تصويت النواب الشيعة ضد عقوبة الإعدام للمسيء للرسول أو زوجاته ليس من باب الرفض للجريمة وإنما بوعي منهم بأن مثل هذا القانون هو تهميش كامل لوجودهم، واستخفاف مطلق لتفسيرهم لبعض الحوادث التاريخية في بدايات العصر الإسلامي التي يحصد المسلمون ثمارها المرة منذ ألف وأربعمئة سنة ظلت فيها العقلانية مغيبة، وساد مكانها التفسير الديني للتاريخ بكل نزعاته ونزاع طوائفه المستوطن في العقل الباطن للشعوب العربية.
وليس هذا مهماً الآن طالما أقررنا بأن هذه الدولة بمجلسها الطائفي وحكومتها هذه تسير “تحت الساس”، لتنال رضا وبركات نسل الحجاج بن يوسف الثقفي من أعضاء المجلس، فكان يكفي أن يهدد النائب فيصل المسلم بأن عدم تصويت الحكومة مع مشروع قانون محكمة التفتيش الكويتية سيعني عدم التعاون مع المجلس، فسارعت الحكومة بلحس وعدها السابق برد القانون، ووقف وزير الأوقاف وكأنه نسي تماماً مواعظه السابقة في غرفة المحامين، حين كان محامياً يستغل كل مرة مناسبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليذكر زملاءه المحامين بتلك المناسبة وماذا تعني، فهذه المرة تدثر تماماً بالجلباب الديني المتناسق هذا اليوم مع بشت الوزارة، ويالله تزيد النعمة على بشوتكم غريتونا فيها جنكم صج، وأخذ يعظ وينصح بمكارم الدين وتمجيد العقوبة.
النائب محمد الصقر هو يتيم المجلس حين وقف وحيداً رافضاً تلك الثورة المضادة لتقدم التشريع وتقدم الدولة بتصويته ضد ذلك القانون المسيء للدين وللرسالة الإسلامية وللحرية الإنسانية، وهو على إيمان مطلق بأن فاتورة تجارة الدين رخيصة وتجلب بركات أصوات انتخابية مغيبة عن حقيقة واقعها، إلا أن يتيم المجلس، وهو يشرف كرسي النيابة بمجلس الاستبداد ولا يشرفه هذا الكرسي، آثر أن يقف مع قناعاته ومبادئه، فقد كان مدركاً أن العملية التشريعية لا يجوز أن تكون رد فعل على حادثة أو حوادث فردية شاذة، وأن التشريع ليس أداة انتقام من الغير والآخر، ولا يجوز أن يكون وسيلة “لتركيع” الآخرين بحجة حكم الأغلبية، فهو يعلم أن هذه فاشية جديدة غيرت ثوبها هذه المرة لتلبس العقال والدشداشة، بعد أن ركلتها أمم العالم بعد الحرب الكونية الثانية، وما تبعها من موجات الثورات الديمقراطية التي اجتاحت بقية العالم إلا عالمنا العربي الذي استبدل فاشيات بفاشية… تضحية الصقر كبيرة، فهو ان يخسر أصواتاً بائسة خير من أن يخسر نفسه… كويت اليوم في أسوأ أحوالها… رجل واحد فقط يقف رافع الرأس في برلمان الغثيان… أما هذه الحكومة التي بين “حانا ومانا” فلننسها ولنطو صفحتها جانباً.
الشهر: مايو 2012 
«لوياك».. ولو طال السفر
حذرت جهات عدة، ومنها القبس، من الطريقة التي تدار بها الأندية الصيفية، وطالبت بمراقبة ما يجري فيها حرصا على سلامة الشباب وأمن الوطن، علما بأن هذه النوادي لا يرتادها عادة غير الذكور، أما الاناث فلا يبدو أن أحداً يهتم بهن! وحدها الكبيرة «لوياك» استطاعت، بجهود تطوعية ذاتية، أن تنتشل الشباب، من الجنسين، من الفراغ والانحراف والارهاب، وتعطيهم ما هم في أمس الحاجة إليه، أي المعرفة والتدريب والمهارات وصقل المواهب والثقة بالنفس والانفتاح. ولم تقتصر برامج لوياك على فترة الصيف، بل شملت العام كله، ولم تنحصر أنشطتها على الكويت، بل امتدت الى أفريقيا، وفتحت أخيرا أفرعا لها في الأردن ولبنان.
