احمد الصراف

الرد الأخير

أرسل لي صديق جزءا من مقال الزميل مبارك الدويله في القبس وتطرقه لشخصنا. وبسبب لهجة المقال التهكمية وما أظهره من جهل بشخصنا لزم علينا الرد: يقول الزميل، مخاطبا إيانا بوزير مالية حكومة الظل، الذي يكتب يوميا عن العلمانية او الاخوان المسلمين ونادرا ما يكتب عن رؤيته في اصلاح الاوضاع المتدهورة للتنمية والبورصة في البلاد، اننا «استمعنا» لرأيه في علاقة الحركة الدستورية بتنظيم الاخوان، وأن الحركة كانت حتى 1990/8/2 تابعة لهذا التنظيم، ثم قطعت بعد الغزو! وأننا كتبنا مقالا نستشهد فيه بعدم مصداقية ادعائه، متطرقين لأمور حدثت قبل الغزو لتأكيد ارتباط اخوان الكويت باخوان مصر، مثل تأسيس جمعية الارشاد، وايواء رموز الاخوان الذين فروا من عذاب عبد الناصر في الستينات! وأن المضحك في مقالنا ما ذكرناه من أن اسماعيل السيد، احد كبار اخوان مصر، الذي جاء للكويت في بداية الخمسينات وكّلنا، مع علمانيتنا بأموره المالية، وانه أسرّ لنا بأن جميع من تعرف عليهم من الإخوان لم يكونوا جديرين بثقته! وان بعضهم سرقه وكذب عليه! وتساءل الدويله عن سبب عدم ذكرنا لهذا الكلام إلا بعد وفاة السيد؟
والآن دعني أرد على جملة ترهات المقال: أولا انا لست وزير مالية ظل، ولم اسع يوما لمنصب سياسي أو حزبي، كتكالبكم اليوم للوصول لأمانة الحركة، وتكرار سيناريو «حقوق الإنسان»، فثرائي النفسي والمادي جعلاني في غنى عن اي منصب كان، وقد ذقت وما ازال أذوق حلاوة الحياة، واستمتع بكل أموالي الحلال التي لم احاول يوما استغلال مناصبي أو حزبي أو تهديداتي النيابية في جمعها، ثانيا: اتهمتني بالاستماع لرأيك في علاقة إخوان الكويت بإخوان مصر، وهذا افتراء، فأنا لا أتابع ما تكتب أو ما تقول، غير ما يرسله البعض لي! ثالثا: كنت قبل 33 عاما في أرفع منصب مصرفي في بنك الخليج، وأدرت بكل أمانة مئات ملايين الدنانير، وخرجت من البنك، موظفا وعضو مجلس إدارة وليس في ذمتي فلس واحد، أو علي مأخذ صغير أو كبير، ولا أدري أين كنت أنت وقتها لتأتي اليوم وتتهجم علي! واثناء تلك الفترة تعرف علي اسماعيل السيد ووثق بي، بعد اختبار مالي، وعرف أن جلدي لا يشبه جلد الإخوان، الذين طالما ذاق مرارة التعامل معهم، وشوائب بعضهم. رابعا: كنت عضوا في أكثر من مصرف وشركة، وكانت لي أعمالي التجارية الواسعة، داخل الكويت وخارجها، وتخليت عنها مؤخرا لأبنائي، واخترت البقاء بعيدا عن «جلاحة» وجوه البعض وأنت تعرف من أقصد! ومع كل تاريخي المصرفي والتجاري على مدى نصف قرن إلا أن كامل الحركة الدستورية ومعها جمعية الإصلاح وجحافل التنظيم العالمي للإخوان ليس بإمكانها أن تجد مستمسكا واحدا يخدش سمعتي، وأنصحك بالتوقف عن رؤية الناس وطبع الإخوان، وأن الناس ليسوا جميعا أغبياء ليصدقوا هذا المنطق. خامسا: لو كنت من سابق قرائي لعلمت بأنني تطرقت في مقالات عدة لتجارب إسماعيل السيد مع الإخوان، وهو الذي قضى أكثر 53 عاما بينهم في الكويت! سادسا: ما دفع إسماعيل السيد للثقة بي، وليس بأحدكم، هو الشيء نفسه الذي دفع 23 آخرين من جنسيات مختلفة وديانات ومذاهب متعددة للثقة بشخصي المتواضع من خلال وكالات خاصة وعامة! وأخيرا نتمنى أن تنجح كل محاولاتك ضد الرموز الوطنية، ولست بأحدها، في أن تزكيك لاستلام قيادة جمعية الإصلاح والحركة الدستورية.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

