سامي النصف

إني أتهم بالخيانة العظمى!

  في كل البلدان هناك شرفاء ونزهاء وأطهار، وهناك بالمقابل خونة باعوا أنفسهم للشيطان لقاء المال الحرام ممن يسمون بالطابور الخامس، ونحن في الكويت لا نختلف عن بقية البلدان، لذا إني أتهم بالخيانة العظمى:

٭ أصحاب مشاريع «الفوضى الخلاقة» الراغبين بتحويل بلدنا لمشروع صوملة او عرقنة او يمننة يقتل بعضنا بعضا عبر اثارة الأحقاد والفتن في المجتمع والدعوة للخروج للشوارع.

٭ من يتهم المعارضة البحرينية بالخيانة والولاء للخارج بسبب تجمهرها في الساحات والميادين ومطالبتها بالحكومة الشعبية ثم يدعو هو في الكويت للحكومة الشعبية وللتجمهر في الساحات والميادين فإن كان الأمر خيانة وولاء لأجندات الخارج هناك فهو قطعا خيانة وولاء للخارج هنا.

٭ المتعدين على ثوابت المجتمع كالقيادات السياسية ورجال القضاء الشامخ ورجال الأمن وكبار رجال الكويت، وهم العالمون بأن كسر تلك الأعمدة سيسقط الخيمة التي تظللنا جميعا ويجعلنا عرضة لرياح السموم القاتلة التي تهب علينا من كل الاتجاهات.

٭ العاملين في السر والخفاء لتحويل أمننا الى خوف ورفاهنا إلى عوز لصالح قوى اقليمية ودولية تريد عبرهم ان تجعل بلدنا وشعبنا ساحة اخرى للصراعات وحروب الوكالة.

٭ من يحاربون دون هوادة مشاريع التنمية ونهضة البلد ويشجعون في المقابل الأزمات السياسية التي يختلقونها مع كل اشراقة شمس.

***

آخر محطة:

لو شكلت حكومة جديدة بمحلل من مجلس 2009 وأدت القسم ودعي المجلس للانعقاد ثم رفع سمو رئيس مجلس الوزراء كتابا بعدم تعاون مع المجلس داعيا لحله ثم تم الحل سيمكن لمن يريد ان يطعن في دستورية مرسوم الحل عبر القول كيف علمت الحكومة الجديدة أن المجلس القائم (مجلس 2009) ليس متعاونا معها وهي لم تعمل معه حتى لساعة واحدة؟! قد يقتضي تحصين اجراءات مرسوم الحل ان يستمر مجلس 2009 لفترة لتظهر دلالات حقيقية على عدم تعاونه كي يمكن رفع مثل ذلك الكتاب فالقيادة السياسية والمحكمة الدستورية والشعب الكويتي ليسوا لعبة بيد الفوضويين والانقلابيين وأصحاب النصح السيئ وقبلهم أصحاب الأجندات الخارجية المتهمون من الشعب الكويتي بارتكاب جريمة الخيانة العظمى بحق الكويت وشعبها.

