علي محمود خاجه

درس بو عبدالعزيز

أسبوع واحد فقط كان كفيلاً بأن يقدم لنا صورة واضحة غير قابلة للإنكار أو النفي عن كيفية سعي بعض أبناء أسرة الحكم إلى تغليب مصالحهم الخاصة على مصلحة الدولة ونجاحها.
ولأن الكثير لا يعلمون عن تفاصيل ما أكتب عنه فلابد لي بأن أقدم شرحاً عنه، ولا بد من الإشارة قبل الشرح بأن موضوعي ليس بموضوع رياضي بل هي حالة تمت في الرياضة تعكس واقع ما نعيشه اليوم في مجالات عدة.
في منتصف التسعينيات فازت “قائمة الجميع” بمقاعد مجلس إدارة نادي القادسية برئاسة طلال فهد الصباح، وقد كان من بين أعضاء القائمة تلك رجل يدعى فواز الحساوي وقد حققت هذه الإدارة على مدى السنوات الماضية نجاحات متعددة ومتنوعة في قطاعات النادي المختلفة، وهذا أمر لا ينكره محايد، وكان فواز الحساوي يشكل عنصراً مهما مع زملائه في تحقيق النجاحات، بل قد يتفوق على من معه في إسهاماته المادية غير المربحة التي لا تحقق أي عائد مادي له على مستوى الشخصي.
فقد قدم هذا الرجل ما يفوق الـ30 مليون دينار للنادي خلال سنوات عضويته، وهو مبلغ لم يدفع حتى ربعه طلال أو أحمد ومن قبلهم والدهم مجتمعين طوال سنواتهم في الرياضة.
وبعدما اقتحم طلال فهد اتحاد الكرة شغر منصب رئيس نادي القادسية فتمت تزكية فواز الحساوي لكفاءته لرئاسة النادي مع احتفاظ بقية عناصر مجلس الإدارة بعضويتهم أي أن شيئاً لم يتغير، ومع ذلك فقد انتكست معظم لعبات النادي باستثناء قطاع كرة القدم الذي يتولاه فواز الحساوي بشكل مباشر ليحقق في هذا القطاع انتصارات قياسية بالمراحل العمرية المختلفة على الرغم من بعض العقبات المفتعلة من زملائه بمجلس إدارة النادي كإعارة بدر المطوع لنادي سعودي دون علم فواز، وهو ما ترتب عليه أيضا فصل بدر المطوع من عمله وبقاءه عاطلاً إلى اليوم!
وقبيل نهاية الموسم الرياضي أعلن نادي القادسية خسارته لكأس التفوق الرياضي الذي اعتاد الحصول عليه وحاول أعضاء مجلس الإدارة أن يلقون باللوم على الحساوي، فما كان منه إلا أنه تقدم وبشجاعة نادرة لا يملكها أكثر من ثلثي قياديي الدولة باستقالته، التي قبلها مجلس الإدارة طبعاً.
بعد قبول الاستقالة يصرح مجلس ادارة القادسية بأن الفرصة مازالت قائمة للحصول على كأس التفوق الرياضي! وبالفعل تبدأ بعض اللعبات بالعودة إلى مستواها الطبيعي المعهود.
كل ذلك لمجرد أن أبناء الشهيد يعتقدون أن الرياضة الكويتية بشكل عام ونادي القادسية على وجه الخصوص ملك لهم ولا يجوز لأحد سواهم أن يتولى إدارته، فكما حورب النادي في عهد عبدالعزيز المخلد وعبدالمحسن الفارس حورب النادي مجدداً في عهد الحساوي على الرغم من أنه عنصر اساسي في نجاحهم أصلاً.
والحال نفسه ينطبق على الرياضة بالمجمل التي يسعى بعض نواب الأغلبية ووزير الشؤون إلى تسليمها على طبق من انتهاك لسيادة الدولة لعصابة الرياضة.
هم لا يهتمون إلا للمجد، إلا إن كان مرتبطاً بهم وحدهم على حساب الدولة والدستور والقانون والمصلحة العامة، ولنا في فواز الحساوي درس وعبرة، وبالطبع هو يتحمل جزءاً منه لأننا حذرناه ولم يطع.
أكرر ما سمعته من الدكتور الخطيب سابقاً أن الدور المنوط بأسرة الحكم هو أن تكون الملجأ في حال اختلاف أبناء الشعب، وليس أن يكونوا طرفاً في الخلاف والصراع كما يحصل اليوم على الصعد المختلفة.
والمطلوب من عقلاء الأسرة الحاكمة هو وقف عبث أبنائهم بكل مجال من الممكن أن يكون جميلا بعيداً عن أنانيتهم وتفردهم.

