عادل عبدالله المطيري

في بلدي فقط

    فقط في بلدي دولة المؤسسات الدستورية تعني ان تشغل كل المناصب بالتعيين إلا من رحم ربي (مجلس الأمة)!

في بلدي الدستور أصبح من الآثار التاريخية ومع ذلك لا يسمح بتنقيحه إلا لمزيد من تقييد الحريات..!

في بلدي أصبح اللصوص والفاسدون يحبذون اللجوء للقضاء، لأنهم لم يعودوا يخشون من القانون ورجاله..!

ولذلك أصبحنا بحاجة ماسة لتطوير القضاء وقوانينه لمزيد من الاستقلالية ولسد الثغرات القانونية التي ينفذ منها الفاسدون..!

في بلدي مبدأ تكافؤ الفرص يعني ان توزيع غنائم المناصب القيادية يكون بين الكبار فقط، ولذلك تجد ان المحظوظين يتساقطون ببرشوتات من السماء ليشغلوا تلك المناصب ويبقى الموظفون المظلومون في انتظار الترقية أو التقاعد أيهما أقرب..!

في بلدي يريد قانون المسيء للذات الإلهية وذات الرسول الكريم وآله وصحبه، وتبقى ذات (بعض المراجع) مصونة ويمنع المسيء لها من دخول الكويت.

في بلدي وباسم دعم الشركات الوطنية يكافأ التجار الفاسدون وتوهب لهم المناقصات بضعف تكلفتها لينجزوها بنصف مواصفاتها، ويستبعد المقاول الأجنبي صاحب الخبرة الأعلى والتكلفة الأدنى..!

في بلدي الديموقراطي، الأغلبية البرلمانية لا تشكل الحكومة، وبالرغم من ذلك، تحاول جاهدة (الأغلبية) ان تتعاون مع الحكومة إلا أن الأخيرة تصدها وترد قوانينها.

في بلدي مازالوا يتهمون نواب الأمة بتعطيل التنمية.. بينما نرى الحكومة ترد المشاريع التنموية التي يقترحها البرلمان، ومن الجهة الأخرى الحكومة لا تبادر باقتراح المشاريع وهو عمل أصيل لها..

في بلدي يصور الفاسدون البرلمان على انه مؤسسة معطلة للتقدم والتنمية لأنه يراقب جيدا ويشرّع أنظمة تحارب الفساد، وكأن لسان حاله يقول اختاروا بين التنمية أو الديموقراطية.. ونريد ان نخبرهم اننا نفضل السكن في الخيام مع الحرية والكرامة والديموقراطية.!

سامي النصف

وزير عليم يعلم ولا يتكلم.. ووزير يتكلم ولا يعلم!

  أسوأ ما يمكن عمله في قضية «الداو» هذه الايام هو تسييسها فيتخندق البعض للدفاع عنها، أو الهجوم عليها، وتضيع دماء 2 مليار دولار من المال العام بين الفرقاء، كذلك علينا أن نفرق بين من هاجم صفقة «الداو» لأسباب موضوعية أثبتت الأيام صحتها، ومن مهاجم الصفقة كونه ولأسباب غير مفهومة (أو مفهومة) يهاجم كل مشروع يقام في الكويت ويفخر بإسقاطه لكل مشاريعنا التنموية، بينما تستمر في الوقت ذاته مشاريعه الخاصة ومشاريع شركائه وأبنائه في العمل بأقصى سرعة خارج البلد وداخله، وكان الله عليما بالأسرار.

***

لا أفهم على الاطلاق حجة من يدافعون عن المسؤولين النفطيين، ويكفي كمثال على تفريطهم في المال العام قبل شراكة «الكي داو» قيامهم بشراكة مماثلة معها (50/50) في شركة «أكوا بوليمرز» كما أتى في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2010/2011، وضمنه أن تلك الشركة التي أنشئت عام 2004 كان يفترض أن تأتي بعوائد سنوية للكويت بين 16 و18% إلا أنها منيت منذ يومها الاول بخسائر فادحة قاربت المائة مليون دينار جاوزت رأس المال، أي ان شركة «الداو» «متعودة دايما» على تدبيسنا بمصانعها الخاسرة بغفلة أو تواطؤ المسؤولين النفطيين الذين يفترض أن ندافع عنهم هذه الايام.. هزلت!

***

وظل المسؤولون النفطيون ـ يا للغرابة ـ يمولون بالهبل حتى العام الماضي تلك الشركة التي ألبستها الداو لنا حتى جاوزت قروضها من أموال الشعب الكويتي المظلوم 115 مليون دولار، ومثل ذلك كما أتى في تقرير ديوان المحاسبة استمرار الخسائر الفادحة لاستثمار المسؤولين النفطيين بشركة «العطريات» حتى بلغ إجمالي الخسائر من «مال عمك لا يهمك» أكثر من 80 مليون دينار وبمخالفات صريحة لتوصيات إدارة الفتوى والتشريع وديوان المحاسبة وقبلهما متطلبات الدين والوطنية الحقة ومصالح الشعب الكويتي ومن ائتمنهم على تلك المراكز الحيوية، وعبر إخفاء الحقائق بشكل تام عن مجلس الأمة والوزراء المعنيين بتلك الأمور.

***

والقول الفصل في تلك القضية هو ما كشفه النائب السابق صالح الملا المختص بالقضايا النفطية، حيث أوضح أنه قدم سؤالا مهما في أغسطس 2008 لوزير النفط آنذاك م.محمد العليم عما اذا كانت هناك دراسات جدوى اقتصادية لتلك المشاركة وعن الجهة المختصة بتقييم أصول ومصانع «الداو»، إلا أن الوزير رفض الاجابة عن تلك الاسئلة البديهية رغم 3 كتب تذكير من النائب، وبعد انتظار 3 أشهر أتى الرد في شهر نوفمبر 2008 بأن المعلومات غير جاهزة طالبا التأجيل ولم تصل الاجابة قط وهو ما يدعو للشك والريبة بشكل كبير.

