عادل عبدالله المطيري

دروس في مكافحة الفساد

هل تعلم نوابنا الدروس في كيفية مكافحة الفساد، بحيث لم يعد يكتفون باستجواب الوزراء المتهمين بالتقصير والفساد او يرتضوا فقط باستقالتهم او حتى طرح الثقة فيهم، بل يجب ملاحقتهم قانونيا ومحاسبة كبار الموظفين المتورطين والمتنفذين الذين استفادوا من ذلك الفساد.

وبالعودة الى الاستجواب الأخير، كان بإمكان الحكومة ان تطلب من الشمالي تقديم الاستقالة (وكفى الله المؤمنين شر القتال) ولكنها تخشى ان تطول يد المساءلة ما هو ابعد من الوزير المستجوب، فكان من المؤكد ان مجلس الأمة سيقوم بتشكيل لجان تحقيق في محاور الاستجواب والتجاوزات وكان سيكشف المتورطين المباشرين في الفساد في حالة استقال وزير المالية.. لذلك اختارت الحكومة (أهون الشرين) وزجت بفلذة كبدها الوزير الشمالي للنواب ليفترسوه ويكتفوا بذلك.. ولذلك على نوابنا الأفاضل ان يدركوا «الحقيقة التاريخية» ان الاستجوابات السابقة لكل الوزراء لم تعالج الخلل وخصوصا استجوابات وزراء المالية لأن المحاسبة تقتصر على الوزير دون القياديين بوزارته ومؤسساته التابعة، فكم وزير مالية تم استجوابه ولم تقف التجاوزات، وربما يرحل الوزراء وهم محملون بالغنائم دون مساءلة قضائية ليبقى الفساد مستمرا!

يجب ان يتخذ مجلس الأمة اجراءات لإعادة الأموال العامة وسحب المناقصات غير القانونية وأراضي أملاك الدولة التي أخذت دون وجه حق، ومحاسبة الوكلاء والمدراء التنفيذيين وحتى التجار والشركات الفاسدة التي تواطأت معهم واستولت على أموالنا.

لن تقف التجاوزات إلا إذا تيقن المسؤولون أنهم سيجبرون على ترك مناصبهم وسيحاسبون قضائيا أيضا، وعرف التجار الفاسدون ان ما أخذوه سيرد وسيخسرون معه أموالهم التي استثمروها بمشاريعهم المشبوهة، عندها سيكون للمحاسبة السياسية أثر عميق في وقف التجاوزات على الأموال والأملاك العامة!

محمد الوشيحي

شقة عزاب

أكبر الأخطاء وأخطرها أن تقول لامرأة إنها تجاوزت السنة الثلاثين من عمرها! ليلتك أشد سواداً من قرن الكروب، ولا تسألني عن قرن الكروب، ولن أسألك أنا، الأكيد أن كارثة ستحل بك وبأهلك إذا قلت لها ذلك، وستنفجر البراكين في وجهك، وتهب الأعاصير، وستموت المرأة وتموت أنت وتتحولان إلى مواد عضوية في النفط الخام، ويرتفع سعركما في الشتاء، وتبيعكما مؤسسة البترول إلى الصين، قبل أن تنسى المرأة جرمك وجريمتك.
هذا واقع، النساء كلهن يتوقفن عند عتبة الثلاثين، لا يجتزنها، مهما انحنت الظهور وترهلت الصدور واستعدت لاستقبالهن القبور. وكلهن، على ذمة المرحوم يوسف السباعي، تزوجن في الثالثة عشرة وأنجبن في الرابعة عشرة.
وأقرأ كثيراً أن “الدول كالنساء” – أنا واحد ممن كانوا يقولون ذلك قبل أن يهديني الله وأتوب عن مثل هذه الفكرة – والحقيقة أنها فكرة خاطئة كاذبة عابثة، إذ لم أرَ في طول حياتي وعرضها امرأة تفخر بتجاعيد جسمها، أو تشير بإصبعها إلى ما فعله الزمان بها، بل تشد وتمط ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، في حين تفخر الدول بآثارها ومبانيها القديمة، وتخصص مرشدين سياحيين ليصحبوك إلى كل ما هو قديم ويرشدوك إلى كل ما هو أثري.
ولسوء حظ الدول الخليجية، لم يشيد الأولون، إلا ما ندر، مبانيَ متينة تبقى للتاريخ، تفاخر بها وتصحب زائريها إليها، كما في أوروبا وكنائسها وقلاعها وحصونها، التي شُيدت في الأزمنة السحيقة. لذا ليس أمام هذه الأجيال، إن أرادت أن تفاخر، إلا أن تعتمد “العصرنة” و”الحداثة”، وهنا نصفق بحرارة الشمس لقطر والإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي ودبي تحديداً) ونلطم بحرارة الفرن على حال الكويت التي لا يشبهها شيء ولا يضاهيها إلا “شقق العزاب”، حيث بقايا الأكل الملقاة على الأرض، والصحف المتناثرة بفوضى عنيفة، وخزانة الملابس المكسورة “ضلفتاها”، ووو…
ولا حل لمعضلة الكويت إلا بمديرة منزل آسيوية، أو أوروبية، جامعية التعليم، لهلوبة، تنظفها وترتبها وتعيد طلاءها. وأقصد بمديرة المنزل الشركات الأوروبية أو الماليزية أو اليابانية، أو حتى الأميركية، تماماً كما فعلت أبو ظبي ودبي وقطر، ولا عار في ذلك يتطلب الثأر.
من الطبيعي جداً أن تستعين الدول النامية الثرية بخبرات الشركات العالمية. توفر الحكومات للشركات كل ما تحتاجه، وتلزمها بأعمال محددة في مواقيت محددة، وتكتفي الحكومات بالرقابة، فما هي المشكلة؟ أو هل ثمة مشكلة؟
فكروا في الأمر ببساطة، فكما أن مهندسي الدول هذه أفضل من مهندسينا، وكما أن مصرفييها أفضل من مصرفيينا، وعمالتها أفضل من عمالتنا، ومخططيها أفضل من مخططينا، ووو، فلمَ لا نستعين بخبراتهم ليعيدوا إحياء هذه الشقة الصغيرة، الكويت، لتصبح على أحدث طراز؟ بالله عليكم سئمنا حياة العزوبية والفوضى وبقايا الأكل والصحف المتناثرة على الأرض.

