علي محمود خاجه

نفس الشي

لنضع مطالباتهم على طاولة الاختبار ولنقيمها لنكشف زيفها، فالمطالبة بالإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة حسب ما يدّعون هي لإصلاح وضع قائم سيئ، وهو ما أتفق فيه معهم طبعاً وكل كويتي بلا شك يؤمن بأن الوضع سيئ. ولنعدد مجالات السوء الأكثر أهمية برأيي: حرية – تعليم – عدالة أكثر – استقرار مالي. فعلى صعيد الحرية قيدت الدولة ممثلة بالحكومة الحريات على مر السنوات الماضية، وتحديدا منذ حل مجلس 1975 حلا غير دستوري، مرورا بتحالفها مع القوى الدينية، وهي الجزء الأكبر من أغلبية المجلس الباطل، وأتت اليوم أغلبية المجلس الباطل لتضيف على تضييق الحريات قيوداً إضافية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر، المطالبة بإلغاء ملتقى النهضة، وإزالة الكنائس، وتقييد ما يلبسه الناس، ومراقبة الحسينيات، وتقييد التشريعات بمصدر واحد بدلا من تعدده، إذن فالنتيجة بباب الحريات تساوي الحكومة والنواب والاثنان يقتلان الحرية في بلادي. أما التعليم فمن نفس التوقيت، أي حل مجلس 1975 إلى اليوم والحكومة تزيد من تردي التعليم أكثر فأكثر، وتبث السموم في المناهج وتزرع الكره في النفوس، بل حولت “حمد وقلمه” إلى “أنا آكل وأشرب”، واعترفت بجامعات تبيع الشهادات قبل أن تتراجع، فما كان من الأغلبية المبطلة إلا أن كرمت هؤلاء بما يسمى بجامعة جابر، والتي تجيز تعيين حملة الماجستير كأساتذة في الجامعة المقرة أخيرا، وهو ما يعني خفض المستوى الأكاديمي بدلا من الارتقاء به، وهذا ملف آخر تعمدت الحكومة أن تقلل من مستواه، فأتت الأغلبية المبطلة وأجهزت عليه. أما العدالة التي أعتقد أنها ما زالت مقيدة وأسيرة لسلطة تنفيذية سعت إلى المحافظة على هذا القيد على السلطة القضائية منذ سنوات، وبدلا من أن تُمنح هذه السلطة استقلالا أكبر بتشريعات كان بإمكان الأغلبية المبطلة إقرارها لولا انصرافها لأمور أقل شأنا، أقول بدل أن يمنح القضاء استقلالا أكبر باتت السلطة التشريعية ممثلة بالأغلبية تلعب دور الضغط على القضاء إن لم تخرج الأحكام على ما يشتهون، ولنا في بيانهم المقيت بعد حكم الدستورية خير دليل، ناهيكم عن عرقلتهم لاقتراح محمد الصقر حول المحكمة الدستورية، هذا الملف أيضا يثبت أن الحكومات بالإضافة إلى الأغلبية المبطلة يساهمون عمدا في تقييد القضاء. نأتي إلى الملف الأخير وهو الملف المالي للدولة، فبعد رمزي التيار الوطني ومن معهما، وأعني هنا عبدالله النيباري وحمد الجوعان، وما قدموه من مساهمات واضحة في الحفاظ على موارد الدخل من خلال تأميم شركات النفط والتأمينات الاجتماعية والدفع بصندوق الأجيال القادمة لم تقم الحكومة بإيجاد أي مصدر دخل بديل إلى اليوم، ولن تجد في ظل العقليات والرؤية الحالية، فلم يكن من الأغلبية المبطلة إلا أن أقدمت على “تفليس” الدولة من خلال زيادات وبدلات وكوادر غير مدروسة للمواطنين، فاشترت أصوات الناس من خزينة الدولة، وإن أقدم وزير على وقف هذا الهدر المنظم أعدموه سياسيا. بلد أسير تعليم متهالك، وعدالة مقيدة، وإفلاس قريب هو نتاج الحكومات المتعاقبة ومنهج الأغلبية المبطلة، وإن تسلمت الأغلبية المبطلة السلطتين بدل سلطة واحدة فالحال لن تتغير، وإن استلمت عقلية الحكومة السلطتين فالحال لن تتغير كذلك، والحل هو بزوال هذين القطبين اللذين أساءا إلى الكويت، وهنا لا أناقش أسماء بل منهجا تسير عليه السلطتان.