***

الأغرب أن الوزير المعني آنذاك، أي وزير النفط الذي دافع بشراسة عن الصفقة وشقها الجزائي حتى امتلأت مآقي الشعب الكويتي بالدموع وأكفهم بالدعاء له، لا يظهر في اللقاءات المدافعة عن الصفقة هذه الايام ويظهر بدلا منه مسؤول «غير مختص» وغير معني بالقضية، حجته الوحيدة أن النواب والكتاب (بل وبنفس المنطق حتى مجلس الوزراء) غير مختصين، لذا يجب أن يترك الأمر لأهل الاختصاص من المفاوضين النفطيين ومن ثم علينا أن ندفع المليارات لـ «الداو» ونحن صاغرون، وحجة «الاختصاص» تعني أن نغلق مجلس الأمة والوزراء ونعطل الصحف ونكسر الاقلام، فميزانية الدولة يقرها مجلس الوزراء ويناقشها النواب والكتاب وهم ليسوا «محاسبين»، ويناقشون ميزانية «الصحة» وهم ليسوا أطباء، و«العدل» وليسوا محامين، و«الاشغال» وليسوا مهندسين.. إلخ، ولو آمن البعض بمفهوم الاختصاص لما تحدث أحد عن تلك الصفقة أو تقلد مسؤوليات ليست من اختصاصه.. والدين النصيحة!

***

ومما هو متفق عليه أن الشرط الجزائي (سقف التعويض لا فرق) الذي بلغ 33% (النسبة المعتادة من 5 الى 10% بحد أقصى) غير مسبوق في تاريخ العقود، وانه ـ وهذا مهم جدا ـ كان مقصودا بذاته من قبل الفساد والمتجاوزين الواجب محاسبتهم بشدة خاصة أن انسحاب الكويت لم يفوت فرصة الربح على «الداو»، كذلك فقد كان بإمكان الاستثمار في تلك الصفقة آنذاك أن يصبح «صفرا» فيما لو استمرت الأزمة المالية كما حدث عام 1929، أو لو استمر سعر النفط الذي بلغ آنذاك 35 دولارا على نفس المستوى أو كحال استثمار «أكوا بوليمرز». أخيرا لم يكن مقبولا من نواب الأمة رفض منح ساعتين لمناقشة كارثة أو فضيحة «الداو» التي مازال الفاعلون والفاسدون فيها يسرحون ويمرحون ولم يبحث أحد حتى عن فرّاش بالنفط لتدبيسه بالتهمة!

***

آخر محطة:

(1) رغم عدم الاختصاص، فقد دعونا حينها أن تتم الاستعانة بمكتب استشاري نفطي عالمي لإعطاء تقرير أولي خلال أيام، وهو أمر ممكن بحكم المهنية والاختصاص، عن صحة المشاركة وحالة مصانع «الداو» وسقف التعويض.. إلخ، بدلا من اللجوء لمكاتب استشارية محلية غير مختصة لا تملك الخبرة، فطلبت كما هو متوقع أشهراً للاجابة فـ «سبق السيف العذل».

(2) دروس من «الداو»:

(أ) محاسبة من ورط الكويت من المسؤولين النفطيين والقيام بعمليات تطهير واسعة بذلك القطاع الحيوي المهم، ومخجل جدا عدم المحاسبة حتى هذه اللحظة.

(ب) التوقف عن التفاخر بإلغاء كل مشروع حيوي للكويت وتسييس قضاياه بدلا من النقاش الفني والموضوعي حوله الذي يضع مصلحة الكويت وشعبها نصب عينيه في التعاقد أو الإلغاء.

احمد الصراف

عندما اختفى ضوء النهار

غادر دنيانا صباح أمس، الجمعة، الإعلامي الكبير غسان تويني، ناشر صحيفة النهار، وعملاق الصحافة العربية.. وبوفاته، اختفى وهج شديد القوة واللمعان من صحيفة لبنان الأولى، ذات المصداقية، ومن الصحافة العربية. توفي غسان الكبير عن 86 عاما، وكأنما عاش 860 عاما، تاركا إرثا أدبيا وصحفيا وسياسيا قل نظيره، فقد كان كسياسي ارثوذوكسي عريق الإيمان بدينه وأكثر بإنسانيته، رافضا التعصب لأي طائفة أو دين، لأن ذلك هو قدر لبنان، كما كان يقول. وكان بحق معلم أجيال من الصحافيين والمحررين الكبار، وكان طوال حياته مثال الصحافي النزيه الذي لم يعرف عنه يوما أنه سخر نفوذ صحيفته، الشديدة القوة، لتحقيق أي كسب كان، وما اسهل ذلك النوع من الكسب في لبنان! فقد تميز «نهارها» بأنها ربما تكون الوحيدة التي لم تمد يدها لهذه الجهة أو لتلك الدولة. وقد اعتقدنا في عام 2005، الذي شهد اغتيالات سياسية كبيرة ومهمة عدة، ومنها نجل غسان الوحيد وحبيبه، جبران، أن الكارثة الإنسانية والشخصية والوطنية ستقضي عليه خلال اشهر معدودة، ولكنه عاش لسبع سنوات أخرى ليثبت للعالم أنه، كوطنه، صلب ولا يغادر أو يستسلم بسهولة، وربما لو لم يكن غسان إنسانا لعاش، كلبنان، إلى الابد! وقد ظهرت قوة شخصية الراحل غسان عندما أصر على صياغة عنوان الصفحة الأولى من صحيفة النهار التي صدرت صباح اليوم التالي لاغتيال ابنه جبران، آخر أفراد عائلته الصغيرة، التي غادر افرادها جميعهم الدنيا قبله بكثير، والتي قال فيها من باريس، حيث كان: «جبران لم يمت، والنهار مستمرة»! وهذا بالضبط ما حصل، فلا تزال «النهار» الصحيفة اللبنانية الأولى والأكثر حيوية وقوة. وعرف عنه أن اغتيال ابنه أعاده، ولو مؤقتا، للصحافة والسياسة.
لقد عاش غسان تويني كبيرا ومات كبيرا، وبالرغم من سنوات عمره المديدة فإنه بقي طوال تلك السنوات نقي السيرة طيب السريرة، صافي القلب ونظيف اليد.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

المحمودان… الشيخ وهدى!

