أواه لو كان المذيع الأميركي الساخر بيل ماهر كويتياً، أو على الأقل عرف بما يحدث عندنا، وعلق عليه في حلقته الأسبوعية، أو حتى في المسرح، كما يفعل في أيام العُطل. ولمن لا يعرف صاحبنا ماهر نقول له: هو ملحد ملعون مُجدِّف، يهاجمه الجمهوريون وحزب الشاي (الحزب الثالث في أميركا والمعروف بعنصريته، ورافع شعار عيال بطنها) ويخشونه لاتساع رقعة جماهيريته، ويتبرأ منه بعض الديمقراطيين لسلاطة لسانه وصراحته الحادة والحارة، التي تحرجهم أحياناً، وإن كانت غالبيتهم تحبه (كان قد وصف مفجري برجَي مانهاتن، من أنصار بن لادن، بالشجعان، رغم كرهه لهم، على اعتبار أن قيادة طائرة للاصطدام بالبرج شجاعة قصوى “يجب أن نعترف بذلك”). ولا أدري كيف كان سيعلق على أوضاعنا المحلية لو اطلع عليها، وماذا كان سيقول عن شعب لم يحاسب أحداً على “كارثة الغزو والاحتلال”، ولا ماذا سيقول عن شعب لا يرى البحر إلا في الخريطة بعد أن استحوذ عليه أحفاد قارون، ولا بماذا سيعلق على شعب يسكت عن خضوع الحكومة وخنوعها أمام شركات الاتصالات (الحقيقة أنها شركة واحدة) ترفض النقل الحر للأرقام، وتتعامل بمنهج السادة والعبيد مع المستهلكين، ولا أدري كيف سيضحك ماهر وهو يعلق على طريقة نصب شركات الإنترنت على المواطن الذي يستنجد بالحكومة ووزير مواصلاتها فيكتشف أن الحكومة التي “يبي منها العون” هي “فرعون”، ولا يمكن أن أتخيل منظر ماهر وهو واقف على المسرح يحد لسانه، الحاد أصلاً، ليتناول (تصلح يتناوش، ويتناهش أيضاً، إذا تغاضى عني حماة اللغة) موضوع رشوة نواب البرلمان، وكيف انقلبت الأمور لتتم محاسبة من اكتشف الرشوة لا من قام بها، هاهاها… يفعل ماهر ما يفعله ويقول ما يقوله في بلد يجهل جزء كبير من مواطنيه أسماء أعضاء الكونغرس بجناحيه (النواب والشيوخ)، وتفشل خمس من متسابقات “ملكة الجمال” في معرفة اسم نائب الرئيس “جو بايدن”، رغم أن الثقافة أحد أهم عوامل الفوز في مسابقة الجمال. ولا عجب في جهل الأميركان سياستهم المحلية، بل والعالمية أيضاً، فهُم يثقون بساستهم ويعلمون أنهم (الساسة) يتعاملون مع الشعب كما تتعامل الدجاجة مع بيضها، إذ تنعزل عن محيطها، وتخسر أصدقاءها، وتتفرغ لبيضها فتبرك فوقه واحداً وعشرين يوماً بالتمام والرفاء والبنين، في حين تتعامل حكومتنا مع الشعب كما تتعامل السلحفاة مع بيضها، تضعه على الشاطئ وتعود إلى البحر لتستأنف حياتها وتترك البيض يواجه قدره ومصيره… إلا أن حكومتنا لم تتركنا على الشاطئ وتعد إلى البحر بل أرشدت “حيوانات الراكون” إلى مكاننا. ولهذا، لهذا فقط، يتابع الشعب الكويتي كله تفاصيل التفاصيل السياسية… ولهذا أيضاً نحتاج إلى أن نفعل ما يفعله بيل ماهر في بعض السياسيين.
