محمد الوشيحي

عام المتاهة

التحليل الذي نشره هذا الجورنال أمس، أو أمس الأول (معلش، تلخبطت أوراق الروزنامة فاعذرونا، يعذرنا ويعذركم الله) المهم أن التحليل المنشور على حبال هذا الجورنال عن الدوائر وحوسة الدوائر والسيناريوهات الممكنة وغير الممكنة، كان يُفترض أن تعطيه “الجريدة” لرئيس الحكومة من تحت الطاولة، بعيداً عن أعين البصاصين والمباحث والعسس، لكن رحمة ربك تداركتنا فقرأناه على صفحات الصحيفة. التحليل يتحدث عن سيناريوهات ثلاثة يتدارسها مجلس الوزراء للخروج من أزمة بيزنطة… ولأننا في رمضان، ورمضان كريم، فسأضيف إلى السيناريوهات الثلاثة رابعاً، يسندها ويشد من أزرها (راجع العدد المذكور للاطلاع على السيناريوهات الثلاثة). السيناريو الرابع هو أن يُترك الأمر  للشعب، من خلال مجلس الأمة الجديد (الذي سيُنتخب) ليقرر الدائرة الواحدة بنظام القوائم، وبهذا لا يجرؤ حتى الزير سالم على الحديث عن عدم عدالة توزيع الدوائر ولا جزئية التصويت أو اكتماله… على أن تقدّر المحكمة الدستورية الظرف الراهن والدوامة التي دخل فيها البلد والشعب بلا ذنب منهما ولا جريرة، فلا تُبطل المجلس الجديد، حتى لا نستمر في الدوران في الحلقة نفسها إلى أن تنقطع أنفاسنا وأنفاس البلد أكثر مما هي مقطوعة الآن. ورضي الله عن الفاروق عمر بن الخطاب الذي عطّل “القوانين السماوية” مراعاة للوضع الذي مرت به دولته، ولم يقطع يد السارق في عام المجاعة. فما المانع من الاقتداء بمنهج عمر فنوقف قطع “يد” الشعب في عام المتاهة؟ هذا على افتراض أن الشعب هو الذي سرق وتسبب في كل هذه الفوضى ويستحق قطع اليد.

حسن العيسى

براقش في حضن الحكومة أم حضن الأغلبية؟

لماذا الحكومة (شيوخ الديرة تحديداً) “تدور الطلايب”، وبين كل يوم وآخر تطلق بالونات اختبار، ماذا تريد بالضبط؟ وماذا يدور في رأس الحكومة ورؤوس مستشاريها! يبدو أن الحكومة تاهت وتوهت أحوالنا معها، أسابيع عدة مضت والدولة في “حيص بيص” بين جس نبض الشارع وقراءة ردود فعل المعارضين للسلطة ومنهجها (هذا إذا كان لديها منهج). الآن، وكالعادة، تتحدث الحكومة همساً على لسان الصحافة والإعلام، وبطريقة “عبر مصدر حكومي رفيع المستوى او موثوق به” (وكلها كليشهات مملة وخائبة تضج بها الخطابات الرسمية حين تتحاشى الشفافية وضرورات المواجهة) بأن الحكومة تدرس تحصين نظام الدوائر الخمس بإحالته إلى المحكمة الدستورية، فقد ظهر للحكومة بالمصادفة، وهي مصادفة حكم المحكمة الدستورية ببطلان المجلس الأخير، أن نظام الدوائر الخمس مخالف للدستور! ما هذا! بعد أكثر من خمس سنوات من العمل بنظام الخمس دوائر، اكتشف حصفاء الديرة أنه يفتقد العدالة، ما شاء الله، وكأن أعلام العدالة ترفرف عالياً على سطوح قوانين الدولة ومؤسساتها… فهل كانت العدالة أوفر حظاً في الخمس وعشرين دائرة، وهل الدوائر العشر التي يبشرون بها ستكون أكثر عدالة غداً حين يرسم فنانو السلطة والسائرون بهديها خرائطها. لا بد من الإقرار بأن مجالس الخمس دوائر لم تقدم جديداً على صعد الحريات أو التنمية البشرية، العكس هو الصحيح، فقد زادت الاستقطابات القبلية والطائفية، وانتهكت حقوقنا الخاصة، واستبدت الأغلبية بخطابها المتحجر ضد الشيعة والمختلفين معها، وزاد الفساد وأمراض مستعصية كالواسطات والمحسوبيات والرشوة، وكل أصناف الرداءة تراكمت في عهود مجالس  الخمس… ربما ليس بسبب نظام الخمس دوائر فقط، كي نكون منصفين، وإنما هناك أسباب إقليمية عربية، مثل الربيع العربي وما يصاحبه من هيجان طائفي وعرقي، ألقت بظلالها على هذه الدولة الصغيرة، لكن ماذا يمكن أن نعمل؟ وهل محنة الدولة سببها تقسيم الدوائر، أم أن المحنة كامنة في عقول الكويتيين وثقافتهم وعصبياتهم للقبيلة وللنسب العائلي وللطائفة وللشللية ومصالحها؟ سؤال لا بد أن يسأل اليوم، وهو أولى من حركات “جس النبض السياسي” أو التلويح بالاحتكام للمحكمة الدستورية، فليس من السهل تحديد مفهوم العدالة بالإنصاف والمساواة فقط، وليست هناك أجوبة مطلقة لفكرة  العدالة، وليست هناك خطوط قاطعة بين السياسة والقانون. لتدع الحكومة الدوائر على حالها، إن كانت تريد الاستقرار السياسي، وإذا كانت هناك قناعة بأن التقسيم الخمسي غير عادل، فلينطق بهذا الحكم المجلس المقبل، ومن أفواه الأغلبية وليس المحكمة الدستورية، فهم  من يعترض على الإحالة إلى المحكمة، وهم من يقول إن الحكومة لا تريد خيراً للديمقراطية حين تتأجل الانتخابات المفترضة لأجل غير معلوم ويبقى مجلس ٢٠٠٩ ببعض نواب الذمم المطاطية هماً على قلوب الناس.   فلتترك الحكومة للأغلبية – مهما صعب تجرعها- سلطة تعديل الدوائر، وإذا حدث أن تم الطعن بالتقسيم الخمسي، في ما بعد أمام المحكمة الدستورية، وبفرض أن المحكمة الدستورية قد (وقد مجرد احتمال) تحكم ببطلان التقسيم الخمسي للدوائر لغياب المساواة، عندئذ يمكن للسلطة الحاكمة أن تقول للمعارضة: على نفسها جنت براقش، “وزرع زرعتيه…”.

