رزقت يوم الخميس الماضي بابنتي التي أسميناها “ليان”، ولا أعرف كيف أصف كم المشاعر المختلطة عليّ منذ ذلك الحين إلى اليوم، لذلك فأنا أكتب لـ”ليان” ما يخطر على بالي من مشاعر، وأشارككم بها لأنها لن تتمكن من قراءتها إلا بعد حين إن شاء الله. – أول درس هو أنكِ لم تشاركي في أي قرار يتعلق بحياتك إلى الآن، ولن تشاركي على المدى القصير على الأقل، فلا اسمك ولا ميلادك ولا والداك أو مكانتهما الاجتماعية أو مستواهما المعيشي أو عقيدتهما، ولا المكان الذي ولدت فيه، ولذلك لا تقبلي أبدا أن تحكم الناس عليك في أمور لم تختاريها أنتِ، ولا تعاملي الناس أيضا في أمور لم تختاريها ولم يختاروها. – كل الكبار يتمنون أن تكون صفحتهم كصفحتك بيضاء لا تشوبها أي نقاط سوداء، ولأنك من البشر فستدنس حياتك أيضا بنقاط سوداء، فاحرصي على تقليلها ما استطعت، فكلما زادت النقاط السوداء انكمش بياض الصفحة. – لا أعلم كيف ستكون الحال حينما تكبرين، ولكن أعرف جيدا أن هناك شيئاً أغلى من أمك ومني، وهو الوطن المريض اليوم، والذي لن يستمر إلا إن ساهمت أنت ومن معك من أبنائه وبناته في بنائه، فلا تكترثي لأي أمر أكثر من ذلك، فالكويت هي الأساس. – قبل 1400 عام تقريبا اختلف المسلمون الأوائل، والإسلام بالمناسبة هو ديانتك التي لم تختاريها، أقول اختلف المسلمون على أمورهم الدنيوية واستمر الخلاف وكبر مع مرور الأزمان، وأيا كانت قناعاتك في المستقبل لا تجعلي من خلاف تاريخي أساسا لحياتك، فالتاريخ يجب أن نتعلم منه لا أن نعيشه. – ستسمعين وتشاهدين أفرادا من بلادك يسعون إلى تدمير وطنك بصراع ديني أو عنصري بغيض، حاربيهم ولا تجامليهم واعلمي جيدا أن أي مكان اجتماعي أو سياسي أو طلابي تجتمع فيه فئة ذات دين واحد أو مذهب واحد أو عائلة واحدة أو قبيلة واحدة هو مكان سيئ موبوء تجب محاربته والقضاء عليه ليدوم وطنك. – عاملي المدرسة والشارع والمستوصف والجمعية والمجمع والنادي كما تعاملين بيتك، فلا تشوهي تلك الأماكن فهي بيتك فعلا، واعلمي جيدا أن كل كائن حي له الحق في الحياة كما لك الحق فيها. – وطنك الكويت يقطنه أناس يختلفون في آرائهم وانتماءاتهم وجذورهم، وما يحكم بينكم هو كتاب يسمى الدستور وضعه أجدادنا لنا لينظم علاقتنا ويمنحنا المساواة بين الجميع دون تمييز بسبب دين أو لغة أو جنس أو أصل فاقرئيه والتزمي به. – أسرار القبندي اقرئي عنها عندما تكبرين وتعلّمي منها كيف تكونين، فهي وزميلاتها من أفضل نساء بلادي على الإطلاق. – ختاما، نادي القادسية هو نادٍ جميل أحبيه وعبدالله رويشد صوت رائع فاسمعيه.
اليوم: 23 يوليو، 2012
أسباب الموقفين الصيني ـ الروسي من المسألة السورية!
تاريخيا عملت الصين وروسيا (الاتحاد السوفييتي سابقا) جاهدتين ولمدة 60 عاما لكسب ود وصداقة الشعوب العربية، فكيف يضحى بذلك التاريخ الطويل من الإنجاز عبر مواقفهما الحالية غير المبررة من المسألة السورية والتي تُخسرهما عطف وود 90% من الشعب السوري ومعهم 90% من الشعب العربي؟!
***
واضح أن مواقف الصين وروسيا ليست مبنية على مبادئ أيديولوجية أو حتى دينية، فالنظام في دمشق ليس شيوعيا كالصين وليس أرثوذكسيا كروسيا، وليست تلك المواقف الغريبة قائمة على مصالح اقتصادية، حيث ان الاغلبية المطلقة من الدول الخليجية والعربية والإسلامية مستاءة بشدة من تلك المواقف مما سيؤثر بالتبعية على المصالح التجارية والسياسية والعسكرية للصين وروسيا في المنطقة.
***
وقد يرى البعض أن تلك المواقف قد اتخذت مناكفة بالولايات المتحدة والغرب، والحقيقة ان ذلك التبرير يصعب فهمه كذلك، حيث ان العلاقة الروسية ـ الغربية، والصينية ـ الاميركية هي في أفضل احوالها سياسيا في شتى بقاع الأرض الأخرى، والاوثق اقتصاديا، كما يدل على ذلك كم التجارة وميزان المدفوعات بين البلدين والغرب بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة واستبدال سياسة العداء بسياسة المصالح والصداقة.
