الهجوم الإعلامي المنظم ضد النائب المحترم السيد وليد الطبطبائي ورفيق دربه النائب المحترم محمد هايف، كان من الممكن ان يكون مهضوما لو كان بقدر الحدث، يعني يتم انتقاد عبارة النائب السيد وليد ويتم انتقاد فعل النائب محمد هايف من دون الحاجة الى الذهاب بعيدا بالانتقاد، وفتح ملفات قديمة كلنا يعلم براءة النائبين من محتوياتها. والفجور في الخصومة مرفوض قطعا، ولا ينبغي التشكيك في ولاء السيد وزميله للكويت وترابها، وهما اللذان يعرف اهل الكويت اصلهما وفصلهما وانتماءهما، والقضية تكون أوضح في عدم سلامة مقاصد الانتقاد عندما تكون الخصومة من بعض الطارئين على العمل البرلماني او من بعض الدخلاء على المجتمع الكويتي! آية المنافق اذا خاصم فجر.. وقد ابتلي الجسم الإعلامي ومؤخراً قاعة عبدالله السالم بمن ادخل فيهما عبارات من قاموس الشوارع! لذلك اتمنى ان نترفع عن هذه الأساليب ونحترم القارئ الذي يضيع جزءا من وقته بحثا عن معلومة او حرصا على تقييم واقعي ومنطقي وبعيدا عن التطرف بجميع أشكاله.
ولعل من أمثلة ما ذكرت ما صرح به المحامي الكويتي، الذي وكل نفسه للدفاع عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، بالصحف امس، عندما قال ان من قام بقتل المتظاهرين في معركة الجمل هم جماعة حماس وكوادر الاخوان المسلمين! وليته قالها نقلاً بل ذكرها بصيغة التأكيد والقطع! ومثال آخر، هذا الكاتب الذي ينتقد مواقف صفوة شباب اهل الكويت من الغزو الغاشم، بينما هو كان هاربا من أحكام قضائية في بلاد الضباب! وثالث كتب مدعيا ان محمد مرسي يتلقى دعماً من أموال جمعية الاصلاح التي يتصدق بها اهل الكويت! والحمد لله يصرح بالأمس سفيرنا في القاهرة مؤكدا توصيل هذه التبرعات الى مستحقيها تحت إشراف السفارة الكويتية والحكومة المصرية!
هذه الاحداث يجب ألا تنسينا حقيقة ثابتة، وهي انه لا يصح الا الصحيح. سيظل السيد وليد شامخا مهما زل لسانه بعبارات لا نقره عليها، ولكن ماضيه يشفع له في ان تطوف له هذا اللمم ان صح التعبير. ماضي وليد مقارنة بماضي «بعض» منتقديه يخلينا نقول رحمة الله على والديك….!
***
استقالة وزير الشؤون السيد المحترم احمد الرجيب حزت في نفسي كثيرا، ليس لانه احمد الرجيب فهو لم يكن الاول ولن يكون الاخير الذي يقدم استقالته، بل لبعض الأسباب التي ذكرها في كتاب الاستقالة! ولعل الصراع القائم في المجال الرياضي كان السبب الرئيسي لتقصير عمر السيد الوزير في الحكومة! كما ان الاستجواب كان احد استحقاقات هذا الصراع مع ان الأغلبية كانت رافضة هذا التسابق في تقديم الاستجوابات وكأن غداً سيحل مجلس الامة! وقد اعلنت الحركة الدستورية الاسلامية والتجمع السلفي وآخرون تحفظهم على التدافع الى مكتب الأمين العام! لذلك ان اردنا استمرارا سلسا وسليما ومنتجا للممارسة البرلمانية فلابد من تدخل الحكماء من النواب، وهم أيضاً مؤثرون لوضع حد لهذه الظاهرة المقلقة، والا سيذهب وزير ويأتي وزير، وقد يذهب مجلس ويُنتَخب مجلس، واحنا على طمام المرحوم!
الشهر: يونيو 2012
تقسيمة الأبارتيد: موالون وخونة (2)
أخطر ما في تقسيمة الأبارتيد الطائفية العنصرية السياسية، هي التهيئة غير المباشرة لأخطر نتائجها… النزاع الطائفي! وهذا لن يكون كما سيأتي لاحقاً، وخصوصاً أن سبل حل الأزمة بين السلطة والمعارضة ممكنة، فكثيراً ما سمعنا عن عبارة صيغت هكذا: «حوار ذي مغزى»! يلزم أن تترجم على أرض الواقع، بيد أن هناك مبادرة ولدت يوم الخميس (24 مارس/ آذار 2011) لتجمع ظهر واختفى باسم (صوت التكنوقراط)، استشعر الشرخ في النسيج الاجتماعي والاصطفاف الطائفي المقيت الأمر الذي بات معه يهدد كيان وبنية البلاد ويؤثر على حياة أفراده ومستقبلهم، داعياً إلى إدراك المسئولية الوطنية وخطورة الانسياق وراء الاصطفاف الطائفي والامتناع عن كل ما من شأنه الإساءة إلى الطائفة الأخرى، وفي الوقت ذاته حذر من الربط بين المشاكل السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد، وبين العلاقات الاجتماعية التي تربط طائفتي المجتمع… ونعيد السؤال: إذا كانت التقسيمة سيئة الذكر مهيئة لصدام أو نزاع طائفي؟ فهل ذلك الخطر وارد؟
حسناً، ما الذي يمنع قيام صراع أو نزاع أو صدام طائفي لطالما هناك مواطنون (موالون) فقط، وهناك (خونة) فقط؟! ما الذي يمنع بناءً على تلك التقسيمة التعيسة التي لاتعترف بمواطن سني وآخر شيعي، ومواطن معارض وآخر موالٍ؟ من الطبيعي أن تكون المسئولية بالدرجة الأولى هي مسئولية الدولة في إجهاض تلك التقسيمة بدلاً من إذكائها وتشجيعها، على ألا يلقى اللوم على منظمات المجتمع المدني (بالتقصير) دون اعتراف بوجودها طالما هي في الأساس… خائنة! ولا شك في أن الدولة والمعارضة والموالاة وعموم الشعب يدركون بأننا سائرون في نفق مظلم مهما كانت حدة المعالجات الأمنية وقسوتها، ومهما ابتعدت ملامح الحل السياسي.
