عادل عبدالله المطيري

السلطة تحد السلطة!

لا يهمني كثيرا الجدل الدستوري الذي أوجده حكم المحكمة الدستورية الأخير، والذي أبطل الانتخابات الأخيرة ومجلس الأمة 2012، ولن أقف على كيفية تصحيح الإجراء الدستوري، بل سأحاول أن أتفهم الاشكاليات السياسية الكبرى التي صاحبت هذه المتاهة الدستورية والتي أدت الى تصادم السلطات.

نص دستور الكويت في المادة (50) على مبدأ فصل السلطات، وهذه القاعدة القانونية هي إحدى اسهامات المفكر والقانوني الفرنسي «مونتسكيو» الذي أكد فيها على استقلالية السلطات عن بعضها البعض.

ولكن مونتسيكيو أكد أيضا على مفهوم آخر مهم، حيث اشار له في سياق حديثه عن علاقة السلطات الثلاث، وهو مفهوم (السلطة تحد السلطة)، أكد فيه على ان تقاوم كل سلطة ـ السلطة الأخرى اذا ما تعدت على صلاحياتها، فالسلطة التشريعية تراقب وتشرّع ولا يمكن ان تنفذ شيئا، لأن التنفيذ ليس من صلاحياتها بل من صلاحية الحكومة او السلطة التنفيذية، كما أن السلطة القضائية منوط بها الفصل بالمنازعات وإصدار الأحكام والقرارات القضائية وفق ـ ما أقره المشرع وهو البرلمان.

كل السلطات في النهاية تمثل الشعب، فالسلطة القضائية لا تكون سلطة الا بقانون ينظمها ويصدره مجلس الأمة الذي يمثل الشعب، ولا يفصل القضاء في المنازعات الا بالقانون الذي أصدره البرلمان والذي هو يمثل الشعب.

إذن عمليا كل السلطات في النظام الديموقراطي تنبع من مصدرها (الشعوب)، ولذلك نص دستور الكويت في المادة 6 «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر للسلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».

استمعنا مؤخرا الى وجهات نظر بعض نواب الأغلبية المبطلة عضويتهم، والتي مفادها «بطلان حكم المحكمة الدستورية الأخير» ولأسباب عديدة ساقوها لتبرير وجهة نظرهم، ولكنهم أيضا أكدوا على احترام القانون وتطبيقه، وهنا يكون مجلس امة 2012 قد التزم بمبدأ فصل السلطات رغم اختلافهم مع أحكام السلطة القضائية.

ولكن ووفقا لمبدأ «السلطة تحد السلطة» يرى نواب الأغلبية المبطلة عضويتهم، ان الحل النهائي لمشكلاتنا السياسية، يكون بمزيد من التشريعات والقوانين المنظمة لعمل السلطتين القضائية والتنفيذية، فكما احترمنا نحن (أعضاء السلطة التشريعية) اعمال السلطة التنفيذية وأحكام السلطة القضائية، يجب ان تحترم مشاريعنا للإصلاح السياسي والقضائي التي سنقترحها في البرلمان القادم.

ما نتمناه من مرشحي الأغلبية المبطلة ان يتقدموا للشعب الكويتي ببرنامج انتخابي واضح ودقيق جدا في الانتخابات القادمة حتما، فالمطالبة بالإمارة الدستورية مثلا مطلب غير منطقي، لأن نظامنا السياسي هو فعلا نوع من أنواع الإمارة الدستورية، وكذلك الحكومة البرلمانية منصوص عليها في الدستور، والكلام فيها هو مضيعة للوقت، ولذلك كله يجب ان يكون المطلب هو بتعديلات دستورية تعطي مجلس الأمة حق اعطاء الثقة بالحكومة الجديدة وليس برئيسها، ونكون بذلك احتفظنا بحق (سمو الأمير حفظه الله) باختيار رئيس الحكومة، وأعطينا للأغلبية في مجلس الأمة الحق بالمشاركة في تشكيل الحكومة وعندها لابد ان تكون الحكومة برلمانية الهواء والأعضاء.

أما بالنسبة للسلطة القضائية، فيجب ان تكون للأغلبية رؤية واضحة لمشروع استقلال القضاء، وان تتقدم بما تراه مناسبا للرأي العام وبكل دقة، ما القوانين التي تقترحها وما شكل التنظيم التي تريدونه للسلطة القضائية.

