سامي النصف

د.مرسي.. وصلت فما أنت فاعل؟!

  ما لم تحدث معجزة، واضح ان الانتخابات الرئاسية في مصر ستحسم لصالح المرشح د.محمد مرسي ليس بسبب اصوات المصريين في الخارج التي رجحت د.مرسي، وهو امر طبيعي، حيث ان كثيرا من المغتربين تركوا مصر لاختلافهم مع النظام السابق والذين يرون في شفيق امتدادا له، بل فوز د.مرسي المحتمل هو بسبب اصطفاف كثير من القوى ضد منافسه ومن ضمنها قوى ليبرالية وقومية ويسارية! اضافة الى الحملة الاعلامية الشرسة ضد الفريق شفيق وامتناع شفيق الذي هو رجل عمل لا كلام، كما تقول حملته الاعلامية، عن اعطاء الوعود الوردية للشعب المصري وقواه السياسية كما يفعل منافسه.

***

ففي لقاء للدكتور محمد مرسي مع الاعلامي يسري فودة، سأله المذيع ان كان مستعدا لاعطاء الاغلبية الصامتة (وهو اصطلاح مائع لا تمثله جهة محددة) منصب نائب الرئيس وتقاسم السلطة معه، فوافق، ومنحهم منصب رئيس الوزراء، فوافق، ونصف مجلس الوزراء، فوافق ايضا، ولا اعلم ان كان لم يستوعب معنى الاسئلة او كان يستوعبها الا انه كان على استعداد لقول اي شيء للوصول للهدف ثم بعد ذلك وكما يقال في الخليج «يصير خير»، والخياران اسوأ من بعضٍ!

***

وفي لقاء له مع قناة «الحياة» وعد بمضاعفة رواتب المتقاعدين من 300 ـ 500 جنيه الى 1500 جنيه بحد ادنى، ولما سأله المذيع: من اين سيأتي بالموارد المالية؟ اجابه: ان هناك شركة مصرية ـ كويتية مشتركة (ذكر اسمها) حصلت على ارض بمبلغ 5 ملايين جنيه وسيقوم هو بتحصيل 81 مليار جنيه منها، ومعروف ان الشريك المصري للشركة المعنية في السجن بمصر، كما ان سعر سهم الشركة المالكة لها في الكويت يقارب الصفر، فكيف يمكن لهذه الشركة الصغيرة ان تدفع 4 مليارات دينار كويتي (اي ما يعادل 81 مليار جنيه) لقطعة ارض؟! كلام كهذا لن يأتي لمصر بجنيه واحد، بل سيضيف لعزوف المستثمرين الدوليين عن الاستثمار في مصر والمنطقة، عزوفا آخر من المستثمرين الخليجيين حكومات وافرادا، الذين هم المستثمر الاكبر والوحيد تقريبا هذه الايام في ارض الكنانة.

***

ولو فكر الاخوان بروية لأيقنوا ان فوز شفيق لا مرسي هو ما سيفيدهم في المرحلة المقبلة، فالاوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية ستزداد سوءا في مصر والمنطقة والعالم، وحصد الاخوان لكل المناصب السياسية في مصر سيعني انهم سيصبحون وحدهم الملومين امام الملايين عند الاخفاقات القادمة ـ وما اكثرها ـ كما حدث للتيارات القومية واليسارية بعد تحولها من المعارضة للحكم في الخمسينيات وما بعدها، كما سيعطي هذا الانفراد بالسلطة الحجية والمبرر للقوى السياسية المنافسة لشن الحملات الاعلامية والسياسية والنزول للشوارع لاسقاط هيمنة الاخوان، بينما يعني فوز شفيق توزيع الملامة في الاخفاق بدلا من حصرها في الاخوان فقط.

***

آخر محطة:

 (1) لم تدمر مصر في الماضي ويتعرض شعبها الأبي للقمع والارهاب الا عندما اسيء لقضاتها الافاضل واستبدلت المحاكم العادية بالاستثنائية، والشرعية الدستورية بالشرعية الثورية، وحل الضباط محل القضاة فيما سمي بـ «محاكم الشعب والثورة»، لذا فخير لمصر الف مرة ان يبتعد المرشح شفيق عن طريق صناديق الاقتراع، لا عن طريق قوانين العزل ومظاهرات الميادين.