ضمن نطاق التغطية:
اللجنة الأولمبية الدولية تمنع رفع العلم الكويتي بأولمبياد لندن 2012… اللجنة الاولمبية الدولية تنتخب أحمد الفهد بصفته رئيساً للجنة الأولمبية الكويتية لترؤس إحدى منظماتها، مسموح لـ”بوفهد” ما لا يسمح للدولة… ولكم الحكم

سامي النصف

«BP» و«الداو» و«السانتافي»

في البدء لأحدد موقفي بشكل واضح وصريح وجلي من قضية «الداو» وهو أنه لا مصلحة لي في اللغط الدائر حول الغلط الجسيم في مشروع «الداو» عدا حرصي ومعي أغلب الكتاب على مصلحة وأموال الكويت، وضيقي الشديد باحترافنا عملية مكافأة المسيء ومعاقبة المحسن، حيث تابعنا وبأسى بالغ محاربة وإبعاد من انتقد صفقة «الداو» ووفر البدائل، ومكافأة من تسبب في ارتكاب الأخطاء الجسيمة بها وهي أمور تحدث فقط في الكويت دون حسيب أو رقيب.

*****

ونشرت جريدة «الكويتية» في عددها امس أقوالا للقيادات الكويتية التي تحارَب هذه الأيام في القطاع النفطي بدلا من ان تكافأ، أظهرت أنهم اعترضوا منذ البداية على الشراكة في الأمور التشغيلية لـ «الداو» وضمن مبالغ ضخمة كانت ستفرض علينا تسييل أصول استثمارية بأبخس الأثمان وكان الأفضل برأيهم شراء أسهم «الداو» لو كان المفاوضون يعتقدون ان شركة الداو ستتجاوز ظروفها الصعبة وهو امر لو أخذ به لتجاوزت أرباح الكويت 600% نظرا لارتفاع سعر «الداو» من 5 دولارات آنذاك الى 31 دولارا بدلا من خسارة 2.5 مليار دولار الحالية، ومعروف ان عملية شراء الأسهم امر لا يحتاج الى موافقة مجلس الأمة او يتضمن شروطا جزائية وتعويضات.

*****

ذلك الرأي الحصيف الذي يحارَب من قاله ودعا إليه سبقته دلائل وقرائن على صحته فقد سبق للكويت ان اشترت «أسهم» شركة «BP» النفطية البريطانية إبان أزمتها المالية ولم ندخل في شراكة تشغيلية معها فحققنا أعلى الأرباح، والحال كذلك مع شراء أسهم «مرسيدس بنز للسيارات» دون شراكة تشغيل أو تسويق وبالتالي تحقيق الأرباح الطائلة بعكس صفقة شراء مصانع سيارات أستون مارتن التي كان لها أفدح الضرر على الشركة الكويتية التي قامت بشرائها.

*****

وقامت الكويت بشراء شركة «سانتافي» النفطية الأميركية إبان إشكالاتها الاقتصادية وكأننا خبراء في قضايا الإدارة والتشغيل فانتهينا كذلك بخسارة فادحة، فلماذا ترك مفاوضونا التجربة الناجحة واتجهوا للتجربة الخاسرة وبأسعار وشروط وجزاءات لا تعكس حقيقة اننا كنا الطرف الأقوى في تلك المفاوضات، حيث كانت «الداو» في أمس الحاجة لأموال الكويت؟! وبالتالي كان بإمكاننا ـ والموافقة على الصفقة غير مضمونة ـ ان نمنع او نحد من شرط التعويض والجزاء.

*****

آخر محطة:

(1) انتقادنا للقطاع النفطي كونه الأهم في الكويت ولشدة روائح الفساد القادمة منه سواء في قضية «الداو» او التجاوزات في التعيينات او عقد «شل» او الرواتب الفاحشة غير المبررة ومعها «بونص 4 رواتب» الأسطوري الذي نتحدى ان يوجد مثله في الدول الخليجية او النفطية الأخرى فإذا لم يكن هذا فسادا فاضحا يستحق النقد والمحاسبة فما هو الفساد إذن؟!