حسن العيسى

لا تهشون ولا تنشون

استقيلا وتوكلا على الله، والمقصود هما الوزيران جمال شهاب ود. نايف الحجرف، فحسب “مانشيت” جريدة عالم اليوم، لو كان صحيحاً، أن الوزيرين أخبرا رئيس الوزراء بأنهما سيستقيلان من الوزارة إذا “رد قانونا الإعدام وجامعة جابر!”.
وزير العدل والأوقاف (وسأقصر المقال عليه) يقول إنه لا يعلم بصحة رد القانونين إلا عبر الجرائد (ولي أن أعلق انها عادة حكومية متأصلة بتسريب الأخبار لبعض الجرائد لجس نبض الشارع السياسي المغبر الخانق كطقسنا قبل تأكيد الخبر أو
نفيه)، ويضيف جمال شهاب أنه تعهد للمجلس وللناس بعدم رد قانون الإعدام، وكأن جز رقبة بني آدم لكلام سفيه ما بالإساءة للرسول يستحق غيرة وبطولة هذا الوزير الإنساني… وان بقاءه سيكون محرجاً نحو المجلس والناس…! وخير يا طير، عساك بهذه الحالة وأزيد، فمن سيكترث بحرج الوزير شهاب أو أي وزير آخر طالما أن سمو الأمير يستعمل سلطاته الدستورية، ومن سلطته إعادة النظر في مشروعات القوانين حسب المادتين ٦٥ و٦٦، فهل يريد الوزير شهاب تحديداً مصادرة سلطة الأمير حسب الدستور كي لا يقع في حرج أمام المجلس…!
حتى لو لم يصح خبر الرد ولم يصح قبله خبر التهديد بالاستقالة من الوزير جمال، يبقى أن مجرد بصم الوزير شهاب على قانون الإعدام، بعد أن عارضه بعقل متفتح في البداية ثم تردد، ثم خضع وقبل (وهذه أيضاً عادة متأصلة لها سوابق تاريخية في السياسة الكويتية) بحجة التعاون، يعد وصمة في جبين مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ العدالة، وكان الأولى بجمال -الذي كان يحتفي في العاشر من ديسمبر بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بغرفة المحامين حين كان محامياً- أن يتمسك بمبادئه ويستقيل حين وافقت الأغلبية على مشروع القانون وباركته الحكومة.
فهو يعلم أن قانون الإعدام ينطوي على نوايا سياسية طائفية ويخترق أبسط مبدأ في القوانين الجزائية بأن تتناسب العقوبة مع الجريمة، ويظهر أن وزير العدل نسي العدل في هذه المسألة… ليستقل معالي الوزير، فاستقالته أو بقاؤه في الوزارة لن يحرك ساكناً في مستنقع سياسة السير على البركة الكويتية.
توقعت من جمال أن يصرح بنوايا الوزارة لتعديل ميزان العدل، وهو يعلم أكثر من غيره بالحالة المزرية التي يعانيها القضاة والمتقاضون، كان لنا أمل أن يصبح شهاب الصوت القوي في الوزارة من أجل العمل والدفع نحو قانون استقلال القضاء وتفعيل مواد التفتيش القضائي، وأن يخبرنا برأيه في مشاريع تدور وجوداً وعدماً مع قضية العدل وحقوق الإنسان مثل تعديل اختصاصات المحكمة الدستورية، أو اقتراح قانون الصقر بالدعوى المباشرة بعدم دستورية القوانين ورد مجلس القضاء عليه… وغير ذلك من قضايا إدارية كإعلان صحف الدعاوى والأحكام الجزائية التي تصدر غيابياً ثم يفاجأ المحكوم عليه بتجميد معاملاته في مؤسسات الدولة، بسبب حكم صدر ضده ولم يعلن به، وغير ذلك من هموم العدالة كالتأخر في طباعة الأحكام الابتدائية، مما يقلص من حق المحكوم عليه في الطعن عليها أمام الاستئناف أو التمييز… وغير ذلك من شوائب كثيرة كان من المفروض أن ينبشها الوزير شهاب، فحكم العدل والقانون يجب أن يكونا لهما أولوية قبل اعتبارات السياسة، فهل كان الوزير يحتسب أمر العدل أم أمر السياسة حين صوت مع قانون الإعدام؟، ولم يقدم استقالته بداية احتجاجاً على ذلك الطغيان المجلسي؟، قدم استقالتك أيها الصديق، فحالك من حال غيرك من وزراء قبلك ومن سيأتي بعدك… أنتم موظفون كبار… لا تهشون ولا تنشون.