 

«لله الحمد، لم نصل إلى مرحلة الاقتتال الطائفي»… هذه العبارة وردت – كما قرأها الكثيرون – في تصريح نشر قبل فترة وجيزة مضت لرئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود، وسبقت هذه العبارة كلمتان: «الشارع منقسم»! إلا أن فيما سبق هذه العبارة في التصريح وفق ترتيبه المنشور، أجزم الشيخ المحمود بأن: «الآن، انتهت الثقة بين الطائفتين السنية والشيعية»! ولربما كان مستساغاً أن يقول الشيخ، كرجل دين نافذ و(رجل سياسة) ما يشاء تجاه جمعية الوفاق الوطني الإسلامية من باب (العمل السياسي) وموقفه الذي يمثل موقف تجمع الوحدة من أنه: «لا مجال للحوار بين التجمع والوفاق، فإنهم لا يعترفون بالآخر كقوة سياسية»… له ذلك، لكن، هي سقطة كبيرة أن ينهي الشيخ المحمود العلاقة بين السنة والشيعة في البلد باعتبار أن الثقة (انتهت)! وودت شخصياً لو فصل الشيخ بين موقف التجمع من المعارضة والوفاق تحديداً، وبين مسألة العلاقة بين السنة والشيعة.

هل تريدون أن تشاهدوا المنظر الأكثر إنسانية ودلالة على أنه لا مجال إطلاقاً لدق إسفين بين الشيعة والسنة في البلد؟ سأترك المشهد إلى آخر فقرة في هذا المقال، لكن إذا أردنا أن نرى (لهيب) الصراع الطائفي ونيرانه المشتعلة وأحقاده المتلاطمة، فإنه ليس من الصعب أن نستشعر تلك النيران في مضامين مقالات بعض الكتاب وتغريدات بعض المغردين وقنابل بعض القنوات الفضائية ذات الصفة الطائفية أياً كان انتماؤها وخطها الخبيث، بالإضافة إلى (فلول) من الطائفيين الذين يبثون سمومهم في منتديات إلكترونية… السوق الأكثر رواجاً لتلك البضائع الطائفية البغيضة، هي بين الطائفيين أنفسهم! ممن يعرفون أنفسهم ويمارسون سلوكهم الطائفي، لكنهم لا يمثلون كل السنة وكل الشيعة وكل الشرفاء في المجتمع البحريني الذين لا يمكن أن تسري إلى عقولهم ونفوسهم تلك السموم.

تصريح الشيخ المحمود المثير للجدل فعلاً، والذي استنكره الكثيرون – وأنا منهم – واعتبره البعض الآخر أنه (مفبرك)، واعتبره طرف آخر أنه يخفي وراءه أمراً مقصوداً… إلا أن ما أكده هو أن الشيخ لم يصدر أي تصريح أو بيان ينفيه! ما يدل على أنه قاله بالصيغة التي وردت، ولأنني من المواطنين الذين تمنوا أن يكون للشيخ عزل واضح بين الخلاف والصراع السياسي بين تجمعه وبين أي تيار سياسي آخر، فالسياسة لها قذارها، وبين علاقات الطائفتين الكريمتين في المجتمع، والتي هي أولاً وأخيراً، مسئولية دينية ووطنية واجتماعية وأخلاقية وإنسانية ومبدأية أيضاً للمواطن عينه وليست شأن محرك سياسي يبدأها وينهيها كما يشاء ذلك المحرك.

إذاً، وفقاً للشيخ المحمود فإن (الثقة) بين السنة والشيعة انتهت؟ ولربما (فلسف) البعض الفكرة بالإيماء إلى أن (العلاقة) شيء (والثقة) شيء آخر! وهذا صحيح… بمعنى أنه قد تكون هناك (علاقة) بين طرفين، لكن ليس بالضرورة أن تكون هناك (ثقة) في العلاقة بين ذينك الطرفين، بيد أن الأخطر في ذلك (التفلسف) هو تشجيع نشر فكرة تنافي الدين والعرف والأخلاق بين مكونات المجتمع تقوم على أساس استمرارية العلاقات لكن… بلا ثقة!

لا بأس لكن… هل ذلك (التفلسف) المجوف والكريه في مضامينه هو ما يقبله كل مخلص من أبناء الطائفتين الكريمتين؟ الشيخ المحمود قال كلامه، ولهذا وجدت في طرف آخر كلاماً أكثر عقلانيةً وأصفى نيةً في منع تغلغل ذلك (التفلسف) الفاشل… ذلك الطرف يشمل الكثير من ذوي النوايا الصادقة الذين يبذلون جهداً كحائط صد لوأد مثل تلك الأفكار المتفلسفة بشَرَهٍ طائفي (أغبر)… ومن بين تلك الأطراف التي ولدت حديثاً، مبادرة (وطن يجمعنا)… ففي أول لقاء للمبادرة بمأتم أنصار الحسين بقرية البلاد القديم قدمت نائب رئيس جمعية الاجتماعيين البحرينية الناشطة والباحثة هدى المحمود صيغة بحرينية أصيلة حيث دعت (لصدّ محاولات من يحاول إشعال الخلاف الطائفي بين أبناء الطائفتين الكريمتين، والدعوة إلى إعادة اللقاء في كل مآتم ومساجد البحرين… من البحر إلى البحر، وأن هدف منظمات المجتمع المدني من هذه المبادرة هو رعاية النسيج الاجتماعي، وذلك بعد ملاحظة أن الخلاف السياسي بدأ يضرب في النسيج الاجتماعي، في حين أن هذا النسيج يجب ألا يتأثر بالاختلاف الوارد والأصل).

جميل جداً، لنعرج إلى فقرة أخرى من كلام الناشطة هدى المحمود: «الاختلاف وارد وهو الأصل، ولو كان هناك اتفاق فقط لتأثرت الحياة… الاختلاف يحدث لننتج ونبدع ونتناغم فكل المجتمعات تطورت بسبب الاختلاف، ولهذا فإن من ضمن أهدافنا ومشاريعنا هو ليس (التقارب) فطول عمرنا متقاربين، ولكن الالتقاء من أجل الثقة بالآخر، وقد أبلغت أعضاء المبادرة بأننا كبحرينيين، نعيد حالياً اكتشاف أنفسنا كبحرينيين… أعتقد أن البحرين بدون البحرينيين لا تستقيم كوطن، ولا البحرينيين بدون البحرين… ما يجري الآن طارئ وسيخف ثم سيزول، ونحن في المبادرة، وضعنا مجموعة من الآليات وأنتم بمبادرتكم العفوية الطيبة تناولتم ما فكرنا فيها نحن ونفذتموه ودعوتمونا له، وأتصور أن هذه هي البحرين الحقيقية وهذا هو الشعب البحريني الذي يجعلنا في أحلك الأزمات والأوضاع لا نفقد الأمل لا في البحرين ولا في البحرينيين».

