ليس لأحد مكانة عالية لدى جماعة السلف كالتي يحظى بها السيد عبدالرحمن عبدالخالق، معلمهم الأكبر! وسبق أن ذكرت في مقال سابق تجربة صديق حاول، خلال محاضرة توجيه سؤال فطلب منه الانصات لان الرجل لا يجادل! ولكن في قراءة سريعة لمقال كتبه في الوطن في 20/7، نجد أن فكره لا يختلف مثل فكر بقية السلف ومن سار في ركبهم من إخوان وغيرهم، فهو فكر مثير للاستغراب والحيرة، ولا يعرف بالدقة المقصود منه، والغريب انه بالرغم من ذلك نجحت أفكاره في السيطرة على آراء ومواقف فئة يفترض أنها «مثقفة» ومدركة ولها تجاربها العريضة وسبق أن تلقت تعليمها في أفضل المدارس وانهتها بدراسات عالية في أرقى جامعات الغرب، ثم تأتي اليوم وتسلم أمرها وعقلها لفكر وعقل مثل هؤلاء من دون «احم ولا دستور»! فمن المعروف تاريخيا، طبقا لما ورد في كتب التراث أن النبي واجه في بداية رسالته معارضة شرسة من قريش! وفي محاولة من مناوئيه للضغط على المؤمنين به للعودة عن إيمانهم، فرضوا عليهم مقاطعة تامة، وأوقفوا التعامل معهم، فاضطر هؤلاء للنزوح والسكن في شعاب مكة، من غير مال ولا طعام ولا سقف يؤويهم، وهناك ساءت احوالهم كثيرا، كما ورد في كتب التراث والمدرسية، وواجهتهم مجاعة شديدة واضطر البعض للهجرة للحبشة! كما كاد النبي أن يقتل في غزوة أحد عندما خالف الرماة أوامره، ولولا أن حمته أجساد صحبه المخلصين لتمكن منه جند خالد بن الوليد! كما كان النبي يستشير الصحابة في كل غزوة قبل اختيار مكان نصب معسكر جيشه، والتأكد من وجود مورد ماء أو بئر بقربهم، لئلا ينقطعوا عنه. وقرأنا في كتب السيرة والمدرسة ان النبي اضطر في أكثر من مناسبة لأن يستدين لتمويل غزواته، وفي مرة رهن ترسه عند يهودي مقابل دين! ولكن ما ذكره السيد عبدالرحمن عبدالخالق في مقاله في الوطن تعارض تماما مع كل ما درسناه في مدارس الدولة، واطلعنا عليه في كتب التراث، فإما أن الذي قاله صحيح، وبالتالي على وزارة التربية تعديل مناهجها، أو أن الأخ يبالغ في ما روى، وعلى اتباعه إعادة النظر في موقفهم منه، حيث يقول في مقاله إن من معجزات النبي تكثير الماء القليل ليكون كثيرا، وتكثير الطعام القليل ليكفي جيشاً كاملاً، ونزول المطر بدعائه في التو والحال، وتكثير المقدار القليل من الذهب ليصبح كثيرا! وكان المقدار القليل من التمر يصبح كثيراً بين يديه، وأن المسلمين كانوا في سفر أو حضر يلجأون الى الرسول صلى الله عليه وسلم فيسقيهم الله ببركة من بركات هذا النبي وبآية من آيات الله، وقد جاء هذا بصور كثيرة، فتارة ينبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيشرب القوم ويملأون قرابهم وهم عدد كبير، وتارة يبارك الرسول في مزادة فتنفجر بالماء الى ان يسقي القوم، وتارة يضرب الرسول سهماً في بئر جافة فتفور بالماء، وتارة يبارك على عين جافة فيجري ماؤها.. إلى آخر ذلك من معجزات وخوارق! وهنا نحن لسنا بصدد ترجيح رأي على آخر، فجهلنا كاف علينا، ولكن، من أجل ألا يشمت أحد بنا، علينا أن نتفق على ما يرويه البعض، وخاصة الكبار (!) مقارنة بما يرد في الكتب المدرسية على الأقل، وأخيرا هل نحن حقا بحاجة لمثل هذا الكلام عن شخصية تاريخية صمدت لأكثر من 14 قرنا؟
أحمد الصراف