا لم تعمل الدولة والناس لجعله يوم بهجة وسرور.

***

إما ألا تدعو الناس لبيتك، أو ادعهم وأكرمهم، فهذا ما تحض عليه العادات الكويتية والعربية الأصيلة، لا ان تدعوهم لتهينهم، كان بإمكان الاخوة في «حدس» ألا يدعوا السفير الإيراني، أما وقد تمت الدعوة فلم يكن من الجائز إهانته بالتصريحات اللاحقة، فخطآن لا يعملان صحا وحدا، ونتمنى في هذا السياق عدم صحة ما قيل عن عدم دعوة سفير الإمارات لتلك الغبقة وللإمارات وشعبها وقيادتها مكانة في نفوس الكويتيين لا تنسى قط.

***

كتبت الشهر الماضي مقالا أسميته «ستينغر هو الحل الوحيد للمسألة السورية» ذكرت ضمنه ان صواريخ ستينغر هي الأمل الوحيد لقوى المعارضة السورية في ظل الفارق الكبير بين قدرات الجيش الرسمي السوري والجيش الحر، قبل الأمس نشر موقع «العربية» ان الولايات المتحدة قررت تزويد المعارضة السورية بتلك الصواريخ وهو أمر إن صح فسيسرع من حسم تلك الحرب الأهلية لصالح المعارضة، أما إن تأخر التسليم او تأجل فسيعني ذلك إما تحول الحرب في سورية الى حرب استنزاف طويلة المدى او حتى حسمها لصالح النظام.

***

نعم لدينا في الكويت وبشكل لا يقبل الشك اكثر من ميشال سماحة كويتي يدعي الوطنية ويسعى جاهدا في السر لتدمير بلده، ومن الصعوبة بمكان ان يقع الفاعلون متلبسين بأعمالهم المدمرة كما حدث في الحالة الاستثنائية لصنوهم اللبناني، وفي هذا السياق أعتقد ان شخصية استخباراتية ذكية مثل ميشال سماحة قد قصد عبر اعترافه السريع الذي قال فيه انه يحمد الله انهم قبضوا عليه قبل ان يتسبب في سفك الدماء الإيحاء بأنها عمليته الأولى وإرسال إشارات طمأنة لبعض حلفائه القادرين على إيذائه من انه لن يفصح عن عملياته الأخرى معهم التي نجحت في تفجير واغتيال الآخرين ولا يمكن لشخص مثل سماحة ان يقبض عليه في عمليته الأولى.

***

آخر محطة: في كل أرجاء العالم يختلف الساسة ثم تستغل الأعياد والمناسبات العامة للتصالح وعفا الله عما سلف إلا في الكويت، لذا فالأمر لا يخرج عن اثنين، إما أن سواد القلوب والحقد لدينا لا مثيل له في العالم او ان القرار مستلب عند بعض الساسة فهم خاضعون لأوامر تأتي من الخارج وما عليهم إلا التنفيذ لإبقاء البلد في حالة أزمة دائمة.

 