الشهر: يوليو 2012
لا خيار غير تجرع علقم المعارضة
هي سلطة شريم تنفخ و”ما ميش برطم”… بكلام ثانٍ السلطة تحفر في البحر، حين تعجز عن هضم مجلس ٢٠١٢ المبطل، وتجهد نفسها في البحث عن بدائل يمكن أن تعيد ذكريات زمان، ومجالس أغلبية شعار الشيوخ أبخص والجيب أوسع. على السلطة أن تدرك في النهاية أنها مهما حاولت اللعب بأوراق الانتخابات، فالنتيجة واحدة، فهي إما أن تنحني لرياح التغيير أو تعاند وتتهشم عندها أغصانها، فبدائرة واحدة أو مليون دائرة وبصوت واحد أو بمليون صوت، شريم الكويتي ابن السلطة سيظل أشرمَ عاجزاً عن النفخ من فم السياسة، وبعض “التحف” النيابية التي نجحت في المجلس المبطل ستغير بدلها ولون جلبابها (ربما) وتعود من جديد. سيعود “فولتير” وروسو” وبقية الرموز التقدمية إلى كراسيهم، ولو بأسماء أخرى، ولا فائدة من محاولات إعادة إخراج مسرحيات تحصين الدوائر الخمس أو تبديل عدد الأصوات في دوائر جديدة، فليس في القدر الكويتي غير أهل الكويت الذين تغير وعيهم السياسي، فسُنة الحياة التغيير والتبديل، بينما تتصور السلطة أن الدولة ثابتة كالطود الراسخ، وهي قمة من القمم العربية في الديمقراطية والحريات السياسية، في حين أن الحقيقة تقرر أن قطار الديمقراطية في دول الربيع سبق الكويت بمشوار طويل، والكويت أكثر الدول الخليجية –المحافظة – الأكثر عرضة للتغيير المقبل بسبب حراكها السياسي في السنوات الماضية قبل ثورات الربيع. التقدميون، أكثر من السلطة، يصعب عليهم قبول مثل تلك المجالس المتطرفة في محافظتها وفي مزايداتها على المشاعر الدينية للكويتيين، لكن هذا لا يبرر أن نتبنى الطرح الحكومي حين تقوم الحكومة بالتشكيك في الدوائر الخمس وتتعذر بغياب العدالة في توزيع أصوات الناخبين بين الدوائر، فهنا سيُظهر التقدميون أنفسهم على أنهم مجرد أبواق “العقلانية” للحكم بالظاهر، بينما هم عملاء مستفيدون للفساد الرسمي، طبعاً هذا غير صحيح، فالكثير من التقدميين مخلصون لقضية بلدهم ولقضية الحريات العامة والخاصة، وليسوا شللاً منتفعة لـ”المناقصات، والتوزيعات الخاصة”، لكن ما باليد حيلة، فهم قلة، وسيبقون قلة في الكويت والوطن العربي لسنوات ممتدة. واليوم حين وجدوا أنفسهم في حالة حصار بين مطرقة الحكم وسندان القوى الدينية السائرة عكس حركة التاريخ، ليس من المفروض أن يحتموا بالنظام، وهذا واقع الأقليات (أياً كانت تصنيفاتها) في جُلّ الدول المتخلفة التي لم تصل بعد إلى مفهوم الدولة الأمة كواقع اجتماعي قبل أن تكون الدولة كواقع سياسي، والتي لم تنضج إلى مستوى مفهوم وحدة المواطنة، وتهميش الانتماءات الطائفية والقبلية والعرقية. السلطة تُغرق نفسها، وليس من مهمة التقدميين أن يرموا بطوق النجاة إليها متى أصرت السلطة على رفض تجرع مرارة مجالس المعارضة…. علينا أن نمد اليد إلى أصوات من القوى الدينية هي خافتة اليوم، لكنها تتكلم ولو بكثير من الحياء عن رفضها لأطروحات المتزمّتين من فصيلة الطبطبائي ومحمد هايف وأسامة مناور، ويمكن أن نجد عند الحركة الدستورية بعض الأصوات الجيدة التي تقف على يسار الحركة، كذلك الأمر حتى مع التجمع السلفي، وهناك بالطبع التكتل الشعبي، الذي مهما قَيدت قواعده الانتخابية القبلية والمحافِظة يديه وطرحه للتحديث، إلا أنه في النهاية ليس محسوباً على المتشددين الدينيين ودعاة الدولة الدينية… ليس لنا خيار آخر… ففي النهاية لا نريد للقلة التقدمية المتقلصة أن تحفر في البحر مثلها مثل الحكومة.
البدلة والجبة والاحترام
يسعى البشر طوال حياتهم لخلق الاحترام لأنفسهم، بصرف النظر عما يمتلكون من ثروات أو مواهب! وقد تكرر عبر التاريخ الحديث عن دخول رجال أثرياء لعوالم عدة، كالسياسة، بحثا عن دور او احترام لم يستطع المال جلبه لهم، والاحترام يجر بالتبعية المكانة الاجتماعية، وما يسري على الغني يسري على ما دونه ثراء، فهؤلاء في سعيهم لتأمين عيشهم يبذلون جهدا في عدم الإفراط بكرامتهم، إن استطاعوا!
وهناك طبقات في المجتمع تشعر في بداية حياتها بالدونية، وأنهم أصحاب مكانة اقل، وللتغلب على ذلك نجدهم يبحثون عن عمل يوفر لهم وقارا اجتماعيا لا توفره لهم مهن أخرى، وإن كانت أكثر كسبا للمال أو أكثر صعوبة في الأداء. كما يبحث هؤلاء مع الوقار الاجتماعي لمكملاته من «زي شرعي» أو بدلة رسمية، والتي تعطيهم إما «هيبة السلطة»، أو الحق في التحدث دون اعتراض الغير على أقواله، حتى وإن كان كلامه بلا معنى أو منطق!
وقد روى لي صديق من عائلة السياسي السلفي خالد سلطان، أنه دعي يوما من قبله للاستماع لأحد قادة السلف، الذي منح الجنسية اخيرا «لجليل خدماته»، وعندما رفع يده في نهاية المحاضرة طالبا التعليق قام السيد سلطان بإنزال يده بقوة قائلا: أنت هنا في حضرة قمة، ولتستمع فقط، وليس لكي تسأل}!