قال جبران قبل 100 عام: لو «رأيت الجميع ضدك والألوان غير ألوانك والكل يمشي عكس اتجاهك، فلا تتردد وامش وراء قلبك وتمسك بمبادئك ولا تأبه لهم، حتى وان اصبحت وحيدا ولا تتردد، فالوحدة أفضل من ان تعيش عكس نفسك ارضاء لغيرك»! وهذا ينطبق على مؤسسي «لوياك»، الذين لم تثنهم اي صعوبة أو توقفهم العراقيل، ولم يلتفتوا لكلمات الاحباط، بل استمروا واستطاعوا خلال عقد من تثبيت اقدامهم راسخة، وانتزاع اعتراف الدولة بهم، لما حققوه من انجازات كبيرة ومتعددة نراها اليوم في كل مكان.
بدأت فكرة لوياك بعد وقوع أحداث 9 سبتمبر، عندما وجدت مجموعة من السيدات، وعلى رأسهن، فارعة السقاف، أن أفضل رد على تلك الأحداث المؤسفة يكمن في تغيير استراتيجية الاهتمام بالشباب، والانتقال من الطرق التقليدية السائدة إلى طرق أكثر تقدما، وتماشيا مع العصر باستخدام أفضل الأفكار لملء أوقات فراغ الشباب بما يفيد، وابعادهم عن مراكز خلق الارهاب والتطرف! وهكذا بدأ العمل قبل عشر سنوات بمجموعة صغيرة، لينتشر ويشمل الآلاف، ويتضمن عشرات الأنشطة والبرامج، وليمتد جغرافيا إلى دول عدة، وكل ذلك في فترة قياسية، وبجهود تطوعية لمجموعة لا تطمح لغير الخير لوطنها وأمتها والبشرية!
ان حرب «لوياك» السلمية والايجابية على قوى التخلف والجهل لم تمر من دون مصاعب، كما أن جهودها الضخمة واضحة. وأتذكر أننا كنا قبل 30 عاما تقريبا نميز طلبة المدارس الخاصة عن غيرهم، بتعدد لغاتهم وثقتهم بأنفسهم، مقارنة بغيرهم. أما اليوم، ومع زيادة مخرجات المدارس الخاصة، فقد اصبح المميزون من الشباب في المجتمع هم غالبا من الذين اتيحت لهم فرصة التدرب في برامج «لوياك» العملية والفنية والتعليمية! والرابط التالي يعطي فكرة أفضل عن أنشطة هذه المؤسسة الرائدة:
www.youtube.com/watch?v=wZoyh77_g7c
وحيث إن تحقيق كل ذلك يتطلب الكثير، فإننا، من موقع المسؤولية بدورها في المجتمع، نطالب القراء الكرام بأن يحذوا حذونا، ويتبرعوا بما تجود به أنفسهم للوياك. وللراغبين في التبرع اما الاتصال بالسيد فريدي هاتف 99047713 لتحصيل المبلغ، أو ايداع مبلغ التبرع في أي من فروع البنك الوطني، حساب «لوياك للتدريب الاهلي والاستشارات الاحصائية» رقم: 0473443420101، والاتصال بعدها بالسيد فريدي لإعلامه بمبلغ التبرع، والاسم لارسال كتاب الشكر، ولكم الشكر.
أحمد الصراف
كتاب يُقرأ من عنوانه
الاستجواب المقدم من الجويهل الى وزير الداخلية ما هو الا نموذج للعبث السياسي الذي تمارسه الاقلية في مواجهة جدية الاغلبية البرلمانية.
وحتى لا يساء فهمي فإنني اؤكد حق النائب في ممارسة اداة الاستجواب واستخدامها متى ما رأى مبرراً لذلك.. كما انني لا ابرئ وزير الداخلية من تحمله مسؤولية اخطاء وزارة الداخلية – متى ما وجدت – ولا اضعه فوق المساءلة لكن «الكتاب يقرأ من عنوانه». فهذا النائب الذي جاء لمجلس الامة في غفلة من الزمن، عودنا على عدم الجدية منذ حملته الانتخابية.