الأجمل في الطرح الحقيقي المخلص في كل أبعاده، والذي يكشف (هوس التفلسف المنافي له)، هو قولها: «أريد أن أقول إنني مؤمنة بالبحرينيين، ومؤمنة حتى النخاع بوطنيتهم وبحبهم لوطنهم، ومؤمنة بإبداعهم وتفكيرهم الخلاق، ونحن كبحرينيين في الخليج، يقولون عنا إننا النموذج للتقدم والتطور، وهذا الأمر له ضريبة ندفعها، لكن لا يجب أن دفعها من تطورنا ولا من انتمائنا ولا في أن نترك الاختلاف يؤثر على نسيجنا… نريد أن نعيد هذ اللقاء في كل مآتم ومساجد البحرين… من البحر إلى البحر… فالبحرين عزيزة علينا وكلنا أهل… لقد جددتم الأمل».

بعد هذه الفقرة، من وجهة نظري الشخصية، تسقط كل شنشنات الإنهاء القسري للثقة بين أبناء الطائفتين، وكأنها ثقة (روبوتات آلية) وليست ثقة (بشر محكومين بمبادئ دينية ووطنية قويمة)… الآن، لاشك في أن القارئ الكريم ينتظر أن أقدم له المنظر الأكثر إنسانية ودلالة على أنه لا مجال إطلاقاً لدق إسفين بين الشيعة والسنة في البلد… حسناً، يوم الأربعاء الماضي (29 مايو/ آيار 2012)، وفي غرفة الانتظار القريبة من قسم الإنعاش بطوارئ مجمع السلمانية الطبي، كان هناك ذوو مواطنين من الطائفتين… رجالاً ونساءً وشباباً من الجنسين، وعلى فراش الخطر ينام أحبتهم… السني يعانق الشيعي ويطمئنه، والشيعية تبادر السنية وتقرأ معها الآيات القرآنية والأدعية… والشاب الشيعي يقف مع نظيره السني يتابعان أخبار الأحبة من داخل غرف الإنعاش.. وأشد حالات الثقة (التي لم تنتهِ)، هي تلك التي يتبادلون فيها الدموع الصادقة والمشاعر النقية كلما وردهم خبر مقلق… يا جماعة، إذا المسألة مسألة نهاية الثقة بين الطائفيين من الفريقين (قلعتهم)! أما إذا كان الأمر يضرب في ضمير المخلصين من الطائفتين… (مشوا بوزكم).

محمد الوشيحي

بزراننا والخطة الهجومية

بيني وبين الرياضة منطقة عازلة، ومعاهدة “عدم التعرض للآخر”، وقوات دولية تتمركز على الحدود، وكاميرات مراقبة ترصد أياً منا كان البادئ بالتدخل في شؤون الآخر. لا أفهم الرياضة ولا تفهمني، ولا أحبها ولا تحبني. لذا لن تسمعني يوماً أطرح وجهة نظري في الرياضة وأقول “يجب” أو “لا يجب”، كي لا أخلط الماء بالزيت، لكنني لن أتنهد حزناً إذا أفتى من لا يفقه الرياضة في خطة اللعب، ولن تسقط دمعة على خدي إذا تحدث من لا يفقه الاقتصاد في “أذونات الخزانة”، ولن أشق جيبي إذا امتطى من لم يدرس الطب، أو الهندسة أو الطيران أو غيرها، المنبر وشرع يشرح ويفصّل. بل حتى في الدين، لن ألطم إذا سمعت من لا يعرف الفرق بين الحديث النبوي والحديث القدسي يفتي ويحلل ويحرّم. وإذا كنت منعت نفسي عن السباحة في محيطات لم أرها من قبل كي لا أغرق غير محسوف علي، فلن أعترض على من أراد ذلك، كلٌّ وقراره. المحيطات أمامكم والمايوهات فوقكم. أقول هذا بعد أن قادتني قدماي إلى ديوانيات عدة، يكون الحديث فيها دائماً وأبداً عن السياسة، ولا شيء غير السياسة. ومما لاحظته، بصورة عامة، أن الديوانيات التي تضم كبار السن، أقصد من تجاوزوا عامهم الأربعين، تطالب الأغلبية البرلمانية بالتهدئة وإقرار القوانين، وتأجيل الاصطدام مع الحكومة إلى ما بعد إقرار القوانين المهمة والإصلاحات الضرورية العاجلة، في حين تطالب الديوانيات التي يقل عمر روادها عن ثلاثين سنة بالصدام العاجل غير الآجل مع هذه الحكومة “المستنسخة من سابقاتها”، والنائب الذي يهدد بالاستجوابات أشجع من صلاح الدين الأيوبي وأقوى من شمشون الجبار، أما النائب الذي يطالب بالتهدئة فمتمصلح مرتزق متسلق متملق، حتى وإن كان النائب هذا، المتمصلح المرتزق المتسلق بحسب رأي الشبان، من قادة المعارضة السابقة الذين تبرعوا بكل ما في جيوبهم من وقت وأعصاب وجهد إلى أن نجحوا في تغيير الواقع السياسي… هكذا هم الشبان في الغالب، يعتقدون أن السياسة لا يمكن لعبها إلا بالخطة الهجومية والدفع باللاعبين كلهم في منطقة جزاء الخصم، مع إغفال تحصين منطقتي الوسط والدفاع! فالتكتيكات السياسية لإقرار القوانين، كما يظن بعض الشبان، خنوع وخضوع. وكان أحد الشبان هؤلاء (التقيته في مستشفى العدان) يناقشني بحدة، ويجزم أنني انضممت إلى “قائمة الشرف” التي ترفض الاستجوابات، وبناء عليه أكون متمصلحاً متسلقاً متملقاً، كما يرى. كان يزأر بغضب صادق لا ادعاء فيه ولا تمثيل. ويتذمر بعض كبار السن، ممن شاركوا في التجمعات السابقة وتابعوا تفاصيلها، من “تدخل البزران في السياسة”، وكيف أصبح من لا يفقه يفتي، وكيف دنسوا التاريخ وشوهوا صفحاته. ويخالف هذا الرأي بعضٌ آخر، وأنا من هذا البعض، إذ نظن أن السياسة محيطٌ مفتوح لكل من أراد السباحة، والناس تراقب المحيط، وتميز بين من يتقن الغوص ويلاعب الأمواج ومن تُغرقه الموجة الأولى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أستأذنكم وأستأذن إدارة تحرير «الجريدة» بالاستراحة مدة أسبوعين، أصحب فيها، أو أصطحب فيها، على رأي نجيب محفوظ، أولادي في إجازة تُنسيهم هموم الدراسة، وتنسيني هموم السياسة.