***
ويرى البعض الثالث أن تلك المواقف قد تكون مناكفة «طفولية» متأخرة من مواقف بعض حركات الاسلام السني الجهادية تجاه الاقليات المسلمة في الصين (الايغور) وروسيا (الشيشان) ومعروف أن الشعب السوري لا علاقة له اطلاقا بتلك الحركات المتطرفة المحاربة بشدة من حكومات دولها الاسلامية، كما يصعب فهم تلك المواقف لحقيقة انها تسيء لعلاقات الحكومتين الصينية والروسية مع الجاليات المسلمة ذات المذهب السني المؤثرة ضمن شعوبهما والتي يبلغ تعدادها (50 ـ 100) مليون مسلم في الصين و(20 ـ 24) مليون مسلم في روسيا الاتحادية، والتي تتعاطف بطبيعة الحال مع ما يجري للشعب السوري دون كسب شيء بالمقابل حيث لا توجد مكونات أو لوبيات ضغط علوية ضمن مكونات الشعبين الصيني والروسي.
***
الاحتمال الأخير، ولربما الوحيد، هو أن استحقاقات اللعبة الدولية في المنطقة الشرق أوسطية، فرضت مثل تلك الأدوار والمواقف على البلدين التي يصعب فهمها متى ما حكّمنا لغة العقل والمنطق والمبادئ الانسانية والعلاقة التاريخية والمصالح، حالها حال محاولة فهم مواقف وادوار قيادات منظمة التحرير الفلسطينية والاردن والسودان واليمن من غزو الكويت عام 90 والتي فرضتها قواعد اللعبة الدولية آنذاك!
***
آخر محطة:
الفخر (!) بأن النظام السوري هو من أوصل السلاح لغزة (إن صدقت المعلومة) هو أمر يحسب ضد النظام السوري لا معه، فذلك السلاح تسبب في اقتتال الاخوة الفلسطينيين وإسالة دمائهم وتشطيرهم وتقسيمهم لدولتين بحكم الأمر الواقع، وتسبب كذلك في غزو إسرائيل واحتلالها للقطاع، ولم يكن ذلك السلاح المفتخر به، وكما أخبرنا المسؤولون في غزة، الا أقرب للالعاب النارية والفرقعة الإعلامية.. لا غير!
مجموعة 29 الكبيرة
آمنت مجموعة من السيدات، ومن أطياف مختلفة من المجتمع، برسالة انسانية قلما اثارت اهتمام الكثيرين منا، إما لعدم إيماننا بما يسمى «حقوق الإنسان»، وإما لخلو تلك القضايا المعقدة من الشعبية، ورغبة الكثيرين في أن يديروا أوجههم عنها لزوايا ومناظر أكثر راحة وأقل دعوة للتفكير والتعاطف مع قضايا ومشاكل الآخر، وبالتالي فإن قلة فقط تهمها مسائل المساواة والعدالة بين أطياف المجتمع، وربما العكس هو السائد، حيث نرى ازديادا في قضايا وحالات التعصب والتمييز ضد الغير، ومن هنا تطلب الامر تدخل البعض، فتشكلت «مجموعة 29» التطوعية بجهود مجموعة من الناشطات الكويتيات اجتمعن تحت شعار نبيل وسام وهو نص المادة 29 من الدستور الكويتي والتي تقول ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون امام القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل او اللغة او الدين. وواضح ان هذه المادة لم تحدد جنسية من يتساوون في الكرامة والحقوق، بل هي لكل الناس، ومن هنا جاء اهتمام مجموعة 29 بقضايا البدون ضمن قضايا مهمة أخرى، كأولوية ملحّة. وفي هذا السياق، وإيمانا من المجموعة بأن التعليم هو اللبنة الأولى لتأهيل وإعداد إنسان متوازن قادر على العطاء والاندماج في المجتمع، تقوم المجموعة حاليا بالترتيب لنشاط لتكريم المتفوقين العشرة الأول من أولاد وبنات فئة غير محددي الجنسية، والعمل على تأمين مقعد دراسي جامعي للمتفوقين منهم، بصورة منحة داخلية، بما يضمن استمرارية تعليمهم وتوفير مستقبل أفضل لهم يساعدهم على خدمة أنفسهم وأسرهم والكويت مستقبلا. ومجموعة 29 تهدف بهذا الى التذكير ان هؤلاء الشباب جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، وإدماجهم فيه وتأهيلهم للحياة الكريمة ضرورة ملحّة يجب على الدولة ألا تغفل عنها.
وحيث إن شهر رمضان هلّ على الجميع هذه الأيام، وهو شهر طالما وصف بزيادة الخير فيه، فإننا ندعو هنا كل اسرة كويتية تفكر في مستقبل ابنائها وتعليمهم، للتفكير ايضا في المتفوقين من «البدون»، ودعم جهود هذه المجموعة الخيرية ومساعدتها للقيام بدورها واداء رسالتها الانسانية. وقد قمت شخصيا بإرسال مبلغ للمجموعة كمساهمة متواضعة مني، لدعم جهودها في تكريم ابناء «البدون» المتفوقين. كما أن المجال مفتوح لتبني تكاليف طالب او طالبة او اكثر لمنحة دراسية داخلية، علما أن الجامعة الاميركية في الكويت كانت اول من ساهم في توفير كرسي للطالب المتفوق الذي ترشحه المجموعة!
لمزيد من التفاصيل عن طريقة المساهمة والتبرع يرجى التواصل مع المجموعة على التويتر group29kwG@ ولمعرفة المزيد عن نشاط «مجموعة 29» يمكن الاتصال على الرقم التالي 97647645.
أحمد الصراف