وانا ضد السرية في الاستجوابات.. لكن مقدم هذا الاستجواب اثبت هو وصاحبه انه لا خطوط حمراء في ممارساتهم تحت قبة البرلمان.
اقول، هؤلاء اثبتوا ان اخلاق التعامل مع الخصوم في مستوياتها الدنيا.. وانه لا ضوابط يفهمونها اثناء تعاطيهم للسياسة. ولعل كشف جواز ابن احد النواب وصاحبه كشف اسم ووظيفة زوجة نائب آخر وغيرها من الافعال والتصرفات التي تدل على سوء تصرف وتهور وحماقة، كل هذا يجعلني اسكت عن الاعتراض على سرية الجلسة.
الجميل في استجوابات الاقلية هذه الايام انها لا تشل البلد ولا تعطل عمل الوزارات كما كانت تفعل استجوابات سابقة، وهذا مؤشر جيد في تعامل الحكومة مع هذه الاداة او ربما لان الاستجواب مأخوذ خيره من بدايته.
***
• لا افهم انزعاج البعض من إقرار مجلس الامة للمداولة الثانية من قانون «التطاول على الذات الالهية» حتى اعتبر البعض ان الاعتراض على القانون موقف مبدئي بعيد عن الحسابات الانتخابية!
في البداية كان الاعتراض على «اعدام» المذنب.. واليوم تبين لنا ان غير المسلم الذي هم حريصون عليه لا يعدم في هذا القانون، بل الاعدام للمسلم فقط! وحتى المسلم هذا لن يعدم الا بعد ان يستتاب خوفا من ان يكون اخطأ عندما كان في وضع استثنائي! فإن استتاب وتاب فلن يعدم.
بالمناسبة.. اثبت وزير الاوقاف وزير العدل انه وزير مميز.. فلاول مرة يعلن وزير ان الحكومة لن ترد القانون.. وهذا تطور جيد وايجابي في التعاطي مع انجازات المجلس.. غير مسبوقة!
كل حكوماتنا.. شعبية!
إبان «هوجة» الدوائر الخمس قلنا حينها ان تقليل عدد الدوائر وتكبير حجمها امر غير معمول به في أي من الديموقراطيات الاخرى التي نعتقد يقينا ان القائمين عليها اكثر ذكاء وحكمة من الداعين لدينا لتلك الهوجة، وذكرنا آنذاك ان الحل الناجع والناجح لاشكاليات شراء الاصوات والفرعيات والتخندقات الطائفية يكمن في تطبيق القانون وليس في ترحيل المشاكل الى المجهول!
*****
وضمن ما أسماه ابوقتيبة الربعي وابوقتيبة الزامل بـ «ديكتاتورية الاغلبية» تحولنا قسرا الى الدوائر الخمس التي تمخضت انتخاباتها عما سمي بأسوأ المجالس النيابية قاطبة من قبل الداعين للتحول لتلك الدوائر (!)، واستخدم المال السياسي بشكل غير مسبوق في تاريخ البلد، كما تجذرت التخندقات الطائفية والفئوية حتى اوصلت البلد الى حافة الحرب الاهلية لولا ان ستر الله، ولم نسمع من احد اعتذارا عن اكذوبة ان الدوائر الخمس ستقضي على ظاهرة شراء الاصوات والفرعيات والتخندقات الطائفية وستعزز الوحدة الوطنية (!) التي لم تمزق قط كما مزقت خلال سنوات ما بعد «نبيها خمس» وبدل الاعتذار بدأت نفس الاصوات تروج لمشروع الدائرة الواحدة، ويقول المثل السياسي الشهير «ان تخدعني مرة فأنت المخطئ، اما ان تخدعني كل مرة فأنا المخطئ كوني صدقتك».