نعود ونقول ان ما يفرضه رجل الدين من احترام على من حوله لا يعود غالبا لما في كلامه من علم ومنطق، بل لما للهالة الاجتماعية التي اكتسبها، بحكم القانون والعرف، والتي لا تسمح بمجادلته، أو بسبب جهل مستمعيه لما يقوله، أو لعدم رغبتهم الدخول في نقاش يعلمون مسبقا أن الغلبة فيه ستكون لمن درس وتمرس في علم الكلام والجدال! وبالتالي نجد أن الحكومات، وبإيعاز من المؤسسات الدينية، التي غالبا ما تضفي الشرعية الدستورية على طريقة حكمها، تقوم بتحصين مكانة رجل الدين، المعاصرة والتاريخية، بقوانين تجعل من مجرد التعرض لهم بالقول جريمة كبرى.
وتحصين مكانة رجل الدين والشخصيات الدينية التاريخية لم يأت فقط من منطلق مصلحي على قاعدة «شيلني واشيلك»، بل وأيضا لتعلق وظائف و«أكل عيش» الملايين بها! ولو واجهنا اي رجل دين بأي قضية دينية شائكة، كالحمل المستكن مثلا، فإنه سرعان ما سيطالب بقبول الأمر كما هو وتحريم النقاش أو المجادلة فيه، أو يسعى لاتهام من يجادله بتهمة ما.
والحقيقة أن هذا الفزع أمر غير مبرر! فعندما قام منتج اميركي مغمور بإنتاج فيلم «آخر إغراءات المسيح» قامت الدنيا عليه، مطالبة بمنع عرض الفيلم ومعاقبة الذي وراءه، ولكن كبير أساقفة إنكلترا تدخل لمصلحته قائلا ان الدين المسيحي لا يستحق أن يبقى إن كانت فكرته برمتها مهددة بفيلم لم يكلف انتاجه أكثر من 5 ملايين دولار!
وبالتالي، نرى أن الإسلام انتشر وتوسع، ولا يزال الدين الأكثر وتيرة انتشار، ولم تؤثر فيه نوائب كبرى طوال 14 قرنا، وهو لم يكن يوما في خطر، وما نحتاجه بالتالي هو فتح باب النقاش الحر أمام الجميع، والتخلي عن القوانين التي تجرم مناقشة قضايا مفصلية.
فتقدم أوروبا الغربية، والغرب عموما، لم يحدث لولا إيمانها بالحرية، فلا تقدم هناك بغير حرية، ولا ديموقراطية بغير حرية، ولا حرية بغير حرية المعتقد! ولكن يبدو أنني أكلم الجدران من حولي.
أحمد الصراف
وينكم
تعلمت كما تعلم الكثير من أبناء جيلي منكم، وقدمتم رسائلكم في الماضي بأنسب وأفضل شكل ممكن دون تكلّف أو تصنّع أو إقحام للقيم بطريقة التلقين كما يفعلون اليوم وأنتم تشاركونهم أحيانا. فمن “خالتي قماشة” تعلمت أن الحب لا يفرض بل يزرع بالكلمة الطيبة والسلوك الحسن، ومن “مدينة الرياح” و”عجاج” و”علقم” تعلمت الخير والشر بأبسط شكل، ومن “الغرباء – كامل الأوصاف” تعلمت أن الشجاعة غير مرتبطة بذكر أو أنثى، ومن “على الدنيا السلام” عرفت عن أنماط بشرية كثيرة ومشاكلها وهمومها اليومية، و”درس خصوصي” قدم درساً في المعاملة الزوجية، وأفضل الدروس الأسرية في “إلى أبي وأمي مع التحية”، وجزء من التاريخ أخذته من “الأقدار” و”درب الزلق” و”بس يا بحر” وغيرها من أعمال رائعة كـ”رقية وسبيكة” و”خرج ولم يعد”، وغيرها العشرات التي قدمت أفضل وأسمى المعاني بجهودكم وتعبكم أنتم ومن معكم. وتعلقت بحب الوطن من صوت رويشد وعبدالكريم ونبيل وشادي الخليج وسناء الخراز، كل هذا قدمتموه لي ولمن معي من أطفال في ذلك الحين، ومازلت مديناً لكم بكل هذه الدروس طيلة عمري. اليوم اختفى كل هذا الجمال، وفنيت كل تلك الدروس بصفعات وشتائم واغتصاب ومخدرات واستجداء الضحك أحيانا، وهو أمر ساهمت فيه الدولة بدور أساسي مع حلفائها لتهمش صوتكم، بل تلغيه، فرضختم ولم تقاوموا بل قبلتم أن تنجرفوا لهذا الوحل الكريه. وكل يوم تقدمون تنازلاً تلو الآخر حتى بات ما يعرض في التلفزيون لا يحمل هويتنا، وغير مرتبط بحياتنا لا من قريب ولا بعيد. فرضوا الرقابة السخيفة على أعمالكم فقبلتم، حولوا المسارح إلى مبان مهجورة فسكتّم، أقحموا كل تاجر بأعمالكم فشاركتم، جعلوكم تقيمون حفلاتكم في صالة تزلج لمدة عشر سنوات فتسابقتم عليها، وهاهم أمس يمنعونكم حتى من عرض مسرحية أطفال وينقلونها إلى موقع آخر لا لشيء بل لمجرد تهديد نائب فتقبلتم الأمر. أساتذتي حياة وسعاد وعبدالحسين وسعد والصلال والعقل وداود ومريم وهدى وعبدالكريم ورويشد ونبيل أنتم مسؤولون عن هذا التردي، فلا تكتفوا بعبارة “الحكومة مو مقصرة”، بل مقصرة وتقتل إبداعاتكم حتى بتنا بلا جيل ثانٍ منكم قادر على مواصلة مسيرة الفن الجميل الذي يقدم دروساً قد نحتاج إلى سنوات لأن ننالها لولاكم. لا تقبلوا بواقع حكومي تعيس أو بمجاملة وزير، واسالوا أنفسكم في ظل هذه الحكومة وهذه العقليات: هل ستتمكنون من تقديم ما قدمتموه في السابق؟ الإجابة قطعا لا فساحتكم استوطنها المهرجون وبعض من يعرض الأجساد على الشاشة. الأمر لا يعنيكم وحدكم، بل سكوتكم يقتل مجتمعاً كاملاً، فبالفنون الحقيقية والثقافة ترتقي المجتمعات، وما هذا التقهقر الذي نعيشه والتردي بشتى المجالات إلا نتيجة حتمية لخضوعكم لمن لا يستحق أبدا. عودوا إلى الواجهة، فأنتم قطعا أفضل من كل من في الواجهة من نواب ووزراء وغيرهم، وأعيدوا الزمن الذي يجعلنا نحفظ أعمالكم وكل حرف تنطقونه من هذه الدروس.
