عادل عبدالله المطيري

الملعب السياسي الكويتي

أصبح الملعب السياسي في الكويت مزدحما باللاعبين، ومن أهم الفرق أو الفرقاء السياسيين الموجودين: فريق الحكومة وحلفائها، وفريق الأغلبية البرلمانية ومريديها، وعادة ما يسعى كل منهم لتحقيق الصدارة على حساب الآخر، وتكون المنافسات بينهم كمباريات «الكلاسكو» حاسمة وجماهيرية وتمتد تأثيراتها إلى خارج الملعب!

أما في الفترة الأخيرة ومع بعض الاستثناءات البسيطة (استجواب الشمالي والرجيب) فقد كان فريق الأغلبية يحاول جاهدا المحافظة على علاقات طيبة مع فريق الحكومة ومدربه الجديد، وبدوره أيضا فريق الحكومة يبادل الخصم نفس المشاعر الطيبة، ولذلك بدأنا نلاحظ أن لاعبي الحكومة الأساسيين يتعمدون فتح المرمى لمهاجمي الخصم لتحقيق بعض الأهداف الجميلة!

مشاهدات جديدة فيها الكثير من «الروح الرياضية» كانت مفقودة بالسابق.

أما الجمهور السياسي فيبدو انه في حيرة من أمره، فلم يعتد على الاجواء الجديدة الخالية من «الأكشن» السياسي..!

ومن تأثيرات التقارب الحكومي ـ البرلماني على الجمهور، انه لم يعد يميز بين ألوان الفريقين المتباريين، حيث بدأت له متقاربة جدا، فلم يعد يفرق بين من يلعب مع الحكومة ومن يلعب عليها، ومن يمثل فريق البرلمان ومن يمثل الحكومة، لذلك بدأ الجمهور يشجع كل الهجمات الرائعة من كلا الفريقين، فتجده تارة يصفق لوزير وتارة أخرى لنائب..!

وبالإضافة إلى الفريقين الكبيرين، توجد بعض الفرق السياسية الصغيرة في هذا الدوري السياسي ـ مثل فريق الأقلية الذي نزل للتو إلى الدرجة الثانية هذا الموسم لصالح الأغلبية الحالية ـ وهذا الفريق الثالث يلعب فيه بعض السياسيين من بقايا فريق الحكومة السابق، سواء في البرلمان أو في الظل خارج الدوري الرسمي، ويمتاز هذا الفريق باللعب الخشن وعلاقته الحميمية بحكام المباريات.

في النهاية نحن كجماهير سنشجع اللعب السياسي النظيف والملتزم بالقانون والاخلاق، لأننا مع تحقيق الأهداف لمصلحة الكويت والكويتيين، سواء جاءت من فريق الحكومة أو البرلمان.

 

حسن العيسى

ماذا يخبئ الغد السوري؟

سورية تعيش حرباً أهلية حقيقية، هذا ما ذكره مراقبو السلام في الأمم المتحدة، والسؤال الآن كيف ستنتهي هذه الحرب الأهلية متى سلمنا بوصفها “حربا” وليست ثورة تحرير فقط من أجل إزالة النظام الستاليني المتسلط للعائلة الأسدية، لا نقرأ الكف ولا الفنجان ولا نضرب الودع إذا قلنا إن الحرب في سورية ستنتهي بتقسيمها إلى دولتين سنية وعلوية سواء طال أم قصر أمد الحرب، فالتقسيم لن يكون جديداً على الدول العربية، حين يعيد “ربيعها” مع تدخلات الخارج تقسيم التركة العثمانية وفق الهويات الطائفية والعرقية، وستخلق أمماً جديدة أو بكلام أصح “قبائل ترفع الأعلام” كما كتب الكثيرون، والقبيلة هنا بالمفهوم “القبائلي” أي أولوية الانتماء للقبيلة الطائفية على الانتماء للدولة، وليس قاصراً على الأصل القبلي العرقي.
الأستاذ هاشم صالح ابن سورية الذي قدَّم للفكر العربي خدمة جليلة بترجمة أعمال المفكر الراحل محمد أركون يسأل بيأس في جريدة الشرق الأوسط عدد الاثنين الماضي عن “الخطيئة الأصلية” في شرقنا، ويطرح على نفسه السؤال “الغبي المتهور” بتعبيره الحزين متسائلا “… أما كان من الأفضل الإبقاء على سورية مقسمة إلى عدة دول على أساس جغرافي مذهبي متجانس بدلاً من توحيدها بشكل تعسفي وقبل أن تنضج مكونات السكان وتصبح مؤهلة لذلك؟ أقصد بهذا أن التنوير السوري كان ينبغي أن يسبق التوحيد السوري وليس العكس. أقصد بالتنوير السوري أو العربي القضاء على العصبيات الطائفية أو تحجيمها على الأقل عن طريق تنوير العقول وبث فكر جديد عن الدين…”! تساؤل مشروع نقرأه وفي أدمغتنا يظل يرن طنين الصومال ولبنان والعراق قوياً… والعرض ما زال مستمراً للبقية العربية.
كسينجر، ومهما يثير فينا ذكره من مشاعر النفور يظل رائداً للمدرسة الواقعية السياسية، والتي طبعت معظم تاريخ السياسة الخارجية الأميركية يدعو في مقال له بـ”واشنطون بوست” إلى عدم التدخل الغربي في الحرب السورية، لأنه ليس هناك مصلحة استراتيجية لتلك الدول في التدخل العسكري، والاعتبار الإنساني للتدخل الأجنبي ليس له مقام يذكر حين يكون الحديث عن المصالح الاستراتيجية للدول، وفي ثنايا مقاله يقرر حقيقة مؤلمة، بأن دول الشرق الأوسط باستثناء مصر وإيران وتركيا ليس لها مقومات الدولة الأمة nation state وأن معاهدة وستفاليا للسلام عام 1648 التي قننت مفهوم الأمة ذات السيادة ضمن حدودها الإقليمية وأنهت بذلك حرب الثلاثين عاماً في أوروبا لم يحدث ما يماثلها في الشرق الأوسط.
ماذا يخبئ المستقبل لدولنا! هذا في علم الغيب، لكن الوقائع التاريخية لا تبشر بالخير… للنظر بحذر وقلق “للصوملة واليمننة والعرقنة واللبننة… الخ” في دول “رسمت خطى على الرمال” (عنوان رواية للراحل هاني الراهب) فالكوابيس ستصير حقائق، وليتعظ مخابيل النزعات الطائفية في دولتنا الصغيرة، ويكفوا عن إثارة الفتن المذهبية المتشنجة والمتدفق سيلها من جبال الجهل والتطرف.

