سامي النصف

السيد الحكيم وأسرة كلها حكمة!

حضرت في ديوان الصديق عبدالعزيز البابطين حفل الفطور الرمضاني الذي أقيم على شرف السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له وقد تلا الافطار حوار مفتوح بدأه البابطين بكلمة ترحيبية ثم تلاه السيد عمار الحكيم بحديث به الكثير من الحكمة والرزانة والاعتدال التي تشتهر بها عائلته الكريمة مبديا رغبته في تحسين العلاقة العراقية ـ الكويتية بعيدا عن المزايدين والمحرضين من الطرفين.

***

نشر موقع «العربية» قبل أيام خبرا مفاده ان السيدة تحية كاظم زوجة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر شيعية وابنة لتاجر سجاد ايراني، والحقيقة ان اول من قال بذلك الأمر هو العقيد فاضل عباس المهداوي إبان محاكماته الشهيرة قاصدا النيل من عبدالناصر عبر القول ان المنادي بالقومية العربية زوجته ايرانية وقد انقلب آنذاك السحر على الساحر حيث لم يرضي مثل ذلك القول وقبله رفض عبدالكريم قاسم ابن خالة المهداوي التماسات مرجعية النجف ممثلة بالسيد عبدالمحسن الحكيم بتخفيف احكام الإعدام عن الضباط القوميين ممثلين بناظم الطبقلجي ورفعت الحاج سري ورفاقهم وجميعهم للعلم من الضباط السنة، القبول لدى المرجعية فصدرت فتوى تكفير من ينتمي للشيوعية وهو ما أضر بالحزب الشيوعي العراقي وأصابه في مقتل.

***

والمرجع الاسلامي الكبير عبدالمحسن الحكيم هو الذي اتاه رئيس الوزراء الشيعي صالح جبر متباهيا بعد ان عقد معاهدة بورتسموث مع بريطانيا عام 1947 والتي لم تلق القبول من الشعب العراقي قائلا ان بتعيينه أي ـ جبر ـ حصل الشيعة على حقوقهم فأجابه المرجع الكبير وبحكمة بالغة «لو ان رئيس الوزراء سني وأخذ المواطن الشيعي حقه كاملا من الحكومة فتلك بنظرنا وزارة عادلة وغير طائفية، ولو ان رئيس الوزراء شيعي ولم يأخذ السني حقه من الحكومة فتلك وزارة طائفية وغير عادلة.. وما احكم آل الحكيم!

***

آخر محطة: لم يُعرف العراق الحديث «الطائفية» إلا في عهد المجرم صدام حسين فقد شهدت ثورة العشرين وحدة وطنية بين السنة والشيعة يحتاج عراق اليوم لأن يستحضرها، وفي هذا السياق يذكر المؤرخ العراقي الكبير د.علي الوردي في كتابه «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» ـ الجزء الخامس حول ثورة العشرين ص348 نصا «نفدت أسلحة الثوار وأعتدتهم كما نفدت اموالهم وقد نشط تهريب السلاح للثوار من الكويت.. علاقة وثيقة كهذه لماذا يسيء البعض لها؟!

احمد الصراف

مشكلة صافية

قلة من العرب، ومن الفلسطينيين بالذات، من سمعوا باسم عفيف صافية، دع عنك معرفة من هو اصلا! ويبدو أن الكثيرين سيكونون سعداء بعدم معرفته، فحضوره عادة ما ينكأ جراحا لا تندمل، ووجوده دليل صامت، ولكنه حي، على مدى تقصيرنا في تقدير المميزين منا، وتحيزنا، كما أن ثقافته تشكل تحديا لا يرغب في مواجهته انصاف المتعلمين منا!
ولد عفيف عام 1950 في القدس، وهو دبلوماسي فلسطيني فذ، بدأ حياته السياسية كنائب لرئيس البعثة الفلسطينية (المراقبة) في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، ثم انتقل ليصبح ضمن هيئة مكتب ياسر عرفات في بيروت، في اوج قوة المنظمة عسكريا وسياسيا في لبنان، وكان مسؤولا عن العلاقات مع دول أوروبا. ولكن بداية عفيف الدبلوماسية الحقيقية كانت عام 1987 عندما عينه عرفات ممثلا للمنظمة في النيذرلاندز، ثم انتقل بعدها ليصبح رئيسا للبعثة الفلسطينية في بريطانيا، حيث أبلى بلاء حسنا. وفي عام 2005 ترأس مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، جاب خلالها أميركا طولا وعرضا، محاضرا عن القضية الفلسطينية، ومدافعا عن القدس وحق العودة، ولكن نجاحه الكبير أوغر صدور اصدقائه، وما اكثرهم، وأعدائه، وما أقلهم، فلم يستمر في منصبه لأكثر من عامين. وفي عام 2008 عين سفيرا لفلسطين في موسكو، ولكن الرئيس عباس، كما يشاع، أعفاه من منصبه وأرسله ليبقى في الظل مؤقتا، وقيل وقتها إن السبب هو «تجرؤه» على المشاركة في تظاهرة لـ «حماس»، وقيامه بإلقاء خطاب ندد فيه بالعدوان الإسرائيلي على غزة! ويعمل السيد صافية الآن سفيرا متجولا لفلسطين، ومركزه لندن، ولكن هذا لا يعني الكثير في العرف الدبلوماسي. ويذكر أن خلفية صافية الدينية والثقافية أهلته عام 1995 ليصبح عضوا في مجلس الأوصياء الدولي للفاتيكان، وممثلا رسميا للمنظمة لدى البابا جون بول الثاني.
ولكن، وهنا المشكلة، وبالرغم من الخلفية الدبلوماسية العريقة التي يملكها، والتي تجعله الدبلوماسي الفلسطيني الأكثر خبرة، والتي اكتسبها من العمل سفيرا في أهم ثلاث عواصم عالمية معنية أكثر من غيرها بالقضية الفلسطينية، وهي أميركا وبريطانيا وموسكو، إلا أنه لم ينل يوما حقه في التقدير، فمشكلة عفيف صافية، الفتحاوي، كمشكلة زميلته عفاف شعراوي، تتعلق بديانته من جهة وثقافته الواسعة من جهة أخرى، فهو بخلاف غالبية رفاق دربه من رجال فتح، غير مسلم، وأيضا بخلاف غالبيتهم ليس من رجال الخنادق ولا من حملة البنادق، وبالتالي فإن القلم الذي يحمله واللسان الذي يتكلم به، والخلفية التعليمية الراقية التي حصل عليها، لا تعتبر في عرف الكثير من قيادات المنظمة مؤهلات كافية، خصوصاً أنها تظهر البعض منهم صغارا بجانبه. ومشكلة عفيف صافية هي مشكلة كل مثقف، خاصة إن كان ينتمي لأقلية عرقية أو دينية، فهو هنا يصبح مصدر قلق وإزعاج للرئيس، اي رئيس، ولمن حوله! ولو كنت صاحب قرار لاخترت عفيف صافية، الذي لا أعرفه ولم التق به يوما، رئيسا لدولة فلسطين!

أحمد الصراف