سوريٌّ أنا

الفنان اللبناني يوري مرقدي ليس أفضل مني ولا “أطيب” خؤولة ولا عمومة، عندما أنشد “عربيٌّ أنا” وهو الأرمني، ولن يلومني لائم إن أنشدتُ، وأنا الكويتي: “سوريٌّ أنا”… وأكثر من ذلك، أظن أن يوري تفاخر بمن لا فخر لغالبيتهم، العرب، في حين أتفاخر أنا بشعب رفع شعار “بيدي لا بيد عمرو ولا مجلس الأمن”. سوريٌّ أنا من حماة، من حمص، من إدلب، من درعا، من ريف دمشق، من أحياء دمشق القديمة وأزقتها، ومن كل حارة شعبية وكل زقاق ضيق… سوري أنا من بلدة الماغوط، ومن حارة القباني، ومن مدينة حمزة الخطيب، ومن عائلة مفجر مبنى الأمن القومي… سوريٌّ أنا بكل ما أوتيت من فخر. وإذا كنت كتبت سابقاً: “قياساً إلى عدد النوابغ العرب المهاجرين والموجودين في أوروبا وأميركا… السوري هو الأذكى” فيمكنني اليوم إضافة كلمة واحدة إلى الجملة السابقة، “والأشجع”. نقطة على السطر. صدقاً، هذه هي المرة الأولى التي “يغلبني” فيها الفرح، ويربك حروف مقالتي إلى هذه الدرجة. ولا علاقة مباشرة لفرحي بمقتل السفاحين، لا، بل ليقيني بأن قواعد اللعبة ستتغير منذ اللحظة، فمع موت هؤلاء السفاحين ماتت قلوب أخرى لفرط خوفها، وحَيِيَت آمال كادت تموت لفرط يأسها، خصوصاً بعد ارتفاع عدد الشهداء بشكل يومي، وبعد مواقف روسيا، مربية الضباع. سوريٌّ أنا، وثوار سورية هم أول من شاهد هلال شوال… سوريٌّ أنا ولا صوت يطرب اليوم إلا صوت الرصاص وزغاريد الأرامل والثكلى… سوري أنا ولا لون أجمل من اللون الأحمر، ولا رائحة أزكى من رائحة البارود الأسود… سوري أنا وهديتي إلى كل أحبائي، وأضحيتي التي سأقسّمها على الفقراء في العيد الكبير “جثة بشار المعلقة على أعلى قمة جبل” ليتحول العيد الكبير إلى العيد الأكبر. سوريٌّ أنا… فمن أنت؟

احمد الصراف

ضميرنا والياباني

تذكرت، وأنا أكتب مقال السبت الماضي عن السيدة اليابانية موري، كيف أن وازع الضمير عند اليابانيين أقوى منه عند غيرهم، وهذا ما جعلهم اكثر استقامة وخلقا منا بالرغم من ضعف وازعهم الديني، أو خوفهم من أي عقاب سماوي او جنة أو نار، تذكرت أن الايرانيين عندما لا يريدون اقحام الدين في قسم ما، فإنهم يقسمون بالوجدان! وبالبحث وجدت أن الضمير هو الوجدان، أو قدرة الفرد على التمييز بين الفعل الخطأ والصواب، وبين الحق والباطل! والضمير هو الذي يؤدي الى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، والى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق أفعاله مع قيمه الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر، نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق، لدى كل طرف. والضمير يتطور وينمو ويكتسب قوته عن طريق التربية المنزلية والمدرسية والثقافة العامة. وفي هذا السياق، يقول الداعية السعودي عادل الكلباني، ان الكثيرين منا يُسك.تون ضمائرهم بصبغ أخطائهم بالشريعة، والبعض منهم يتحايل على الضمير أو ما بقي منه كي لا يلوم ولا يمانع الاستمرار في الخديعة، فتراه يحزم حقائبه الى بلد ما، في عطلة قصيرة جدا، هو ينوي الاستمتاع بامرأة، لكن ضميره لا يطاوعه فيحتاج الى أن يحتال عليه ليسكته في وهمه أن ما يفعله شرعي قد أفتى به العلماء، وهنا يقول لضميره: أنت ذاهب للزواج على سنة الله ورسوله، وان كنت تنوي الطلاق بعد يومين أو ثلاثة فالزواج صحيح! وان سأله ما تبقى من ضميره: أليست الأعمال بالنيات؟ فيسكته بأن الشروط والأركان تامة فالعقد صحيح. ويعود الضمير للتساؤل: حسنا، والخديعة والنية ألا تؤثران؟ فيسكته مرة أخرى: لا، لا أثر لهما فهما في القلب، لم نتفق على مدة، فالعبرة بصحة العقد لا بسلامة النية، وأننا نعمل بالفتوى، ولا نتحمل خطأ المفتي. وهنا يقول الضمير حسنا، فهل ترضاه لأختك، أو لابنتك؟ فيتلعثم هذا ويتمتم، ولكنه يجيب بتلعثم: يا أيها الضمير المتبقي فيّ، لهذا جئت الى هنا، فأنا لم أفعله في النساء العفيفات في بلادي الطاهرة وانما فعلته في قوم فقراء يحتاجون الى المال فأعطيهم قليلا منه يرضيهم ويغنيهم! يحتار الضمير ويتساءل: كأني كنت أسمعك تحكي أن المسلمين اخوة، وأن أعراضهم مصونة، وأن لا فرق بين عربي وأعجمي، وأن..! فيجيبه بكل ارتياح: الناس يختلفون، ولا بد من انزالهم منازلهم!.
كما يسكت البعض ضميره، أو ما تبقى منه، حين يريد أن يرتشي، فيسميها بغير اسمها، فهي اكرامية، عمولة، أتعاب، وان لم تأخذها أنت أخذها غيرك، والمهم أن تتقن العمل، فان الله يحب من أحدكم اذا عمل عملا أن يتقنه، فهو يحفظ الأحاديث التي تعينه على خداع ضميره، واسكاته، فليس هناك غش، ولكن تقاضي شيء من تحت الطاولة، ليكون ثمنا لأتعابك، وأنت لن تأخذ الا من بيت مال المسلمين، ولك فيه حق كما لبقية المسلمين! ويتناسى أن الاثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس! ويسكت ضميره، وهو يقتل المسلمين، يوهمه أنه يجاهد وينصر الدين، ويعلي راية الاسلام، وأنه ان مات مات شهيداً، وان عاش عاش حميداً، وأن هؤلاء المسلمين سيبعثون على نياتهم، وهو انما أراد تطهير البلاد من الكفرة الأنجاس! وايضا يسكت ضميره وهو يشتم هذا ويسب ذاك، ويتهجم على آخر، ويقطر لسانه فحش قول، وسوء أدب، بحجة الغيرة على الدين، والمحافظة على الأخلاق، والفضيلة! ويسكت ضميره كي يتجاوز حقه، فيتعدى في الصف لأنه مشغول، ويسرع في الطريق مستعجلا، ويقف في المنعطف، أو مزدوجا لأنه لا وقت عنده، أما الآخرون فليس وراءهم شيء! وهكذا نرى أننا ركزنا في التربية على العامل الديني فقط، وفيه مهارب كثيرة، واهملنا تنمية الضمير الحي وتربيته فينا، وهنا مكمن الخطورة وسبب تدهور أوضاعنا!

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

الفوضى السياسية!

هل نعيش في عصر «الفوضى السياسية»، فوضى بكل شيء، فالسلطات يتهم بعضها بعضا، ولا احد متفق على الأسباب الحقيقية للمشكلة السياسية ـ كيف إذن سيتفقون على حلها؟!

ما أعرفه جيدا اننا خلال «ستة أعوام» انتخبنا «أربعة مجالس امة»، وكل مرة يقال ان مجلس الأمة يتعسف باستخدام صلاحياته الدستورية، وتطلب السلطة التنفيذية حله.

هذه المرة لم يتعسف مجلس أمة 2012 باستخدام أدواته الدستورية، بل كان متعاونا الى أبعد الحدود، إذن لماذا يطبق عليهم حد «الحل»؟!

وكذلك كانت حكومة سمو الشيخ جابر المبارك متعاونة ومنسجمة مع الأغلبية النيابية من أجل القضاء على الفساد وإقرار المشاريع ولكنها ردتها «مجبرة» أو كما قال الوزير السابق المويزري ـ ترك سمو الرئيس وحيدا، الأكيد اننا في مأزق سياسي كبير أقحمنا به وستكون له نتائج كبيرة ايضا.

هل آن الأوان في النظر بالتعديلات الدستورية والتشريعات القانونية، وتحديد الصلاحيات لكل سلطة وبدقة عالية، لتحقيق مبدأ فصل السلطات، والابتعاد عن الشبهات الدستورية؟

ألسنا بحاجة ماسة لتعاون الحكومة ومجلس الأمة، أليست الحكومات ذات الأغلبية البرلمانية تحقق ذلك.

أيهما أفضل تشريع قانون يشترط إعطاء الحكومة الثقة عند تشكيلها من البرلمان، أما نترك الحكومة كما يجري الآن ـ في مهب الرياح السياسية ـ فربما تنتزع الثقة منها بعد تشكيلها مباشرة؟

هل أصبحنا بحاجة ملحة لتطوير آليات الانتخاب وإنشاء مفوضية للانتخابات ولجنة عليا، احداهما للإشراف على الانتخابات والأخرى للنظر بالطعون الانتخابية؟

أليس من ضروريات التطور السياسي، وللقضاء على التعصب المذهبي والعنصري، ولمقتضيات الأمن القومي أيضا، إقرار قانون الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب ومراقبة تمويلها ونشاطها وعملها، ام سنستمر فقط في الحديث حول جدلية ـ الدوائر الانتخابية عدد الأصوات للناخبين.

الحقيقة المجردة تقول ان ما يطلبه بعض النواب والتجمعات السياسية والشبابية، ليس بدعة ابتدعوها، بل هي من أساسيات الديموقراطية ومن دونها لا يمكن ان تمارس الديموقراطية.

٭ ملاحظة أخيرة: الأغلبية السابقة للأسف، اختلفت على الأولويات، بعضها يرفض إنشاء الأحزاب، وبعضها الآخر منقسم حول الحكومة الشعبية، والآخر كل همه ألا تتغير الدوائر الانتخابية، وهذا دليل على ان سياسة إطالة أمد الأزمة السياسية الحالية كفيل بتفكيك الأغلبية للأسف.