*****
وفي وقت اعلنت فيه «كل» الديموقراطيات العربية الناشئة وجميع خبرائها الدستوريين الكبار في مصر وتونس وليبيا رفضهم القاطع لمبدأ «الديموقراطيات البرلمانية» التي تشكل فيها الحكومات من قبل البرلمانات، وتفضيلهم لاعطاء رأس الدولة الكثير من الصلاحيات واهمها حقه في تعيين رئيس الوزراء أي الخلط بين النظامين الرئاسي والبرلماني وهو ما سبق به آباؤنا المؤسسون الكبار عبر الدستور الذي وضعوه، الدول العربية الاخرى بنصف قرن، خاصة وقد اثبت النظام البرلماني، الذي يحاول بعض نوابنا للاسف الشديد خلق تعديلات دستورية هذه الايام تحولنا له، فشله الشديد في الدول التي اخذت به مثل العراق وفلسطين وحتى اليونان وايطاليا واسبانيا حيث تمخض عن اخفاقات اقتصادية خطيرة بسبب محاولة الحكومات البرلمانية ارضاء الحاضر على حساب المستقبل، كما تفشت الازمات السياسية في تلك الدول بسبب تطاحن القوى البرلمانية الطامعة في الرئاسة، فهل يجوز العودة عن نظام سياسي اصبح قدوة للآخرين الى نظام ساهم في تمزيق وحدة الدول وخرابها السياسي والاقتصادي؟! وهل المطلوب استكمال مشروع تدمير الكويت؟!
*****
آخر محطة: المفجع ان هناك من يسعى بغفلة او قصد لتدمير نظامنا الدستوري عبر ادعاء الرغبة في «حكومة شعبية» وكأن من يحكمنا حكومات غير شعبية او انها حكومات صدامية قمعية بينما يظهر الواقع المغيب عن العقول الغائبة ان جميع الحكومات المتعاقبة منذ عهد الاستقلال بل وقبله هي جميعا حكومات «شعبية وطنية» كويتية يقودها افراد من الشعب الكويتي ما لم نعتبر اسرة الصباح ورجالها امثال عبدالله السالم وصباح السالم وجابر الاحمد وسعد العبدالله وصباح الاحمد اسرة وافدة على البلاد ومنتحلة لجنسيتها ومن سيحل محل ابنائها في رئاسة الحكومة هو الكويتي الحقيقي!
حلمك يا سي علام
لقيت سيدة كويتية حتفها بعد سقوطها من الطابق الخامس، اثر اندلاع نيران في شقتها بمنطقة حولي. الغريب في الموضوع أن الطريقة التي لقيت فيها حتفها كانت أمرا غير متوقع لمن في مثل وضعها، فقد كانت تعرف أنها أول فلكية كويتية، وسبق لها أن ذكرت في مقابلات مع قنوات تلفزيون محلية أن «موهبتها» في التنبؤ بدأت بسن مبكرة، عندما تنبأت بوفاة قريبة لها! وفي مقابلة لها في 2008 طالبت أن تكون مستشارة للحكومة، وفي العام التالي تنبأت بأن 2009 سيكون عام شؤم على الكويت، وستقع اعمال ارهابية فيه(!)، وتنبأت بالشيء ذاته في العام التالي، ولحسن الحظ لم يتحقق شيء من كلامها. كما تنبأت بموت اسامة بن لادن وايمن الظواهري، ولكن بن لادن قتل بعد تنبئها بعام، والظواهري لا يزال يلبط حيا، ولو الى حين! كما تنبأت بوقوع هزات ارضية وهياج البحر ووقوع كوارث بيئية أخرى في الكويت، ولم يحدث شيء من ذلك، اضافة الى كم كبير آخر من الكلام الذي لا معنى له! ومع كل أنشطتها «التنبئية» الا أنها لم تتوقع، ولو بالخيال، الطريقة التي كانت ستموت فيها! وقد ذكرني ذلك بأحداث مسرحية «حلمك يا شيخ علام»، التي ألفها أنيس منصور قبل أكثر من ربع قرن، ومثّل فيها أمين الهنيدي وعقيلة راتب، والتي بثتها اذاعة الكويت بعدها بسنوات بعد تعديل اسمها الى «حلمك يا سي علام»، لاعتراض الرقابة على استخدام كلمة «شيخ» في اسم المسرحية! تدور احداث