الخبر الأول: وطبان التكريتي، وزير الداخلية في عهد أخيه غير الشقيق صدام حسين، يظهر في الشاشة وهو يأمر جلاوزته بضرب (لم أقل قتل) عسكريين اثنين يتبعان شرطة المرور. ليش يا فضيلة الوزير وطبان؟ لأنهما، قبحهما الله، تجاوزا حدود الوقاحة المسموح بها دوليا وأوقفا موكبي وسمحا بمرور موكب عدي بن صدام حسين! وتُظهر اللقطة الموجودة على “يوتيوب” مجموعة من الضباط ينهالون بالعصي والشلاليت على العسكريين اللذين لم يتوقفا عن الاستجداء إلا بعد ان فقدا الوعي، ولم يعودا يشعران بالضرب. الخبر الثاني: صحف فرنسا تمسح بكرامة الرئيس ساركوزي الأرض (كان وقتذاك رئيساً)، وتُظهره في رسومات الكاريكاتير مرتدياً الغترة والعقال، وحوله ترقص مجموعة من الجواري، ويظهر في الخلفية عدد من الجمال، ويقول: “أعطوا ابني “جون” برج إيفل والسياح الموجودين فيه وحوله، وبئر نفط”، أو كما قال، فلم أعد أتذكر. طيب ليش يا أشقاءنا في صحافة فرنسا تهاجمون ولي أمركم بكل هذه الوقاحة؟ “لأنه يا زميلنا المفضال وافق على تعيين ابنه جون عمدة أو محافظاً على مدينة المال والأعمال لاديفانس، بعد أن رشحه أصحاب المال لذلك، سحقاً له ولأبيه”، يا سلام! يعني التجار أصحاب الشأن هم من قام بترشيحه؟ نعم، هذا صحيح، لكن هذا يُعتبر في أعرافنا استغلالاً لنفوذ والده، ثم إن غضبنا ليس منصبّاً على جون بل على أبيه الذي بلغت به الوقاحة أن وافق على هذا الترشيح… وكما كتبت سابقاً، استمر ردح الصحافة الفرنسية على هذا الموضوع أسابيع وأسابيع، لم يوقفه اعتذار جون ولا حتى اعتذار أبيه إلى الشعب الفرنسي ووعده بعدم تكرار ذلك. وعندما شوهد الابن جون في دولة “كوت دي فوار” كتب أحد الصحافيين الملاعين: “يبدو أن الرئيس منح ابنه دولة كوت دي فوار فقد شاهدته هناك”. وتقرر إدارة المحاسبة في القصر الرئاسي في فرنسا، في عهد شيراك، أن يدفع الرئيس من حسابه الشخصي مبلغاً قدره نحو ثلاثة عشر ألف يورو بعد أن تجاوز المبلغ المخصص لحفل استقبال بعض ضيوفه الرسميين. وأمس الأول تقتحم الشرطة منزل ساركوزي بعد اتهامه بارتكاب مخالفات مالية تصل إلى مئة وخمسين ألف يورو، وأمس تصرخ نادلة مقهى في وجه رئيس الوزراء البريطاني ليلتزم بالدور، فيهرع مساعدوه للمقهى المجاور ويجلبون له كوباً من القهوة وقطعة من الكعك لأنه مستعجل (أو على عجلة من أمره، كي لا يغضب علي الأستاذ أحمد الديين). وفي إسرائيل حاكموا الرئيس السابق بسبب تذكرتي سفر مشكوك في مصدرهما (أكرر، تذكرتي سفر لا طائرتين) ومنعوا بصورة نهائية الشركة التي منحته التذكرتين من التعاقد مع أي من مؤسسات الدولة… يفعلون كل ذلك وهم صامتون، ونفعل نحن عكس ذلك ونملأ صفحات الفخر إلى أن ينضب الحبر! ويقول الأمير الشاعر خالد الفيصل، بعد أن يرفع حاجبي الفخر ويمد ذراع العزة إلى الأعلى: “حنا العرب يا مدعين العروبة … حنا هل التاريخ وأنتم به أجناب”، فيرد الكاتبجي الفاخر محمد الوشيحي وهو يفتح شدقيه ويطلق قهقهة عالية: “حنا الفَلَس حنا الشعوب الكذوبة … نلبس من الذلة عمامة وجلباب”.