ـ زبدة الكلام «الإصلاحات السياسية آتية لا محالة فهذه سنة الحياة، شاء من شاء وأبى من أبى».

سامي النصف

الرئاسة المصرية وأخطاء البداية!

  الإخوان المسلمون هم قوة رئيسية على الساحة العربية، لذا على الدول الخليجية وحتى العربية أن تحسن التعامل معها، كما ان على الإخوان بالمقابل أن يحسنوا التعامل مع الدول الخليجية والعربية، فنجاح مشروع الاخوان في مصر وتونس وغيرهما يعني نجاح أمتينا العربية والإسلامية، وفشلهم يعني فشل دولنا تكرارا لفشل مشروع اليسار العربي بعد إضاعة 50 عاما من عمر الأمة في تجارب مدمرة فاشلة!

***

لقد بدأ الرئيس المصري د.محمد مرسي عهده بجملة أخطاء يصعب احتمالها أو تفسيرها، أولها إنزاله الجموع للشوارع والميادين إبان فترة ظهور نتائج انتخابات الرئاسة، وقد سبق له أن عاش في أميركا، فهل شاهد مثل ذلك الفعل هناك؟! ألا يعلم الرئيس أنه بإنزاله الجموع للساحات لفرض اختيار إما د.مرسي أو د.مرسي للرئاسة سيؤسس لممارسة قد تدمر جميع الانتخابات الرئاسية المستقبلية (ما لم يكن المخطط هو أن تكون الانتخابات الرئاسية الأخيرة هي الأخيرة)؟! فماذا سيحدث مستقبلا عندما يتنافس على الرئاسة مرشح من صعيد مصر ومرشح من أريافها، أو مرشح من القاهرة وآخر من الإسكندرية ويصر كل طرف على إنزال جموعه للشوارع لفرض فوز مرشحه؟! لقد كان المرشح أحمد شفيق شفيقا بمصر ومستقبلها عندما أرسل بعد دقائق قليلة من ظهور النتائج برقية تهنئة للرئيس مرسي، والسؤال المحق بعد تلك النتيجة المتقاربة: ماذا لو حدث العكس وفاز شفيق؟!

***

ومن الصعب فهم او استيعاب قرار الرئيس د.محمد مرسي الأخير برفض حل البرلمان وهو أمر استجاب لمثله وفي أكثر من مرة الرئيس السابق حسني مبارك، مما «زعّل» القضاة الذين أصدروا القرار الذي تسبب في الحل وأغضب المجلس العسكري الذي نفذه، وكل هذا لأجل جلسة برلمانية لم تزد على 5 دقائق وتحت مقولة ان ذلك المجلس سيحل في النهاية من قبل الرئيس الذي سيدعو لانتخابات خلال 60 يوما، متناسيا ان موعد الانتخابات البرلمانية تحدده اللجنة التأسيسية للدستور لا رئيس الجمهورية!

***

إن النزول للشوارع والالتحام بالشعب أمر قامت به في السابق قيادات مثل جمال عبدالناصر والقذافي وكاسترو وتشافيز ونجاد وغيرهم، دون أن يثبت ذلك صحة مسارهم اللاحق الذي أضر بشعوبهم، كما ان الصبغة الدينية للحكم لا تعني بالضرورة العدل والنجاح وانسانية التعامل، حيث جرب مثل ذلك إبان حكم المجاهدين ثم «طالبان» في أفغانستان وفي إيران والسودان فتفشى الظلم والقتل والقمع والفقر على أراضيها وبين ربوعها دون أن تحل مشكلة من مشاكل الشعوب الملحة، بل زادت حدتها وتفاقمها.

***

آخر محطة: كما يحسب أغلب التيار السياسي الشيعي في الخليج والمنطقة العربية على إيران وتحاسب بالتبعية على تصرفاته، فإن وصول الإخوان لسدة الحكم في مصر يجعل النظام في القاهرة مسؤولا أمام الدول الخليجية والعربية عن تصرفات جماعة الإخوان فيها كما كان الرئيس عبدالناصر مسؤولا عن تصرفات الحركات القومية في الوطن العربي. كانت الحكمة والوطنية تقتضيان من الرئيس د.محمد مرسي أن يظهر ومنذ يومه الأول وعبر قراراته أنه رئيس لكل مصر لا لجماعة من جماعاتها، الا ان بعض المراقبين يرى أنه تصرف على العكس من ذلك فقد حرص على مصلحة الجماعة قبل أي شيء آخر مما أدى الى تصادمه مع القضاء والعسكر. هناك ملايين المصريين العاملين في الخارج، فهل كلما حدث إشكال لأحدهم ستقله طائرة خاصة ليستقبله الرئيس ويفطر معه كما حدث مع الصحافية شيماء؟ أرجو ألا يكون في ذلك عودة للنهج «الهيكلي» في الإعلام الذي خدع الشعوب ودمر الأمة. نشر أمس الكاتب الإيراني د.محمد صادق الحسيني انه ووفداً إيرانياً التقوا هيكل في عزبته وأخبرهم ان عليهم التمسك بالنظام السوري وبالطبع «طز» في دم الشعب العربي السوري، ومنا للقوميين العرب.. مع التحية بعد تساقط الأقنعة!