عندئذ فقط ـ سيكون تصويت الناخبين ـ كالاستفتاء الشعبي على برنامج الأغلبية البرلمانية للإصلاحات السياسية والقضائية، وستستمد تلك الإصلاحات قوتها من مصدر السلطات (الشعب) وعلى الجميع احترامه.

 

سامي النصف

نلوم الإطفائي أم مشعل الحرائق؟!

  هناك إجماع بين القوى السياسية على ضرورة التهدئة مستشهدين بحل 5 مجالس نيابية وسبع حكومات خلال السنوات القليلة الماضية، والسؤال الذي يطرح نفسه حول تلك الاهتزازات والزلازل السياسية: هل اللوم يقع على من يشعل حرائق الأزمات عبر الاستجوابات وغيرها من ممارسات، أم على من يطفئ تلك الحرائق عبر اللجوء للحل الدستوري وإقالة الوزارات بقصد التهدئة وحماية الوطن من الانزلاق الى ما لا تحمد عقباه؟!

***

قبل أيام من اختطاف طائرة الجابرية عام 1988 زارني في كابينة القيادة في الطائرة التي كنت أقودها من بانكوك إلى مانيلا رجل أمن من الداخلية يدعى (ج.ق) ورجل أمن من «الكويتية» يدعى (ع.ع) ومما ذكراه ان الخلايا الإرهابية المعادية للكويت التي كانت مستقرة في أوروبا قد نزحت بسبب الغلاء الى تايلند، وأضافا أنهما أرسلا رسالة مشتركة الى مسؤولي «الكويتية» تحذرهم من تلك المخاطر الأمنية، وبعدها بأيام خطفت «الجابرية» من بانكوك.

***

وكنت قبل ذلك قد أصدرت كتابا مختصا بسلامة الطائرات من ناحية وأمن الطائرات من ناحية أخرى يتضمن الاجراءات الواجب اتخاذها لمنع خطف الطائرات الذي عانت منه «الكويتية» أكثر من مرة حتى أصبحت شركة الطيران الأكثر اختطافا في العالم وضمنته ضرورة إشراك كافة قطاعات المؤسسة في التصدي للخطف وعدم الاكتفاء برجال الأمن الموجودين على بعض الرحلات، فموظفو الحجز على سبيل المثال عليهم الانتباه والإبلاغ عمن يشتري التذاكر نقدا ومن لا يتناسب طلبه بالجلوس في الدرجة الأولى مع سنه أو هيئته أو دخله لحقيقة ان الطائرات تخطف من الأمام حيث كابينة القيادة وكانت تذاكر خاطفي الجابرية قد اشتريت نقدا.

***

كما يحتاج الأمن الشامل للطائرات الى تدريب موظفي الحركة كي يمكن عبر الحوار مع أي راكب مشتبه به مطابقة الجواز مع جنسية الشخص (خطفت الجابرية من قبل إرهابيين عرب يحملون جوازات خليجية لا يتحدثون لهجتها) والأمر كذلك مع التدريب الأمني للمضيفين والمضيفات لمراقبة تصرفات الركاب المريبة ولو أخذ بتلك الأمور لما نجحت عملية اختطاف «الجابرية» ولما أزهقت الأرواح الكويتية البريئة.

***

بعد كارثة اختطاف «الجابرية» شكّلت لجنة تحقيق في ذلك الحادث كحال لجنة التحقيق في كارثة الداو، ولم يوقف أحد من المسؤولين عن عمله في «الكويتية» ابان التحقيق لإعطاء حماية لمن يريد الشهادة من الموظفين بل أصبحت تلك اللجنة وبسبب غياب التخصص بين أعضائها أشبه بلجنة رؤية هلال رمضان أي بقيت جالسة منتظرة تقدم الناس لها بشهادتهم وهو ما لم يحدث وذهبت دماء الأبرياء هدرا ولم يدن أحد بتلك الجريمة الشنعاء والقصور الفاضح ولو حدث أمر مشابه في أي بلد آخر لتحركت اللجنة ووصلت للفاعلين وتساقطت الرؤوس بسبب ما حدث.

