محمد الوشيحي

عقوق ونهيق وشقشقة

أعود بالذاكرة إلى أيام قراءاتي الأولى بحثاً ونبشاً وتنقيباً عن سبب يدعوني إلى إعلان حالة الحرب على بعض الحروف والكلمات والجمل، وإعلان حالة الحب لبعض الحروف والكلمات والجمل الأخرى، فلا أتذكر. هو كُره رباني من المصنع، رافقني منذ الولادة… أتساءل: ما الذي بيني وبين “إنّ”، التي تأتي في بداية الفقرة، لأناصبها كل هذا العداء والجفاء؟ ماذا فعلت لي وبي؟ وما سر بغضي لجملة “مما لا شك فيه” وجملة “إنه لمن البديهي”؟ على أن جملة “مما لا شك فيه” هي الأقبح والأوقح والأبشع والأفظع في طول الأرض وعرضها، إلى درجة أنني وددت لو تسلقت قمة أعلى برج في الكويت وصرخت: من أراد أن تثكله أمه، وتترمل زوجه، ويتيتم ولده، فليقل “مما لا شك فيه” أمامي، ألا هل بلغت؟ مستلقياً أكون، أو جالساً ممدِّداً رجليّ على طاولتي، غارقاً في بحر القراءة، في سكون وهدوء… وفجأة تقفز بنت إبليس -جملة “مما لا شك فيه”- في وجهي، فأشهق بهلع، ويفور دمي في لحظة، قبل أن أستعيد قواي العقلية وأستجمع “قواتي” الصوتية وأعيد تنظيمها للقيام بهجوم مضاد على الكاتب وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه وقبيلته التي تؤويه: “إذا كان ما تكتبه لا شك فيه، ولا جديد فيه، فما الداعي لكتابته يا أيها الذي يستدرجه البرسيم؟”. أجزم أن من يكتب هذه الجملة الملعونة يعاني أمراضاً نفسية يصعب علاجها، وأن من يكتب “إن” في بداية الفقرة عاقّ بوالديه، وبينه وبين التواضع قضايا ومحاكم. ولا أدري ما الذي فعله أفراد المجتمع بمن يستخدم هذه الجمل وذاك الحرف كي ينتقم منهم كل هذا الانتقام. صدقاً، ما إن أقرأ جملة كتلك وحرفاً كذاك، سالفي الذكر، أو سيئي الذكر، خصوصاً الجملة، حتى يتجسد الكاتب أمامي بأذنين كأذني حمار، وأكاد أسمع نهيقه من بين السطور، فأضع أصبعيّ في أذني، وأسارع إلى زجره ودفعه بعيداً: “حا حا”، قبل أن أغسل يديّ بمطهر بليغ مثل “ذا”، الذي لولا الحياء لقبلته، أو “لذا” أو “كذلك” أو أيّ من مشتقاتها العطرية، أو بكتابات فيها من الشقشقة البلاغية ما ينعش الأنف والرئتين، كتقديم “خبر كان” على اسمها، في جملة سلسة، أو سجع غير متكلف، أو ما خف وزنه وغلا ثمنه من جواهر اللغة وأحجارها الكريمة. ومما لا شك فيه أن “مما لا شك فيه” تثير حنقي، وتُفقدني الكثير من الحسنات، وأنا في مسيس الحاجة إليها، فارحموني يرحمني ويرحمكم الله.

سامي النصف

بروتوكولات حكماء الدواوين!

  التهنئة القلبية للقيادة السياسية ممثلة بصاحب السمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء ولأسرة الخير وللشعب الكويتي كافة، وللأمتين العربية والإسلامية على دخول شهر رمضان المبارك، تقبّل الله من الجميع صيامهم وقيامهم وكل عام وأنتم بخير.

***

نرجو أن يتفق أصحاب الدواوين والمهنئون على بروتوكولات معينة يلتزم بها الجميع لتسهيل عمليات زيارة الدواوين والتهنئة بقدوم الشهر الفضيل بدلا من الفوضى التي تحدث نتيجة قيام بعض الزائرين بالتهنئة من يمين الديوانية وآخرين من يسارها فيصطدم الجمعان في وسط الديوان ويسود الهرج والمرج.

***

لذا من الأفضل ان تتم التهنئة باليد لأصحاب الديوان فقط ويتم الجلوس مع التهنئة الشفوية لباقي المتواجدين بشكل جماعي كالقول «مبارك عليكم الشهر جميعا» دون الحاجة لمصافحة الجميع باليد ممن يتكرر لقاؤهم في أكثر من ديوانية، كما يفضل عدم خلع الأحذية عند أبواب بعض الديوانيات كونها ليست مساجد ولمنع الاضطراب الشديد عند الأبواب نتيجة لذلك.

***

آخر محطة:

(1) سبق لبعض رجال الدين ان أفتوا بحرمة الفضائيات وان الملائكة لا تدخل بيتا عليه دش ومثل ذلك تحريم الإنترنت ثم عاد من أفتوا بتلك الحرمة ليقدموا البرامج على الفضائيات ويخلقوا مواقع بأسمائهم على الإنترنت لما وجدوه من فوائد لتلك الأمور المستحدثة.