لكن، كيف نجزم بأن الصدام الطائفي غير وارد؟ وهل خطورة هذه التقسيمة مقتصرة على البحرين أم على دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، باعتبار أن ما يحدث في البحرين له تأثيره البالغ على المنطقة؟ هنا، يمكن الاستعانة بما طرحه الباحث السعودي عبدالله إبراهيم العسكري من جامعة الملك سعود بالرياض في ورقة عمل بعنوان: «الطائفية في الخليج لم تعرف ولن تعرف الحرب الطائفية – القطيف – 2008»، فهو يرى أنه عند تحليل الظاهرة الطائفية، يمكن القول إننا أمام ظاهرة ذات أبعاد سياسية واقتصادية وربما اجتماعية، وهي ظواهر يمكن التعامل معها لو بدت للعيان كما هي، لكن المؤلم أنها ظواهر اقتيدت إلى الماضي، ومع هذا الاقتياد برزت إلى السطح سمات اللامكانية، وسمات المذهبية الدينية، وسمات إشكالية المواجهة… لم تعد الطائفية كما كانت عبر حقب مضت، بل أضحت ذات سمات جيوسياسية واضحة، وإن كانت تختبئ وراء عباءة الدين أو المذهب، وهذا كفيل بأن يبيّن لسكان الخليج الدرب الصحيح وهو عدم الانسياق إلى مالانهاية مع الطائفية، وعلى كل حال، كان هذا الدرب هو ما اختطه سكان الخليج لأنفسهم بصرف النظر عن طوائفهم المتعددة.
وهنا لابد من طرح هذا السؤال وهو: هل الطائفية خيار سياسي يمكن لأبناء الخليج السير في دربه؟ والجواب بالنفي! والسبب أن الخيارات السياسية تنطوي على فلسفة وبرامج سياسية يمكن تبنيها على السطح، بينما الطائفية لا تملك فلسفة، وهي ليست صالحة لأن تصبح برنامجاً سياسياً يمكن لأحدهم تبينه والتصريح به… والحق أن الطائفية هي نزوع مُضخم للأنانية تجاه الآخر، وهذا هو بيت القصيد! وقد يكون الآخر شريك صاحب الطائفية في اللغة والأرض والتاريخ والدين، وقد يكون الآخر من خارج تلك الدوائر، وعلى هذا يمكن القول إن الطائفية ليست خياراً سياسياً، بل هي ظاهرة اجتماعية مثل أية ظاهرة اجتماعية تسود في حقبة زمنية، لأسباب معروفة، ثم تخبو. وفي منطقة الخليج، لم تجد الطائفية طريقها لتصبح أكثر من ظاهرة اجتماعية، حتى لو لم يصرح أبناء الطوائف بذلك، فلسان الحال أبلغ من لسان المقال.
في كيفية التوصل إلى إلغاء الطائفية الدينية أو تخفيفها أو تعديلها، يرى الباحث العسكر أن ذلك يتم عن طريق إرساء قواعد صلبة للثقافة للمدنية، وهذه كلمة عامة وحمّالة أوجه، ولكن الأخذ بلبرالية متزنة، لا تتنكر للدين أو المذهب، ولكن لا تجعل الدين والمذهب هما قطب الرحى للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولابد أن نبيّن للأجيال الحاضرة أن الطائفية ليست من الدين، وهي ليست من العلم وبالتالي هي ليست ضرورية للحياة.
كل هذا ومو صفقة
قد يعتقد البعض أني سأكتب عن تعيين نسيب رئيس المجلس في وزارة غير وزارته، أو عن تعيين نسيب ضمير الأمة كمستشار في مجلس الأمة، أو تعيين أبناء نسيب الضمير في هيئة أسواق المال، وأرد على ما ادعاه أنصار هؤلاء حينما عُين صلاح المضف مديراً للتسليف، ولما استعاد الجزاف منصبه مديراً للشباب والرياضة، فتعيينات اليوم شبيهة بتعيينات البارحة لكنني لن أضغط على أنصار هؤلاء أكثر، فما فيهم يكفيهم، وما يزعجني أهم من هذه الصفقة.
فأكثر من 14 يوماً مرت على تكبد الكويت أكثر من 700 مليون دينار على خلفية صفقة «الداو» الملغاة، وإلى الآن لا حس ولا خبر من أعضاء المجلس في ذلك الحين، والذين مازالوا مستمرين في عضويتهم إلى اليوم كالسعدون والبراك من جهة، والحربش من جهة أخرى.