آخر محطة:

(1) إن كنا جادين في البحث عن المقصرين في قضية الداو وتعلمنا من تجربة لجنة تحقيق «الجابرية»، فعلينا إصدار قرار إيقاف مؤقت للمسؤولين المعنيين بتلك القضية الكبرى كبيرهم قبل صغيرهم ودون ذلك لن يدان أحد عدا.. فراش النفط!

(2) هل هناك مبرر للتعدي على المال العام الذي يملكه الشعب الكويتي قاطبة عبر صرف 4 رواتب بونص للقطاع النفطي في ظل الانهيارات القائمة في أسعار النفط، وماذا حدث للجان التحقيق في تجاوزات التعيينات في الشركات النفطية والتي وزعت كغنائم حرب على الأقارب والأصدقاء؟!

مبارك الدويلة

د. عبيد وعرقلة الأفكار

• فكرت أن أمتنع اليوم عن الكتابة تعبيراً عن رفضي لمقص الرقيب الذي مورس على مقالتي يوم الأحد الماضي، مما حداني إلى الترحم على رقيب وزارة الإعلام أيام حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري! لكن قادني تفكيري الى ان أحداً لن يكترث لغياب مقالة تنشر مرتين أسبوعياً فقررت الكتابة على أمل ان ما حصل خطأ مطبعي! فعندما تكتب عنواناً «ضيّع الجادة» ثم تفاجأ به قد تغير إلى «الجادة الصحيحة» فهذه حتى رقيب الرقباء لا يفعلها!
***
د. عبيد الوسمي.. أكثر النواب اثارة للجدل.. عندما تستمع اليه تشعر بانه يتحدث من خلفية معاناة وتراكمات نفسية مع السلطة، وقد لا نلومه على وجود هذه الخلفية النفسية لديه.. لكن ما لا يمكن قبوله هو ان يجعل هذه النفسية توجه خطاباته وألفاظه!
عبيد الوسمي أثناء حديثه في ساحة الإرادة أجهض فكرة «الحكومة المنتخبة»، لأن الشين يخرب على الزين! فألفاظه الفجة والمتلاحقة في كلمته خربت على كل الكلام الحلو اللي سمعناه وشوهت كل الأفكار الجيدة التي أراد المنظمون تمريرها في تجمعهم.
الحكومة المنتخبة هي ما دعا اليها الدستور.. وهي الوسيلة للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة، ولكن المشكلة في أمرين: الأول في سوء فهم الناس للحكومة المنتخبة! فيظنون انها محاولة للانقضاض على الحكم! والأمر الثاني في طريقة عرضها في ساحة الإرادة كما شاهدنا، حيث نفسية التحدي هي الغالبة في الطرح.
عبيد الوسمي عرقل الرسالة التي أرادها المعتصمون في ساحة الإرادة كي تصل الى المعنيين عندما تحدثوا عن «الإمارة الدستورية»! وهي رسالة تنبيه الى ان سقف المطالب الشعبية قد لا يقف عند حد! ومع قناعتي ان الإمارة اليوم بالكويت دستورية غير ان حديث د. عبيد الوسمي قد عرقل توصيل ما أراده النواب، حيث تحول الحديث والتعليقات الى ما قاله عبيد من تجاوز على رموز في الأسرة يحترمها كثير من أهل الكويت ويجلونها.
***
• اطلعت على عشرات القرارات الإدارية من نقل وندب وترقية صادرة من مدير عام بنك التسليف بالوكالة وبتاريخ سابق لتاريخ صدورها الفعلي! بغض النظر عن أهمية هذه القرارات واحقية أصحابها، لكن طريقة صدورها ومن شخص لم يتم التجديد لمرسومه مع انه انتهت مدته، أمر مستغرب.
***
• العم جاسم القطامي.. عاصرته في فترة من الفترات.. أخلاق عالية.. سلوك مستقيم.. «مصلي مسمي» لم أسمع منه لفظا نابياً.. مع ولعه وحبه للقومية والعروبة وافتخاره بانتمائه لهما، فإنه كان محباً للدين وأهله ولم أسمع منه كلمة جارحة.. شهادة محاسب عليها أمام الله يوم القيامة.
أما مواقفه الوطنية فلا تحتاج إلى شهادتي.. ولكن عندما كان كهلاً في التسعينات وكنا شباباً، كنا نخجل من حماسه الوطني وحسه القومي وحرصه على المكاسب الدستورية لهذا الوطن.
رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.