حسن العيسى

ليس لنا غير الانتظار

غيرت المحكمة الدستورية رأيها، وعدلت عن رأي سابق لها يضفي حصانة أعمال السيادة على المراسيم الأميرية، فإذا كان محرماً النظر في الشرعية الدستورية للمراسيم، حسب حكم المحكمة عام 86، فإنها لم تعد كذلك اليوم عندما لا تراعي المراسيم “الإجراء” الواجب اتباعه حسب الدستور، فـ”القيود التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز تجاوزها أو التحلل منها تذرعاً بأنها أعمال سياسية…”، لكن لماذا غيرت المحكمة الدستورية قناعاتها السابقة؟! هذا حق للمحكمة، والأمر الطبيعي في الكويت وحتى في أعرق الدول تاريخياً بالأنظمة الديمقراطية أن تغير المحاكم العليا قناعاتها تبعاً لتغير القضاة والظروف السياسية والاجتماعية التي عبرها ننظر إلى النص القانوني ونفسره، إلا أن محنة الدولة اليوم تتلخص في سؤال ما العمل! كيف يمكن إصلاح الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة بدون تكاليف سياسية باهظة الثمن! خرجت الآن اجتهادات كثيرة، لا يجوز أن يكون مكانها المناسب استعراضات زوايا الصحافة اليومية المتعجلة وإنما مكانها لجان الخبراء القانونيين ودراسات معمقة تنشر في الإعلام، وإذا كان بعض هؤلاء “الخبراء” اجتهدوا فأخطأوا بالأمس، فلا مجال اليوم للخطأ، فقد كان الثمن مكلفاً.
هناك خشية مفهومة من نواب الأغلبية المعارضة في المجلس، بأن ما حدث ليس خطأ اجتهادياً، وإنما كان فعلاً عمدياً من السلطة، دبر بليل، أو ربما استغلت السلطة هذا الخطأ غير المتعمد، حتى تبني عليه واقعاً جديداً ينفي المعارضة أو يخفف من حدتها، كتعطيل المجلس لشهور ممتدة، يمكن خلالها أن تلقي السلطة قنابل صوتية تجس بها نبض الشارع، أو يتم تحضيره لتعديل الدوائر، ويفتت من استفراد الأغلبية بالتشريع والرقابة، يصاحب ذلك ويقويه شعور عارم بالمرارة عند قناعة الكثيرين من الناس، فهؤلاء يرون- وأنا واحد منهم، أن الأغلبية “تفهت” قضايا مصيرية للدولة، وفرضت الجماعات الدينية المتزمتة وصايتها على بقية الأعضاء الذين سايروا أصحاب الفكر المنغلق بالحق وبالباطل خشية غضب المؤمنين، فما لنا والدولة بسخافات من شاكلة اللبس المحتشم، وماذا يحدث في الجزر، حتى تركض الحكومة وتعلن أنها محميات طبيعية حتى “تفتك” من قيل وقال ملالي المجلس، ثم تعديل المادة 79 من الدستور… وفرض تشريعات “دراكونية” تصادر أبسط حريات التعبير والتفكير، وتشريعات طائفية تسحق الآخرين من غير أهل السنة والجماعة… كل هذا كان يمرر ببركات الأغلبية، وتحت بصر حكومة تخشى أن تقول ولو لمرة واحدة كلمة “لا”!
وكان يتم ويمرر بينما التحديات الاقتصادية للدولة تكبر ككرة ثلج، فأسعار البترول تنخفض يوماً بعد يوم، والوضع الاقتصادي في العالم لا يبشر بالخير… فانتهينا الى أن أصبح الحديث عن أن فساد الإدارة – وهذه حقيقة لا يمكن الاختلاف عليها- أداة لابتزاز الدولة وحلبها بمشروعات الهدر وسياسة الرشى التي توافقت عليها الحكومات ومجالس البركة…
لكن يظل في النهاية التأكيد أن “مخاوف” النائب مسلم البراك تجد لها صدى، حين يرى في أحكام المحكمة الدستورية العليا بمصر بإلغاء قانون الانتخابات تعد سابقة هنا في الكويت، فليس مسلم البراك وحده من يقرأ هذه الأحكام بهذا المنظار وحده، فالإعلام الغربي وحتى مواقف دوله ترى أن القضاء في مصر قد يلين أمام سلطان المجلس العسكري، طالعوا، مثلا، افتتاحية مجلة الإيكونومست الاخيرة، وانتبهوا لما حذرت منه وزيرة الخارجية الأميركية المجلس العسكري الحاكم في مصر… لكن رغم ما كتب بحق القضاء المصري يظل له تاريخه المشرف، وهو بالتالي يعد الامتداد التاريخي للقضاء هنا في الكويت.
يبقى أن نقر آخر الأمر بأننا نريد العنب وليس ضرب الناطور، وذلك بتصحيح الخطأ “الإجرائي” وعودة الحياة النيابية بشكل أكمل مما مضى، وهذا ما تعهدت به السلطة فلننتظر بصدر رحب كيف ستحقق تعهدها، فلننتظر ونراقب دون فرض سوء النية.