كلمات هادئة في قضية دوائر ساخنة (2)
تهديد رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك بالثبور وعظائم الأمور إذا لم يتخذ هذا القرار أو ذاك يثبت اموراً عدة نسجلها للحقيقة والتاريخ منها ان المقصود والمستهدف في هذه الحكومة والحكومة السابقة وجميع الحكومات اللاحقة هو رأس الناطور مادام ينتمي لأسرة الحكم ويسعى لاستقرار البلد، لا عنب مصلحة البلد والشعب.
***
ان عمليات التأزيم التي يقال إنها ستنتهي اذا ما تم هذا الامر او ذاك لن تنتهي على الاطلاق حتى تتحول الكويت الى صومال او عراق آخر تقطع به الرقاب وتتفشى به الفوضى والتفجيرات في المساكن والأسواق، فهذا ما تدفع الأموال الطائلة لأجله لمدعي البطولة والوطنية كي يخربوا اوطانهم تحت الشعارات الزائفة والمدغدغة تماما كما حدث في البلدان الاخرى، وهل سمعتم قط بزعيم وطني عميل يقول انه تسلم الثروات للقيام بعمليات ضرب استقرار وطنه وتشجيع عمليات الفوضى والتناحر بين الناس؟! فصندوق الاعذار والمبررات اللازمة لاستكمال ذلك المشروع الهادم والمخرب للكويت أوسع من المحيطين الهادي والهندي معا.
***
ان التهديد غير المنطقي وغير المفهوم بالمقاطعة والنزول للشوارع كوسيلة لفرض آراء ثبت خطؤها مرات ومرات وأودت بالبلاد الى حافة الهاوية وفي أحيان اخرى الى السقوط في الهاوية ذاتها كما حدث عام 90 امر لا حكمة فيه، وليس من الحكمة ان تتهم وتهدد الحكومة اليوم فيما لو قامت بما طالب به المهددون أنفسهم عام 2008 في ديوانية النيباري من اصدار مراسيم ضرورة لتعديل الدوائر الانتخابية (!) وصيف وشتاء على سطح واحد وتناقض يقبله ويبلعه بعض المغرر بهم.. وبذكاء بالغ..
***
ان ما يرجوه شعب الكويت قاطبة عدا قلة قليلة ان يسود العقل ومصلحة الكويت على كل ما عداهما من مواقف، وان تتوقف لغة التهديد والوعيد وتستبدل بلغة الحوار والتفاهم، فالتلميح بربيع كويتي على غرار الربيع العربي كذبة كبرى، فالفارق كبير بين الحالتين، حيث قام الربيع العربي بسبب القمع والجوع وغياب سيادة القانون بينما تحسد شعوب الارض الشعب الكويتي على ما يتمتع به من ديموقراطية وحرية ورفاه، وان مراسيم الضرورة لو صدرت فهي لتعزيز مبادئ العدالة والمساواة والالتزام بمبادئ سيادة القانون التي اتى بها حكم المحكمة الدستورية.
***
آخر محطة: (1) انا عضو في جماعة 26 التي لم تدعِ قط انها تمثل «رجال» الكويت في مواقفها فكيف جاز لـ 29 شابا ان يدعوا او حتى يوحوا بأنهم يمثلون مطالب كل الشباب الكويتي؟ وماذا عن الألف شاب وشابة الذين اصدروا الوثيقة الداعية للاستقرار السياسي في البلد والتي حظيت بدعم الكثيرين؟!
