احمد الصراف

الحجاب والحفاة

لفتت صورة معبرة انتشرت على الإنترنت نظر كثيرين، بسبب شديد تمثيلها لواقعنا المر. فنحن، وفي عواصم عربية وإسلامية عدة لا تسترعي نظرنا ولا نشعر عادة بالألم إن وقعت أعيننا على صبي أو صبية حافيي الأقدام! ولكننا في الوقت والمكان نفسيهما نتألم ونتضايق، وربما نستنكر، باللفظ على الأقل، عند رؤية امرأة لا تضع قطعة قماش على رأسها! ففي الحالة الأولى، الاشد إيلاما وقسوة، لا نرى الأرجل العارية، كما في تلك الصورة، فالمنظر طبيعي جدا، في مجتمعاتنا ولا يستحق التهويل، أما في الثانية، والأقل خطورة وأهمية، فإننا غير قادرين على السكوت إن رأينا الشعر مكشوفا.
كما لاحظت في كثير من القرى اللبنانية والباكستانية، والأمر يسري على بقية قرانا ومدننا المقدسة بالذات، ان اهتمام الأهالي بتشييد جامع أو حسينية في القرية يتزايد يوما عن يوم، فعدم وجود دار للعبادة أمر مثير للاستغراب، ولكن افتقار القرية إلى مدرسة، ولو ابتدائية، او مستوصف أمر لا يثير استغراب أحد، لاعتقاد هؤلاء أنهم مكلفون نصا بتوفير دار للعبادة، فببنائها نكسب السمعة في الدنيا والأجر في الآخرة، ولا أجر هناك على بناء دار علم أو إنشاء مكتبة أو بناء مستشفى للعلاج! وعندما تتسابق مجالس الجمعيات التعاونية على توفير رحلات الحج والعمرة المجانية لغير القادرين ماديا من سكان المنطقة، أو يقومون بتوفير موائد إفطار في رمضان، فإنهم لا يبذلون نصف ذلك الجهد في التدقيق على جودة البضائع على أرفف جمعياتهم، أو أن اسعارها غير مبالغ بها، أو ان موردها لم يدفع رشوة عنها، والسبب هنا أيضا أن التدقيق والحرص على هذه الأمور لا أجر عليها ولا خير فيها! كما نجد أننا حتما الأمة الفريدة والوحيدة التي لا يتردد البعض من أفرادها في إفساد ذمم الغير في سعيهم للحصول على الثواب وأداء واجب ديني! فقد ورد في القبس، (7 مايو الماضي)، أن «اللجنة العليا لشؤون الحج» اجتمعت لمناقشة بعض القضايا الشائكة، ومنها تلاعب بعض أصحاب الحملات بالوافدين وتوفير تأشيرات حج لهم بأسعار تميل للسوق السوداء! وهذا يعني أن هناك من دفع، أو على استعداد لدفع «رشوة» ليحصل على تأشيرة لأداء فريضة دينية! وهذه من غرائب الدنيا الثماني في أمة أكثر غرابة لا تستطيع أن تدرك مدى خطورة ما تقوم به من تخريب لذمم الآخرين مادام ذلك يؤدي، باعتقادها، إلى أن تحصل على الأجر والثواب. وهنا نجد أن مناهج مدارس أبنائنا تفتقد حتى لفقرة واحدة تحرم ارتكاب مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية، وبالتالي ليس مفاجئا أن أحدا في وزارة التربية، ذات النسبة الأعلى من «المتأسلمين» بين صفوف العاملين بها، وخاصة من المعلمين والمعلمات، لم يعترض على خبر غريب أو «يخاف ربه» عندما كشفت دراسة أن %62 من طلبة جامعة الكويت لديهم خبرة سابقة في ممارسة الغش! وأن %93 من هؤلاء الطلبة شاهدوا زملاء لهم يغشون في الامتحانات! والمأساة لا تكمن فقط في ارتفاع نسبة الغشاشين بين الطلبة، وربما في كل مرافق المجتمع، بل في الطريقة السهلة و«الطبيعية» التي نتعامل فيها مع مثل هذه الظواهر الخطيرة، فالمهم بنظرنا أن الطالب والطالبة يلتزمان باللباس الشرعي، وأنهما يؤديان الصلوات في مواقيتها ويصومان رمضان، وكل عام وأنتم وهم بخير!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أحكام تنفذ .. وأحكام لا تنفذ