احمد الصراف

من هو اليوم على حق؟

يمكن القول ان مسلمي العالم، وإن بشكل عام، يعتقدون بأنهم الفئة الأفضل، وأنهم على صواب وبقية العالم على ضلال! وقد نقبل بهذا المنطق لو كان المسلمون متفقين على رأي أو موقف واحد أو يعيشون بأسلوب حياة متشابه، ولكن الواقع غير ذلك تماما، فمن الواضح أن الكل يخطئ ويؤثم ويكفر الكل، فمن على حق إذا؟ ولو نظرنا للحركة السلفية، أو الدينية المتشددة الأخرى، والتي يعتقد أتباعها أنهم الأكثر وضوحا وتمسكا بأهداب الدين والأكثر تعبيرا في معاشهم ومعيشتهم بالسلف الصالح، ان كان لما قبل أكثر من 1400 عام، فإننا نجدهم الأكثر فشلا وارتباكا في مواجهة ما تمثله الحياة العصرية من تعقيدات وتحديات صعبة، فلا هم قادرون على التكيف معها، ولا طبعا بالتغلب عليها، ولا عبرة هنا بالنوايا الحسنة! وبالتالي نجد أن لا فضل لأحد على الآخر إلا بقدر ما يعطي العالم من خير، ومن منطلق هذا المعيار فإن الغرب، الكافر من وجهة نظر غالبيتنا، هو الوحيد الذي أعطى البشرية الافضل منذ أكثر من قرنين، ولا يزال يعطي العالم الأفضل في الغذاء والدواء والعلم والعلاج والتعليم والمواصلات والتنمية بشكل عام، وهنا يصبح من الصعب الإيمان بأن فئة لم تقدم للعالم، حتى الآن، سوى الخراب والدمار والكراهية والتعصب، هي الأفضل، كما توهم أدولف هتلر، بأن جنسه أو دينه او مذهبه هو الأفضل، فمن يعتقد بذلك يعش في ضياع ووهم كبيرين وحتما لا يعرف ما يجري حوله، وعاجز عن التعامل بإنسانية مع بقية البشر. كما يعتقد البعض من أتباع السلف، من الذين بنوا أوهامهم على رمال متحركة، بأنهم قادرون، بعميق إيمانهم، على إلغاء منطق التاريخ الذي لا يسمح بتكرار احداث معينة مرتين بالأسلوب والطريقة ذاتها، خاصة بعد مرور أكثر من الف سنة عليها، ولا يعترف بوجود حقائق ثابتة يمكن بناء مواقف متشددة عليها! فنظرا لكون الأفكار السلفية متنوعة الأشكال، دينيا وعرقيا وقبليا، فقد تتحول اختلافاتها في لحظة من الزمن لصراعات حادة بينها، لاعتقاد كل طرف بأنه القابض الوحيد على جمرة الحقيقة، والممثل الشرعي الوحيد للأمة الصالحة أو للفرقة الناجية منها. وبصيغة أخرى نقول إن السلفي، أو أي متشدد ديني، أيا كان مذهبه وجماعته، لا يقوم في الحقيقة بمحاورة أحد، فهو يؤمن إيمانا أصم وأعمى بأنه أفضل من غيره في كل شيء، حتى لو كان هذا الغير أكثر علما وإنجازا علمياً منه، فالمجتمع الديني المتشدد بشكل عام، لا يؤمن بالحوار، فالحوار يعني أن وجهة نظر أحد المتحاورين قد تكون على خطأ، وهذا لا يجوز في فكر هؤلاء، وبالتالي فإن كانوا لا يؤمنون بالحوار أصلا فكيف يقبلون بالديموقراطية ويشاركون في انتخاباتها ومجالسها؟

* * *
ملاحظة: كنا ليلة أمس الأول في سهرة على شاطئ لبناني، عندما كبست علينا «شتوية» استمر هطول أمطارها لأكثر من ساعة، ونحن في أواخر شهر يونيو! في الوقت الذي كانت فيه بقية دول المنطقة تشتعل درجات حرارتها، سياسياً وطبيعياً! هذا هو لبنان، وهذه روعته، وسر جماله الأبدي.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