(2) فساد القطاع النفطي لن يصلحه إلا قيادي مثالي ذو كفاءة وأمانة وقوة من خارجه، قيادي مثل الشيخ ثامر جابر الأحمد المشتهر بالأمانة والطهارة والذي لا يخشى في الحق أو مصلحة الكويت لومة لائم.

احمد الصراف

هيلين الرائعة

من لم يزر منطقة البحيرات Lake District شمال غرب لندن، فكأنما لم يزر انكلترا بعد! فجمال هذه المنطقة يفوق الوصف، وقد تكون الوحيدة في بريطانيا التي احتفظت بطبيعتها وقاومت زحف الكونكريت عليها، ولهذا قصة تستحق ان تروى.
ولدت هيلين بياتريكس بوتر B. Potter عام 1866 وتوفيت في 1943، واشتهرت بكونها مؤلفة كتب أطفال، وتميزت كتبها برسوم جميلة لحيوانات الريف الانكليزي، طالما ألهبت مخيلة قرائها الصغار، واصبحت مع الوقت جزءا من ذكريات طفولتهم، وكانت في كتبها تدعو للمحافظة على الطبيعة وروعة العيش في الريف.
ولدت بياتريكس في أسرة موسرة وعاشت مع أخيها الأصغر منها، الذي لم يعمر طويلا، في محيط صغير بالرغم من حجم عائلتها الكبير. وكان والداها من محبي الفنون والطبيعة، وكانا يسمحان لابنائهما باقتناء بضعة حيوانات في منزلهم، وكانت بياتريكس وأخوها يطيلان مراقبة حركة تلك الحيوانات الصغيرة وتصرفاتها، وساعدتها تلك المراقبة الدقيقة في اكتساب القدرة على رسم تلك الحيوانات بدقة شديدة، وكانت أسرتها تقضي إجازة الصيف عادة في اسكتلندا، أو في منطقة البحيرات، ومن تلك الأجواء اكتسبت بياتريكس حبها الكبير للطبيعة، وأصبح هذا مع الوقت موضوعا لقصصها وما تضمنته من رسوم خلابة. كما ساعدتها الطريقة التي تلقت فيها تعليمها المنزلي الخاص في تطوير وصقل قدراتها الإبداعية في الرسم والرواية والعلوم والتاريخ. وقعت بياتريكس في حب نورمان وارن Norman Warne، الذي كان يرعى نشر كتبها، وقررت الاقتران به ضد رغبة والديها، ولكن نورمان لم يعش طويلا، حيث فارق الحياة بصورة مفاجئة، بعد شهر من خطوبتهما، نتيجة إصابته باللوكيميا، وكانت بعيدة، ولم تتمكن حتى من رؤيته قبل دفنه، وقد أصابها ذلك بحزن شديد، وتسبب في انعزالها أكثر واختيارها السكن في منطقة البحيرات، وبقيت كذلك حتى جاوزت منتصف اربعيناتها عندما التقت هناك بمحام معروف وتزوجته. واستخدمت بياتريكس ناتج بيع كتبها، وما ورثته من عمة لها، في شراء عدة عقارات في منطقة البحيرات، كان الأول عام 1905، ثم تبعته بآخر، وهكذا تمكنت على مدى بضعة عقود من شراء أراض شاسعة من خلال الاشتراك في مزادات شرسة مع شركات وافراد كانوا يرغبون في الاستيلاء على تلك المزارع لتحويلها إلى عقارات استثمارية مدرة للدخل، ولكنها أبقت كل ممتلكاتها كما هي، بطبيعتها الخلابة وتلالها وبحيراتها، وقامت قبل وفاتها، بعد 77 عاما حافلة، بوهب كل ما تملك، والذي يشكل الجزء الأكبر من «منطقة البحيرات» للشعب البريطاني، وبالتالي يعود الفضل الأكبر لها في حفظ الطبيعة الخلابة لتلك المنطقة. وسأقوم بعد اسابيع قليلة بزيارة تلك المنطقة ووضع وردة على قبر تلك السيدة تكريما لها، وذرف دمعة حرّى على وضعنا البيئي الوطني، الذي لم يتردد مسؤولوه في السماح لجهة ما بتخريب جزء من حديقة جميلة، ورئة تنفس طبيعية في منطقة سكنية، لتكون دارا لتحفيظ القرآن، كما كتبت الزميلة اقبال قبل ايام.

أحمد الصراف