احمد الصراف

متى يظهر كارل بنز جديد؟

ما ان مرت فترة قصيرة على استعانة كارل بنز، قبل 130 عاما تقريبا، بالبترول لإدارة محركات سياراته حتى بدأ الانهيار السريع لاستخدامات الفحم والبخار وحيوانات الجر والنقل! ويبدو الآن أن سيناريو بنز سيتكرر، وإن بطريقة معاكسة، فقد بدأ العد التنازلي في فقد منطقة الشرق الأوسط، والخليجية النفطية، بالذات، التي عجزت طوال 75 عاماً عن خلق أي مصادر دخل بديلة، أهميتها للعالم مع كل هذا الانحدار في أسعار النفط نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع تكلفة الاستخراج، مع ما صاحب ذلك من زيادات هائلة على رواتب موظفي هذه الدول وارتفاع مصاريف حكوماتها، هذا غير مساوئ الفساد الحكومي والإداري. وقد زاد الطين بلة السعي الحثيث لدول صناعية كثيرة لتخفيض اعتمادها على وقود النفط واستخدام بدائل له، وهذا حتما سيؤدي لزيادة الاضطراب السياسي في دول المنطقة وزيادة أعباء حكوماتها! وفي هذا السياق، صرحت السيدة أماني بورسلي، (الوطن، 6/24)، وزيرة التجارة والصناعة السابقة، كدأب كل من سبقها بالتحذير بعد الاستقالة، محذرة من خطورة الوضع الاقتصادي، وأن الانهيار قادم. كما دانت إقدام الحكومة على سد عجز الموازنة بـ «الاقتراض» من صندوق الأجيال القادمة! وسبق تصريحها ما ذكره وزير الخارجية السابق، الشيخ محمد صباح السالم، (القبس 6/19)، من ضرورة وقف الهدر المالي، وأن السياسة المالية الراهنة يجب الا تستمر، ويجب وقف طريقة الإنفاق العام! ولكن الشيخ محمد، بعكس أماني وغيرها من المسؤولين، قص الحق من نفسه واستقال، وإن لأسباب لا علاقة لها بخطورة وضعنا الاقتصادي والمالي القابل للانهيار! يحدث ويقال كل ذلك والسواد الأعظم من الكويتيين لا يدركون الخطر الداهم الذي تواجهه موازنة الدولة، وبالتالي ينادون بالمزيد من الهبات والعطايا! ويطالب آخرون «أكثر ذكاء» بأن تذهب المشاريع الحيوية، الطويلة الأمد، للجحيم، فـ «ثقافتهم» لم تعرف يوما ما يعنيه «طويل الأمد» بل طويل العمر، وهم يريدون شرب الماء قبل ان يتبخر وأكل الكلأ قبل ان يجف، ولا شأن لهم بمشاريع داو وماو ولا حتى بغيفارا أو حسني البرزان، وهؤلاء، في غالبيتهم، نتاج تربية مدارس حكومية فشلت، على مدى نصف قرن، في أن تخلق منهم مواطنين مدركين لما تعنيه المواطنة ومسؤولياتها! وزاد من إصرار «الجماهير» على أن تحصل الآن على حصتها من الكيكة، وليس غدا، ما يرونه من فساد ونهب لثروات البلاد عيني عينك، وهو النهب الذي بلغ ذروته في فترة غزو واحتلال الكويت، عندما شفط بضعة أفراد بضعة مليارات من الدولارات من مال الدولة من خلال تعاملات مشبوهة، وساهموا فوق ذلك في خسارتها لما يماثل ذلك في استثمارات فاشلة، ومن يومها، وحنفية السرقة لم تتوقف عن الصب، وبعدها لم يحاسب غير رأس أو رأسين صغيرين، وفلت البقية وغيرهم من العقاب! وهنا نرى أن الحكومة مدانة حتى العظم، ونحن مدانون أكثر منها لفشلنا، على مدى 40 عاماً على الأقل، في تكوين جبهة وطنية تكون ناصحة ومرشدة لها من جهة، ومتصدية لها، إن تطلب الأمر ذلك، في حال انحرافها عن مسيرتها!
وبانتظار ظهور كارل بنز آخر نضع أيدينا على قلوبنا فزعا على مستقبلنا ومستقبل كل الأجيال القادمة، فالدولة في خطر، وكل من يحاول التهوين من ذلك واهم واهم يا ولدي.
***
ملاحظة: ان الدور الذي تقوم به الرائعة في السلطان، كأول فتاة تمثل الكويت في ألعاب الأولمبياد، التي ستبدأ قريباً في لندن، في رفع اسم الكويت عاليا، أكبر من دور عشرات السفارات، وهي تستحق كل احترام وتقدير، وأشارك كل محبي الكويت في تمني التوفيق لها!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تكتل الأغلبية