(2) طرح د.مرسي مقترح اجتثاث رجال الامن واستبدالهم باللجان الشعبية، ولم يبق الا تحويل مصر من جمهورية الى.. جماهيرية واستقدام سيف الاسلام لقيادتها!

احمد الصراف

الشملان وبلغريف

ينكب صديقنا الباحث يعقوب الإبراهيم منذ سنوات في البحث والتنقيب الدؤوبين في الأرشيف البريطاني عن كل ما يتعلق بتاريخ منطقة الخليج والعرب عموما، وأنشطتهم التجارية والتعليمية والسياسية، خصوصا أثناء حقبة النفوذ البريطاني في المنطقة، وعلاقة بريطانيا ببقية مستعمراتها السابقة، وبخاصة الكويت. ولو عرف صديقنا الإبراهيم ما يتضمنه بحر «اليوتيوب» من درر لما تردد في الغوص فيه ايضا بحثا عما يشده ويمتعه، خصوصا أن الصورة والكلمة المسموعة تكونان في أحيان كثيرة أكثر تأثيرا وابلغ في إيصال الرسالة. ومن الوثائق النادرة على «اليوتيوب» تسجيل لتقرير مصور، ربما قامت به الــ BBC في منتصف عام 1956، حيث يقوم مقدمه بزيارة البحرين، بعد تعدد واشتداد التظاهرات فيها، والمطالبة بدور أكبر في إدارة البلاد والتخلص من المستشار البريطاني بلغريف! ويقول مقدم البرنامج ان لبلاده علاقات جيدة بالبحرين كونها النقطة التي تدير منها بريطانيا مصالحها على امتداد شواطئ الخليج «الفارسي»! وانه يقف في المكان نفسه الذي فوجئ فيه وزير خارجية بريطانيا، سلوين لويد، أثناء زيارة مفاجئة له للجزيرة الصغيرة، بتظاهرة شعبية تطالبه بالضغط على حكومة البحرين لإدخال إصلاحات سياسية فيها وأن يكون للشعب دور أكبر في إدارة البلاد! ويقول المذيع ان لبلاده اتفاقية حماية مع البحرين، وهذا يوفر لها نفوذا كبيرا لدى قادته! ومن اطرف ما ورد في التقرير المصور على لسان مقدمه أن القوى الوطنية في الكويت كانت تراقب عن كثب ما كان يجري في البحرين من حراك سياسي، وأن البلدين يتشابهان في طريقة الحكم، وان الكويتيين ينوون الاقتداء بالبحرين في المطالبة بحق المشاركة. وقال المقدم إن المجتمع البحريني طالما تمتع بشكل عام بحرية تعبير أكبر، مقارنة بغيره، وكان لدى شعبها دائما رغبة في التحرر من الحكم البريطاني، مع شبه إجماع على وجوب مغادرة بلغريف وإنهاء نفوذه الكبير في الإدارة الحكومية. ومن الذين تمكن مقدم البرنامج من مقابلتهم المناضل البحريني عبدالعزيز الشملان، والذي أبدى تحفظا كبيرا على وجود بلغريف ودوره ونفوذه المشبوهين، وتدخلاته المستمرة في كل ادارة ومشكلة. ومعروف ان الشملان سعى للتخلص من نفوذ المستشار البريطاني، ولكنه عانى الكثير في سبيل ذلك، فقد قامت حكومة البحرين، وربما بإيعاز من بلغريف، بنفي الشملان إلى جزيرة «سانت هيلانه»، والتي سبق أن نفي اليها نابليون، كما نفت معه رفيقي دربه في «الهيئة الوطنية»، عبدالرحمن الباكر وعبد علي العليوات، بسبب دور الثلاثة في التظاهر ضد الحكم والتحريض على «الشغب» وعلى الوجود البريطاني. وفي 1961 أعيدت محاكمة الشملان في بريطانيا (!) وأفرج عنه ورد له اعتباره، واختار الاستقرار في سوريا، والتي بقي فيها حتى عام 1971، عندما عاد للبحرين لينتخب عام 1973 نائباً لرئيس المجلس التأسيسي، الذي وضع دستور البلاد. وعين بعدها سفيرا في مصر ومندوبا دائما للبحرين في الجامعة العربية، كما عين سفيرا في عدة دول أخرى قبل أن يتوفى في 30 ديسمبر 1988، عن 77 عاماً.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