(2) هذه الأيام يتسابق بعض الدعاة مرة أخرى للإفتاء بحرمة تمثيل أدوار الصحابة والتابعين في المسلسلات والأفلام وسيتم على الأرجح العودة عن تلك الفتوى في وقت لاحق لما في تلك الأعمال الدرامية من فوائد ومكاسب للإسلام.

(3) أخيرا، كان الله في عون الجميع على زحمة المرور في ليالي رمضان المباركة.

احمد الصراف

الرد الأخير

أرسل لي صديق جزءا من مقال الزميل مبارك الدويله في القبس وتطرقه لشخصنا. وبسبب لهجة المقال التهكمية وما أظهره من جهل بشخصنا لزم علينا الرد: يقول الزميل، مخاطبا إيانا بوزير مالية حكومة الظل، الذي يكتب يوميا عن العلمانية او الاخوان المسلمين ونادرا ما يكتب عن رؤيته في اصلاح الاوضاع المتدهورة للتنمية والبورصة في البلاد، اننا «استمعنا» لرأيه في علاقة الحركة الدستورية بتنظيم الاخوان، وأن الحركة كانت حتى 1990/8/2 تابعة لهذا التنظيم، ثم قطعت بعد الغزو! وأننا كتبنا مقالا نستشهد فيه بعدم مصداقية ادعائه، متطرقين لأمور حدثت قبل الغزو لتأكيد ارتباط اخوان الكويت باخوان مصر، مثل تأسيس جمعية الارشاد، وايواء رموز الاخوان الذين فروا من عذاب عبد الناصر في الستينات! وأن المضحك في مقالنا ما ذكرناه من أن اسماعيل السيد، احد كبار اخوان مصر، الذي جاء للكويت في بداية الخمسينات وكّلنا، مع علمانيتنا بأموره المالية، وانه أسرّ لنا بأن جميع من تعرف عليهم من الإخوان لم يكونوا جديرين بثقته! وان بعضهم سرقه وكذب عليه! وتساءل الدويله عن سبب عدم ذكرنا لهذا الكلام إلا بعد وفاة السيد؟
والآن دعني أرد على جملة ترهات المقال: أولا انا لست وزير مالية ظل، ولم اسع يوما لمنصب سياسي أو حزبي، كتكالبكم اليوم للوصول لأمانة الحركة، وتكرار سيناريو «حقوق الإنسان»، فثرائي النفسي والمادي جعلاني في غنى عن اي منصب كان، وقد ذقت وما ازال أذوق حلاوة الحياة، واستمتع بكل أموالي الحلال التي لم احاول يوما استغلال مناصبي أو حزبي أو تهديداتي النيابية في جمعها، ثانيا: اتهمتني بالاستماع لرأيك في علاقة إخوان الكويت بإخوان مصر، وهذا افتراء، فأنا لا أتابع ما تكتب أو ما تقول، غير ما يرسله البعض لي! ثالثا: كنت قبل 33 عاما في أرفع منصب مصرفي في بنك الخليج، وأدرت بكل أمانة مئات ملايين الدنانير، وخرجت من البنك، موظفا وعضو مجلس إدارة وليس في ذمتي فلس واحد، أو علي مأخذ صغير أو كبير، ولا أدري أين كنت أنت وقتها لتأتي اليوم وتتهجم علي! واثناء تلك الفترة تعرف علي اسماعيل السيد ووثق بي، بعد اختبار مالي، وعرف أن جلدي لا يشبه جلد الإخوان، الذين طالما ذاق مرارة التعامل معهم، وشوائب بعضهم. رابعا: كنت عضوا في أكثر من مصرف وشركة، وكانت لي أعمالي التجارية الواسعة، داخل الكويت وخارجها، وتخليت عنها مؤخرا لأبنائي، واخترت البقاء بعيدا عن «جلاحة» وجوه البعض وأنت تعرف من أقصد! ومع كل تاريخي المصرفي والتجاري على مدى نصف قرن إلا أن كامل الحركة الدستورية ومعها جمعية الإصلاح وجحافل التنظيم العالمي للإخوان ليس بإمكانها أن تجد مستمسكا واحدا يخدش سمعتي، وأنصحك بالتوقف عن رؤية الناس وطبع الإخوان، وأن الناس ليسوا جميعا أغبياء ليصدقوا هذا المنطق. خامسا: لو كنت من سابق قرائي لعلمت بأنني تطرقت في مقالات عدة لتجارب إسماعيل السيد مع الإخوان، وهو الذي قضى أكثر 53 عاما بينهم في الكويت! سادسا: ما دفع إسماعيل السيد للثقة بي، وليس بأحدكم، هو الشيء نفسه الذي دفع 23 آخرين من جنسيات مختلفة وديانات ومذاهب متعددة للثقة بشخصي المتواضع من خلال وكالات خاصة وعامة! وأخيرا نتمنى أن تنجح كل محاولاتك ضد الرموز الوطنية، ولست بأحدها، في أن تزكيك لاستلام قيادة جمعية الإصلاح والحركة الدستورية.

أحمد الصراف