700 مليون دينار بالتمام والكمال كفيلة ببناء أكثر من مستشفى ومدرسة وجامعة وبيوت، لا يتحدث عنها نائب واحد ممن عرف عنهم الصراخ على مئات الدنانير يتجاهلون اليوم مئات الملايين!!
وكي لا ينفي كلامي أحد فقد استجوب البراك وزير الداخلية جابر الخالد على خمسة ملايين دينار في أول أسبوع من المجلس الماضي، فلم ينتظر في ذلك الحين أي تنسيق أو ترتيب بل استجوبه فور عودته إلى المقعد الأخضر حرصا على الخمسة ملايين كما يدعي.
أما الحربش فكان أحد مقدمي طلب لجنة تحقيق في يناير 2009 حول إلغاء «الداو» قائلا إن عدم الموافقة على طلبه سيسقط رموزا، مشيرا بذلك إلى السعدون والبراك، ولم يوافق على طلبه في ذلك الحين.
وحده صالح الملا النائب السابق أقام مؤتمرا صحافيا لتوضيح موقفه، وعلى الرغم من أنه ليس بنائب للمجلس اليوم ولا مسؤولية رقابية تقع على عاتقه فإنه استشعر المسؤولية الوطنية وقدم للإعلام والرأي العام أسبابه ومبرراته، وإن اتفقتم معها أو اختلفتم إلا أنه لم يخش شيئاً، وقدم حججه على الرغم من أن ذلك قد يفقده حتى فرص المنافسة مستقبلا.
المسألة واضحة تماماً بالنسبة إلي، فقد قبل الطرفان «حدس» و«الشعبي» أن يفرطا بـ700 مليون دينار من أموال الدولة في سبيل الحفاظ على كتلة الأغلبية، فالبراك وبعد أن تغزل بهاني حسين في مناسبات سابقة يحاول اليوم أن يصور لنا أنه المتنفع والمتكسب من أموال الدولة، متجاهلا عمدا أن الوزير ورئيس مؤسسة البترول في وقت الصفقة هما من التيار الحدسي.
أما الحربش فهو يتحدث عن سورية والتحويلات والشبكة التجسسية وأي شيء آخر إن لزم الأمر في سبيل تغطية خسارتنا للـ700 مليون دينار، وعدم الحديث عن الرموز التي ستسقط كما قال في 2009.
نحن أمام 2 مليار دولار خسرتها الكويت وذراعنا الرقابية الوحيدة التي أقسمت على الذود عن أموال الشعب لا ترفض محاسبة المتسبب فحسب بل ترفض حتى مناقشة الموضوع.
باختصار فإن «الشعبي» و«حدس» تحديدا اشتريا تماسكهما المؤقت بـ700 مليون دينار كويتي، وهي ما يفوق تجاوزات ناصر المحمد في 6 سنوات كاملة. فعلاً يحبون الكويت.
مواجهة بين التيارين الإسلامي والوطني
نشارك أنا والأخ مبارك الدويلة في سلسلة حلقات برنامج «مواجهة» على قناة الوطن والذي يقدمه الشاب النشط عبدالوهاب العيسى، وقد تطرقت الحلقة التي ستبث اعادتها الساعة العاشرة هذا المساء لقضية هامة هي العلاقة بين التيارين الإسلامي والوطني الكويتيين، وكان الضيفان الآخران الأخوين أحمد العبيد وفهيد الهيم اللذين أثريا النقاش بشكل علمي ومحترم.
***
ومما طرحه الأخ الهيم رفضه لاستفراد تيار سياسي بمسمى «وطني» وكأن الآخرين وتحديدا الإسلاميين غير وطنيين، وهو ما وافقناه عليه، أي ان الإسلاميين هم ضمن التيار الوطني عدا بالطبع من لا يعترف منهم بالوطنية ويسميها الوثنية والوطن الوثن، مع ضرورة الاعتراف كذلك بأن الوطنيين إسلاميون وليسوا مارقين عن الإسلام، علما بأن أي تسمية لا تعني الاحتكار بل هي للتعريف فقط، فمنضوو الحزب الديموقراطي الأميركي لا يدّعون صفة الاحتكار للديموقراطية، أو أن الآخرين ديكتاتوريون، كما لا يدعي منضوو الحزب الجمهوري انهم فقط من يؤمن بالنظام الجمهوري وأن الآخرين بالتبعية هم من دعاة الملكية أو.. الجماهيرية!
***
ان الإيمان بالديموقراطية يعني في صلبه الإيمان بـ«التعددية» وعليه لا يجوز للتيار الوطني أو الليبرالي في الكويت أو الوطن العربي وصم التيار الإسلامي بكل الموبقات من تطرف ورجعية وتخلف كونها تسيء للعلاقة بينهم ولا تؤسس للعبة ديموقراطية حقيقية يتم من خلالها تبادل السلطة بطريقة ودية وسلمية، وفي المقابل لا يجوز للتيار الإسلامي ان يرفض التيار الليبرالي أو الوطني ويكفّره ويتهمه كذلك بكل الموبقات من انحلال أخلاقي وعمالة للغرب.. الخ، والأمر لا يحتاج إلا للقاء العقلاء والحكماء من الطرفين والوصول إلى قواسم مشتركة (وما أكثرها) تجعل اللعبة السياسية بينهم تخلو من التخوين وتبادل الاتهامات.