احمد الصراف

اللعنة أم الرحمة؟

قام حسن من نومه فجرا على جرس منبهه الكوري، ونظر إلى ساعة معصمه السويسرية، متمنيا أن يكون في الأمر خطأ، فهو بحاجة للنوم لدقائق قليلة أخرى، وصح توقعه، فقد رنت الساعة اللعينة مرة أخرى قبل موعدها، ولكنه لم يستطع العودة إلى النوم، فترك الفرشة الأميركية الوثيرة، بعد أن تقلب عليها عشرات المرات، مفتقدا زوجته التي ذهبت لأداء العمرة، ربما بطائرة «ايرباص»، مع والدتها وأخواتها. أضاء حسن مفتاح الضوء الإيطالي عند سريره، ودخل الحمام وقضى حاجته في الآنية الاسبانية، ونشف وجهه بفوطة ارجنتينية، ونزل إلى المطبخ وفتح البراد، وأخذ قطعة زبدة دانمركية إضافة لقطعتي خبز ألمانيتين مناسب للحمية، ووضع الخبز في التوستر، أو المحمصة الفرنسية، وملأ إبريق الكهرباء الياباني بالماء المعالج بالكلور والفلورايد البلجيكي، واخذ كيس الشاي السيلاني، ووضعه في الكوب الصيني، وجلس على الكرسي الفرنسي بانتظار أن يسخن الماء! مد يده لريموت التلفزيون الكوري، وأخذ يستمع لآخر اخبار قناة السي ان ان الأميركية، عاد إلى البراد وأخذ مرطبان العسل النيذرلندي الأسود، ووضعه أمامه مع صحن وشوكة وسكين من الصين، وبدأ بتناول إفطاره المبكر في ضوء الفلورسنت البولندي، مستمتعا بهواء المكيف الأميركي! وعندما انتهى ذهب إلى الحمام لتنظيف اسنانه بفرشاة اسنان يابانية ومعجون فرنسي. وهنا حان موعد صلاة الفجر، فأنهى وضوءه وذهب إلى غرفة نومه، حيث اعتاد الصلاة هناك، وفرش السجادة السنغافورية على الأرض وانهى صلاته! فكر في العودة إلى النوم، ولكن هيهات، وهنا قرر أن يذهب للسير على شارع الخليج فلاتزال الحرارة محمولة في هذه الساعة المبكرة. غادر البيت الخالي، بعد أن ارتدى حذاء الرياضة الصيني، ولم يستطع التأكد من مصدر جواربه، واستقل سيارته الألمانية واتجه إلى الخليج، وهناك فوجئ بالعدد الكبير نسبيا من المتريضين، وغالبيتهم أوروبيون، بعضهم يمشي وآخرون يهرولون، وثالث برفقة كلبه الضخم، واثنان جالسان يصطادان السمك بسنانير يابانية، وفكر بينه وبين نفسه: ألا ينام السمك؟ عاد بعد ساعة إلى بيته، وأخد يقلب صحف الصباح بورقها المستورد من فنلندا، والتي طبعت على مكائن بريطانية، ولكنه لم يستطع التركيز، حيث لم يعتد بعد على استخدام عدسات نظارته السويدية الجديدة، فترك الصحف جانبا، وعاد إلى المطبخ وشغل ماكينة قهوة الاكسبرسو السويسرية، وجلس يرتشف قهوته مع سيجارة إنكليزية أشعلها من كبريت سويدي، وهنا شعر بالنعاس! ترك كل شيء ومشى إلى غرفة نومه، واستغرق في نوم عميق. استيقظ على صوت قوي صادر من مكبرات المسجد التايلندية، فقام واغتسل وارتدى دشداشته، بقماشها الياباني ونعاله الإيطالي وحمل معه هاتفه الفنلندي، وذهب لأداء صلاة الجمعة في المسجد، كدأبه منذ سنوات! وهناك سمع خطيب الجمعة يدعو بالخير والبركة لجميع لمسلمين، وأن يوفقهم الله لما فيه صلاحهم، وأن يبعد عنهم كيد أعدائهم، ويوحدهم وينهي خلافاتهم. ودعا الخطيب بهلاك أعدائهم من يهود ونصارى وكفار، وأن يحرق زرعهم ويجفف أنهارهم ويرمل نساءهم وييتم ابناءهم ويقطع نسلهم! وهنا رفع حسن حاجبيه مستغربا، وأدار بصره في الحضور يبحث عمن يشاركه في استغرابه، ويقلب نظره في كل ما حوله من أثاث وأسقف وثريات وميكروفونات وخشب وسجاد ومكيفات وأسلاك وأجهزة ومراوح وأبواب وحديد وزجاج ودهان وديكور وغير ذلك الكثير، فوجد أن جميعه مستورد أو مصنوع بيد من طالب الخطيب بإفناء نسلهم، وتساءل بينه وبين نفسه، أليس من الأفضل أن نقوم أولا بصنع مثل هذه الأشياء بحيث إن فني نسلهم يكون لدينا البديل؟ وأليس من الأفضل، بدلا من الدعاء بفنائهم أن نطلب لهم الرحمة والتوفيق والهداية، لخدمتنا، وأن يرخص اسعار بضائعهم، ويزيد من جودتها، ويحسن من فعالية أمصالهم ويزيد من قوة أدويتهم ويرفع من تبريد مكيفاتهم؟ أم أن الدعوة عليهم بانقطاع النسل أفضل، وأكثر جلبا للحسنات؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

هكذا… عيدكم مبارك

 

مجالس البحرين في ليالي الشهر الفضيل: بدموع حسرة نودع شهر الله الأعظم… شهر رمضان المبارك، ونستقبل عيد الفطر السعيد… نسأل الله أن يعيد هذا الشهر الذي هو من أفضل الشهور والبحرين وأهلها في أمن وأمان وخير وسلام، والأمة الإسلامية ناهضة متحررة من الركون والركوع والهوان لقوى الاستبداد والجور.

في تلك المجالس الرائعة، التقى أبناء الطائفتين الكريمتين، واجتمع أتباع كل الديانات والمذاهب فيها يتبادلون التهاني ويتجاذبون أطراف الحديث ويتواصلون بكل طيبة وكرم وتعاضد، وهذه الصورة أسقطت مقولات الأفاكين وتجار الطائفية وأتباعهم ومواليهم الذين كانوا ولايزالون يروّجون لأكذوبة الانشطار الطائفي والاحتقان البغيض، وهذه المشاهد الجميلة لم ترقَ لسماسرة الطائفية فأثقلوا خطبهم (اللادينية) في الفضائيات الشيطانية وحساباتهم المريضة على الفيسبوك وتويتر وفي المنتديات الساقطة ليتناسوا – من شدة خبثهم – أنهم في شهر عظيم فضيل، فاستمروا في إثارة العداوات والضغائن والدعوات الطائفية… كلما ازداد سقوطهم كلما ازداد جنونهم… ولأن الكرام من أبناء الطائفتين ليسوا من أولئك… هكذا عيدكم مبارك.