(2) يعلم الجميع ان الشباب الكويتي الحكيم والواعي هو المستفيد الأول من الاستقرار السياسي الذي يدعم عمليات التنمية ويخلق فرص العمل للشباب وان منهاج التجمهر والشدة والغضب الذي جرب مرارا وتكرارا في السنوات الماضية هو المتسبب في تخلفنا عن الجيران المستقرين سياسيا، كما ان ذلك النهج المتشدد هو والإدارات السيئة السبب في إفلاس مئات الشركات الكويتية وتفشي البطالة بالتبعية بين الشباب.
تكلم.. لكي أراك
وقف رجل وسيم وأنيق أمام سقراط، وأخذ يتبختر في مشيته ويتباهى بمنظره، فقال له سقراط: تكلم حتى أراك! ولو فكر الكثيرون منا في مدى عظمة هذا القول لاختاروا الصمت، قولا وكتابة، ولا استثناء هنا! فالغالبية تظهر حقيقتها عندما تنطلق في الكلام، وكثيرا ما نتمنى لو أن البعض بقي صامتا، فالكلام هو ما يميزنا كبشر، إضافة بالطبع لأفعالنا. وما هو محير هو ذلك الإصرار الذي يبديه البعض، ومنهم رؤساء دول، في الظهور على التلفزيون وإلقاء الخطب، بالرغم من أن قدراتهم لا تساعدهم حتى على إنهاء قراءة «بسم الله الرحمن الرحيم» من دون ارتكاب خطأ في اللفظ! وما يود سقراط قوله هنا أنه لا يرى البشر كما يبدون، بل بما في استطاعتهم قوله. وهنا نجد أن لغات العالم الرئيسية تبلغ نحو 1300 لغة، وهو رقم مختلف عليه بشكل كبير، ولكن اللغات المعتمدة في منظمة الأمم المتحدة، والتي تدون بها جميع مستنداتها، هي ست: الإنكليزية والمندرين (الصينية) والفرنسية والروسية والاسبانية والعربية. أما اللغات العشر الأكثر تحدثا، كلغة أم، فهي المندرين، لغة مليار صيني، تليها الإنكليزية بنسبة النصف، حيث لا يتحدث بها أكثر من 490 مليونا، ومن بعدها الهندية بأقل قليلا من ذلك، ثم الاسبانية ومن بعدها الروسية والعربية والبنغالية والبرتغالية، أي لغة البرتغال والبرازيل وانغولا ومكاو ودول أخرى صغيرة، ثم تأتي بعد ذلك لغة المالاي في ماليزيا وأجزاء كبيرة من أندونيسيا، وأخيرا الفرنسية! إلا أن الإنكليزية تبقى لغة العالم الرسمية والأكثر انتشارا، واللغة الثانية لغالبية البشر. كما أن اتقانها مسألة حيوية لكل العاملين في الملاحة الجوية والبحرية، فهي لغة التواصل والاتصالات.
وقد كسبت الإنكليزية مكانتها بداية بفضل أنشطة إنكلترا الاستعمارية ودورها الريادي في الكثير من الاكتشافات والاختراعات، واكملت الولايات المتحدة مهمة نشرها بثقافتها الجديدة وأدبها الحديث وفنونها وبما أنجزته وقدمته للعالم من كلمات حديثة في الطب والكمبيوتر والفضاء وفي غيرها.
نعتقد للوهلة الأولى أن غالبية دول العالم تعرف بلغاتها، أي أن الهندية يتكلمها الهنود، والبرتغالية يتكلمها البرتغاليون، ولكن بالتدقيق أكثر نجد أن العكس هو الصحيح، فغالبية دول العالم تختلف أسماؤها عن أسماء لغاتها، فالصينيون والتايوانيون يتحدثون المندرين، ولغة الفلبين هي التاكالوك، والنيذرلاندز وغالبية البلجيك يتحدثون الدتش، والبرازيل تتحدث البرتغالية، أما النمسا فلغتها الألمانية، كما نجد أن إنكلترا هي الوحيدة التي يتطابق اسمها مع لغتها ولكنها جزء من المملكة المتحدة او بريطانيا، وبالتالي فإن جميع الدول الناطقة بالإنكليزية، وعددها يزيد على الستين، ومنها دول الكومنولث والولايات المتحدة تختلف تسمياتها على تسمية لغاتها، وكذا الأمر مع مجموع الدول الناطقة بالفرنسية أو الاسبانية والعربية. وبالمناسبة فإن إطلاق تسمية هولندا على النيذرلاندز Netherlands غير دقيق، فرسميا لا توجد دولة بهذا الاسم، والاسم قديم ويعود لإحدى مقاطعاتها، ولا يستخدم في الداخل إلا تجاريا. كما لا توجد لغة سويسرية، حيث يتحدث هؤلاء بأربع لغات، الألمانية والفرنسية والإيطالية إضافة إلى أقلية تتحدث بلغة هي خليط من اللغات الثلاث.
أحمد الصراف
كلمات هادئة في قضية دوائر ساخنة (1)
تضمن حكم المحكمة الدستورية الأخير كلمات صريحة تنص على عدم دستورية نظام الدوائر الخمس القائم بسبب تباين أعداد الناخبين وغيره، ومن ثم كان منطقيا أن تحاول الحكومة تحصين نتائج الانتخابات القادمة من الطعن عبر التعامل الإيجابي مع ذلك الحكم الدستوري من خلال الالتزام بما أتى به، حيث إن الذهاب للانتخابات القادمة دون إصدار مراسيم ضرورة لتعديل ذلك الوضع يعني بالضرورة حل مجلس الأمة المقبل حال الطعن فيه، حتى لو قام المجلس الجديد بتعديل الدوائر بطريقة تناسب حكم المحكمة الدستورية كونه قد انتخب أصلا ضمن نظام انتخابي غير دستوري والقاعدة القانونية تقول «ما بني على باطل فهو باطل».
