احمد الصراف

الدوري وكاترين وما بينهما

كتبت المهندسة العراقية كاترين ميخائيل مقالاً ساخراً قبل أشهر في «الحوار المتمدن». ولأهمية ما ورد فيه وانطباقه على وضعنا، فإننا نعيد صياغته، لتضمنه عبارات قاسية يجرم قانون المطبوعات ذكرها، في ظل كل هذا القهر الديني الذي نعيشه! وجاء مقال كاترين رداً على ما أعلنته مها الدوري عضو البرلمان العراقي عن قائمة الصدر، عن أنها ستبدأ حملة جمع تواقيع في جميع أنحاء العراق لإعلان التضامن مع النساء المسلمات في الغرب، و«حقهن» في ارتداء النقاب، وأن عنوان الحملة سيكون «نعم نعم للإسلام، نعم نعم يا ربي»، وتهدف الدوري من خلال حملتها إلى الضغط على الغرب، ومنع حكوماته من تشريع قوانين تمنع الحجاب! وأنها ستخاطب الأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان لطلب تضامنها ومساندتها، لأن المرأة المسلمة في الغرب تتعرض لحملة شرسة، تهدف إلى سلبها حريتها الشخصية، وتمسكها بأحكام دينها. وأضافت الدوري أن حملتها تهدف إلى كشف زيف الغرب بما يدعيه من حرية وديموقراطية بعد الإجراءات التي وضعها ضد الحجاب والنقاب، في الوقت الذي يشجعون فيه زواج المثليين ولا يعاقبون على جرائم الزنى واللواط ويسمحون لنسائهم بالتعري!
وهنا تتساءل كاترين، رداً على الدوري: ماذا تفعل نساؤنا المحجبات والمنقبات في أوروبا الكافرة، إذا كن يتعرضن للقمع والاضطهاد؟ لماذا لا يرجعن إلى بلدانهن ويستمتعن بعدالة وتكريم المرأة فيها، وحيث بإمكانهن التمتع بحقوق «النكاح الشرعية من دون عوائق»؟ وتستطرد: ألم يكن من واجبك أيتها السيدة النائب إطلاق حملة لمساندة المرأة العراقية التي تقتل على أيدي المجرمين والإرهابيين، ومنهم ميليشيات تابعة لحزبك؟ أم أن هذا لم يكن من اختصاصك؟ ألم يكن الأجدر بك رفع حملة تطالبين بها قيادات حكومتك الموقرة بملاحقة المتاجرين بأعراض النساء العراقيات في الكثير من الدول المجاورة، واستغلال فقر المراهقات البريئات لاستخدامهن في أحط المهن؟ ألم يكن الأجدر بك أن تطالبي بحقوق أربعة ملايين أرملة ويتيم عراقي، ولترضي ربك، وتساعدي أبرياء العراق؟ لمَ لم يصدر عنك كلمة واحدة عن المرأة الكردية شيرين اليمهولي التي أعدمتها سلطات إيران وهي مسلمة؟ وهل سمعت بامرأة أعدمتها أوروبا الكافرة؟ ألم تفكري، ولو للحظة واحدة، في التوجه بندائك إلى رجال الدين المتطرفين ومطالبتهم بمنع فتاواهم التي تهدر دم الشعب العراقي؟ لمَ لا تطالبين بإيقاف تصدير المخدرات لنا من دولة جارة وحبيبة إلى قلبك، وهي التي تدمر حياة شبابنا وشاباتنا؟ ألم يكن الأجدر بك أن تطالبي حكومتك بالحفاظ على شرف وكرامة المرأة العراقية؟ فهل هي أكثر احتراماً للمرأة من الحكومات الغربية الفاجرة؟
لماذا لم تسائلي عن المعاملة غير العادلة التي تعامل بها المرأة العراقية في الجامعات، وتفضيل الذكور عليها؟ ولماذا لا تقومين بحملة في العراق للمطالبة بالقصاص من الرجال الذين يقتلون المرأة العراقية بذريعة غسل العار، وأكثر الضحايا قتلن بريئات، ودعاء بعشيقة خير مثال؟!
والآن، لو غيّرنا مضمون هذا المقال، وبحثنا في أولويات حكومتنا ونوابنا، ألا نجد ما يشبه ذلك في ترك الأمور الحيوية والخطيرة والمهمة، والاتجاه إلى توافه الأمور لأنها أسهل حلاً، وأكثر دغدغة للرديء من الأحاسيس، وأكثر كسباً للأصوات؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نعم لتعديل الدستور