احمد الصراف

الإخوان سرطان

رأت السلطة في الكويت في منتصف سبعينات القرن الماضي تقريبا أن التيار الوطني، الأقرب لليبرالية والممثل حينها للطبقة المتعلمة فوق المتوسطة، يشكل خطرا عليها، وأن الحل يكمن في تغيير المعادلة وتغيير طريقة ممارسة اللعبة الديموقراطية، وهنا اتجه بعض افرادها لسياسة تجنيس فئات معينة لترجيح كفة على أخرى! ورأى البعض الآخر التحالف مع القوى الدينية الأكثر محافظة وولاء! ما لم تدركه السلطة حينها أن الحكمة أو المقولة التي تنسب للملك عبدالعزيز بن سعود من أن «الدين طير يقنص به»، قد تكون مناسبة لمجتمع سلطوي ولكنها لا تصلح بالضرورة لكل مكان وزمان، خاصة في المجتمعات الأكثر انفتاحا، فهؤلاء المتدينون يمكن الاستعانة بهم لتحقيق أهداف معينة، ولكن ليس من السهل التخلي عنهم وقت شاء من استعان بهم، بغير استخدام القوة، كما فعل ابن سعود مع «الإخوان» عندما عارضوا إصلاحاته، وكما فعلت قطر مع جماعة من مواطنيها قبل سنوات قليلة عندما وضعتهم على الحدود وطلبت منهم التصرف، مع الفارق. ولكن هذا الأسلوب ليس بالأمر السهل دائما، خاصة بالنسبة للكويت، وبالتالي يصبح أي تقريب للمتأسلمين، على حساب الفئات الأخرى، مغامرة محفوفة بالكثير من المخاطر، فهؤلاء، متى ما تمكنوا لن يترددوا في استغلال الوضع لمصلحتهم وتمكين أنفسهم من الحكم، وما ذكره الفريق ضاحي خلفان، قائد عام شرطة دبي، غير بعيد عن ذلك، فقد بين في حديثه للزميلين حمزة عليان وعبدالسلام العوضي (القبس) قبل اسابيع قليلة، أن خطة «الإخوان» للوصول الى الحكم في الخليج ستبدأ من الكويت مع عام 2013، وسبب ذلك أنه ليس بإمكان حكومتها استخدام العنف ضدهم، إضافة إلى أنهم يحاولون منذ أربعينات القرن الماضي توطيد اقدامهم في الكويت، وهم اليوم أقرب ما يكونون الى السلطة من اي وقت مضى. وذكر الفريق خلفان أن هناك تعاوناً بين «إخوان» الكويت ومصر، فهذا التنظيم يدير خلاياه من الدول التي يتواجد فيها! وتصريح السيد خلفان هذا يتناقض مع كل ادعاءات وترهات «قيادات» الإخوان في الكويت» من أنهم يعملون بصورة مستقلة عن إخوان مصر، فواضح أن هناك حلفاً يربط الاثنين، والدليل أنه لا أحد من هؤلاء استطاع إخفاء فرحته، وحتى شماتته من أعدائه ومعارضيه، عندما نجح إخوان مصر في اكتساح غالبية مقاعد البرلمان، «ولكنهم سكتوا عندما فشل مرشحهم للرئاسة في الحصول على نصف عدد الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات النيابية، وهذا مؤشر واضح على انكشاف ألاعيبهم وخواء فكرهم».
نعيد ونحذر بأن وصول «الإخوان» يشبه وصول طبقة رجال الدين، او الملالي للحكم في إيران، فإزالة هؤلاء بالعنف أو السلم أمر أقرب للاستحالة منه لأي شيء آخر، فهؤلاء، في داخلهم وصريح عباراتهم، يعتقدون بأنهم ممثلو الله في أرضه، وحاملو رايته، ومبلغو رسالته، وكل اعتراض عليهم هو اعتراض على مشيئة الله وحكمه، وبالتالي يجب أن يقابل من يعترض طريقهم بأقصى درجات العنف، وقد وفرت نصوص دينية عديدة الذريعة لهؤلاء للجوء الى ما يرونه مناسبا لدحر، او تصفية أعدائهم، ان حاول هؤلاء «اغتصاب» الحكم منهم!

أحمد الصراف