***
لذا فإن من الأمور المنطقية جدا إصدار مراسيم ضرورة بتعديل الدوائر، وهو أمر مثله عام 81 ولم يعترض أحد على إصدار مراسيم الضرورة تلك أو على دستورية نظام الـ 25 دائرة التي لم تطعن المحكمة الدستورية بشرعيته طوال السنين، ومن ثم قد تكون العودة اليه كما ذكر الخبير الدستوري د.محمد الفيلي هي أحد الحلول الواقعية لإشكال طعن المحكمة الدستورية بنظام الدوائر الخمس القائم والذي لم يمتد للدوائر الـ 25 التي ترحم عليها أغلب من طالب بالتحول عنها.
***
والحقيقة ان التحول من نظام الدوائر العشر الذي خلق أوائل الستينيات الى نظام الدوائر الـ 25 الذي خلق في الثمانينيات، ولاحقا الى الدوائر الـ 30، هو الأمر المنطقي القائم في العالم أجمع الذي «تزداد» فيه أعداد الدوائر مع زيادة أعداد المناطق والسكان، لا أن «تتناقص» من 25 الى 5 ثم الى نظام الدائرة الواحدة المدمر وغير الدستوري. وقد تعرض نظام الـ 25 دائرة ومازال لحملة أكاذيب ظالمة عبر القول انه المتسبب في الطائفية والفئوية والقبلية وشراء ونقل الأصوات، بينما وجدنا أن جميع تلك الأمراض قائمة في انتخابات المجلس البلدي الذي بقي قائما على نظام الدوائر العشر لحقيقة ان تلك التخندقات الطائفية والفئوية وغيرها قد تفشت في جميع دول المنطقة منذ أواخر السبعينيات حتى اليوم، فشهدنا التقاتل والتناحر الطائفي والفئوي غير المسبوق في لبنان والعراق والسودان ومصر وسورية والبحرين وإيران والجزائر وغيرها دون أن تتغير دوائرهم الانتخابية من عشر الى 25 دائرة.. وإلى الغد.
***
آخر محطة:
(1) أثبت التحول للدوائر الخمس واستفحال تلك الأمور السالبة ضمن ذلك النظام مما أضر بالوحدة الوطنية بشكل غير مسبوق، البراءة المطلقة لنظام الدوائر الـ 25 من التسبب فيها.
(2) محاربة ومحاولة القضاء على ظواهر نقل وشراء الأصوات والطائفية والفئوية والقبلية ضمن نظام الـ 25 دائرة أسهل بكثير من محاربتها ومحاولة القضاء عليها ضمن نظام الخمس أو الدائرة الواحدة، وهذه بديهية فاتت على الكثيرين.
كي لا نجتر أخطاء تجربة أفغانستان
لا يقل خطر إرهابيي “القاعدة” على الثورة السورية عن خطر النظام ذاته الذي يحاربه الثوار، فكل التعاطف والمساندة اللذين يتلقاهما الجيش السوري الحر من الدول الأوروبية والولايات المتحدة سيحترق تماماً مع كل تفجير انتحاري يقوم به أفراد “القاعدة”، أو حين يوزعون شريط فيديو مرعباً يماثل الأشرطة التي كانت تنشرها “القاعدة” في العراق من بطولة الزرقاوي وخالد الشيخ محمد وغيرهما من مهووسي العقيدة الدينية. الخبر الذي جاء بشكل “مانشيت” كبير في “نيويورك تايمز” عدد الأربعاء الماضي عن ضلوع جهاديي “القاعدة” في عمليات ضد نظام الأسد، يثير القلق، فهذه الجريدة لا تنجم ولا تقرأ الفنجان المقلوب كي تعرف ماذا يحدث في المأساة السورية، فلها اتصالاتها مع أجهزة المخابرات الأميركية، وبالتالي فهي تقرع جرس الإنذار لدول الغرب كي تفكر في ما قد تنتهي إليه الأمور في سورية. فيروس مرض “القاعدة” إذا توطن في جسد ثوار سورية، فهذا يعني بداية النهاية للثورة، ما لم يتدارك الثوار خطورة مشاركة جهاديي “القاعدة” معهم، ومهما كانت أوضاع الثوار صعبة حين يواجهون ببنادقهم البسيطة دبابات وطائرات النظام الأسدي فإن تصفية فيروس “القاعدة” من جسد الثورة مسألة يجب أن تكون لها الأولوية عندهم. كذلك يفترض، أن يوجه التحذير من وباء “القاعدة” إلى الدول الخليجية التي تضخ أنظمتها الأموال والدعم للثوار السوريين، فعلى هذه الدول أن تميز بين الثوار والإرهابيين الأصوليين، فالثوار ينشدون الحرية والكرامة، بينما الإرهابيون يبحثون عن الانتقام من أي طائفة أو فريق ليس منهم، والأنظمة الخليجية التي اصطفت مع الثورة السورية للروابط المذهبية والقبلية ولمواجهة الامتداد الإيراني في المنطقة العربية، لابد أن تفتح عيونها جيداً على مصارف التبرعات والمساعدات التي تضخ لسورية، وتنتبه لهجرات الجهاد المتجهة من أراضيها