حسن العيسى

حدث بالأمس

في حفل تخرج مدرسي لأبنائنا وبناتنا سألني صديق بصيغة تذمر وكان جالساً بقربي: إلى متى سيستمر حالنا السياسي هكذا، فالأمور الآن صارت غير معقولة وغير مقبولة؟! كنت سأرد عليه بحكمة مريحة ساذجة تريحه وتريحني من قلق المستقبل بأن الشيوخ أبخص. ومادام لهم الحكم والكلمة الأخيرة، كما يفترض، فلماذا نشغل أنفسنا “نحن الرعية” بهموم الدولة مادام شيوخنا هم الآباء الأوصياء وهم أدرى منا بخفايا السياسة؟ وطبعاً هم “أبخص” منا في “التخطيط للمستقبل” وحل كل مشاكل الدولة بضربة عصا سحرية.  أكثر من ذلك سمعت بأن هناك إشاعات عن حل المجلس ربما بطريقة غير دستورية ولمدة ستة أشهر، يتم فيها تعديل الدوائر من خمس إلى عشر، وماداموا (الشيوخ) أبخص فسيكون هذا لمصلحة الدولة ومصلحة “الرعية”، ألم يعلّمونا تاريخياً ذلك، أليسوا هم من “يشوفون اللي ما نشوفه”؟  لم يمهلني صديقي للرد عليه بجوابي المعلب السائر بالتبعية خلف حكمة أصحاب “البشوت ” الشفافة الداكنة الألوان، مجيباً على نفسه بأن مشكلتنا ليست في الدوائر وتعديلها، ولا في ما يحدث بمجلس الأمة، مشكلتنا في الخلافات بين الشيوخ، والتي زادت على “الجيلة”، إذ لم يعودوا (الشيوخ) متفرغين لقضايا إدارة شؤون الوطن، وأصبح كل واحد يتصيد للآخر و”يحبل له”، ويريد إيقاع ابن عمه في “مطب” سياسي، حتى تصفو له أجواء الحكم، ونتيجة لهذه الثقوب الكبيرة في بيت الحكم، ضاعت “الهيبة” المفترضة عند السلطة، وعبر تلك الصراعات تاه الوقار الواجب للسلطة، وهي في حقيقتها صراعات مزمنة فيها رؤوس وأذناب وأموال هائلة تضخ من حساب الدولة، وليست مجرد خلافات عادية كما يقولون لنا!  سكت صديقي المهموم، فالحفل قد بدأ وأطفئت الأنوار ليشرع عريف الحفل في استهلال البرنامج وشرعت بدوري في عالم التيه والسرحان في حالنا اليوم. فماذا عن حالنا اليوم؟ لا أقصد حالنا هذا اليوم الكامل الذي لا ينقصنا فيه شيء غير وجودنا الروحي والإنساني، فنحن نأكل ونشرب والحكومة، التي لم تقصر، تدفع الرواتب والمعاشات بالتمام والكمال، ونوابنا بدورهم كذلك “ما يقصرون” يطالبون نيابة عنا بالمزيد من حقوقنا في زيادات الرواتب والكوادر، وكلنا، موظفين وتجاراً وعاملين في القطاع الخاص، نحيا ببركة حكوماتنا – من جديد – التي “ما تقصر” تعطي من دون حساب (وأيضا تأخذ من دون حساب)، تعطينا “وتعطيهم” وهم يعني “هم أنفسهم” أهل الحكم والحكومات… فماذا نريد أكثر من ذلك؟! شوفوا حال مساكين أهل اليمن وأطفال ذلك البلد الذي هو مهد العرق العربي الأصيل كيف ينبشون أكوام الزبالة بحثاً عن لقمة تسد جوعهم، شوفوا حرب سورية الأهلية، وماذا صنعت ببلاد الخير، شوفوا العراق بلاد النهرين، الذي كانوا يقولون لنا إنه سلة القمح العربي مثلما السودان سلة الفاكهة العربية، فالأول أضحى سلة متفجرات موقوتة يشعل عود ثقابها من نار الكراهيات الطائفية، والثاني يتضور جوعاً يحكمه عسكر على أكتافهم النياشين والنجوم وفوق رؤوسهم لفائف العمائم الدينية.. ولن ننتهي من كلمة “شوفوا” في بلاد العرب أوطاني… ولا يبقى غير مصر أم الدنيا التي مازالت “تتأمل فنجانها المقلوب”.  ماذا يريد صديقي أكثر من ذلك؟! نحن بخير وألف خير، ليست لدينا مشاكل الآن، ماذا يعني أن يضيع أكثر من مليارَي دولار في صفقة “الداو” ما دمنا نتسلم بانتظام الرواتب والمعاشات، ونهرب من الغبار ولهيب صيف ممل قاتل، وفي رمضان نشاهد المسلسلات الرمضانية “العميقة ” بنصوصها ومغازيها كأنها روائع مسرحيات شكسبير، نشاهدها متوسدين “الكنبات” الوثيرة والبطون منتفخة من خلطة الهريس والتشريب ومحلين بكنافة ولقيمات القاضي.. يالها من حالة انتشاء روحية عظيمة من دون محرمات وتوابع المادة ٢٠٦ من قانون الجزاء، ماذا نريد أكثر من ذلك؟ لماذا نقلق على المستقبل؟ لماذا نقرأ تنبؤات صندوق النقد الدولي وأهل الاقتصاد حين يقولون إن عوائد النفط لن تكفي نفقات الدولة بعد خمسة أعوام؟ لماذا نفكر في ما سيحدث بعد خمسة أعوام واليوم البرلمان ضائع في تصفيات حسابات قديمة، والحكومة المسكينة مضيّعة بوصلتها السياسية بين “حانا ومانا” نواب الأكثرية… لا يهم، غاب وعيي بحقائق قلقٍ مشروع لا في أحلام يقظة عابرة، فجأة… لكزني صديقي كي أستيقظ من كوابيس اليقظة منبهاً إلى أن علي أن أقف وأحيي ابنتي عايشة فهي تتسلم شهادتها، وقفت مصفقاً بينما بداخلي أضرمت نيران القلق على مستقبل أبنائنا وبناتنا الواقفين يتسلمون شهادات تفوق لن تجديهم نفعاً في بلد “إن حبتك عيني ما ضامك الدهر”، فغدهم لن يرحم الضعفاء الاتكاليين، ولن يرحم من يردد أن الشيوخ أو الغالبية أبخص… لا أحد أبخص من أحد غير الحكماء… وهم عملة قديمة غير متداولة في السياسة الكويتية اليوم.

