علي محمود خاجه

وينكم

تعلمت كما تعلم الكثير من أبناء جيلي منكم، وقدمتم رسائلكم في الماضي بأنسب وأفضل شكل ممكن دون تكلّف أو تصنّع أو إقحام للقيم بطريقة التلقين كما يفعلون اليوم وأنتم تشاركونهم أحيانا. فمن “خالتي قماشة” تعلمت أن الحب لا يفرض بل يزرع بالكلمة الطيبة والسلوك الحسن، ومن “مدينة الرياح” و”عجاج” و”علقم” تعلمت الخير والشر بأبسط شكل، ومن “الغرباء – كامل الأوصاف” تعلمت أن الشجاعة غير مرتبطة بذكر أو أنثى، ومن “على الدنيا السلام” عرفت عن أنماط بشرية كثيرة ومشاكلها وهمومها اليومية، و”درس خصوصي” قدم درساً في المعاملة الزوجية، وأفضل الدروس الأسرية في “إلى أبي وأمي مع التحية”، وجزء من التاريخ أخذته من “الأقدار” و”درب الزلق” و”بس يا بحر” وغيرها من أعمال رائعة كـ”رقية وسبيكة” و”خرج ولم يعد”، وغيرها العشرات التي قدمت أفضل وأسمى المعاني بجهودكم وتعبكم أنتم ومن معكم. وتعلقت بحب الوطن من صوت رويشد وعبدالكريم ونبيل وشادي الخليج وسناء الخراز، كل هذا قدمتموه لي ولمن معي من أطفال في ذلك الحين، ومازلت مديناً لكم بكل هذه الدروس طيلة عمري. اليوم اختفى كل هذا الجمال، وفنيت كل تلك الدروس بصفعات وشتائم واغتصاب ومخدرات واستجداء الضحك أحيانا، وهو أمر ساهمت فيه الدولة بدور أساسي مع حلفائها لتهمش صوتكم، بل تلغيه، فرضختم ولم تقاوموا بل قبلتم أن تنجرفوا لهذا الوحل الكريه. وكل يوم تقدمون تنازلاً تلو الآخر حتى بات ما يعرض في التلفزيون لا يحمل هويتنا، وغير مرتبط بحياتنا لا من قريب ولا بعيد. فرضوا الرقابة السخيفة على أعمالكم فقبلتم، حولوا المسارح إلى مبان مهجورة فسكتّم، أقحموا كل تاجر بأعمالكم فشاركتم، جعلوكم تقيمون حفلاتكم في صالة تزلج لمدة عشر سنوات فتسابقتم عليها، وهاهم أمس يمنعونكم حتى من عرض مسرحية أطفال وينقلونها إلى موقع آخر لا لشيء بل لمجرد تهديد نائب فتقبلتم الأمر. أساتذتي حياة وسعاد وعبدالحسين وسعد والصلال والعقل وداود ومريم وهدى وعبدالكريم ورويشد ونبيل أنتم مسؤولون عن هذا التردي، فلا تكتفوا بعبارة “الحكومة مو مقصرة”، بل مقصرة وتقتل إبداعاتكم حتى بتنا بلا جيل ثانٍ منكم قادر على مواصلة مسيرة الفن الجميل الذي يقدم دروساً قد نحتاج إلى سنوات لأن ننالها لولاكم. لا تقبلوا بواقع حكومي تعيس أو بمجاملة وزير، واسالوا أنفسكم في ظل هذه الحكومة وهذه العقليات: هل ستتمكنون من تقديم ما قدمتموه في السابق؟ الإجابة قطعا لا فساحتكم استوطنها المهرجون وبعض من يعرض الأجساد على الشاشة. الأمر لا يعنيكم وحدكم، بل سكوتكم يقتل مجتمعاً كاملاً، فبالفنون الحقيقية والثقافة ترتقي المجتمعات، وما هذا التقهقر الذي نعيشه والتردي بشتى المجالات إلا نتيجة حتمية لخضوعكم لمن لا يستحق أبدا. عودوا إلى الواجهة، فأنتم قطعا أفضل من كل من في الواجهة من نواب ووزراء وغيرهم، وأعيدوا الزمن الذي يجعلنا نحفظ أعمالكم وكل حرف تنطقونه من هذه الدروس.