كان خوفي ان تجر مجاميع الشباب كتلة الاغلبية الى تصعيد غير مبرر.. والى مطالبات لم يحن وقتها، ولكن صدور بيان الاغلبية الاخير اكد لي ان الحكمة هي المسيطرة على الاجواء.. وان العقلانية ومراعاة الواقع هما سيدا الموقف.. فجاء بيانها معقولا.. منطقيا… ممكنا.. واثبتت المجاميع الشبابية ان الحماسة لديها غير منفلتة، بل منضبطة، وان لديها نظرة سياسية للواقع لا تقل عمقا عن نظرة شيبان الاغلبية ورؤاهم!
***
• بيان التجمع السلفي الذي وقع عليه مشايخ السلف يحرم التظاهرات والاعتصامات والمسيرات، وبيانات سابقة لهذا التجمع رفضت ما يسمى بالاصلاحات السياسية للممارسة الديموقراطية، مثل الاحزاب والدائرة الواحدة والحكومة المنتخبة! ومع تقديرنا للمنطلقات التي بنى عليها التجمع مواقفه، الا اننا نتمنى ان نسمع منهم رؤيتهم في الخروج من هذا التيهان والضياع في الممارسة، وهي حال لا شك في انهم غير راضين عنها، لكن رفض الحلول وتحريم بعضها من دون ارشادنا الى البدائل المتاحة امر لا يسر!
***
• اتمنى ألا نحمّل رئيس الحكومة اكثر مما يحتمل.. فهذا الرجل ووجوده على رأس السلطة التنفيذية فرصة للاغلبية لتحقيق كل مشاريعها الاصلاحية.. لانه جاء مادّا يده لهم للتعاون.. فلا تخذلوه! اقول هذا الكلام بعد ان استمعت الى كلمة السيد احمد السعدون في ديوانه، والتي حمّل فيها رئيس الحكومة مسؤولية ما ستؤول اليه الامور بشكل عنيف، وخوفي ان ننخدع بامكاناتنا وخياراتنا، ثم نتحسر على هذا اليوم الذي لم نحسن استغلاله لتحقيق اجندتنا الاصلاحية.
***
•زميلنا وزير المالية في حكومة الظل.. الذي «ما قعد احد ما استفاد من خبرته في مجال المال والاعمال»… يكتب يوميا في عموده عن العلمانية او الاخوان المسلمين… ونادرا ما يكتب عن رؤيته في اصلاح الاوضاع المتدهورة للتنمية والبورصة في البلاد! زميلنا هذا استمع الى رأينا في علاقة الحركة الدستورية الاسلامية بتنظيم الاخوان المسلمين، وقولنا ان الحركة كانت حتى 1990/8/2 تابعة لهذا التنظيم، ثم قطعت علاقتها به بعد ذلك، وهي وان كانت تحمل الفكر والمنهج نفسيهما الا انها بثوبها الجديد بعد الغزو الغاشم، اصبحت غير تابعة تنظيميا لجماعة الاخوان المسلمين، صاحبنا بعد هذا الرأي كتب مقالا يستشهد فيه بعدم مصداقيتنا في هذا القول، فقد اورد استشهادات كلها قبل تاريخ 1990/8/2 يؤكد فيها ارتباط اخوان الكويت باخوان مصر! مثل تأسيس جمعية الارشاد، وايواء رموز الاخوان الذين فروا من عذاب عبد الناصر في الستينات، المضحك المبكي في مقالته انه ذكر اسم اسماعيل السيد، ونعته بأنه احد كبار اخوان مصر الذي جاء للكويت في بداية الخمسينات بكُتب توصية من كبار اخوان مصر، هذا الرمز الاخواني عندما قدم للكويت وكّل صاحبنا العلماني على اموره المالية كما ذكر في مقالته، وبعد ثلاثين سنة قضاها في الكويت «أسرّ له ببعض الامور التي تمس شخصيات من الاخوان وان (جميع) من تعرف عليهم غير جديرين بثقته! وان بعضهم سرقه وكذب عليه! وانهم.. الخ!).
يعني بالله عليك هذا الرمز الذي سميته من كبار الاخوان ما لقى احدا يلتجئ اليه الا حضرتك؟ وكُتب التوصيات التي كانت معه ما شفعت له؟ ولماذا يا صاحب المصداقية لم تكتب عما ذكره لك الا بعد ان مات في التسعين من عمره، وانت الذي لا تترك شاردة ولا واردة من حي او ميت إلا وكتبتها، بل وزخرفتها وجعلتها مانشيتا! اتق الله فيمن يقرأ لك على الاقل.