***
وسيكتشف الطرفان الإسلامي والليبرالي في الكويت ووطننا العربي فوائد التعاون بدلا من العداء، فالليبرالية ستؤمن للإسلاميين السلام الاجتماعي بين الشرائح والأديان والمذاهب المختلفة، ومعها سلامة أراضي الأوطان التي سيحكمها الإسلاميون عبر صناديق الاقتراع القادمة على الأقل وتجربة سودان واحدة تكفي، وسيضمن الليبراليون للإسلاميين علاقة غير متوترة مع دول العالم الأخرى وخاصة المتقدمة منها التي يسودها الطابع الليبرالي، وايران واحدة تكفي، في المقابل سيضمن الإسلاميون المعتدلون لليبراليين فريقا سياسيا معقولا يتنافسون معه يمثل التوجه الديني أو المحافظ في بلدانهم وهو خيار لا بد منه حيث لا يجوز في الممارسة الديموقراطية الصحيحة ان يتبادل الليبراليون السلطة مع الليبراليين أو يتبادل الإسلاميون السلطة مع الإسلاميين فتلك ليست ديموقراطية.. بل ديكتاتورية مقنعة!
***
آخر محطة:
(1) في عالم افتراضي مثالي أتوقع ان يقوم مفكرو أو منظرو التوجهات الإسلامية بمساعدة أصحاب التوجهات الليبرالية على النهوض والفوز المتبادل معهم، فاللعبة السياسية الجميلة حالها حال اللعبة الرياضية الجميلة لا تكتمل إلا بقوة المنافسة وجمال لعب الفريقين لا فريق واحد، ميزة أخرى لتبادل السلطة هي ألا يتحمل الإسلاميون وحدهم الإخفاقات والإحباطات التي ستعاني منها في المرحلة القادمة كثير من الشعوب العربية.
(2) من الأسباب الرئيسية لقوة التوجهات الإسلامية التي يمكن للتوجهات الليبرالية التعلم منها قدرتهم على ربط التوجهات السياسية الإسلامية بالأنشطة الاقتصادية وهو أمر مقتبس من أنشطة الأحزاب السياسية الكبرى في الغرب وهو ربط يفتقده الليبراليون في الكويت وخارجها، ميزة أخرى للتوجهات الإسلامية وهي قدرتها على العمل في كل المناطق الانتخابية وعقد تحالفات ضمن التوجهات والشرائح الاجتماعية المختلفة والتنسيق مع نظيراتها في الدول الخليجية والعربية الأخرى بعكس التوجهات الليبرالية والوطنية التي تعمل بشكل منفصل وأحادي في الداخل والخارج فلا يعلم ليبرالي الدائرة الأولى ما يعمله زميله في الثانية، أو الليبرالي الكويتي ما يعمله ليبراليو مصر أو تونس أو الأردن أو السعودية.. الخ!
يا من تقصدون جيرتها
منذ شهرين تقريباً وأنا أقضي إجازة ممتعة في لبنان، ومنه قمت بزيارة القاهرة، حيث استضافني صديق كريم، والقاهرة، إضافة لبيروت، لا ينصح بزيارتهما، ولكني استمتعت بوقتي فيهما جدا، وأدركت أننا نميل لتكبير الأمور، خوفا من المسؤولية. وكان من المقرر أن نقوم، زوجتي وأنا، بزيارة القدس، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية لم تصدر لنا تصريح الدخول بسبب توتر الأوضاع، وضاعت منا فرصة المشاركة في احتفالية القدس بالدخول في قائمة غينيس للأرقام القياسية لأكبر مائدة طعام «أورغنك» طبيعية، وفي تظاهرة سلمية ضد محو هوية القدس العربية! المهم في الموضوع أن كل هذا التخوف أمر محير، فليس هناك اليوم ضمان من الوقوع في خطر أو حتى التورط في زحمة سير في أي من مدن العالم التي تصنف بالآمنة، فالأمان أصبح نسبيا حتى في ما نأكل ونشرب، وبالتالي لا مجال لمعرفة من أين يأتينا الخطر لنحتاط منه ونتجنبه! فمئات آلاف سائحي الخليج وغيرهم من لبنانيين وعرب كانوا يعتقدون أنهم سيقضون صيفية جميلة في لبنان عام 2006، وفاجأت إسرائيل الجميع بهجومها على لبنان، كرد فعل على قيام حزب الله بخطف اثنين من جنودها من داخل حدودها ورفض اطلاق سراحهما! وبالتالي لو أنني، بناء على ما حدث في تلك السنة، قررت الامتناع عن زيارة لبنان «لخطورة أوضاعه»، لبقيت ربما إلى الآن، أعاني من الخوف وأحرم نفسي من الاستمتاع بجمال لبنان وضيافته الرائعة وهواء جبله الصحي وكرم اهله وطيب فاكهته، وهنا نتكلم عن خمس سنوات، بانتظار أن تهدأ أحواله، وهي لن تهدأ، فهذا قدر لبنان المريض بأمراض عدة والذي لن يشفى منها أبدا، ولكنه، وبفضل كل أجهزة الدعم، محلية وعالمية، يمتلك خاصية البقاء حيا للأبد، بأهله وجباله وجماله! ولو قارنا أوضاعه الأمنية بغيره لوجدنا الفارق، فقد تعرضت شخصيا لمشاكل وسرقات في لندن ومدن برازيلية وأميركية عدة، وبإمكاني القول، ومن واقع تجربتي الشخصية، انني وطوال 56 عاما، لم يتم يوما توقيفي أو مضايقتي أو تورطي في أي حادث أو مشكلة او حتى خناقة أو سوء فهم خطير في لبنان بالرغم من طول فترات إقامتي فيه، وبالتالي لست على استعداد، بعد كل هذه التجربة الممتعة والثرية، أن اسمح للخوف بأن يحكمني ويمنعني من الاستمتاع بما تبقى من حياتي، فالحياة قصيرة ويجب ألا نجعلها أكثر مللا بالتردد من صعود الجبال. فيا محبي لبنان اتركوا مخاوفكم جانبا، وتعالوا لأحضانه، فليس في طبع الليالي الأمان، ولا تنسوا وأنتم في الطائرة أن تغنوا معي ومع فيروز، يا قمر مشغرة، ويا جارة الوادي طربت، ويا أرضك غنيه وبيوتك رضية وعجبالك العز راية عليي. ويا ساحر العينين يا حلمنا أسأل في الحيين عن دربنا. ويا كرم العلالي عنقودك لينا، يا حلو يا غالي شو بحبك أنا!