السيّد يظل شامخاً

الهجوم الإعلامي المنظم ضد النائب المحترم السيد وليد الطبطبائي ورفيق دربه النائب المحترم محمد هايف، كان من الممكن ان يكون مهضوما لو كان بقدر الحدث، يعني يتم انتقاد عبارة النائب السيد وليد ويتم انتقاد فعل النائب محمد هايف من دون الحاجة الى الذهاب بعيدا بالانتقاد، وفتح ملفات قديمة كلنا يعلم براءة النائبين من محتوياتها. والفجور في الخصومة مرفوض قطعا، ولا ينبغي التشكيك في ولاء السيد وزميله للكويت وترابها، وهما اللذان يعرف اهل الكويت اصلهما وفصلهما وانتماءهما، والقضية تكون أوضح في عدم سلامة مقاصد الانتقاد عندما تكون الخصومة من بعض الطارئين على العمل البرلماني او من بعض الدخلاء على المجتمع الكويتي! آية المنافق اذا خاصم فجر.. وقد ابتلي الجسم الإعلامي ومؤخراً قاعة عبدالله السالم بمن ادخل فيهما عبارات من قاموس الشوارع! لذلك اتمنى ان نترفع عن هذه الأساليب ونحترم القارئ الذي يضيع جزءا من وقته بحثا عن معلومة او حرصا على تقييم واقعي ومنطقي وبعيدا عن التطرف بجميع أشكاله.
ولعل من أمثلة ما ذكرت ما صرح به المحامي الكويتي، الذي وكل نفسه للدفاع عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، بالصحف امس، عندما قال ان من قام بقتل المتظاهرين في معركة الجمل هم جماعة حماس وكوادر الاخوان المسلمين! وليته قالها نقلاً بل ذكرها بصيغة التأكيد والقطع! ومثال آخر، هذا الكاتب الذي ينتقد مواقف صفوة شباب اهل الكويت من الغزو الغاشم، بينما هو كان هاربا من أحكام قضائية في بلاد الضباب! وثالث كتب مدعيا ان محمد مرسي يتلقى دعماً من أموال جمعية الاصلاح التي يتصدق بها اهل الكويت! والحمد لله يصرح بالأمس سفيرنا في القاهرة مؤكدا توصيل هذه التبرعات الى مستحقيها تحت إشراف السفارة الكويتية والحكومة المصرية!
هذه الاحداث يجب ألا تنسينا حقيقة ثابتة، وهي انه لا يصح الا الصحيح. سيظل السيد وليد شامخا مهما زل لسانه بعبارات لا نقره عليها، ولكن ماضيه يشفع له في ان تطوف له هذا اللمم ان صح التعبير. ماضي وليد مقارنة بماضي «بعض» منتقديه يخلينا نقول رحمة الله على والديك….!
***
استقالة وزير الشؤون السيد المحترم احمد الرجيب حزت في نفسي كثيرا، ليس لانه احمد الرجيب فهو لم يكن الاول ولن يكون الاخير الذي يقدم استقالته، بل لبعض الأسباب التي ذكرها في كتاب الاستقالة! ولعل الصراع القائم في المجال الرياضي كان السبب الرئيسي لتقصير عمر السيد الوزير في الحكومة! كما ان الاستجواب كان احد استحقاقات هذا الصراع مع ان الأغلبية كانت رافضة هذا التسابق في تقديم الاستجوابات وكأن غداً سيحل مجلس الامة! وقد اعلنت الحركة الدستورية الاسلامية والتجمع السلفي وآخرون تحفظهم على التدافع الى مكتب الأمين العام! لذلك ان اردنا استمرارا سلسا وسليما ومنتجا للممارسة البرلمانية فلابد من تدخل الحكماء من النواب، وهم أيضاً مؤثرون لوضع حد لهذه الظاهرة المقلقة، والا سيذهب وزير ويأتي وزير، وقد يذهب مجلس ويُنتَخب مجلس، واحنا على طمام المرحوم!