إلى سورية، فالبؤساء الذين شردوا من قراهم ومدنهم وأضحوا لاجئين في تركيا ولبنان، ومعهم كل الضحايا المدنيين في الحرب الأهلية هناك، كل هؤلاء يجب أن تكون لهم الأولوية في المساعدة الإنسانية. على دولنا الخليجية أن تقلق من الغد، ليس من أجل سورية الجريحة التي يتهددها التقسيم الطائفي وتهيمن عليها اليوم الحروب بالوكالات حالها من حال لبنان الأمس وربما الغد، وإنما من أجل هذه الدول ذاتها، ففي الثمانينيات هللت دولنا للمجاهدين الأفغان الذين كانوا يحاربون السوفيات، وباركت لهم ودعمتهم بالمال والدماء، وبعد خروج السوفيات، أزاح المجاهدون قناع الراحل عبدالله عزام ليظهر لدولنا وحش فرانكشتين على هيئة بن لادن والظواهري ومن تبعهما من حثالات الهوس الديني، وغشانا الغثيان بمشاهد قطع رقاب في العراق أو باكستان، وإقامة حد الزنى على فتيات صغيرات في ملاعب كرة القدم في قندهار، والرصاص والمتفجرات التي دفعت دول الخليج ثمنها مقدماً، ارتدت علينا في السعودية وفي الكويت، فهل نتعظ اليوم مما حدث، وهل نقدر أن سورية ليست أفغانستان ودمشق ليست كابول، وليست حلب اليوم قندهار الأمس. دعم الشعب السوري مسألة يجب ألا يكون عليها خلاف، لكن على دول الخليج أن تتعظ من الماضي وتكف عن اجترار الأخطاء.
للتاريخ ولصاحبنا المهندس
علق «شارلزكروثمر»، في النيويورك تايمز 7/16، على احداث الربيع العربي قائلا ان التاريخ السياسي العربي الحديث مر بمراحل ثلاث، كان اولها الاستعمار، البريطاني ـ الفرنسي، ثم المرحلة الثانية الاستقلال، التي سيطرت فيها موجة القومية العربية على غالبية الدول العربية، او تأثرت بها بطريقة او بأخرى، والتي كانت في غالبيتها علمانية واشتراكية ومعادية للتيار الديني والاستعمار، بقيادة العسكر غالبا، ولكنها انتجت في النهاية انظمة حكم عقيمة شبه اشتراكية ولكن مغالية في بيروقراطيتها، وفاسدة وتركت دولها في مستنقع الفقر والمهانة والقمع! «ولا ادري ما الذي يمكن توقعه من انظمة يقودها عسكريون فاشلون»! ثم جاءت المرحلة الثالثة، او الربيع العربي، والتي بدأها شباب علمانيون ومتحمسون في غالبيتهم، ولكن القوى الدينية نجحت في اكتساحهم، وهذا ما حدث في تونس ومصر ومن بعدهما ليبيا، وان بصورة اقل حدة.
كما سيسيطر الاخوان على سوريا، في حال نجاح معارضي النظام في اسقاطه. كما نجد ان الاخوان اقوياء في غزة وفي الاردن وغيرهما، وهؤلاء بنوا «امجادهم»، في الغالب، على اشلاء القومية العربية والاشتراكية. ولكن، كما سبق وان رأينا، فإن الاسلام المتشدد ليس حلا لأي شيء، وظهر هذا جليا في الطرق القمعية الرهيبة التي اتبعتها طالبان في توطيد سيطرتها على افغانستان، وما حدث ويحدث على ايدي المتشددين الاسلاميين في كل من السودان وايران. ويقول الكاتب إن المرحلة الرابعة القادمة ستكون الديموقراطية، والتي ستبني قوتها على اشلاء الاسلاميين! ولكن نلاحظ ان ما لم يتطرق اليه الكاتب هو الكيفية التي سندخل فيها مرحلة الديموقراطية، التي ستسود، شاء المتأسلمون او ابوا، كما اجبرنا الآن على قبول تمددهم، فبذرة فناء الانظمة الدينية يكمن فيها، فقريبا سنرى اشكالا ونماذج متضاربة من انظمة الحكم الدينية، التي على الرغم من ادعاءاتها بان ركيزة حكمها نابعة من فلسفة واحدة، ان جاز هذا التعبير الفضفاض، الا الخلاف سرعان ما سيدب بينها، ليس فقط بسبب تضاربها فكريا واسلوبا، بل ايضا لضخامة حجم الكيكة التي سيتقاتلون عليها، والتي طالما سال لعابهم لالتهامها، هذا غير صراع الاخوان مع القوى الاخرى، وعلي رأسها القوى السلفية، التي ستستميت في انتزاع الحكم منهم، مستعينة بكل ما تمتلكه من وسائل مشروعة وغير قانونية! ولكن هذا سوف لن يحدث قبل ان نرى انهارا من الدماء وعشرات آلاف الضحايا وخسائر مادية بمليارات الدولارات، فهذا دأب «الملالي»، فمتى ما وصلوا الى الحكم فمن الصعب تخليهم عنه بغير صراع وعرق ومال ودماء كثيرة! وهنا نتمنى مخلصين ان نكون على خطأ.