سامي النصف

كلمات هادئة في قضية دوائر ساخنة (2)

  تهديد رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك بالثبور وعظائم الأمور إذا لم يتخذ هذا القرار أو ذاك يثبت اموراً عدة نسجلها للحقيقة والتاريخ منها ان المقصود والمستهدف في هذه الحكومة والحكومة السابقة وجميع الحكومات اللاحقة هو رأس الناطور مادام ينتمي لأسرة الحكم ويسعى لاستقرار البلد، لا عنب مصلحة البلد والشعب.

***

ان عمليات التأزيم التي يقال إنها ستنتهي اذا ما تم هذا الامر او ذاك لن تنتهي على الاطلاق حتى تتحول الكويت الى صومال او عراق آخر تقطع به الرقاب وتتفشى به الفوضى والتفجيرات في المساكن والأسواق، فهذا ما تدفع الأموال الطائلة لأجله لمدعي البطولة والوطنية كي يخربوا اوطانهم تحت الشعارات الزائفة والمدغدغة تماما كما حدث في البلدان الاخرى، وهل سمعتم قط بزعيم وطني عميل يقول انه تسلم الثروات للقيام بعمليات ضرب استقرار وطنه وتشجيع عمليات الفوضى والتناحر بين الناس؟! فصندوق الاعذار والمبررات اللازمة لاستكمال ذلك المشروع الهادم والمخرب للكويت أوسع من المحيطين الهادي والهندي معا.

***

ان التهديد غير المنطقي وغير المفهوم بالمقاطعة والنزول للشوارع كوسيلة لفرض آراء ثبت خطؤها مرات ومرات وأودت بالبلاد الى حافة الهاوية وفي أحيان اخرى الى السقوط في الهاوية ذاتها كما حدث عام 90 امر لا حكمة فيه، وليس من الحكمة ان تتهم وتهدد الحكومة اليوم فيما لو قامت بما طالب به المهددون أنفسهم عام 2008 في ديوانية النيباري من اصدار مراسيم ضرورة لتعديل الدوائر الانتخابية (!) وصيف وشتاء على سطح واحد وتناقض يقبله ويبلعه بعض المغرر بهم.. وبذكاء بالغ..

***

ان ما يرجوه شعب الكويت قاطبة عدا قلة قليلة ان يسود العقل ومصلحة الكويت على كل ما عداهما من مواقف، وان تتوقف لغة التهديد والوعيد وتستبدل بلغة الحوار والتفاهم، فالتلميح بربيع كويتي على غرار الربيع العربي كذبة كبرى، فالفارق كبير بين الحالتين، حيث قام الربيع العربي بسبب القمع والجوع وغياب سيادة القانون بينما تحسد شعوب الارض الشعب الكويتي على ما يتمتع به من ديموقراطية وحرية ورفاه، وان مراسيم الضرورة لو صدرت فهي لتعزيز مبادئ العدالة والمساواة والالتزام بمبادئ سيادة القانون التي اتى بها حكم المحكمة الدستورية.

***

آخر محطة: (1) انا عضو في جماعة 26 التي لم تدعِ قط انها تمثل «رجال» الكويت في مواقفها فكيف جاز لـ 29 شابا ان يدعوا او حتى يوحوا بأنهم يمثلون مطالب كل الشباب الكويتي؟ وماذا عن الألف شاب وشابة الذين اصدروا الوثيقة الداعية للاستقرار السياسي في البلد والتي حظيت بدعم الكثيرين؟!

(2) يعلم الجميع ان الشباب الكويتي الحكيم والواعي هو المستفيد الأول من الاستقرار السياسي الذي يدعم عمليات التنمية ويخلق فرص العمل للشباب وان منهاج التجمهر والشدة والغضب الذي جرب مرارا وتكرارا في السنوات الماضية هو المتسبب في تخلفنا عن الجيران المستقرين سياسيا، كما ان ذلك النهج المتشدد هو والإدارات السيئة السبب في إفلاس مئات الشركات الكويتية وتفشي البطالة بالتبعية بين الشباب.