***

لست أخي بل أنت نفسي: شكا مواطن من أبناء الطائفة السنية الكريمة أحوال السوق وكساده لصديق مقرب له من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة… ولأن الاثنين يعملان أعمالاً حرة وحالهما مشترك متشابه، قررا معاً أن يجتهدا ويكسبا رزقهما الحلال الطيب المبارك، حالهم حال كل مواطن شريف، على ألا ييأسا فالرازق في السماء… لا يمنع رزقه مقاطعة المقاطعين ودعوات المغرضين وأفكار الجهال الموتورين… تعاهدا على أن يواصلا الجهد كل من طرفه وأن يتعاونا في اقتسام اللقمة… حصل الشيعي على (شغلة حلوة فائدتها لا بأس بها) ولأن أخيه السني كان أحوج كونه افتتح مكتباً جديداً وتحمل التزامات مالية عديدة… أعطاه أخوه الشيعي الشغلة وتعاونا على إنجازها… لأنه ليس أخاه بل نفسه… هكذا أنتم… هكذا عيدكم مبارك.

***

*الحوار… : في بلادنا الصغيرة… دون غيرها من دول مجلس التعاون، ينبري مساطيل السياسة ومخابيلها ليجمعوا حولهم نفر من الذين لا حول لهم ولا قوة… في مجلس هنا أو خيمة هناك… ويبدأون في تقديم أطروحات تحشيشية غاية في الضلال والتضليل! ولعل أحدهم ممن نصب نفسه خبيراً استراتيجياً سياسياً، ومدافعاً أوحداً عن الوطن، يبلغ لديه القلب إلى الحلقوم حينما يسمع كلمة (حوار)! لا يهمّ في الأصل إن كان ذلك الحوار جادّاً أو استهلاكيّاً أو هو يعرف أصلاً ماذا يعني الحوار! فيبدأ في سوق أسطوانة (المؤامرة الكبرى) على الوطن مدعياً كشف فصولها وداعياً إلى الاحتراب وتشكيل اللجان الشعبية كما يصف، لا بل يشرك عدداً من دول المنطقة في تحليله (الدونكي شوتي) ليضخم ما يمكن تضخيمه إرعاباً لمن التفّ حوله ولمن يستمع له من المغفلين… حاله حال محارب طواحين الهواء الخرافي (الدون كيشوت).

على الضفة الأخرى، فإن الكثير من المخلصين حين ينظرون إلى نهاية للأزمة في البلاد عن طريق حوار يتأسس على المصلحة العليا للوطن وبمشاركة كل القوى السياسية المعارضة والتيارات التي تريد الخير للبلد، تراهم يقدمون طرحاً متزناً واقعياً ينطلق من قراءة دقيقة للتحولات الجارية في المنطقة… يريدون أن تكون البحرين، في القريب العاجل ومستقبلاً، أنموذجاً لثنائية الحقوق والواجبات في معادلة المواطنة الحقيقية… هؤلاء المخلصون، وأنتم منهم… هكذا عيدكم مبارك.

***

مسلسلات الشهر الفضيل: كثيرة هي متعددة متنوعة… بين التاريخي والوثائقي والدراما الاجتماعية والكوميديا والفنتازيا… بعضها لا علاقة له بالشهر الفضيل وبعضها الآخر لا علاقة له لا بالشهر الفضيل ولا بغيره من شهور السنة! لكن الخيار للمشاهد قطعاً! فجأة تنتهي حلقة هذا المسلسل أو ذاك… فتمتلئ بعض المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي بالسباب والشتائم بين سنة وشيعة… ومجوس وروافض ونواصب… بين موحدين ومشركين… بين أهل جنة ونار… ولعل لسماسرة الطائفية المعفنين نصيب الأسد منها، وخصوصاً أنهم يشتمون ويهتكون الأعراض ويبثون سمومهم ثم يكثرون من قول: «أستغفر الله العظيم»… أي عيد لهؤلاء غير الدعاء لهم بالهداية! أمّا أنتم… أصحاب القلوب الطيبة والنفوس المليئة بالتقوى والمحبة والأخوّة… فعيدكم مبارك… وكل عام وكل بحريني وخليجي وعربي ومسلم وكائن من يكون من يحمل قلباً تملأه الإنسانية… بخير… عيدنا وعيدكم وعيدهم سعيد وعايدين بالصحة والسلامة.