احتفت المملكة المتحدة قبل ايام بعيد جلوس الملكة اليزابيث الستين، وهذه المرة الثانية في تاريخ الحكم البريطاني التي يتم الاحتفال بمثل هذه المناسبة، كانت الأولى في عهد الملكة فكتوريا، ولا يعتقد أن الأمر سيتكرر ثانية إن في عهد اي من ابناء الملكة أو حتى احفادها الحاليين.
تنتمي الملكة اليزابيث لأسرة «وندسور»، وهو اسم إنكليزي بحت تم اختياره بعناية من قبل الملك جورج الخامس عام 1917، بدلا من الاسم الألماني السابق للأسرة Saxe-Coburg and Gotha، بسبب أصول غالبية أفرادها! وحدث التغيير إبان الحرب العالمية الثانية عندما كانت بريطانيا في نزاع عسكري مع المانيا. وللعلم فإن الاسم لا علاقة له بالعائلة ويعود لاسم قلعة وندسور التي كانت تسكنها العائلة المالكة في حينه ولا تزال، وبالتالي فالقلعة هي التي أعطت العائلة اسمها وليس العكس. ولا يشار للعائلة المالكة بـ «السلالة» لأن اصولها تنوعت وتبدلت بعد تولي أكثر من امرأة للحكم، واقتران البعض منهن لمن هم غير إنكليز، والملكتان فكتوريا وإليزابيث مثالا. ومن حق أي ملك أو ملكة تغيير اسم الاسرة، فليس هناك دستوريا ما يمنع ذلك. وقد أظهرت استقصاءات الرأي خلال الاحتفالات الأخيرة بعيد جلوس الملكة ارتفاعا كبيرا في شعبيتها وشعبية الملكية، حدث ذلك بالرغم من أن الشعب البريطاني كان من أوائل من ثار على الحكم الاستبدادي، وطالب بما يشبه الجمهورية، أو الحكم البرلماني، وكان ذلك في عهد الملك شارلز، والتي أدت معارضته لنشوب الحرب الأهلية الأولى في إنكلترا بين الملكيين ومؤيدي الجمهورية بقيادة السياسي الفذ والقائد العسكري البارع وعضو البرلمان «أوليفر كرومويل»، والذي نصب «وصيا على العرش» بعد الاطاحة بالملك شارلز، ولكن فرار الملك بعدها من سجنه أشعل الحرب الأهلية الثانية، والتي أجبرت الجمهوريين على إعدام الملك عام 1649، منهين بذلك حكم آل «ستيوارت»! ولكن كرومويل، وبعد 5 سنوات كوصي على العرش، توفي قبل بلوغه الستين، وبقي الحكم بيد البرلمان، أو ما سمي بــ «رابطة انكلترا» The commonwealth of England، ست سنوات اخرى قبل ان تعود الملكية عام 1660 لإنكلترا، وإن بسلطات أقل بكثير للملك، ومن يومها اضمحلت سلطات الملكية في بريطانيا تدريجيا، ليصبح البرلمان مصدر القوة الأكبر، والفضل يعود لـ «كرومويل»! وبعد عودة الملكية أزال أنصارها رفاته من مقبرة العظماء في «وست منستر»، وربطوا هيكله بالسلاسل وقطعوا رأسه.
يعتبر كرومويل من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ البريطاني، فقد اعتبره بعض المؤرخين دكتاتورا ومتسلطا، بينما اعتبره البعض الآخر قائدا وبطلا قوميا! وفي استفتاء أجرته الـ «بي بي سي» عام 2002 ظهر اسمه ضمن العشرة الأعظم في التاريخ البريطاني، ولكن ايا كانت النتيجة فإن ما اقترفه من مذابح ضد كاثوليك اسكتلندا وأيرلندا، بسبب تعصبه لبروتستانتيته أمر لم يقبله الكثير من مناوئيه، وحتى مؤرخي سيرته!
أحمد الصراف