احمد الصراف

تكلم.. لكي أراك

وقف رجل وسيم وأنيق أمام سقراط، وأخذ يتبختر في مشيته ويتباهى بمنظره، فقال له سقراط: تكلم حتى أراك! ولو فكر الكثيرون منا في مدى عظمة هذا القول لاختاروا الصمت، قولا وكتابة، ولا استثناء هنا! فالغالبية تظهر حقيقتها عندما تنطلق في الكلام، وكثيرا ما نتمنى لو أن البعض بقي صامتا، فالكلام هو ما يميزنا كبشر، إضافة بالطبع لأفعالنا. وما هو محير هو ذلك الإصرار الذي يبديه البعض، ومنهم رؤساء دول، في الظهور على التلفزيون وإلقاء الخطب، بالرغم من أن قدراتهم لا تساعدهم حتى على إنهاء قراءة «بسم الله الرحمن الرحيم» من دون ارتكاب خطأ في اللفظ! وما يود سقراط قوله هنا أنه لا يرى البشر كما يبدون، بل بما في استطاعتهم قوله. وهنا نجد أن لغات العالم الرئيسية تبلغ نحو 1300 لغة، وهو رقم مختلف عليه بشكل كبير، ولكن اللغات المعتمدة في منظمة الأمم المتحدة، والتي تدون بها جميع مستنداتها، هي ست: الإنكليزية والمندرين (الصينية) والفرنسية والروسية والاسبانية والعربية. أما اللغات العشر الأكثر تحدثا، كلغة أم، فهي المندرين، لغة مليار صيني، تليها الإنكليزية بنسبة النصف، حيث لا يتحدث بها أكثر من 490 مليونا، ومن بعدها الهندية بأقل قليلا من ذلك، ثم الاسبانية ومن بعدها الروسية والعربية والبنغالية والبرتغالية، أي لغة البرتغال والبرازيل وانغولا ومكاو ودول أخرى صغيرة، ثم تأتي بعد ذلك لغة المالاي في ماليزيا وأجزاء كبيرة من أندونيسيا، وأخيرا الفرنسية! إلا أن الإنكليزية تبقى لغة العالم الرسمية والأكثر انتشارا، واللغة الثانية لغالبية البشر. كما أن اتقانها مسألة حيوية لكل العاملين في الملاحة الجوية والبحرية، فهي لغة التواصل والاتصالات.
وقد كسبت الإنكليزية مكانتها بداية بفضل أنشطة إنكلترا الاستعمارية ودورها الريادي في الكثير من الاكتشافات والاختراعات، واكملت الولايات المتحدة مهمة نشرها بثقافتها الجديدة وأدبها الحديث وفنونها وبما أنجزته وقدمته للعالم من كلمات حديثة في الطب والكمبيوتر والفضاء وفي غيرها.
نعتقد للوهلة الأولى أن غالبية دول العالم تعرف بلغاتها، أي أن الهندية يتكلمها الهنود، والبرتغالية يتكلمها البرتغاليون، ولكن بالتدقيق أكثر نجد أن العكس هو الصحيح، فغالبية دول العالم تختلف أسماؤها عن أسماء لغاتها، فالصينيون والتايوانيون يتحدثون المندرين، ولغة الفلبين هي التاكالوك، والنيذرلاندز وغالبية البلجيك يتحدثون الدتش، والبرازيل تتحدث البرتغالية، أما النمسا فلغتها الألمانية، كما نجد أن إنكلترا هي الوحيدة التي يتطابق اسمها مع لغتها ولكنها جزء من المملكة المتحدة او بريطانيا، وبالتالي فإن جميع الدول الناطقة بالإنكليزية، وعددها يزيد على الستين، ومنها دول الكومنولث والولايات المتحدة تختلف تسمياتها على تسمية لغاتها، وكذا الأمر مع مجموع الدول الناطقة بالفرنسية أو الاسبانية والعربية. وبالمناسبة فإن إطلاق تسمية هولندا على النيذرلاندز Netherlands غير دقيق، فرسميا لا توجد دولة بهذا الاسم، والاسم قديم ويعود لإحدى مقاطعاتها، ولا يستخدم في الداخل إلا تجاريا. كما لا توجد لغة سويسرية، حيث يتحدث هؤلاء بأربع لغات، الألمانية والفرنسية والإيطالية إضافة إلى أقلية تتحدث بلغة هي خليط من اللغات الثلاث.

أحمد الصراف