حسناً فعل النائب فيصل اليحيى عندما تقدم باقتراح تعديل بعض مواد الدستور، وحسنا فعلت كتلة التنمية والاصلاح عندما اعلنت نيتها المشاركة برؤيتها في تعديل الدستور.. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: لماذا كان التفكير بتعديل الدستور في الماضي ـــ مجرد التفكير ـــ يعتبر من المحظورات، بينما مجموعة «إلا الدستور» نفسها هي المبادرة الى هذا التعديل؟
والجواب بسهولة ان التعديل في الماضي كان سيتم التصويت عليه ـــ لو تم تقديمه ـــ في مجلس الاغلبية فيه للرأي المعادي للدستور! اي سيكون التعديل لتقييد الحريات ولمزيد من منح السلطة التنفيذية صلاحيات على حساب السلطة التشريعية! اما اليوم فستتم مناقشة التعديل في اجواء مختلفة، حيث لا مجال للخوف على انحراف النقاش وتقديم مقترحات شاذة عن الهدف العام للتعديل.
اما القول بأن هذا المجلس لا يملك حق التعديل فهذا كلام «ماخوذ خيره» ويفتقر الى فهم ابسط القواعد الدستورية!
***
• مصر والسعودية..
ساءنا كثيراً تردي العلاقات المفاجئ بين المحروسة والحبيبة.. مصر والسعودية، فهاتان اكبر دولتين عربيتين، وهما من دول المواجهة.. وقوتهما قوة للعالم العربي بل والاسلامي.. والعكس صحيح.. ولن يقبل عاقل ان تتم الاساءة الى المملكة العربية السعودية تحت اي حجة وظرف.. ونشكر الاخوة الحكماء في مصر الذين اكدوا ان ما حدث لا يعبّر عن مشاعر الشعب المصري الحقيقية تجاه المملكة، بل هو تصرف فردي..! لذلك نتمنى تجاوز هذه المسألة والتفرغ للموضوع السوري لإنقاذ شعب اعزل يقتل ويشرد تحت سمع وبصر (كوفي) عنان و(شاي) بان كي مون!
***
• نواب آخر زمان:
• «ادوس ببطنه».. «انتف شواربه».. إلخ من عبارات الشوارع وقاموس «عيال العواير»! هذه الكلمات نطق بها نائب في البرلمان وليس حشاش للتو انتهى من «جلسة شم»!
• نائب ينكر على نائب آخر توسطه لابنه للعمل في ديوان المحاسبة الذي طلب من الابن الاستقالة لكثرة غيابه.. الغريب ان هذا النائب طُلب منه ان يقدم استقالته من وظيفته بعد اقل من ثلاث سنوات من تعيينه! اذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجر!
• نائب اخر ينكر على نائب تنفيع زوجته بتعيينها سكرتيرة عنده، بينما هو 1990 عليه تهمة خيانة امانة!

محمد الوشيحي

صداع جميل

هذه اللحظات، أو اللحظات هذه كما تقول لغتنا، أجمل من الصبايا الحسان. أقصد اللحظات ذاتها. عليّ النعمة لا أدري أيها أغازل وأنظم قصائدي فيها، ولولا وصول السرية الأولى من الشعيرات البيض إلى رأسي لتتفقد الأوضاع قبل أن تستدعي بقية قبيلتها، لولا ذلك لوقفت على الناصية ورحت أتبسم في وجه هذه اللحظة، وأنثر معسول المفردات على تلك.
يا الله يا الله يا الله.. أنت تعلم أنني من الرجال الذين يُصابون بالصداع إذا ما رأوا حُسن حسناء لا يقاوم، فكيف بحسناوات فاتنات، يتبارين بالغنج والدلع والأنوثة. اللهم لا تشفني ولا تعافني من صداعي.
وكنا نعيش في بيت واحد مع حكومة شعثاء المخبر، كئيبة المنظر، وبرلمان أغبر، لا يهمه إلا الدفاع عن الحكومة، وجمعُ الغنائم، والسطو على أموال اليتامى وقوت الأرامل الثكالى. واليوم ذهبت الحكومة إلى حيث ألقت رحلها الهانم أم قشعم، هي وابنها قشعم، البرلمان الكسيح القبيح، وجاءتنا حكومة، لا أقول فاتنة، لكنها على الأقل أجمل من أم قشعم وأعقل، شعرها مسدول، وجسمها مقبول، ووجهها “مابو شي” كما يقول اللبنانيون، وجاء معها برلمان عفيّ فتيّ، يرقص على زنده الأسد الإفريقي، وجاء إلينا بالاقتراحات الباهية الزاهية، فهنا مشروع بتعديل قانون الانتخاب، وهناك مشروع بقانون لبناء المدن الجامعية والطبية، وفي الجهة اليمنى دراسات لتطوير نظام القضاء، وفي الجهة اليسرى فكرة تنظم المناصب والكراسي، وفي الخلف لجان تحقيق تقطع يد السارق المارق، ومعها لجنة للتحقيق في مصادر تمويل وسائل الإعلام، ووو…
يا الله يا الله يا الله، واليوم يتقدم النائب فيصل اليحيى بتعديلات دستورية يُحيي بها أحلام مؤسسي الدستور، ومعه، أو قبله، أعلنت كتلة التنمية والإصلاح، كذلك، نيَّتَها تقديم تعديلات دستورية منجنيقية، تدك الأسوار وتهدم الجدار تلو الجدار، لا لهو فيها ولا لغو. وكنا نقول ببكاء “وُئدَ الدستور” فبتنا نقول ببهاء: “وُلدَ الدستور”.
وبين هذا المقترح وذاك المشروع وتيّاك الفكرة، يَصِل نوابنا (قلت نوابنا ولم أقل نواب الحكومة) الليل بالنهار، فيربطون ذيل هذا اليوم برأس الذي يليه، متجاهلين صفير الصراصير وعريرها.
وأظن أن البرلمان هذا هو الأخطر على الفاسدين في السلطة وأتباعهم. هو الأخطر لا شك. هو الأخطر لأنه رفع شعار “ضحكنا معكم على أنفسنا ببلاهة وبما فيه الكفاية، واليوم انتهى وقت الضحك والمزاح”.
وأجزم أن الكويت لا تحتاج إلا إلى سنتين لا أكثر لتتعافى من تشوهات السنين الماضية وحروقها وكسورها، قبل أن تشترك في نادٍ رياضي وتمارس ألعاب الأكروبات، وتستعيد لياقتها، وتنضمّ إلى السباق إلى جانب الدول المحترمة.
وآه ما أجمل هذه اللحظات وأبهاها وأحلاها، وآه ما أجمل الصداع.