محمد الوشيحي

من بين تفاصيل جسدها

كانت فترة قررت فيها أن أقف على ناصية الشارع السياسي، أقزقز اللب والحَب وأراقب الجماعات السياسية وهي تتمخطر في الشارع ذهاباً وجيئة، من دون الحرص على مغازلة أيّ منها، دع عنك الارتباط الشرعي… من هنا تمر جماعة تتمشى بغنج مصطنع، ومن هناك تحرص جماعة أخرى على إظهار مفاتنها أمام المارة، وثالثة تتظاهر بالجدية وعدم الاكتراث بنظرات الجالسين على المقاهي أو الواقفين على النواصي، زي حلاتي، ورابعة تنظر إلى الناس من علٍ، وخامسة وسادسة وسابعة… لكل واحدة منها طريقتها في لفت الأنظار، إلا أنها كلها تدّعي أن أساس جمالها الفكر، ولا شيء غير الفكر، وتذكّرك أن الجمال الخارجي زائل لا محالة، فاظفر بذات الفكر تربت يداك، في حين أن أغلب هذه الجماعات قائم على الدم والنسب والعامل الاجتماعي، ويأتي الفكر في المرتبة الثانية إذا لم يكن في الثالثة. مراراً قلت وسأظل أقول إلى آخر حبل في حنجرتي: إذا كانت القاعدة في علم الجريمة تقوم على أساس “خلف كل جريمة ابحث عن امرأة أو مال” فإن القاعدة في علم السياسة الكويتية تقوم على أساس “خلف كل قرار أو موقف للجماعات السياسية ابحث عن العامل الاجتماعي”. يا صاحبي، العامل الاجتماعي يهزم العامل العقدي، وهو الأقوى، ويحتل أرضه، فكيف لا يهزم العامل السياسي أو الفكري وهو المستحدث والأضعف؟! ولك أن تنظر إلى علاقات الزواج وامتناع البعض عن تزويج البعض الآخر لأسباب اجتماعية بحتة، رغم التحذير الديني. ولهذا أقول لمن يسأل: “كيف تفسر تطابق أفكار الليبراليين مع التجمع السلفي في قضايا التعديلات الدستورية؟”، الجواب: “ابحث عن العامل الاجتماعي”، فكلاهما يرفض أن تأتي التعديلات من الفئة الأخرى… وإذا سألني آخر: “كيف تفسر تطابق رؤى التجمع السلفي ورؤى التيار الليبرالي، في حين تتضاد رؤى التجمع السلفي مع رؤى الحركة السلفية، وكلاهما ينتميان إلى قبيلة فكرية وعقدية واحدة، كما يفترض؟” أجيبه: “اختصاراً للوقت والحبر والورق، ابحث عن العامل الاجتماعي”. على أن السلطة بدلاً من مراقبة أحوال البلد انشغلت بمراقبة العامل الاجتماعي، وحرصت على توفير البنزين وأعواد الكبريت، استناداً إلى الفكر الاستعماري البريطاني: “فرّق تسد”. لذا، أقول لمن يعشق الجلوس في المقاهي السياسية أو الوقوف على ناصية الشارع: إذا مرت أمامك جماعة سياسية تستعرض مفاتنها، فركز نظرك على تفاصيلها الاجتماعية من بين تفاصيل جسدها، و”اترك الباقي لهم”.

حسن العيسى

لا من شيوخنا ولا مشايخنا

إذا كانت الكويت “إمارة دستورية” كاملة الدسم حسب تصريح السيد أحمد السعدون، وكما كتب عدد من الزملاء، فهذا يعني أن الكويت والبحرين والأردن والمغرب لا تختلف بدرجة “الملكية الدستورية” عن النرويج وكندا والسويد، وقبل كل تلك الدول المملكة المتحدة، التي دشنت ثورتها “المجيدة” (كما يصفونها) عام ١٦٨٨ مبدأ الملكية الدستورية، لكن مادام الكثيرون يرون أن الكويت “إمارة دستورية” فليكن، ولنعتبر تصريح السيد أحمد السعدون للشباب نوعاً من الدعوة إلى التهدئة في طرح التكتل الشعبي، الذي مثل خطاب السيد مسلم البراك في الدعوة للإمارة الدستورية أقصى يسار المعارضة، بينما مثل التجمع السلفي أقصى يمين الأغلبية المعارضة حين رفض الأحزاب والحكومة البرلمانية وتقريباً كل برنامج الأغلبية، بينما يقف رئيسه خالد السلطان في موقف مبهم لا نعرف “كوعه من بوعه”، ويبقى نواب حدس في الأغلبية بين البينين، وبالكلام الشعبي بين “المايتين”، ويعرفون تماماً كيف تؤكل الكتف. ويبدو أن الضرب على وتر الإمارة الدستورية لم يعد يطرب آذان دعاة الإصلاح السياسي من الشباب فارتضوا بالدعوة للحكومة البرلمانية، والسماح بـ”الهيئات السياسية”، وهذه “الهيئات” لا يمكن فهمها بغير التصريح للأحزاب السياسية بالعمل العلني الحر، فلماذا غيروا التسمية؟… لا أدري! كيف سننتهي من حالة الضياع الدستوري اليوم، وهل في جيب السلطة الحاكمة، وهم شيوخ الديرة (الدولة العميقة)، أي تصور للمستقبل السياسي للبلد؟ وهل سيقبلون بالتغيرات الحادثة والقادمة في المنطقة أم سنظل على نفس الحال نراوح مكاننا إن لم نكن نتراجع للخلف على جميع الصعد، حالنا من حال الخطوط الجوية الكويتية الداثرة…؟ والسؤال نفسه يجب أن يوجه إلى “الأغلبية” المعارضة… نسألهم في أي ميناء سترسون؟ ميناء محمد هايف وأسامة مناور ووليد الطبطبائي، أي الميناء الرسمي للدولة الدينية المستبدة التي تنفي الآخر وتهدر الحريات الإنسانية، أم ستظلون تجدفون في بحار معتمة لا ترون فيها بر الأمان…؟! هل لكم أي تصورات للوضع الاقتصادي للدولة في وقت تطل على العالم ملامح ركود اقتصادي يرافقه تدني أسعار النفط كبضاعة الدولة اليتيمة، أم ستظلون ترفعون شعارات الفساد والمفسدين كلوحات انتخابية عريضة؟ وهذه دعوات حق لكنها لا يجوز أن تكون ذريعة لإخفاء حقيقة غياب برنامج عمل اقتصادي للمستقبل! أسئلة كثيرة تتردد في رؤوس قلقة من مستقبل غامض، لا أجد لها إجابة لا عند شيوخنا ولا مشايخنا… دعوها تسير على البركة بحكم العادة الكويتية المتأصلة.