• ملاحظة:
ان الدور الذي تقوم به الرائعة في السلطان، كأول فتاة تمثل الكويت في ألعاب الأولمبياد في رفع اسم الكويت عاليا، اكبر من دور عشرات السفارات، وهي تستحق كل احترام وتقدير، واشارك كل محبي الكويت في تمني التوفيق لها!
أحمد الصراف
رسالة لمن يهمه الأمر
y>بمناسبة توجه القوى السياسية والشبابية ونواب المعارضة السياسية والفعاليات الاجتماعية وعدد كبير من السياسيين المستقلين الى مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، إن تم التلاعب بعدد الدوائر الانتخابية او طريقة التصويت، فإنني أتوجه بهذه النصيحة الى من يهمه الامر من اصحاب القرار في بلدي الطيب الكويت:
اولا.. اتمنى الا يستهان بقرار المقاطعة الشعبية للانتخابات المقبلة، إن صارت، فتجربة المجلس الوطني ما زالت ماثلة امام أعيننا، ومع مضي اكثر من عشرين سنة على تلك المقاطعة الا ان المشاركة في تلك الانتخابات ما زالت تعتبر مسبة في نظر الغالبية من الناس وما زال الكثير يتبرأ من تلك الفترة! هذا عدا عن ان الظروف اليوم مختلفة تماماً، فنحن نعيش في زمن الحراك الشعبي السريع وتفاعله مع الاحداث اليومية بشكل أعنف وبصوت عال، واصبحت وسائل التواصل الاجتماعي اكثر تأثيرا من الاعلام الرسمي الموجه، ولئن تمكنت قوات الشرطة في الثمانينات من إغلاق كل مداخل الفروانية وتفريق الناس بقنابل الغاز المسيلة للدموع، فاليوم لا تحتاج المعارضة الشعبية الى اكثر من رسائل تويتر لتنفيذ أجندتها وتحقيق هدفها!
اقول هذا لأنني أتوقع بل اجزم ان هناك من جلساء السوء ومستشاري الباطل من سيزين لأصحاب القرار نتائج هذه المقاطعة، وسيوحون لهم بان هذه فرصة لن تعوض للتخلص من إزعاج المعارضة ورموزها! وكما قال الدخيل على الحياة البرلمانية عندما سمع عن مقاطعة القوى السياسية للانتخابات: دفعة مردي والهوا شرجي..! إذاً بمثل هذه الآراء اذا وجدت استحسانا من السلطة فان البلد الى مزيد من التوتر والانقسام الداخلي وما يتبع ذلك من تقهقر وتخلف وتعطل في عجلة التنمية، لكن ان أخذنا بالاعتبار وجهة نظر المعارضة الشبابية والسياسية واحترمنا مطالبهم المنبثقة من الحرص على احترام المؤسسات الدستورية والتزمنا بالإجراءات الدستورية في اجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة وجعلنا موضوع تغيير الدوائر الانتخابية او حتى آلية التصويت للتوافق بين السلطتين تحت قبة البرلمان، عند ذلك نكون تصرفنا بحكمة ونزعنا فتيل أزمة مصطنعة كادت تتسبب في عودة البلد الى المربع الاول.
• حامي حمى حقوق الإنسان
كتب زميلنا إياه في زاويته قبل يومين يسخر من صعايدة مصر ويستكثر عليهم ان يكون في مدنهم تنمية او ان تكون فيها بيئة صالحة للاستثمار! وبعد ذلك بيوم كتب مقالا بعنوان «اعلن اعتذاري» فظننت انه يعتذر عن إساءته للصعايدة، لكنني فوجئت ان المقالة مزيد من السخرية بصيغة اعتذار! وأقول لحامي حقوق الانسان ان مدن الصعيد اليوم تنافس المدن التي ذكرتها في توافر البيئة الصالحة للاستثمار، كما ان الصعيد فيه نوابغ وقيادات ساهموا في نهضة مصر منذ عقود من الزمان، بل ان اكثر الرؤساء الذين حكموا مصر هم من الصعيد! ولا تظن انك الوحيد المثقف في هذا الزمان، فقد انفضحت ثقافتك عندما فهمت معنى الحكومة الشعبية انها تعني بالضرورة ان يكون رئيسها منتخبا! وهذا فهم خاطئ وقصور في الوعي السياسي! فالمقصود بالحكومة الشعبية ان يكون اغلب أعضائها منتخبين وليس بالضرورة ان يكون الرئيس منتخبا ليوزع العطايا والهبات على ناخبيه كما ذكرت! ويبدو انك ما زلت تعيش أجواء مجلس 2009 الفاسد وحكومته المفسدة وتظن ان كل المجالس مثله.