تخريب الدوائر الانتخابية..
سربت مؤخرا دراسة حكومية تعنى بإعادة تنظيم الدوائر الانتخابية الخمس، وخلاصتها أنها أخذت بعض المناطق وخصوصا من الدائرتين الكبريين (الرابعة والخامسة) وإضافتها للدوائر الأخرى، بحجة العدالة والمساواة ولتتقارب إعداد الناخبين في كل الدوائر الانتخابية.
وقد لفت انتباهي بعض التغيرات، مثل استئصال منطقة الأندلس والعارضية من الدائرة الرابعة إلى الثانية، فجغرافيا منطقة العارضية بعيدة جدا عن مناطق الدائرة الثانية، كذلك العارضية هي منطقة داخلية جدا، وفي عمق الدائرة الرابعة وليست منطقة طرفية ..
ولكن ربما أرادت الحكومة تقليل تمثيل «قبيلة المطران» في البرلمان القادم فاقترحت اجتزاء إحدى مناطق نفوذهم لتشتيت قوتهم التصويتية.
يبدو ان التغيرات المقترحة على الدوائر الانتخابية تهدف لزيادة تمثيل بعض القبائل والطوائف على حساب «العدالة الجغرافية» التي كان بالإمكان أخذها بالاعتبار، وإلا فكيف توضع الدعية مع العارضية، بل كيف توضع صباح السالم في الدائرة الأولى وتستأصل منطقة بيان الأقرب..
صوت واحد..
أفضل الأنظمة الانتخابية هي التي تقلص عدد الدوائر الانتخابية وتزيد عدد الأصوات للناخبين، وذلك لتتشكل أغلبية برلمانية مريحة ومن ثم حكومة متماسكة، تمثل إرادة الأمة وتوقعاتها، والعكس صحيح فأسوأ الأنظمة الانتخابية هي ذات الدوائر الانتخابية الكثيرة والأصوات القليلة، لأنها لا تنتج أغلبية برلمانية متجانسة، بل ائتلافات سياسية هشة يتحكم بمصيرها الأقليات والأفكار المتطرفة.
هناك من يردد أن الصوت او الصوتين سيحقق العدالة، وسيتمكن الجميع من التمثيل داخل مجلس الامة، بمن فيهم الشرائح الاجتماعية الصغيرة، نقول له «كلامك صحيح ولكن غير صحي». لان النعرات القبلية والعائلية والطائفية ستعود وستتعرض الصحوة السياسية التي شهدناها مؤخرا لانتكاسة كبيرة، بل سيتحول نواب مجلس الأمة إلى مجرد ممثلين لفئات اجتماعية معينة ومصالح ضيقة.
يبدو ان الجميع ـ مواطنين ونوابا وحكومة ـ متفقون على ان نظامنا الانتخابي بحاجة الى تغيير، والاختلاف هو على ماهية التغيير وتوقيته، لذلك يجب ألا تنفرد الحكومة بالقرار، وان تتريث حتى مجيء مجلس الأمة القادم، الذي سيشكل حتما إرادة الأمة الحقيقية وما تريده من تغييرات على نظامنا الانتخابي.