أحمد الصراف
تقسيمة الأبارتيد: موالون وخونة (1)
«المواطنون»… مفردة بالإمكان تشطيرها في المجتمعات العنصرية إلى شظايا ذات خطورة بالغة على الاستقرار والتنمية والسلم الاجتماعي، وتتعاظم مخاطرها إذا كانت الأنظمة الحاكمة هي ذاتها تتبنى سياسة الأبارتيد… فصلاً وانفصالاً! العزل العنصري ضد الأفارقة… عنصرية الأميركيين ضد اليابانيين… مذابح الأرمن والآشوريين… العنصرية ضد المهاجرين… ونماذج أخرى كثيرة دونها التاريخ الإنساني.
في المجتمع البحريني، ثمة (أبارتيد) مستحدث ومخيف وخطير وسخيف في الوقت ذاته! بعض الممارسات الإقصائية والعنصرية والتمييزية القائمة، هي مخالفة للشرائع والقوانين والأعراف والإنسانية، لكنها قائمة… شئنا أم أبينا: سنة وشيعة – عرب وعجم وهولة – درجة عليا وأخرى دنيا – أصليون وبديلون… لكن هناك تقسيماً طارئاً وفادحاً في خطورته!
فليس غريباً أن يكون المعادل الموضوعي للموالاة هو المعارضة… وليس مستهجناً أن يكون الخائن نقيض المؤتمن… وما من شك في أن نقيض الفاسد هو الصالح… لكن أن تكون البحرين العريقة بحضارتها وبتعددها وبتنوعها مصدراً لتقسيمة بشعة للمواطنين بين: موالين وخونة، بدلاً من موالين ومعارضين… فهذه كارثة!
وفق تلك التقسيمة التي لا يمكن التظاهر بأنها غير موجودة وقد أشبع الإعلام الرسمي في غرسها، ومنذ بروز الأزمة في 14 فبراير/ شباط 2011، تم إلباس تلك التقسيمة تفصيلاً على الطائفتين الرئيستين في البلد، وأصبح الكثير من الموتورين مؤمنين تماماً بأن المواطنين السنة هم الموالاة المطلقة والمواطنة المطلقة، وأصبح المواطنون الشيعة عموماً والمعارضة تحديداً، هم الخيانة المطلقة، فيما لم تصمد أية مبادرات للتصدي لتلك التقسيمة البشعة من قبل المخلصين من أبناء البلد، وحتى الآن… كل تلك المبادرات ذهبت أدراج الرياح على رغم الأمل في ثبات مبادرة (وطن يجمعنا) والتي جمعت لفيفاً من أبناء البحرين المخلصين من الطائفتين في لقاءين عقد الأول في مأتم أنصار الحسين بقرية البلاد القديم، والثاني في مجلس الدوي بالمحرق.
تقسيمة عنصرية طائفية سياسية
ولكن، هل يمكن فعلاً اعتبار تقسيمة (موالون وخونة) بأنها شكل من أشكال التفرقة العنصرية؟ من وجهة نظري المتواضعة، فإن هذه التقسيمة أخطر بكثير من التقسيمة العنصرية! فهنا نحن أمام تقسيمة عنصرية، طائفية، سياسية، لا تقتصر فقط على التمييز ضد فئة من المواطنين وإقصائها فحسب، بل محو مواطنتها أصلاً واعتبارها للخيانة (التاريخية) أقرب! التفرقة العنصرية بدأت في جنوب إفريقيا في عهد الاستعمار (انظر ويكيبديا – أبارتيد)، ولكن لم يتم عرضُ الفصل العنصري كسياسةٍ رسميةٍ إلا عقب الانتخابات العامة التي جرت العام 1948 حيث صنَّفَ القانونُ الجديدُ السكانَ إلى جماعاتٍ عرقية (أسود وأبيض وملون وهندي)، وعُزلت المناطق السكنية عن طريق عمليات الترحيل القسري، وحُرمَ السود من الجنسية منذ العام 1958، وأصبحوا ملحقين بموجب القانون إلى واحدٍ من عشرة مناطق قُسِمَت على أساس قبلي لتُدارَ بالحكم الذاتي، سميت هذه المناطق البانتوستانات، وأصبحت أربع مناطقَ منها ولايات مستقلة اسمياً، وقامت الحكومة بالفصل العنصري في التعليم والرعاية الطبية وغيرها من الخدمات العامة، وقدمت للسود خدماتٍ أقل من تلك التي تقدمها للبيض.
تصنيف الخيانة بالمطلق
أما تقسيمة الأبارتيد لدينا، والتي نربأ بأن تكون مقرونة باسم (مملكة البحرين)، فقد تعمدت استخدام توصيف جديد كما قلنا وهو: موالون وخونة! فالمواطن قد يكون موالياً للنظام الحاكم وداعماً له ومؤيداً له في كل أفعاله… لكنه يبقى مواطناً وهذا حقه كموالٍ، والمعارض قد يطرح برنامجاً سياسياً لإصلاح النظام، ومهما تآلف البرنامج السياسي للمعارضين أو اختلف في مساراته، فإنهم أيضاً يبقون مواطنين معارضين وهذا حقهم أيضاً، طالما أنهم طرحوا كل ما لديهم علانيةً تعبيراً عن الرأي، ولطالما لم يثبت أي اتهام ضدهم بالخيانة العظمى والتآمر على الدولة وعلى استقلالها وكيانها… لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تصنيفهم كخونة (بالمطلق) هكذا وفق المزاج والهوى.
والسؤال هنا: «ما هو أخطر ما في تلك التقسيمة، وهل هي تهيئة غير مباشرة لأخطر نتائجها ألا وهو النزاع الطائفي؟» يتبع.
حزب القنفة أسوأ من حزب الكنبة!
في الخمسينيات والستينيات استوردت مصر من الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية أسوأ أنواع الأنظمة البيروقراطية والفساد الوظيفي وعدم الإنتاجية، وقد قمنا في حينها وبشطارة شديدة باستيراد تلك الأنظمة المدمرة من مصر ومعها ما يصاحب «قفول» البيروقراطية المعتادة من حاجة لمفاتيح رشاوى ومنح وعطايا لفكها، تخلصت في حقبها اللاحقة من أغلب تلك الأنظمة المدمرة وبقي التعقيد قائما في الكويت يدمر كل شيء جميل ويتسبب في حنق الناس وتذمرهم، وتخلفنا عن الجيران، وبذا فاق التلميذ الصغير أستاذه الكبير في السوء ولا أعلم إن كان ذلك أمرا علينا أن نفخر به أم نخجل منه!
* * *
يشتكي المثقفون والمفكرون ورجال السياسة والإعلام في مصر هذه الأيام من حزب «الكنبة» أي السلبيون تجاه الأحداث والقضايا العامة، واعتقد اننا حتى في هذه الجزئية تفوقنا عليهم فحزب «القنفة» الكويتي أثبت أنه أسوأ بكثير من حزب «كنبتهم» الذي لا يهش ولا ينش أعضاؤه، بينما يخير حزبنا بلدنا ما بين السلبية المطلقة لأعضائه والكسل وعدم العمل، أو ـ وهنا الإبداع والإضافة ـ التحرك بكل قوة ونشاط في الاتجاه المعاكس للعقل والمنطق والصالح العام كحال النزول للساحات والميادين لدعم كل تحرك يضر بالكويت.
* * *
فحزب «القنفة» الكويتي هو من دعم وقوى وآزر كل من وقف ضد المشاريع التنموية المهمة في تاريخ البلد كمشاريع حقول الشمال والـ B.O.T وتحديث أسطول «الكويتية» والتأزيم السياسي…إلخ، كما وقف الحزب مع كل استجواب يقدم لمسؤول كويتي كفؤ وأمين وسكت عن السراق والمتجاوزين، كما شجع الحزب على ضرب القطاع الخاص البديل الوحيد لتوظيف الشباب الكويتي، وهلل لنجاح محاولات إفلاس الشركات المساهمة الكويتية عبر وقف الدعم عنها ومثلها ضرب مؤسسات الإعلام وشركات الطيران التي توظف الشباب وترفع اسم البلد، فلا رحمة لدى حزب «القنفة» الكويتي الذكي ولن يوقف تحركه حتى إفلاس وتدمير البلد وهجرة آخر مواطن ومقيم منه.. عفيه حزب.
* * *
آخر محطة:
(1) ـ «حدس والإخوان وأصحاب السمعة الطيبة يمتنعون»، مشروع «كي داو» ليس مشروعا حدسيا بل كويتي يتحمل المال العام أرباحه أو خسائره، كما أن مفاوضية النفطيين يمثلون جميع ألوان الطيف الكويتي، لذا أرى ان تبني «حدس» لمشروع الداو والدفاع عن مسؤوليه سيتسبب في أفدح الضرر على الحركة ولن ينساه الشعب الكويتي، لذا فالواجب على نواب وكتاب حدس ومثلهم رجال الكويت من أصحاب السمعة الطيبة أن يبتعدوا عن الدفاع عمن تسببوا في خسارة الكويت وشعبها أموالا تكفي لحل إشكالات الإسكان والصحة والتعليم معا، فشمس الحقيقة لا يمكن تغطيتها والجرح نازف فلا تضعوا الملح عليه.. والدين النصيحة!
(2) ـ القطاع النفطي لا يحتاج لتدويل بل لـ «تطهير»!
(3) ـ الأربعة رواتب «بونص» غير المعمول بها في كل الدول والشركات النفطية الأخرى هي سرقة كبرى وافتئات على اموال الشعب الكويتي كافة تضاف للسرقات والتجاوزات الأخرى، فمن سيوقفها من ممثلي الشعب؟ أوقفوها أو عمموها على المواطنين، فهم لا ـ موظفو النفط ـ أصحاب الثروة التي تسرق وتهدر مع كل إشراقة شمس.
يارب استر علينا وغير ما فينا
قد يكون مطلوباً من المستشارة الألمانية السيدة ميركل أن تتجنس بالجنسية الكويتية أو الخليجية حتى تتعلم أصول الكفالة، لكن اصبروا قليلاً، فالكفالة المطلوبة من المستشارة ليست على الطريقة الكويتية الخليجية، بمعنى أنه لا حق لغير الكويتي أو الخليجي في العمل أو الدخول للبلاد من غير ضمان شخصي من كويتي، لا يضمن ابن البلد الأجنبي مالياً، لكنه يضمن عبوديته له وربط مصير الأجنبي العامل بمزاج السيد الخليجي الكويتي، وبالتالي يمكن الاتجار بحياة العامل الأجنبي، وتصبح الجنسية الكويتية مصدر رزق لا ينضب لتجار الإقامات، لا، الكفالة المطلوبة من ميركل هي كفالة دول الأطراف الأوروبية بداية من اليونان، التي تعاني الأمرين من الأزمة الاقتصادية، مروراً بالبرتغال حتى إسبانيا التي تتطلع الآن للكفيل المالي الألماني.
الصورة مرعبة، عبرت عنها جريدة الإيكونومست الرصينة بكاريكاتير مقلق، هو مقلق لمن يقرأ ويعي وليس لجماعات البركة، الذين حكمتهم القدرية الغيبية التي تقول “المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين”، الكاريكاتير يصور اقتصاد العالم كسفينة ضخمة تغرق في مياه البحر، والركاب يستنجدون بالسيدة ميركل بعبارة “نرجوك أن تشغلي ماكينة السفينة”، ثم هناك افتتاحية الجريدة تصور واقع الاقتصاد العالمي، فدول الاتحاد الأوروبي عدا ألمانيا تئن الواحدة تلو الأخرى من الكساد، وإذا نظرنا إلى المعجزة الصينية نجد أنه حتى هذه الدولة العملاقة أخذت معدلات النمو فيها بالتباطؤ، ومثلها الهند تسير على الطريق نفسه وبأسرع من العملاق الصيني، أما الولايات المتحدة وهي تمثل ربع اقتصاد العالم تقريباً، فيكفي متابعة مقالات بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والأستاذ بجامعة برنستون، فهو أخذ يكتب يومياً تقريباً في “نيويورك تايمز” منتقداً ومحذراً بصفة عامة من أوضاع البطالة في السوق الأميركي والوضع العالمي بشكل عام (ملاحظة لبعض ربعنا الكتاب والنواب أصحاب شهادات الدكتوراه من جامعات أي كلام، الذين ينتفخون من حرف الدال حين يسبق أسماءهم في مقالاتهم الصحافية، والذين لم يقدموا بحثاً علمياً واحداً يرقيهم لمرتبة أستاذ مساعد، كروغمان يوقع اسمه في المقال دون أن يسبقه حرف الدال، تعلموا منه قليلاً).
من بقي في العالم لم يكتو بشرارة بداية جهنم الكساد الكبير الجديد! هنا في الكويت يظن شعبها ومجلسها وحكومتها أنهم فوق جبل يعصمهم من الطوفان، لم نقرأ أو نطالع كلمة حق واحدة من نواب الشعب والشغب تحذر من سنين العجاف القادمة لا محالة، العكس هو الصحيح، فأجندات النواب على “حطت إيدكم” لم تتغير من “سنين الطواعين”، كلها تعظ عن فساد أصحاب النفوذ من “طبقة التجار” وارتباطاتهم مع سلطة الحكم، ثم تقف تلك الزواجر النيابية عند هذا الحد، وتأخذ في السير بمشوار الانتقام ليس من “أهل الفساد المتنفذين”، وإنما من اقتصاد ومستقبل الدولة، إن كان هناك أي مستقبل لنا مع هذا الفكر السطحي… عرفنا وأدركنا حجم الفساد وأنكم تحاربونه بغير هوادة، لكن ماذا بعد؟! ماذا عن سياسة التبذير والهدر المالي على الناس بعطايا ومزايا من دون حاجة أو رؤية واعية للقادم، هذه صورة أكبر من فساد البعض المتنفذ حين تعمم سياسة الرشا على المواطن، ويتم تخدير وعيه وقلقه المشروع من المستقبل.
في عدد يوم الخميس الماضي بجريدة الجريدة كان هناك “فلاش” على الصفحة الأولى يشير إلى تقرير زميلنا محمد البغلي في صفحة الاقتصاد، وهو بعنوان “البرميل الكويتي خسر ٢٣ في المئة خلال شهر… اصح يا نايم!”، لا أظن أن أحداً سيصحو في دولة “بني نائم” حتى يقع الفأس بالرأس… ويارب تستر علينا وتغير ما فينا!