احمد الصراف

مصر يا أم البلاد

إن الفساد الذي كان قائماً في مصر أيام مبارك أو السادات أو عبدالناصر رهن بشخوصهم هم لا بالنظام.. أو اللانظام الذي كان قائماً.. أما النظام الجمهوري المدني الدستوري فلا ضير فيه، وهو في هذه المفاضلة بين شفيق ومرسي تكون النتيجة لمصلحة شفيق بلا شك!
(الزميل صالح الشايجي، الأنباء الكويتية).
لم تكن مصادفة أن مصر كانت متقدمة على كل الدول العربية في كل شيء، فبرلمانها كان في يوم الأقدم في المنطقة، وكذا دار الأوبرا والسينما والنحت والرسم والموسيقى والثقافة والأدب والتعليم الجامعي. وكانت مصر مقصد كبار شخصيات العالم وعلمائه وفنانيه، وبالتالي كان كل من برز في مصر في الأعوام المائة والخمسين الماضية من سياسيين وممثلين ومطربين وكتاب ومخترعين وزعماء شعبيين وقادة عسكريين وحقوقيين، كانوا في الغالب إما نتاج فترة ما قبل الحكم العسكري فيها الذي بدأ مع عام 1952، والذي دام ستين عاما، أو بعد ذلك من نتاج معارضي ذلك النظام الدكتاتوري الذي طحن عظام المصريين مع أحلامهم على مدى حكم ضباط ثلاثة جعلوا المصري ينظر للعمل في «الخارج» كخلاص بعد أن كان يشبهه بالمنفى! وجاءت الثورة الشعبية لتغير من الصورة النمطية، «الاستيريوتايب»، للفرد المصري، التي سبق ان كرستها «ثورة» يوليو 52، من خلال أجهزته القمعية والتي اظهرت المصري كشخص اتكالي غير دقيق في عمله ويميل للكسل وقلة الإدراك بعد ستين عاما من المعاناة، بحجة أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكانت النتيجة ان مصر، تحت حكم العسكر، خسرت كل معاركها، إن مع إسرائيل أو مع التقدم والحرية والكرامة، ثم جاء الوقت الذي اكتشف فيه الكثيرون، وبالذات أولئك الذين طالما سخروا من مصر طوال العقود القليلة الماضية، أن بلدانهم لم تعرف يوما الرقي والتقدم اللذين عرفتهما مصر في عزها، وهنا لا نتكلم عن الفراعنة ومن اتى من بعدهم، ولا عن كليوباترا ولا هيباتيا ولا حتى شجرة الدر، بل نشير إلى كل أولئك الذين أثروا حياة العرب واعطوا العروبة مذاقها طوال مائة عام، والذين قل نظيرهم في غالبية، إن لم يكن كل دول السخرية والاستهزاء، فلم يكن مصادفة بروز المصريين في ميادين الرسم والموسيقى والنحت والمسرح والهندسة والبناء والصناعة والغناء، فقد كانت مصر مهيأة دائما لأن تعطي، وما رأيناه من إسفاف سياسي وفني وثقافي في العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة كان النتيجة الحتمية لطريقة الحكم الخاطئة، والتي كان من نتاجها ما اصبحنا نراه من تشدد ديني وتخلف سياسي وعلمي وثقافي، ولكن مصر التي أعطت العرب والعالم فطاحلة وقمماً من امثال شوقي والمازني والعقاد والمنفلوطي وطه حسين وام كلثوم وعبدالوهاب وبدرخان ومختار وطلعت حرب ومحمد فريد وسيد درويش وعلي عبدالرازق، ومحمد علي باشا، ونجيب محفوظ وغيرهم الكثير،ستستمر مصر في عطائها! وهنا نتمنى أن لا يصل «الإخوان» للحكم فيها لكي لا تخرج مصر من مأزق الدكتاتورية العسكرية لمأزق الدكتاتورية الدينية، والأهم من كل ذلك ان مصر لا تصلح ان تكون إلا دولة مدنية، ووصول الإخوان للحكم، سيحولها لدولة دينية بلا جدال.

أحمد الصراف