احمد الصراف

تجار دين وشهرة

ليس أصعب من أفول نجم من كان يوما ملء السمع والبصر، سواء كان فنانا، سياسيا، أو رجل دين، فالبشر بشر، فما أن تختفي الأضواء من حول أي من هؤلاء حتى يفعلوا العجب، ليعودوا إلى الواجهة، فالراقصات يفتعلن الفضائح، والسياسيون بغريب التصريحات، والدعاة بعجيب الفتاوى. وعلى الرغم من أن لرجال الدين فضائحهم، فإننا قلما نسمع بها، فمصلحة أنظمة وأفراد تتطلب التغطية عليهم! وقد سمعنا أخيرا بقصة النائب السلفي المصري الذي أجرى عملية تجميل لأنفه، وادعى أن عصابة اعتدت عليه! وزميله السلفي الآخر الذي قبض عليه متلبسا مع فتاة في وضع جنسي بسيارته، وكادت قصته أن تطمس لولا أن الحكم صدر بحل البرلمان، فأصبحت قضيته بيد النيابة! كما ينظر البرلمان العراقي في رفع الحصانة عن النائب محمد أمين حسن، من حزب الدعوة، الشيعي المتشدد، بتهمة تزوير شهادته الدراسية، وهو الذي اشتهر بتلاوة القرآن مع بداية كل جلسة! ولو تقبلنا فضائح الراقصات وسقطات السياسيين، فإن من الصعب على أي مجتمع القبول بفضائح رجال الدين، فهم من يعظ الناس ومثال النزاهة والاستقامة، فكيف يقترفون المحرمات، وهم القدوة؟ وكذا ما نراه مثلا في قضايا لواط الصبيان، إن في مجتمعاتنا أو في مجتمعات رجال الدين الكاثوليك، وحتى البابا متهم بالتستر على بعض المتهمين الكبار! ويقول زميل ان حد الزنى، الذي يتطلب عادة أربعة شهود، يطبق دائما في قضايا الاتهام التي طرفها رجل دين، أما الآخرون فشهادة مخبر سري تكفي لتثبت التهمة عليهم! وقد شاهدنا عددا ليس بالقليل من عمليات رجم نساء حتى الموت في أفغانستان وباكستان، من دون شهود، ولا لذكر شركائهن في «الجريمة»! كما هنالك أيضا بعض رجال الدين الذين دأبوا على إصدار فتاوى، تؤيد الإرهاب فقط للعودة للأضواء، أو يستخدمون سلاح الحديث الطائفي للوصول إلى الشهرة، وهذا ما نراه في خطب بعض متشددي الوهابية والشيعة، وبالذات ياسر الحبيب وآية الله المجتبي الشيرازي، فأحاديثهم المتوافرة على اليوتيوب تقطر سما وهراء، بما تتضمنه من شتائم لا تقبل النفس السوية سماعها، فكيف بتصديقها. وهناك أيضا خطباء يأتون بقصص خيالية لا تتسق مع اي منطق، مثل السيد الشيعي الذي ذكر حادثة طائرة تعرضت لسقوط محقق، ولكن ما أن ارتفعت دعوات الركاب للمهدي المنتظر بإنقاذهم حتى تعدل وضعها ونجا ركابها! وطبعا تناسى هذا الساذج ذكر اسم الرحلة أو تاريخها! كما تناسى أن طائرة «شيعية» اخرى أسقطها الأميركيون، قبل 23 عاما، أجبرت السيد الخميني على تذوق طعم السم، ووقف الحرب العراقية الإيرانية، مجبرا! ولا ننسى في هذا السياق أن فتاوى كمضاجعة الوداع، ورضاع الكبير، ونكاح ملك اليمين، وجواز نكاح الاب لابنته إن كانت أمها أمة، والحمل المستكن، قد وضعت مطلقيها على شاشات أشهر القنوات الفضائية، وفي نشرات أخبار أميركا واوروبا، فهؤلاء جميعا طلاب شهرة، وقبلها طلاب ثروة، وقصة رجل الدين السعودي القرني، الذي سرق كامل نص كتاب من مؤلفته، ونسبه لنفسه، لاتزال تسمع اصداؤها.

أحمد الصراف