احمد الصراف

سيبيعون مصر ومن فيها

يعتمد فكر «الإخوان» في مصر، وفي كل دولة يتواجدون فيها على الدولة الإسلامية، وليس الوطنية ولا القومية، وبالتالي لا تعترف بسيادة الدولة ولا بالتراب الوطني، بل بوطن لكل المسلمين، وهذا فكر خيالي، فضلاً عن أنه وهم وغير عملي. وبسبب موقفهم هذا فإن أحداً من «الإخوان» لم يعترض، ولو همساً، على ما صدر عن المرشد محمد مهدي عاكف من تصريحات طالعناها بالصحف ووسائل الإعلام أن تثبت صحتها عندما صاح: طز في مصر وأبو مصر واللي في مصر، في معرض رده على من يحق له أن يكون رئيساً لمصر، ورأيه أن للماليزي المسلم أفضلية في حكم مصر على القبطي المصري! كما لم يرفع أحدهم حاجبيه مستنكراً ما أضافه من أن أي أمير مكلف بأمور شرعية، ولو كان «خمرجي وبتاع نسوان»! كما نرى أن أقوال «الإخوان» وتصرفاتهم قبل ثورة 25 يناير، مقارنة بأقوالهم وتصرفاتهم قبل الانتخابات النيابية الأخيرة، تختلف 180درجة عن أقوالهم بعد نجاح الثورة، وركوب موجتها، عن أقوالهم قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبعدها في فوضى عارمة لا يعرف فيها موقفهم النهائي والصحيح، فطالما اشتهروا، طوال تاريخهم، بتلونهم وتقلب قلوبهم. كما سبق أن صرح مرشدهم الحالي، بأن «الإخوان» سيخوضون الانتخابات البرلمانية المقبلة (السابقة) بعدد من المرشحين بحيث لا يسمح لهم بتحقيق الأغلبية! وطبعاً، لحسوا هذا التصريح بعدها! كما ذكروا أن «الإخوان» غير طامحين في رئاسة الدولة ولا في رئاسة الحكومة! وهنا أيضاً تناسوا تصريحاتهم وتناسوا سابق مواقفهم، ولم يكتفوا بترشيح الشاطر للرئاسة بل أردفوا خلفه محمد مرسي، كاحتياط، أو «أستبن»، بحيث إن سقط الأول حل «الاستبن»، أو «السبير» البديل مكانه، وهذا من شدة حرصهم على الفوز! كما سبق أن صرح الشاطر نفسه بأن «الإخوان» لن يرشحوا أحداًَ منهم للرئاسة، وأن حدث فإنهم لن يدعموه، ثم عاد الشاطر نفسه ورشح نفسه للرئاسة ودعمته الجماعة، ولحسن الحظ خرج من السباق، لنقص في الأهلية! ولا يتسع المجال هنا لإيراد تصريحاتهم المتناقضة الأخرى التي تناسوها أو لحسوها أو عملوا بعكسها، معتمدين على الذاكرة الشرقية المتسامحة، وعلى سذاجة المنتمين إلى حركتهم، فهؤلاء الذين باعوا مصداقيتهم مرة على استعداد لبيعها مرات ومرات، كما أنهم سيتنصلون من أي عهود أو وعود أو تعهدات قد يطلقها مرشح الرئاسة مرسي، لأن هؤلاء عندهم كل شيء يهون في سبيل الوصول إلى الرئاسة، وإقامة حلمهم بدولة الخلافة، وجلوس مرشدهم على قلوب المصريين لقرن مقبل، كما حصل ويحصل في إيران.
فيا أيها المرشح المصري، لا تثق بهؤلاء، فهم وصوليون وسيبيعونك وسيبيعون مصر بأبخس الأثمان.

أحمد الصراف

سامي النصف

الثورة قايمة والكفاح دوّار!

ما يسوّق له في مصر العزيزة من ان التصويت في انتخابات الإعادة الرئاسية القادمة سيكون على معطى نهج الثورة التي يمثلها د.محمد مرسي، مقابل نهج الفلول الذي يفترض ان يمثله الفريق أحمد شفيق، أو مرشح ثورة 52 مقابل مرشح ثورة 25، هو خطأ فادح سيؤدي بالتبعية للتصويت على المعطى الخطأ ومن ثم تزييف ودون قصد لإرادة الناخبين، بل اننا لو أصررنا على معطى هذين الفسطاطين لوجبت إعادة تموضعهما بشكل صحيح عبر اعتبار ان د.محمد مرسي يمثل مرحلة ما قبل ثورة 25/1 من احتكار حزب واحد لكل السلطات أي «نهج الفلول»، وشفيق يمثل ما بعدها من نهج جديد يسمح بتقاسم السلطة بين القوى السياسية أي «نهج الثورة».

