احمد الصراف

ماذا قالت موري؟

تقول السيدة اليابانية موري، المتزوجة من كويتي، إن الشعب الياباني الذي كان يوما من أكثر الشعوب انغلاقا على نفسه اصبح اليوم منفتحا على العالم، وحقق خلال الستين عاما الماضية تقدما صناعيا واقتصاديا فاق اي دولة اخرى، وأن اليابان تدين بتقدمها لمزايا شعبها، ووطنيتهم ومثابرتهم على العمل الجاد. وقد ظهرت فضائل الشعب الياباني واضحة للعيان في محنته الأخيرة، وسجلت عدسات تلفزيونات العالم جلدهم وتآزرهم الفريدين. وتستطرد موري في القول إن اليابانيين بشكل عام علمانيون، ولا يميلون في الغالب للارتباط بأي مؤسسة دينية، أو خلط الدين بالسياسة، ولا يعني لهم دين الشخص الآخر شيئا، لا في الزواج ولا في العمل، وبالتالي بامكان اي فرد الاعتقاد بما يشاء من دون خوف من اقصاء أو توقع عقاب أو نفي في الأرض، فالحرية الدينية مطلقة وفريدة في تنوعها، وسبب ذلك يعود الى أن الغالبية تقوم بخلط ديانة الشنتو بالبوذية، ولا يترددون في اضافة شيء من المسيحية إليها، وعلىالرغم من كل ضعف «وازعهم الديني» هذا فانهم يتمتعون بشكل عام بمجموعة خصال حميدة وعظيمة يندر وجودها مجتمعة في أي شعب آخر. وقد ساهمت تقاليد اليابان ودستورها الحديث، الذي شارك الجنرال الاميركي ماك آرثر في صياغته، في تطور علمانيتهم ورفض المعاداة على أسس دينية. ومن خصال اليابانيين الحميدة الصدق والأمانة في العمل مع انفسهم ومع الغير، كما أنهم شديدو الهدوء في أحاديثهم وتحركاتهم، وتلاحظ ذلك في الأماكن المكتظة كالمطارات ومحطات القطار ودور السينما وغيرها، حيث بالكاد تسمع لغوهم، فهم يتحدثون بأصوات كالهمس، ولا تسمع صراخ دعاتهم في المعابد، ولا ضجة الباعة في الأسواق. كما انهم كثيرو الاحترام لبعضهم بعضا، ومن الصعب أن تجد من يتجاوزك في الدور حتى في أصعب المواقف. ولديهم جلد على العمل وقدرة على الاتقان، وجلدهم وجديتهم لم ينزعا الرحمة من قلوبهم، فهم رحماء مع بعضهم بعضا، ومنظمون، وعلى استعداد تام للتضحية بالنفس في سبيل المجموع، وقد ظهرت حقيقة فضائلهم في محن عدة، وكل ذلك بسبب ما يؤمنون به أو «الضمير الحي»، الذي يتحمل المسؤولية! وفي شرح لما تعنيه المسؤولية لدى الياباني مقارنة، فقد قامت شركة اميركية باجراء استقصاء رأي لمجموعة من سائقي المركبات في اميركا واليابان، ووجهت إليهم سؤالا محددا: انهار فجأة الطريق أمامك نتيجة زلزال، وأصبحت منعزلا عن العالم، وكان هناك هاتف عمومي، وليس في جيبك غير قطعة نقد تكفي لاجراء مكالمة واحدة فبمن تتصل؟ %90 من الاميركيين قالوا انهم سيتصلون بأسرهم للاطمئنان عليها، أما اليابانيون فقد قال %70 منهم انهم سيتصلون برؤسائهم لأخذ التعليمات منهم بما عليهم القيام به!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *