حسن العيسى

ماذا تريدون؟… رسّونا على بر

ماذا تريد الأغلبية تحديداً؟ ما هو برنامجها للأيام القادمة؟ هل سيكون تجمعات وخطباً وحشوداً جماهيرية أم تهدئة وانتظار سلطة الحكم في سيرها نحو إجراءات تشكيل حكومة بمحلل ثم تقديم طلب حل مجلس 2009 ثم انتخابات تراعي الإجراء الدستوري المفروض! علام تعترض الأغلبية اليوم وعلام توافق! هل تعترض على حكم محكمة عليا أم تشكك وتعترض على السلطة القضائية كلها ككيان دستوري! لِمَ كان الحشد الجماهيري أمس الأول في ساحة الإرادة مادامت السلطة وعلى لسان وزير الإعلام تعهدت بالقيام بتصحيح الوضع حسب قرار المحكمة، وستجري انتخابات جديدة؟!
التساؤلات السابقة لا بد من طرحها حتى نعرف وندرك في أي طريق نسير، وما هو الممكن المعقول في الظرف الحالي، وما هو غير الممكن! حتى الآن “يبدو” أن السلطة (أسرة الصباح الحاكمة) ماشية مع طلبات الأغلبية على طول الخط، وتكاد تقول لها “يا دهينة لاتنكتين”، مثل طبقته الحكومة أيام المجلس المبطل في الموافقة على جل مشروعات القوانين التي قدمتها القوى الدينية المهيمنة على مسار الأغلبية، وحتى آخر أيام المجلس، وإلى الآن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية… فما هو المطلوب إذن!
تصريحات أكثر المتحدثين في تجمع الثلاثاء توهت المراقب المحايد، فمثلاً كتلة الشعبي ممثلة بالسعدون والبراك تؤكد مطالبتها بـ”الإمارة الدستورية” والنظام البرلماني الكامل، أي حكومة تمثل البرلمان، وهذا يعني شعبية منصب رئيس الوزراء، وشعبية ما يسمى وزارات السيادة مثل الداخلية والدفاع، والخارجية وحرية تشكيل الأحزاب… بكلام آخر شيوخ الديرة لن يكون لهم غير”البشوت”، كما سمعت همساً من معارض! بينما خالد السلطان رغم خروجه لحشد الثلاثاء وتحديه للتوجه العام للتجمع السلفي القائم على أيديولوجيا تاريخية فحواها “حاكم غشوم ولا فتنة تدوم” إلا أن أبا الوليد ظل يردد تمسكه بالنظام وحكم الأسرة كما فهمت… فلماذا خرج خالد للحشد أساساً، هل خلع رداء التجمع السلفي ليلبس رداء “الإخوان” أم رداء ثوار السلفية مثل الطبطبائي ومحمد هايف…؟! وأيضاً جماعة الإخوان، والصوت العالي سيكون لهم في النهاية، لا يبدو أنهم واضحون في طرحهم، يعترضون مرة على حكم الدستورية ويشككون فيه، ومرات أخرى يظهرون احترامهم لحكم المحكمة وضرورة الامتثال له! هل يريدون إمارة دستورية كاملة أم بقاء صورتها الحالية؟ لا أعرف موقفهم بصورة قاطعة، لكن يمكن القول إن هذه عادتهم… يلعبون سياسة على أصولها… ويمسكون العصا من نصفها… والزمن العربي اليوم زمنهم!
لنعد إلى البداية… ماذا تريد الأغلبية، وهل روادها متفقون على منهج سياسي واحد، وهدف سياسي واحد… أم أنهم مختلفون وضائعون والديرة قد تضيع مع هذا الحال السائب.

احمد الصراف

جاك وحليمة

قرر جاك وصديقه بوب الذهاب لممارسة رياضة التزلج على الجليد في أحد المنتجعات. انطلقا بسيارتهما الصغيرة شمالا، ولكن عاصفة ثلجية فاجأتهما في منتصف الطريق واجبرتهما على اللجوء الى مزرعة قريبة طلباً للمساعدة، وهناك فتحت لهما سيدة، تبدو عليها مسحة من الجمال، الباب، فسألاها ان كان بامكانهما قضاء الليلة في بيتها، بعد ان انقطعت بهما السبل! فقالت السيدة إنها محرجة، فقد توفي زوجها قبل فترة قصيرة، ولها جيران يراقبون كل حركاتها، ولا تريد أن تلوك الألسن سيرتها في كنيسة الأحد على الرغم من تعاطفها مع وضعهما. فقال لها جاك إنه يتفهم موقفها وإنهما لا يريدان غير أن تسمح لهما بالنوم في المخزن الملاصق للزريبة، ولا يحتاجان منها الى شيء غير ذلك، وسيغادران بكل هدوء في الصباح مع تحسن الطقس، وسيسعيان بألا يراهما أحد! وافقت السيدة على طلبهما، وان على مضض. وفي الصباح، وبعد هدوء العاصفة غادر الصديقان وواصلا رحلتهما لمنطقة التزلج وقضيا عطلة أسبوع جميلة.
بعد تسعة اشهر بالتمام تسلم جاك رسالة غير متوقعة من مكتب محاماة شهير، وقد تردد كثيرا في فتح الرسالة، ولكنه قال لنفسه انها ربما تكون من محامي تلك السيدة التي قضيا الليلة في مخزنها، وهنا ذهب الى مكتب صديقه بوب وبكل جدية سأله: هل تتذكر تلك السيدة المملوحة التي قضينا الليل في مخزن زريبتها في عطلة نهاية الاسبوع؟ فقال بوب:‍ نعم أتذكر جيدا. وهل تعلم أن ذلك كان قبل تسعة أشهر؟ فرد بوب وبصوت يشوبه القلق: نعم نعم أعتقد ذلك. وهنا بادره جاك بالسؤال الثالث: وهل تركتني في تلك الليلة نائما، وتسللت خفية الى مخدعها؟ وهنا قال بوب بصوت محرج: نعم، لقد فعلت ذلك، وأنا مدين لك بالاعتذار لأنني لم اخبرك بالأمر في صباح اليوم التالي، لقد أخطأت! فقال جاك: وهل عندما سألتك السيدة عن اسمك اعطيتها اسمي بدلا من اسمك؟ فقال بوب بصوت يملؤه الخجل وقد احمر وجهه تأثرا: نعم فعلت ذلك أيضا، وأكرر اعتذاري، ولكن لمَ كل هذه الأسئلة، وما هذه الرسالة التي بيدك، والتي تلوح بها في وجهي؟ فقال جاك: يبدو أنك تركت انطباعا جديا لديها في تلك الليلة، ولسوء حظك، أو لحسن حظي، توفيت السيدة قبل اسبوع وأوصت بجزء كبير من ثروتها لي!
وبعيدا عن جاك وصاحبه، فالمثل الشعبي يقول «عادت حليمة الى عادتها القديمة»، وقصته أن حليمة كانت زوجة حاتم الطائي(!) وكانت بخيلة جدا لدرجة أن يدها كانت ترتجف وهي تضع السمن في القدر، فأراد الطائي أن يعلمها الكرم فقال لها: انها كلما وضعت ملعقة سمن في قدر الطبخ زاد عمرها يوما، وهنا صار طبخها طيبا! بعد فترة مات ابنها الذي كانت تحبه أكثر من نفسها، فتمنت الموت لتلتقي به، فأخذت تقلل من السمنة لكي يتناقص عمرها، وهنا قالوا: «عادت حليمة الى عادتها القديمة»!.

أحمد الصراف