****

ان التقسيم الملتبس حول «الثورة والفلول» يخفي عن عين الناخب المصري حقيقة ما يصوت عليه وهو إما خيار «الدولة الدينية» التي يمثلها المرشح د.محمد مرسي، أو خيار «الدولة المدنية» التي يمثلها المرشح أحمد شفيق، حيث لا خيار ثالثا على الطاولة والذي يفترض ان يحظى بدعم أصوات الليبراليين والعلمانيين والناصريين والساداتيين والأقباط والأدباء والنساء والفنانين.. الخ، حيث انه يمثلهم جميعا أي ان التصويت يجب ألا يتم على الشخوص وماضيهم بل ما يمثله توجههم وتأثيره على مستقبل مصر، فإما دولة دينية على غرار إيران والسودان وأفغانستان، أو دولة مدنية ليبرالية كحال الدولة الأوروبية والآسيوية المتقدمة.

****

ان نهج الثورة الدائمة والبقاء «الملاييني» في الشوارع والميادين كما يحدث في مصر هذه الأيام، يرعب السياح والمستثمرين ولا ينتج عنه صنع إبرة بل دمار وخراب دائم وشامل لكل شيء، فعلى سبيل المقارنة الربيع الأوروبي الذي حدث في 11 بلدا شيوعيا عام 89 «انتهت» فيه الثورات فور سقوط الأنظمة وعاد الناس سريعا لأعمالهم ومصانعهم ومزارعهم، فامتلأت مطاراتهم بالسائحين والمستثمرين والمغتربين العائدين لا المغادرين ولم يعد هناك من يرفع شعار «الثورة قايمة والكفاح دوار» لذا فليس أضر بمصر وأهل مصر من تأخير التحول عن نهج الثورة الذي تحكمه العواطف والغرائز الى مشروع الدولة الذي تحكمه العقول والمصالح، أو التحول من ديكتاتورية الفرد الى «ديكتاتورية الأكثرية» التي يمثلها د.مرسي، والأخيرة أشد وأقسى وأنكى من الأولى حيث لا يمكن إسقاطها بالمظاهرات أو الثورات.

****

ان تجارب التاريخ تثبت بشكل قاطع ان الثورات لا تنجز شيئا على الإطلاق عندما تكون في حالة «ثورة» بل يتحقق الإنجاز عندما تتحول لحالة «دولة»، فالثورة الفرنسية لم تنجز شيئا من شعارات الحرية والعدل والمساواة عندما أبقاها الثائر بروسبير ورهطه من اليعاقبة في مرحلة العنفوان الثوري، بل زاد الظلم والقمع والقتل حتى انتهى الأمر بفرنسا للعودة للملكية وحكم عائلة آل بوربون التي قامت الثورة ضدها، والحال كذلك مع الثورة البلشفية ابان حكم الثائر ستالين والصين وماو وكمبوديا وبول بوت وكوبا وكاسترو وكوريا وسونغ والعراق وصدام حسين وليبيا القذافي وسورية الأسد.. الخ.

آخر محطة:

(1) مزايا شفيق على مرسي انه رجل تجربة وإنجاز ولديه علاقات جيدة مع الدول الخليجية والغربية التي مصر في أشد الحاجة لدعمها، كما يمكن إسقاطه بسهولة في حال اخفاقه في عمله، وتلك المزايا لا تنطبق على المرشح مرسي.

(2) في أغلب بلدان العالم يسمح بالتصويت المبكر في السفارات إلا أن الفرز لا يتم والنتائج لا تعلن إلا مع إعلان النتائج العامة لا قبلها كما يحدث في مصر، كي لا يؤثر ذلك على توجه الناخبين.

(3) أهم عامل في الانتخابات الرئاسية القادمة هو ما سيفعله أعضاء «حزب الكنبة» الذي يضم 25 مليون مصري ممن فضلوا البقاء في بيوتهم وعدم التصويت، فلو ترك مليون منهم «الكنبة» وتوجهوا لصناديق الاقتراع لتغير تاريخ مصر والمنطقة.

(4) 10 ملايين انتخبوا مرشحي حزب الحرية والعدالة لمجلسي الشعب والشورى، و5 ملايين فقط انتخبوا د.مرسي في الجولة الأولى، فإذا ما استمر ذلك التناقص يمكن انقلاب الموازين وتهنئة الفريق شفيق.

(5) الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة هي بين مرشح تدعمه أميركا ومرشح تدعمه.. أميركا «برضه».. وقد يكون يحمل جنسيتها وليس أبناؤه فقط..!

(6) استفتاءات «الأهرام» المتتالية التي جعلت عمرو موسى وأبوالفتوح في المقدمة حتى جرت المناظرة الرئاسية بينهما هي «فضيحة بجلاجل» ولا يعتد بالقول ان المناظرة أثرت سلبا على الاثنين حيث ان استفتاء «الأهرام» بعد المناظرة أبقى موسى متصدرا وبفارق كبير..!