الأحكام القضائية واجبة الاحترام.. لكن المشكلة في فهم هذه الأحكام ومدلولاتها ومنطلقاتها! بالأمس كان لدينا خبير دستوري واحد أو اثنان، واليوم لدينا ألف واحد يفسرون الدستور وأحكامه! وجاء بيان الأغلبية ليخلط الأوراق ويزيد من ضبابية المواقف! ولكن قرار رئيس الحكومة بانه لن يحضر جلسة يدعو اليها مجلس 2009 هو قرار صائب وجريء وصب الماء على النار ليطفئها! وأتمنى ان تعود الأمور إلى طبيعتها في القادم من الأيام، وان نرى مجلس أمة منتخبا انتخابا صحيحاً وفقا لآليات دستورية صحيحة خلال أسابيع قليلة، ومع هذا لا نلوم من يدعي ان ما حصل أنقذ المفسدين في حكومة ومجلس 2009 عندما كاد مجلس 2012 ان يكشف المستور! لكن هل الانقاذ متعمد؟! الله أعلم.
استغربت، كما استغرب الكثير، عدم تنفيذ حكم المحكمة القاضي بحبس نائب سابق في مجلس 2012 سنتين مع النفاذ! وقد اتصلت بوكيل الداخلية الذي أكد لي ان هذه مسؤولية إدارة التنفيذ في وزارة العدل، حيث لم ترسل طلباً للوزارة بالتنفيذ!
المهم ان هذا النائب منذ اليوم الأول لوصوله الى البرلمان – في غفلة من الزمن – مع صاحبه أكدنا انه سينكشف على حقيقته، حيث الطبع يغلب التطبع! وكل من شاهده في حفل نجاح صاحبه في فندق ريجنسي، والحالة التي كان عليها يدرك ان أيامه كنائب محترم معدودة! وها هو يصدر عليه حكم واجب التنفيذ وصاحبه يصدر عليه حكمان! اللهم لا شماتة!
***
الحملة الإعلامية المضادة للإخوان المسلمين في مصر ولمرشحهم محمد مرسي كانت كافية لتشويه سمعة المرشح واللي خلفوه! لكن لأنه لا يصح الا الصحيح، ولأن التشويه المتعمد كذب وافتراء.. ولأن سيرة الاخوان ومرشحهم نظيفة في أعين الناس وقلوبهم، لذلك نجح محمد مرسي رغم كل ما قيل عنه، وهذه ظاهرة في مجتمعاتنا الشرقية التي لا تحترم عقول الناس، حيث التيار الليبرالي فيها لا يتورع عن الكذب والافتراء على الآخرين، والسبب بسيط وهو انه ادرك ان سيرته كتيار لا تنقذه ولا تشرف صاحبها، وكذلك لأن أفكاره ومطالبه تتعارض مع الفطرة وثوابتها.
ومن أمثلة الاستخفاف بالناس وعقولهم ما نقرأه في صحفنا لبقايا هذا التيار واليك بعضاً منها:
– «القطيع الكويتي تغيرت لهجته يوم أمس» ما هداك الله على صفة أحسن شوي تصف بها ممثلي الأمة غير هذا الوصف الدوني والتحقير اللاحضاري!
– ينقل عن الشيخ راشد الغنوشي قوله «لن نترك السلطة حتى لو سالت دماء التونسيين بالآلاف»! يا أخي اتق الله وانقل ما يتناسب مع العقل والمنطق خاصة ان الناس يعرفون فكر راشد الغنوشي!
– ينقل عن محمد عاكف قوله «طز في مصر» مستشهداً على ما يقول! وانه – أي عاكف «نبي الله موسى!».
– «نجح المتخلفون في تكبيل المرأة وأقنعوها بانها في منزلة أقل من الرجل وان خلاصها في الخضوع للرجل المتخلف حتى صارت تعطي صوتها لمن يهينها ويتزوج عليها…» اتقي الله يا هيفاء!
– «هناك من يعتبر ان الشيعة مشركين ويجب العمل على افنائهم وكذلك الاقباط ومسيحيي لبنان..» ونسي صاحبنا ان يقول ان هناك في إيران من يعتبر عرب فارس خوارج ويجب افناؤهم! ما أقول إلا اتقوا الله فينا.