سنخاطبك بلقبك الرسمي الذي لا يزال العالم، والمتحضر منه بالذات، يخاطبك به، فلا تزال رئيس سوريا، وبيدك أن تفعل الكثير لإنقاذ وطنك وطائفتك وعائلتك ونفسك! ولنبدأ بنفسك، فبغير ذلك نكون قد تجنينا على الحقيقة، فمن لا يفكر بسلامة نفسه لا يمكن أن يفكر بسلامة غيره، بشرا أو ترابا! فأنت يا سيدي لا تزال في مقتبل العمر، وأمامك الكثير لتعيشه، ولا تتصور أنك ستبقى في الحكم الى الأبد، وان حدث ذلك فلن تكون يوما، أو حتى لحظة، مطمئنا لسلامتك، وأمن وسلامة من تحب وتعشق، فقد وقع المحذور، واصبحت جزءا من دائرة عنف مستمرة، فإما أن تستمر في القتل أو تتوقف، وفي الحالتين لن ينتهي أعداؤك ولن تتوقف محاولات ذوي ضحاياك في التخلص منك! وبالتالي من الضروري التفكير بجدية في فعل شيء للخروج من هذه الدائرة الجهنمية، بأقل ما يمكن من الخسائر، ولو أن خسائرك، مهما عظمت، فإنها لا تقاس بخسائر وطنك وشعبك! لقد نجح والدك ونجحت أنت في أن ترفع من مستوى معيشة وكرامة أقليات وطنك لدرجة لم تبلغها من قبل، ولكن تشبثك بالسلطة واستماتتك في البقاء على القمة لن ينهي ما انجزت فقط، بل وسيعيد هؤلاء إلى درك اقل مما كانوا عليه من قبل، هذا ان بقي أحد فيهم حيا أو رافضا للهجرة! فكل ما انجزته لهؤلاء سيضيع ويذهب مع الريح، ان تسلمت قوى الشر والظلام الحكم في سوريا، وعليك بالتالي أن تجد مخرجا لهذا الوضع المأساوي، ومهما فكرت فلن تجد افضل من الرحيل بكرامتك، فلا أنت ولا أي انسان، بحكم الطبيعة، قادر على البقاء في الحكم الى الأبد، وخاصة عندما تنشب من حوله حرب أهلية حقيقية. عليك يا سيدي أن تفكر بالطريقة التي ستمضي بها الأربعين سنة القادمة من حياتك، وكيف ستحيا فيها واين، وليس كيف ستبقى حيا، وأين ستعيش مع أسرتك وفلذات كبدك ضمن مجتمع اصطبغت حياته بالدم، وفقد الكثيرون فيه كل شيء؟ ولا تقل لي بأنك تفكر بشعبك وأمتك وطائفتك، فمن الواضح أن ليس لهؤلاء أولوية لديك، فلا يمكن أن يقبل اي رئيس بفتح مدافع دباباته على شعبه، أو استخدام طائراته السمتية والحربية في قصف أحياء ومدن وطنه، ويستمر في الادعاء بأنه يسعى لسعادة ورفاهية شعبه! اعلم أنك تواجه، في جزء كبير من حربك، عصابة مسلحين مهووسين دينيا، ولكنك لا تستطيع ان تنكر أن بين من يعارضون حكمك وطنيين بذلوا الكثير الكثير في محاربتك، بعد ان سئموا من حكمك ودكتاتوريتك!
ان الحديث عنك وعن سوريا وعما يجري فيها ليس سهلا على علماني مثلي لا يؤمن بخلط الدين بالسياسة، او العكس، وبالتالي لا انكر أن مشاعري مختلطة ازاء ما يجري فيها! فمن جهة لا اريد لحكمك ان يزول لكي لا تأتي جحافل الجهل وتحكم أجمل بلد عربي، ومن جهة اخرى لا اريد لك أن تتشبث بالحكم، كما فعل غيرك، وتسهّل أكثر وصول القوى الدينية المتشددة إلى حكم سوريا، ولكن الحق أولى بالاتباع، وبالتالي فإن عقلي يقول بأن عليك، في كل الأحوال، أن ترحل!
أحمد الصراف