آن الأوان لحل جذري

الحوسه.. والبربسه.. والعفسه.. التي ادخلتنا فيها احكام المحكمة الدستورية، كأنها تقول لنا «اصح.. يا نايم»! فما حدث مؤشر على ان هناك خللا في الممارسة الديموقراطية ونقصا في نظامنا الدستوري. لذلك ما لم يسارع المعنيون بالاصلاح في هذا البلد الى معالجة هذا القصور، فإن هذه الاحكام ستفتح علينا بابا من التأزيم لن يغلق، ما دام هناك من يريد لهذا المجتمع ألا «يركد»!
ان الشعب الكويتي اليوم وصل الى حالة من الضجر من ممارسة استحقاقات النظام الدستوري! لذلك بدلا من القبول والخضوع والخنوع للواقع المر الذي نعيشه اليوم، سنخضع ونقبل بالاحكام، لكن مع التحرك لوضع حد لهذا الوضع المأساوي الذي نعيشه منذ عقود من الزمان.. ازمة تلد اخرى.. ونطلع من مشكلة ندخل بثانية وهكذا..
***
– وضع سمو رئيس الوزراء لا يحسد عليه.. فقد تبين انه لم يكن يعلم بصدور الاحكام وطبيعتها – وهذا امر عادي ومتوقع – لكن كان في رأيي على مجلس القضاء الاعلى في مثل هذه الامور التي تؤدي الى عفسة البلد وحوستها – ان يخطر رؤساء السلطات الثلاث.. وهذا الاخطار لن يغير من الامر شيئا، لكن يقلل من هول الصدمة وتداعياتها!
***
– اذا اردنا ان نصدق ان الحكومة لم يكن له يد في كل ما حصل، فعلى اجهزته ان تحافظ على ثوبها الابيض.. يعني لا نسمع عن اجراء يؤدي الى واقع يرضي طرفا على حساب آخر (وللي ما فهم للحين) ارجو ألا نسمع عن تغيير الدوائر الانتخابية او نظام التصويت! هذه المقترحات مطلوبة، لكن من مجلس امة وليس حكومة!
***
– النواب القبيضة الذين اسقطهم الشعب في مجلس 2012.. والذين نجحوا فيه.. صرحوا فرحين بهذا الحل من المحكمة الدستورية.. وكذلك بعض الطارئين على العملية الانتخابية من الذين وصلوا إلى المجلس في غفلة من الزمن! اقول لهؤلاء: سيعلم الشعب من يضحك اخيرا وقريبا جدا باذن الله.
***
– لمن لم يسمع آخر الاخبار.. صدرت احكام قضائية بحبس نائبين من الطارئين على البرلمان.. واحد سنتين مع الشغل والنفاذ.. والثاني – صاحبه – سنة مع وقف النفاذ، وسنة اخرى مع وقف التنفيذ لحين مرور ثلاث سنوات يتعهد خلالها بحسن السيرة والسلوك، المشكلة انه بعد مرور اقل من سنة صدر عليه حكم ادانة بسنة سجنا! يعني راح فيها!
للعلم.. هذان النائبان من اكثر من يتكلم في المجلس عن المثالية والواقعية واحترام الاقلية..! وصدق من قال: الله ما يطق بعصا!
***
– سؤال بريء: الى متى ونحن نعتبر الفتوى والتشريع برئيسها ممثلة للدولة وقوانينها؟!

سعيد محمد سعيد

الراقصون على حساب الوطن

 

«كريم عين»… وصف يطلقه العرب على من فقد إحدى عينيه من باب التأدّب وتفادياً لإحراج المخاطب أو التسبب في الألم النفسي له… هذا الوصف يستخدمه الناس المحترمون، تماماً كما كانت العرب قديماً – وحديثاً أيضاً – يستخدمون وصف «البصير» لمن فقد بصره، و«أبي البيضاء» للأسود، ويطلقون على الفرس الجميلة مسمى «شوهاء» خوفاً من أن تصيبها عين الحسد، وربما سمعنا عبارة «بيضة البلد» للإنسان الذي تميّز وانفرد بالنبوغ والعلم. بإمكاننا أيضاً استخدام عبارة «عار البلد» لوصف أولئك الذين انتشروا إلكترونياً عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الحديث، بما فيهم من عور وعمى وسواد وجه وقلوب شوهاء، ليستهدفوا أعراض الناس وحرماتهم، وخصوصاً الناشطين من سياسيين وحقوقيين وإعلاميين، وإن كنا نتمنى ذلك، مع أنه سبقتهما الكثير من ممارسات العار لاستهداف المخالفين، إلا أن جماعة «عار البلد» سينشطون مستقبلاً لفقدانهم القيم الدينية ولإفلاسهم فكرياً وثقافياً واجتماعياً، وسقوطهم أخلاقياً.