احمد الصراف

الحكمة مع الضفادع

تقول الحكمة إننا، في مرحلة من العمر، نصبح جميعا حكماء!
أرسلت الطرفة التالية بالإنترنت لجمع من الأصدقاء، ويبدو أن اثنين منهم لم يصدقا أن «رجلا» يمكن أن يتصرف بما تصرف به «بطل» هذه الحكمة: تقول الطرفة ان رجلا في السبعينات من عمره ذهب لصيد السمك، وهي هواية لا تجذب النساء، لأن بها لحظات سرحان لا تعد ولا تحصى، والمرأة لا وقت لديها عموما للسرحان! وهناك، وهو سارح في أفكاره، سمع صوتا يقول: التقطني! فنظر حوله فلم ير احدا، فاعتقد أنه واهم. عاد الصوت مرة ثانية: التقطني! وهنا تأكد من ان شخصا ما يخاطبه، ولكنه لم يجد أحدا حوله أو قريبا منه، وعندما تكرر النداء نظر في الماء فوجد ضفدعة طافية على سطحه وتبحلق فيه وتطلب منه أن يلتقطها، فقال لها هل تكلمينني؟ فردت بنعم، وقالت ان التقطني وقبلتني في فمي فسأتحول لأجمل امرأة وقعت عيناك عليها، وتأكد أن جميع أصدقائك سيحسدونك على جمالي، وسأكون لك أنت فقط! وهنا مد الرجل الكهل يده والتقط الضفدعة ووضعها في جيب سترته، فصاحت فيه: ما الذي تفعله يا هذا، هل جننت؟ ألم تسمع ما قلته لك، قبلني وسأتحول لفتاة جميلة وأكون لك! فأدخل الرجل اصبعين في فتحة جيبه وقال لها: لا لست مجنونا، ففي عمري من الأفضل أن يكون لدي ضفدع يتكلم كالبشر من أن تكون معي فتاة جميلة!
وفي نهاية الطرفة وردت الجملة التالية «مع التقدم في العمر تأتي الحكمة»! ولكن النهاية لم تعجب صديقين، وذكر كلاهما أنه من النادر وجود رجل يفضل اقتناء ضفدعة تتكلم على فتاة جميلة! وأقول انه ربما معهما حق، ولكن الرجل الكهل لم يكن غبيا، فهو لم يختر إبقاء الضفدعة إلا بعد ان «حسبها صح»، فوجود صبية رائعة الجمال بجانبه أمر جميل، وربما أكثر من ذلك، ولكنها أيضا ستشكل عبئا نفسيا وجسديا وماديا لا طاقه له به، هذا خلاف طمع الآخرين بها، وما سيتطلبه الأمر من جهد لحمايتها من «الذئاب»، وهو عاجز عن إرضائها أو إرضاء نفسه معها، وبالتالي وجد أن الحصول على ضفدعة تتكلم كالبشر أمر مسل وممتع وافضل من صبية رائعة الجمال!
ونعود للفقرة الأولى من المقال ونقول إن كل واحد منا سيصبح يوما حكيم زمانه وعليم مكانه! ولكن المشكلة تكمن في التوقيت، فان نصبح حكماء ونحن على فراش الموت شيء، وبلوغ الحكمة قبلها بكثير شيء آخر، فنحن عادة نكتشف أن الدنيا فانية، وما كان يجب أن نجري جري الوحوش خلف المال والملذات، ولكن غالبا ما يأتي هذا الاكتشاف متأخرا، فالتوقيت هو المهم، والسعيد ليس من عرف سر الحياة، بل من عرفها قبل غيره.

أحمد الصراف