خارج نطاق التغطية: جاسم القطامي وسمير سعيد كلمات جميلة وطنية مخلصة لا تتكرر، ترحل عن كويتنا في وقت نحن في أمس الحاجة إليها، فإلى جنات الخلد يا رموز الوطن.

سامي النصف

خطاب حول إنشاء هيئة أسواق المال

  بالإشارة الى مقالتكم في جريدة «الأنباء» المنشورة بتاريخ 20/6/2012 والتي جاء فيها تلقيكم رسالة من مدير سوق الكويت السابق حامد السيف عن وجود تعديلات تتعلق بمالية الهيئة، وان ميزانية الهيئة غير مربوطة بميزانية الدولة، ونظرا لأني الوحيد الذي تصدى لهذا القانون وتوىي شرحه وكوني من تولى بيان ثغرات اللائحة التنفيذية، ونادى بتعديل تلك الثغرات، وذلك في كتابي المعنون «النظام القانوني لأسواق المال» أو عن طريق مقابلاتي التلفزيونية، لذا أود الإفادة لكم بالآتي:

1 – ان نصوص اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء هيئة أسواق المال جاءت بنصوص مخالفة بشكل صريح، خاصة في الفصل الثاني المتعلق بإنشاء الهيئة، وقد بينت مرارا تلك المخالفات ومنها مدة السنة المالية الأولى للهيئة، إذ انها في القانون تبلغ سنة، في حين ان اللائحة التنفيذية جعلت من تلك المدة سنتين.

2 – من ضمن تلك النصوص الواردة في اللائحة ما جاء في المادة 25 من أن ميزانية الهيئة لا تتقاضى أموالا من الخزانة العامة، وهذا النص لم يرد في القانون، وقد أتى رأي الفتوى والتشريع متوافقا مع ما طرحته في برنامج اليوم السابع حول وجوب عرضها على وزارة المالية.

3 – صدر حكم محكمة استئناف أسواق المال ليؤكد صحة كلامي في خطأ ما ورد في المادة 14 من جعل إنهاء عضوية المفوضين بيد مجلس المفوضين كونه سحبا لسلطة مجلس الوزراء.

4 – إن ما جاء في المادة 347 هو اقتباس من المادة 39 من لائحة صناديق الاستثمار السعودية، وبالتالي اقتبس المشكلة ولم يقتبس الحل.

5 – وأؤكد على وجوب الحصول على موافقة جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار قبل البدء بإجراءات الاستحواذ، وقد انتبهت الهيئة الى كلامي وأصدرت تعليمات جعلت من هذا الشرط مطلبا، وبالتالي أصبح الاستحواذ جائزا.

خلاصة الحديث أن قانون إنشاء هيئة أسواق المال ليس بالقانون الذي يحتاج الى تعديل، بل هناك حاجة فعلية لتعديل اللائحة التنفيذية وبعض القرارات الاخرى، وأود القول إنني أصبحت الوحيد الذي يتابع هذا القانون ويطرح ثغراته وثغرات تطبيقه ويتلقى طلبات المشورة من المتعاملين وشركات داخل السوق، وختاما أشكر قلمك الذي كتب عن قانون الهيئة والذي دفعني لأن أكتب وأوضح لك بعض هذه الأمور.