وعلى أية حال، دعك من ذلك العار فهو مكر سيّئ لا يحيق إلا بأهله، فالنوايا الصادقة لأي سياسي أو ناشط حقوقي أو تيار معارض في صياغة حاضر ومستقبل الوطن، هي جسر العبور نحو تحقيق المطالب المشروعة، وهي التي يجب أن تكون «حلقة الوصل» بين السلطة والمعارضة، بعيداً عن أوصاف «الخونة والمتآمرين»، وأعلى من أفكار «عار البلد» الشيطانية، فلا يمكن أن يكون جزاء أي إنسان حمل مسئولية المطالبة بالحقوق المشروعة أن يصبح «إرهابياً صفوياً مجوسياً خائناً منحل الأخلاق» وفق أمزجة الخيل والليل والسلاح والعسكر… تلك فكرة بائسة يائسة تعرف أهلها ويعرفونها.

لذا، أن تمارس حقاً من حقوقك المشروعة في التعبير عن رأيك بالوسائل التي كفلها الدستور، وتطالب بحقوقك متجاوزاً سياج الخيانة والارتباط بالخارج، لا يعد خيانة عظمى إلا في عقول عشاق التدمير والطائفية والتمييز والتأزيم ودولة «اللاقانون»، مهما علا حجمهم، فيبقون مجرد راقصين على آلام وطن… وبهذا هم من يسير إلى السقوط.

هنا، في بلاد صغيرة المساحة، واضحة«التأزيم» سياسياً… خصوصاً مع نشاط مطلبي شديد متجدد – شئناً أم أبينا – لا يمكن من وجهة نظري الوصول إلى حل للأزمة إلا من خلال اتجاهين: الأول، وهو الرئيس المطلق الأصح: أن يكون الحوار بين السلطة والمعارضة «المعارضة ولا أحد غيرها»، والمسار الآخر، هو تصحيح العلاقة مع أي مكون من مكونات الشعب تعرض للظلم عبر تفعيل منهج الإنصاف والمصالحة وتلك بلا ريب تشمل تطبيق توصيات البروفيسور بسيوني… ليس بمساءلة ومحاسبة وتوقيع العقوبات على من تجاوز القوانين وانتهك الحقوق وسفك الدماء وأغرق الوطن في الطائفية ومحاكم التفتيش والازدراء وتشجيع الصدام الطائفي ولي يد القانون وفق نفوذه… لا… بل يشمل، استناداً على الأدلة والتحقيق المحترم والقضاء العادل، كل من أضرّ بالوطن… ليس كافياً أن نقول بأن: هذا خائن، وذاك إيراني وهؤلاء يقتلون الشرطة وأولئك يصنعون القنابل والدمار… القصاص القصاص… نعم، كل ذلك يجب أن يجرى على فاعل حقيقي… لا على مواطن بريء كتب اعترافه بنجيع دمه تعذيباً!

وربما كان من بين هذا المسار، حوار عام توافقي «للنظر في الأجواء التي سيحققها حوار السلطة والمعارضة» تماماً كما كان ومضى على غرار حوار التوافق الوطني في صيغته التي رأيناها (ملتقى أو منتدى لا أكثر ولا أقل)، على أن تكون الأهداف بالدرجة الأولى لدى السلطة والمعارضة، هي الاحتكام لمبادئ سمو ولي العهد السبعة، باعتبارها الخيار المتاح والأسلم لإنقاذ البلد… تيسيراً للجهد والوقت وتحقيقاً للفائدة وإصابتها إصابة تامة، فإنه ليس هناك من داعٍ لدعوة 300 أو 400 أو ألف شخص لحوار ينتظم عقده وينخرط بسرعة ويذهب جفاء، قبل حوار مباشر بين السلطة والمعارضة التي طرحت كل ما لديها في وثيقة المنامة بكل وضوح.