احمد الصراف

نصيحة شيري

لم استخدم الفيسبوك والتويتر او الواتس أب، وغير ذلك من وسائل التواصل الاجتماعي، وفي حلقة من TED تحدثت الاختصاصية الاجتماعية Sherry Tuckle عن وسائل الاتصال الحديثة هذه، وقالت ان قوتها لا تكمن فيما يمكننا القيام به بل فيما سنكون عليه، اي بقدرتها على تشكيلنا وتغيير عاداتنا، وغالبا ضد رغباتنا ومن دون علمنا! وقالت ان من السهل ملاحظة قيام البعض، في الندوات والمحاضرات وحتى اجتماعات مجالس الادارة وجلسات البرلمان ومناسبات تقبل او تقديم العزاء بالانشغال عما حولهم باستخدام الهاتف النقال، وتقول ان ما يحاوله هؤلاء هو الهرب من واقعهم، والانتقال بافكارهم واجسادهم، ولو افتراضيا، لمكان آخر! وتقول إن هذه الظاهرة اصبحت اكثر انتشارا مع زيادة عدم اكتراثنا او اهتمامنا بالتواصل الشخصي او الجسدي مع الآخر، بعد ان اصبح الاتصال الالكتروني اكثر سهولة وأقل كلفة، كما ان الرسالة النصية تعطي مرسلها فرصة التراجع عما كتب، او شطبه او تعديله، ليصبح اكثر قبولا واقل او اكثر تأثيراً، كما انها لا تشي بحقيقة مشاعر مرسلها من فرح، ضيق، خوف او خجل، وبالتالي يصبح بالامكان التحكم بقدر اكبر بالنص، و ارتكاب اقل قدر من الهفوات، واخذ الوقت الكافي لقول المطلوب بجمل قليلة، وهذا يجعل المرسل يبدو بالصورة التي يود ان يبدو بها وليس كما هو في حقيقته، وهذا يحرم الآخر من اصدار الحكم عليه لانه لا يراه، وليس الحكم عليه، فلا نبرة صوت ولا ايماءة جسد!.
وتختتم محاضرتها بالقول إن علينا التوقف قليلا، والتفكر فيما يحدث لنا ومعنا، بعد ان اصبحنا نفتقد التواصل البشري، وانقلبنا الى روبوتات، وان بلحم ودم! وان نسعى لخلق لحظات نلتقي فيها مع من نحب وبعضنا بعضا في ركن محدد من البيت، او المكتب، ونتحدث خلالها وننظر في عيون بعضنا بعضا، وان نحرص، في لقاءاتنا تلك، على الا نحمل معنا اي وسيلة اتصال، حتى ولا اي هاتف ارضي او تلفزيون! كما علينا الا نضيع وقتنا في توقع الكثير مما تقدمه التكنولوجيا، فهي على الرغم من كل منافعها مخربة للعلاقات البشرية الحميمة، وعلينا بالتالي اخضاعها لنا وليس الخضوع لها!.
***
ملاحظة:‍ نعتذر لكل مواطن شعر بأن مقال يوم الاحد المتعلق بمرتبة الكويت في الدرك 126 بين 132 دولة في الاهتمام بالبيئة قد «خدش» أحاسيسه المرهفة، ونخص بالذكر كبار موظفي البيئة، ونقول لهم إن الحقيقة اكثر سوءاً، فمرتبة الكويت هي 131 وتسبقها في الافضلية السعودية والعراق واستونيا وكازاخستان، ولا تزيد عليها سوءا غير روسيا، وهذا درك لم تصله الكويت في تاريخها، ودلالة واضحة على بدء العد التنازلي في انهيار مقومات الدولة واركانها‍‍! وللعلم، روسيا هي من اكثر دول العالم فسادا! ونترك لكم استنتاج ما تشاؤون

أحمد الصراف