فراش البلدية والوزير الشمالي
يستخدم تعبير «كبش الفداء» Scapegoat، عند الرغبة في وضع المسؤولية على جهة ما لإنقاذ آخرين أكبر، واستخدم في جلسة استجواب الوزير السابق مصطفى الشمالي، كما تكرر استخدامه في قضية تعويض شركة داو! وكبش الفداء تعبير يعود إلى الميثولوجيا الدينية اليهودية القديمة، وربما وردت قصته في العهد القديم، وتتعلق بطقس ديني يقوم فيه الراباي الأكبر، في يوم كيبور، بالتضحية بكبشين عظيمين، ينحر أحدهما على «المذبح»، ويطلق سراح الآخر في البرية، بعد تحميله بكل ذنوب الشعب اليهودي! ولو نظرنا إلى استجواب وزير المالية السابق، والذي لم نستلطفه يوما، والمسؤول ليس فقط عن إيرادات ومصاريف الدولة، بل واملاكها العقارية وشركاتها الاستثمارية واستثماراتها في الشركات المساهمة، وخطوطها الوطنية، واستثماراتها في الخارج إضافة إلى صندوق تقاعد مواطنيها، وغير ذلك، لوجدنا أنه كان من الضروري البحث عن كبش فداء للتغطية على جهة أكبر، فأن تكون مسؤولا عن كل هذه الجهات، وتكون في الوقت نفسه نظيف اليد، كما كان الشمالي، حسب علمي، أمر غير مقبول ويصعب تصديقه، في ظل كل هذا الفساد الذي نعيشه، وبالتالي لا شك في أن هناك مخالفات خطيرة وكبيرة حدثت، وكان لا بد من التغطية، وما كان ذلك ممكنا بغير التضحية بوزير مالية واحدة من أكثر دول العالم ثراء، ومرشحة لأن تكون في قائمة أكثر الدول فسادا! وبالتالي فإن آخر وأهم وزير مالية في الحكومة لم يختلف وضعه عن وضع «فراش البلدية»، أول وأشهر كبش فداء في تاريخ الكويت الحديث، والذي كان يحمل دائما بمسؤولية ما في البلدية من فساد عارم! والدليل على ما نقول ان الشمالي تمت التضحية به، وبقيت كل المسائل الخلافية على حالها!
والآن تقوم الحكومة بالبحث عن كبش فداء آخر في قضية «الداو»، ولكن التعويض الذي على المال العام دفعه كبير، ولا يمكن بلعه بسهولة، لا من خلال التضحية بكبش فداء، ولا حتى بناقة وفاء، فالشق كبير، والأمر محزن جدا، ويا ناس يكفينا سرقات كبرى وخلونا على الصغرى، فالكبرى هي التي قوت ولاتزال تقوي مواقف جهات الصراخ والسعي لإيقاف المشاريع الكبيرة!
***
ملاحظة: هل حاولت الحكومة، أو جهة ما، سؤال السادة موسى معرفي وعبد الرحمن المحيلان وعبد الرحمن الهارون، الأعضاء في مجلس البترول الأعلى، الذين قدموا استقالاتهم احتجاجا على إلغاء عقد شركة الداو، عن حيثيات العقد واسباب استقالاتهم في حينه، أو على الأقل تثمين مواقفهم ونزاهتهم؟ لا أعتقد ذلك! وللتاريخ فقد اتصل بي اثنان منهم يوم استقالتهما، وشرحا الوضع، وتنبأ أحدهم بالكارثة!
أحمد الصراف
ما صار إلا الخير
أتمنى من سمو رئيس مجلس الوزراء الا ينزعج كثيرا من مواقف الأغلبية البرلمانية الاخيرة! فالمعروف أصلا ان هذه الأغلبية تمثل الشعب ولم تكن في يوم من الأيام تمثل الحكومة، كما ان التوافق الذي حصل في بداية المجلس كان لإثبات حسن النية من الأغلبية الذين أرادوا تشجيع سموه لانتهاج روح جديدة في التعامل مع مجلس الامة. أما ما حدث أخيراً من اتخاذ مواقف متعارضة مع الحكومة فهذا هو الامر الطبيعي لممارسة العمل البرلماني، كما ان الحكومة اتخذت مواقف متناقضة مع الروح التي ظهر عليها رئيس الوزراء في بدايات المجلس، لذلك فسر المراقبون ما حدث بانه تدخل من قوى خارجية في محاولة لتغيير النهج الذي سار عليه سموه! ولذلك طبقت المعارضة عليه قاعدة البادي اظلم!
المهم ان الأمل ما زال معقودا على استمرار العلاقة بشكل افضل وتعاون أقوى، خاصة ان الطرفين يملكان النية الحسنة للإنجاز والتعاون لما فيه مصلحة البلد. المعارضة عليها ان تدرك ظروف رئيس الحكومة ومعاناته والصراع الذي يعيشه مع خصوم الديموقراطية، وايضا سموه عليه ان يدرك استحقاقات العضوية البرلمانية والتزامات النواب. لا يطلب رئيس الحكومة من المعارضة ان تتوافق معه، كما لا تطلب المعارضة من رئيس الحكومة ان يسير في جلبابها!
***
• الجويهل قدم استجواباً جديداً لوزير الداخلية! وكنت أتمنى من زملائه النواب ان نسمع منهم شيئا عن هذا العبث الذي يمارس أمام أعينهم.. مع الأسف لم نسمع لا منهم ولا من الرموز أي تعليق! تريدون معرفة السبب؟ لأن أحد محاور الاستجواب يتعلق بأسماء من تم تحويل جنسيتهم إلى المادة الأولى! وأقول للجويهل: أنت متأكد من وضعك لهذا المحور ضمن استجوابك؟ تلفت يمينك وأنت جالس على مقعدك بالمجلس تجد أقرب زملاء لك أول الممتعضين من هذا المحور! وليتك سألت مدير الجنسية الأسبق لمعرفة الأسماء التي تقصدها، صدقني راح تسارع وتلغي هذا المحور!