لنفترض أن هناك ملامح حوار «ذي مغزى» بين السلطة والمعارضة؟ وهذا ما يجب أن يتم في أسرع وقت، فكل المؤشرات تؤكد أن وضع البلد في غيابة الكهف؟ أتعتقدون أن أولئك الراقصين لن يعودوا من جديد لضرب أية مبادرة وطنية للخروج من المأزق؟ بلى سيفعلون؟ وليسمح لي القارئ الكريم أن أعود إلى مقال بهذا المضمون (انظر: الراقصون في الأفراح والأحزان – (الوسط – 15-10-2009)… فقد أشرت يومها إلى أنه لم يعد مستغرباً أمر «الجنود المجهولين» الذين «يدعون» بأنهم يقدمون الغالي والنفيس في الذود عن حياض الوطن، ويتقدمون الصفوف الخفية «ولتكن الخلفية» إن جاز لنا التعبير، وهم يشمّرون عن سواعدهم بفرقعات وشعارات وسلالم مجد من ورق في ادّعاءاتهم بأنهم إنما يقدمون كل ذلك العمل الوطني الجبار من أجل دين الله ومن أجل الوطن! فيما هذا الصنف من الناس هو الأخطر لأنه يلاحق مكاسب ومصالح شخصية وفئوية، ويرى في إبقاء الأزمات، ملاذاً آمناً له… هؤلاء لا يريدون لا للسلطة ولا للشعب ولا للوطن بشكل عام خيراً.. يكذبون أن اعتلوا المنابر.. يخادعون ان اقاموا التجمعات واللقاءات.. ينافقون إن تحولوا الى برلمانيين.. ولا بأس في أن تعرف السلطة هؤلاء جيداً.. وهي تعرفهم، وهذا أمر أشد خطورة.

لا يمكن التغاضي عن ممارسات «عار البلد» في نشر قذارتهم بانتهاك الأعراض والتشهير بأي مواطن، كما لا يمكن الدفاع عن حملة نوايا التدمير والطائفية والتخريب والتحريق والإرهاب وما الى ذلك من سلسلة طويلة من المفردات، وقد رفضنا لسنوات أية ممارسة مطلبية فيها عنف وتخريب، لكن في الوقت ذاته، من حق المواطنين، والشباب تحديداً، أن يطالبوا بحقوقهم وأن يعيشوا المرحلة السياسية التي تتواكب مع تطلعاتهم، دون قتل أو تعذيب أو سجن أو سلب للحقوق.. من حقهم أن يكون لهم توجههم وآراؤهم حتى التي تختلف معنا.. لكن أن يصدح بعض اصحاب حناجر الفتنة وينادي: «جهزوا لهم سفينة كبيرة وارسلوهم الى الفرس»…فلا صيغة طائفية أكبر من تلك.

أعود للمقال السابق نصاً: «ومن قال إن من تثبت عليهم تهم التخريب والتحريق والإرهاب يجب أن يطلق سراحهم ليمشوا ساخرين من القانون؟ ومن قال أن من تثبت عليهم تهمة «قتل نفس» يجب أن يخرجوا مرفوعي الرأس؟ مرارا وتكرارا، طرحت وطرح غيري من الزملاء في مقالاتهم، موضوعات انتقدت بشدة كل الممارسات ذات التوجه العنيف أياً كان مصدرها، لكن مع الإعتبار لكل الممارسات المطلبية السلمية القانونية التي لا يمكن قمعها أبدا وقد منحها الدستور للناس»… انتهى الإقتباس، وكان ذلك في العام 2009، ومع ذلك، فإن الشعارات الأصدق للحركة المطلبية هي: «بالروح بالدم نفديك يا بحرين»… «نعم نعم للسلمية»… «وحدة وحدة بحرينية»… مع تنوع آخر طويل من الشعارات التي نتفق أو نختلف معها، ومع ذلك، نجد أن كل ما نقوله خاضع للإتهام والتشكيك والربط بالخارج… ومع ذلك… سينشط الراقصون في الأفراح والأتراح ليحافظوا على بقائهم ومصالحهم، وأكبر نفاقهم حين يدعون المحافظة على «مصلحة الوطن».