مع خالص التقدير والاحترام

                  د.بدر حامد الملا

مؤلف كتاب «النظام القانوني لأسواق المال»

***

آخر محطة: الشكر الجزيل للدكتور بدر الملا ونرجو أن يثري ما كتبه قانون هيئة سوق المال ولوائحه التنفيذية كون البورصة هي إحدى ركائز حلم.. كويت المركز المالي البديل للنفط الذي بدأت أسعاره بالانحدار الى أعماق سحيقة.

احمد الصراف

مجلس الأمة والكوكا كولا

يعتبر مشروب شركة الكوكا كولا الأكثر شهرة في العالم والأقدم، حيث تأسست عام 1880، ولا تنافسها غير البيبسي. وبدأت الشركة إنتاجها الكبير في القناني عام 1892، وفي عيدها الخمسين أصبحت الكوكاكولا رمزا للرأسمالية الأميركية وثقافتها «الغذائية» الجديدة. وفي ابريل 1985، ووسط حملة إعلانية ضخمة، قامت الشركة باستبدال مشروبها السابق بآخر جديد، بعد ان بينت آراء عشرات الآلاف تفضيلهم صواب الفكرة، وهكذا أصبح هناك الكولا الجديدة! وبالرغم من كل ما بذلته الشركة من جهد ودراسة وتجارب طويلة، وحتى الاستعانة بالفتوى والتشريع»!! فإنها لم تحسب حسابا للعشق القديم بين المستهلك الأميركي و«الكولا القديمة»، وما كانت تمثله من علاقة عاطفية وذكريات صبا، وتسبب ذلك في ردة فعل قاسية رافضة للمشروب الجديد، وأصرت على عودة القديم، وهذا اجبر شركة الكولا، وبعد أربعة أشهر تقريبا، على إعادة «الكولا القديمة» للسوق، واحتارت في ما تفعله بالكولا الجديدة، التي انفقت مئات الملايين على تجربتها وإنتاجها! وفي لحظة ما أصبح في السوق «كولا قديمة»، من المخزون السابق، و«كولا جديدة» مما تبقى من المشروب الجديد في الأسواق، ولا يزال له محبوه، و«كولا قديمة جديدة»، بعد إعادة إنتاج وتسويق القديم بطعمه وشكله نفسهما!
ولو قارنا ما حدث قبل 30 عاما تقريبا مع «إدارة الكولا» مع ما جرى في الكويت قبل ايام، لوجدنا أوجه تشابه عدة، فقد تم حل مجلس 2009 وجرى انتخاب مجلس جديد بتسمية «مجلس 2012»، وجاء حكم المحكمة الدستورية، بعد أربعة اشهر تقريبا، لينهي حياته، ويعيد الاعتبار لمجلس 2009 السابق! وفجأة أصبح لدينا برلماني سابق وبرلماني «مع وقف التنفيذ» أو غير موجود، وبرلماني سابق جديد!
والطريف أن شركة «البيبسي»، المنافسة الكبرى للكولا، انتهزت فرصة تورط الكولا في تلك الفوضى التجارية وقامت بنشر إعلان في جريدة الــ«نيويورك تايمز» على صفحة كاملة، وأتذكره جيدا الآن، وضمنته جملة واحدة كتبت في منتصف الصفحة البيضاء بخط صغير ووضعت اسمها في اسفل الصفحة بخط اصغر وقالت فيه: After 90 years of eye to eye, the other eye blinked!
بعد 99 عاما من بحلقة العين في العين، رفت العين الأخرى!
وقد فاز ذلك الإعلان بجوائز عدة، حيث تمكن بجملة قصيرة من إرسال رسالة قصيرة وواضحة من دون إهانة الطرف المنافس أو الحط من قدره، بل قالها بكل كبرياء وانفة، فهل نرى شيئا من هذا القبيل، يضع حدا للمهاترات السياسية التي سئم الجميع منها والتي ستحرق الأخضر قبل اليابس في هذا الوطن الصغير الذي كان يوما ما وطنا جميلا؟

أحمد الصراف