احمد الصراف

الحذر من الكذبة

ورد في مجلة الدعوة، (عدد 65 أغسطس 1981)، لسان حال «الإخوان»، نص فتوى صادرة عن محمد عبدالله الخطيب، مفتي الجماعة وأكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنا، يقول فيها إن حكم بناء الكنائس في الدول الإسلامية يخضع لثلاثة شروط، فالبلدان التي فتحت عنوة، كالإسكندرية مثلا، يحرم فيها وجود الكنائس. والبلدان التي فتحت صلحا، كالقاهرة، تبقى كنائسها كما هي من دون ترميم، حتى تقع. أما البلدان التي أنشئت حديثا، كحلوان، فهذه لا يجوز بناء «هذه الأشياء» (هكذا) فيها! وفي فتوى ثانية في العدد نفسه يقول المفتي ذاته عن حكم دفن موتى المسلمين، إن من تزوج بمسيحية وحملت منه وماتت قبل أن تلد، يفتح بطنها ويخرج الجنين منه، وتدفن هي في مقابر المسيحيين ويدفن الجنين في مقابر المسلمين، لكي لا يتعذب معها! يقول ذلك وهو يعلم أن زواج المسلم بالمسيحية حلال بلال!
نورد هذين المثالين فقط لنبين ما سيكون عليه حال غير المسلمين والمرأة في دولة «الإخوان» التي يزمعون تأسيسها في مصر فور فوز مرشحهم محمد مرسي برئاسة مصر، فأقباط مصر ونساؤها سيكونون أكبر الخاسرين والضحية إن وصل «الإخوان» للحكم، وبالتالي فإن كل محاولات المرشح محمد مرسي للتخفيف من مخاوف الأقباط والليبراليين والنساء، والقول انه لن يفرض الحجاب ولا النقاب، وانه سيستعين بمسيحيين لمشاركته في الحكم، لا يمكن الركون لها، فالنصوص والأحكام واضحة، ومن سيحكم مصر هم فقهاء «الإخوان» ومرشدهم الأعلى وليس رئيس الجمهورية، الذي كان اصلا البديل! وفي مؤتمر صحفي عقده محمد مرسي أخيراً اطلق سيلا من التعهدات، وسعى لطمأنة الجميع من مخاطر وصوله للحكم! ولكن هذا ليس من حقه، فقهيا ودينيا، ولا يمكنه أن يعد بأمور يعلم جيدا أنه لا يملك القول الفصل فيها، فحقوق الأقباط معروفة، والخط الهمايوني معروف، كما أنه أعجز من أن يلغي أحكام من سبقه من مرشدي «الإخوان» أو مفتيهم، أو مخالفة تعليمات مكتب الإرشاد، فهو ليس إلا مرشحا عنهم وبإمكانهم إزالته، أو حتى تصفيته، إن شاؤوا ذلك! ومن لحس او الغى فتاوى من سبقه من مفتين سيلحس ويلغي ما يصدر عنه الآن من اقوال! فالمكيافيلية هنا تلعب دورها، ومن أجل الوصول للحكم.. كل شيء مباح! ونحن لا نقول ذلك للدعوة لانتخاب أحمد شفيق، ولكننا ننصح من بيده الخيار ان يختار أهون الشرين، فقد اثبتت كل وقائع التاريخ الحديث ان ليس صعبا ابدا التخلص من الحكم العسكري، على افتراض أن شفيق يمثل العسكر، ولكن من شبه الاستحالة التخلص من حكم رجال الدين، ولكم في الطريقة التي تحكم بها إيران أسوة سيئة! فكل ما في إيران اليوم يدار من قبل رجال الدين، فالقوات المسلحة تأتمر بأمرهم، والحرس الجمهوري والمخابرات في جيوبهم، و«الخارجية» و«الداخلية» تحت عمائمهم، وكلهم يدارون من مكتب المرشد الأعلى، الذي يشبه مرشد «الإخوان»، في تسميته وصلاحياته ولا يحق لأحد مساءلته!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الرقابة أيام زمان

كانت الرقابة البرلمانية لأعمال الحكومة في المجالس السابقة تختلف في مضمونها واهدافها عن الرقابة في المجالس البرلمانية المتأخرة! ايام زمانات.. كان النائب عندما تقع يداه على تجاوزات مالية او ادارية او قانونية في احدى الوزارات يبدأ بممارسة دوره بمطالبة الوزير بالاصلاح، لافتا انتباه الوزير الى موطن الخلل، فإن لم يجد اذنا صاغية وجه للوزير سؤالا برلمانيا عن الموضوع، ثم يصمت حتى تصل الاجابة عن تساؤلاته، فإما ان يقتنع بردود الوزير ويكتفي، واما ان يطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الموضوع! فإن لم يقتنع بنتائج اللجنة او لم تفلح اللجنة في اصلاح الخلل تقدم باستجوابه الى الوزير المعني. يعني كنا في السابق نطبق قاعدة «أقشر ما عندك آخر ما عندك». اليوم، ما يصدق النائب يسمع معلومة توحي بوجود تجاوز إلا وركض للامين العام مع المصور وقدم استجوابا!
البعض يعتقد ويظن انه ما لم يقدم استجوابا لاحد الوزراء فإنه سيكون متهما بالانبطاحية وانه «من ربع الحكومة»! بمعنى اصبح تقديم استجواب جواز سفر للنجومية والرمزية!
في الزمانات، كان يمر دور الانعقاد كاملا ويا دوب نسمع واحداً قدم استجوابا. اليوم، نخلص من استجواب نلقى الثاني ينطر عند الباب! حتى لم يعد لهذه الاداة اهمية، وفقدت تأثيرها في الاصلاح.
* * *
ما زال البعض يعتقد انك بقدر مهاجمتك للحركة الدستورية الاسلامية في وسائل الاعلام وانتقادك لها بالحق والباطل، بقدر ما يكون لك شأن عند العامة، ويمكن خاصة الخاصة! واقول لهؤلاء كلما زاد الهجوم على «حدس» زاد معدنها بريقا، وشعبيتها اتساعاً. فهؤلاء، معظم الكتاب واصحاب الزوايا، لا يمر يوم الا ويتحفونا بمقالة او مقالات، ويا ليت بالحق، بل افتراءات واكاذيب، وتدليس على الناس. ولان الناس يعرفون اصحاب المعادن النقية، تجد هذا المعدن يزداد لمعاناً وبريقاً وصلابة.
* * *
وأيضاً البعض من هؤلاء الكتاب يظن ان الناس من الممكن ان يستمروا مخدوعين كل الوقت! ويقول بالامس انني لم اصدر بيانا عن موقف الاخوان المسلمين من غزو صدام للكويت! مع ان البيان الوحيد الذي تمت قراءته في مؤتمر جدة اثناء الغزو هو بيان الاخوان المسلمين الموجه للمؤتمر والداعي الى طرد صدام من الكويت، غير اننا لم نكتف ببيان الاخوان المذكور، بل طالبنا بأن يتراجع اخوان الاردن وبعض الرموز عن موقفهم، ووجهنا مطالبتنا الى التنظيم العالمي الذي لم يستطع ان يفعل شيئاً مما حدا بنا الى اعلان انفصالنا عن هذا التنظيم وتشكيل تنظيم خاص بنا في الكويت اسمه: «الحركة الدستورية الاسلامية» وكان ذلك في مارس 1991.