من يقول إن نسائم الربيع العربي لم تمر على الكويت أظنه لم يخرج من صالة منزله، حيث التكييف ودرجة الحرارة الثابتة… ماذا نسمي إسقاط حكومة بجملِها وجمّالها؟ وماذا نطلق على إسقاط برلمان ببصلِه وقثائه؟ والأهم من هذا وذاك، بماذا نصِف التغير في الوعي المجتمعي، تحديداً في الدائرتين الرابعة والخامسة اللتين كانتا “ثغرة ديفريسوار” تخترق من خلالها الحكومات المتعاقبة صفوف الشعب وبرلمانه، فأصبحتا “كتائب المواجهة” في وجه الفساد في السلطة وخارجها؟
لن أحدثك، ولا تحدثني، عن أسباب هذا التغير الجذري في عقول المواطنين، حفاظاً على وقتي ووقتك، وتعال نتحدث عن وجود أو عدم وجود “ربيع عربي” في الكويت… صحيح أن نسماته ناعمة لا تقارن بنسمات ربيع تونس ولا ربيع مصر ولا اليمن ولا سورية ولا ليبيا ولا حتى ربيع السودان المولود، هذا صحيح، لكن إنكاره (الربيع الكويتي) غباء. الربيع الكويتي ناعم مُترف كأنامل الشعب، وكل ربيع في أي بلد عربي يتناسب مع أنامل شعبه. هي قاعدة.
الغريب أن نسائم الربيع الكويتي لم تصل إلى منطقة الليبراليين، ولم تزحزح كرسياً واحداً من كراسي “ولاة أمرهم”! يبدو لي أن نوافذ الليبراليين كانت مغلقة وأبوابهم موصدة في وجه نسائم الربيع، ومازالوا يعتقدون أن الكويت في “جمرة القيظ” أو “مربعانية القيظ” كما يسميها آباؤنا.
وكنت قد نصحت قبيلة الليبراليين باستئجار حافلة صغيرة تسعهم كلهم (تعدهم على أصابع يديك ويفيض أصبعان) ويحرصون على ملئها بالوقود، قبل أن ينطلقوا بها إلى محافظات لم يسمعوا بها من قبل، كمحافظة الجهراء ومحافظة الأحمدي ومحافظة الفروانية، ليكتشفوا بأنفسهم مجتمعات وشعوباً وقبائل لم يروها من قبل. وكنت أظنهم (الليبراليين) لم يخرجوا من مناطقهم، فاكتشفت أنهم لم يخرجوا أصلاً من بيوتهم، ولا يعرف أيّ منهم ما يحدث، ليس في الشارع المجاور بل في المنزل المجاور.
التيار الليبرالي يعيش في عزلة، لا علاقة لها بالتأمل ولا الاعتكاف، وإذا مات فلن يكتشف أحد موته إلا بعد أن تتعفن الجثة وتفوح رائحتها، عندها سيضطر الجيران إلى كسر الباب واستدعاء الشرطة.
ولو كانت تربطني علاقة قرابة أو نسب مع التيار الليبرالي لنصحته: “افتح النوافذ لتسمح للنسائم بالدخول ويتغير الهواء الخانق في داخل الغرفة، أو على الأقل ضع ظهر يدك على الزجاج لتلمس برودة الجو في الخارج”. فإن لم “ينتصح” اصطحبته إلى طبيب نفسي.
صدقوني، التيار الليبرالي مريض، ومرضه نفسيّ بحت، وليس على المريض حرج، فابدأوا مرحلة علاجه بفتح نوافذ غرفته.
اليوم: 3 يوليو، 2012
حرف ال x والشيء
اكتشف احد اساطين الفتاوى الغريبة وجود ما يشبه شكل الصليب داخل ثمرة الطماطم، وحرم على المسلمين تناولها! وهذه فتوى سخيفة وسبب تافه لمنع تناول ثمرة طيبة، وتحريض على كراهية الآخر، ولكننا نرى في جانبهم غير ذلك، حيث قام تيري مور بطرح تساؤلات في برنامج TED الشهير، عن سبب استخدام الغرب، وبقية العالم لحرف x في الاشارة لامر او شيء غير معروف، كأن نقول ملف x او فضيحة السيدة x او المعامل x في الرياضيات، او للاشارة الى «الشيء» غير المعروف او المطلوب ايجاده (يستخدم في العربية حرف السين)، ويقول انه قرر قبل 6 سنوات تعلم اللغة العربية ووجدها لغة دقيقة، واكتشف ان الفرس والعرب، ومن بعدهم الاتراك، وضعوا اسس العلوم الغربية في الرياضيات والهندسة كعلم الجبر، وان هذه المعارف وجدت طريقها للغرب من خلال العرب في الاندلس، وكانت هناك رغبة شديدة لترجمة تلك العلوم للغات الاوروبية، ولكن حال دون ذلك صعاب بسبب عدم وجود حروف مقابلة او مماثلة في اللغة الاسبانية، او صعوبة نطق بعض الحروف العربية، ومنها حرف الشين، وهو الحرف الاول من كلمة «شيء»، التي تستخدم بكثافة في الرياضيات، ولا يوجد لحرف الشين مقابل لفظي في الاسبانية فقام هؤلاء «باقتراض» حرف محدد من الكلاسيكية الاغريقية يماثل في لفظه حرف الشين وشكله X، وهذا سهل لهم ترجمة النصوص القديمة، كالنص التالي، الى الاسبانية: «جزء الشيء هو عدد نسبته الى الواحد كنسبة الواحد الى ذلك الشيء، فإن كان الشيء ثلاثة كان جزؤه ثلثا، وان كان الشيء ثلثا كان جزؤه ثلاثة..! حيث استبدلوا كلمة «الشيء» بــ x! ولكن بعد نقل هذه النصوص من الاسبانية لغيرها من اللغات الاوروبية تحول هذا الحرف الاغريقي تدريجيا ليصبح x الحالي! وبالتالي، فإن استخدام حرف الاكس للاشارة لغير المعروف كان سببه عدم معرفة الاسبان بكيفية نطق كلمة «الشيء» العربية!.
والآن هل سيقوم واضعو مقررات الرياضيات في دولنا باستخدام حرف الـ«اكس»، بدلا من حرف «السين»، في المسائل الرياضية، كما هو سائد الان، ام ان المسألة ستتطلب قرونا من الجدل، والدجل، قبل ان نكتشف الحقيقة، مثلما استغرق الامر قرونا لنكتشف ان «الارقام العربية» هي ارقام هندية، وان التي يستخدمها الغرب هي الارقام العربية؟ ومتى يتعلم «متخلفونا» فضيلة التسامح واحترام الاخر ورموزه الدينية، والاقرار بفضله علينا، من دون حساسية؟.
***
* ملاحظة: غاب الآدمي، ابن الاوادم جاسم القطامي، ليثبت ان قلة فقط، عندما تغادر هذه الدنيا تقوم بأخذ شيء من النفس معها، ومن هؤلاء هذا الانسان الكبير، الذي غادرنا قبل ايام تاركا في القلب غصة! فقد كان بالنسبة لوطنه، ولي شخصياً رمزاً ومعلما في الوطنية ومعلما في انسانيته!.
أحمد الصراف