المسرحية في شقة أسرة قاهرية يقوم قريبهم، شيخ الدين، أمين الهنيدي، بزيارتهم من الصعيد. وكان الشيخ يأتي كل صباح لقريبته، عقيلة راتب، ويخبرها بالحلم الذي جاءه في الليلة السابقة، وكانت أحلامه تتحقق فور الانتهاء من سردها. فعندما أخبر قريبته بأنه رأى في منامه أن طقم الشاي الأثري والمفضل لديها سينكسر، دخلت الخادمة في اللحظة نفسها حاملة صينية عليها ذلك الطقم، و«تفركشت» في طريقها وكسرت كامل الطقم! وعندما قال في اليوم التالي انه حلم بتعرض زوجها لحادث مرور، دخل رجال الاسعاف وهم يحملون زوجها على نقالة، وقدماه في الجبس، بعد تعرض الـ «بيه» لحادث سير! وهكذا تتالت المصائب على الأسرة بسبب سوء أحلام الشيخ، وعندما ضاقت قريبته به ذرعا وبأحلامه وثقل طينته، هجمت عليه وألقته على أريكة الصالة وعضته بكل قوتها في مؤخرته! وهنا قام الشيخ، أو الهنيدي، وامارات الألم الشديد بادية عليه، وعيناه تترقرقان بالدموع، وقال بصوته الأجش، وهو يتحسس مؤخرته «أهي دي اللي ما حلمتش بيها»!
أحمد الصراف
خلاف السلطات والإصلاحات الدستورية
الدستور يعد من أهم إنجازات السلطة والمجتمع في الكويت، وهو علامة فارقة بين التخلف والتطور، فلا يتصور أي وجود للدولة الحديثة من دون دستور أو قواعد عامة للحكم.
ورغم أن الدستور الكويتي أقر في العام 1962 إلا أنه كان مشروعا تقدميا نظرا لحالة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية آنذاك.
ومن المؤكد أيضا أن صدمة الدستور والديموقراطية والتغيير السياسي لم تكن قد استوعبت من كلا الطرفين، السلطة والمجتمع حينذاك، مما أدى إلى فشل التجربة الديموقراطية في بداياتها وتسبب في تعطيل العمل بالدستور والديموقراطية وحل المجالس البرلمانية.
قد نجد العذر في التعامل مع الديموقراطية سابقا، حيث لم تكن السلطة في الماضي مستعدة لاستيعاب الديموقراطية والتزاماتها، وكذلك المجتمع أفرادا ونوابا لم يتصوروا كل تلك الحقوق السياسية ولم يعتادوها.
لكن بعد عودة الحياة الديموقراطية عام 1992، واستمرار الممارسة الديموقراطية دون انقطاع، وتفعيل أكثر مواد الدستور التي لم تكن تستخدم بالسابق، كاستجواب رئيس الوزراء والنقاش حول اختصاصاته، وكيفية تشكيل الحكومات، وطرق التصويت داخل البرلمان، يرى الكثير من المراقبين ان الدستور الذي وضع قبل 50 عاما لم يعد يناسب الحياة السياسية في الوقت الحالي، ويجب تنقيحه للمزيد من الحريات، ولمزيد من الصلاحيات البرلمانية مقابل تقليص نفوذ السلطة التنفيذية.
ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن تطوير الممارسة الديموقراطية يحتاج الى تعديلات دستورية تمكن مجلس الأمة من إعطاء الثقة للحكومة عند تشكيلها، لكي يتمكنوا من التعاون معها، ودرءا للاختلافات المبكرة.
كذلك يجب إعادة النظر في مشاركة الحكومة في التصويت داخل البرلمان، لأنه يعد تدخلا في صلاحيات النواب التشريعية وتداخلا صريحا في السلطات، ففي النهاية الحكومة سلطة تنفيذ لا تشريع، ولا تملك حق الاعتراض على القوانين مباشرة عن طريق المشاركة في التصويت، بل يجب أن ترفع طلب الاعتراض إلى رئيس السلطات صاحب السمو الأمير، حفظه الله، وسموه هو الذي يقرر رد القوانين او إمضاءها، ويحق لمجلس الأمة بعد اعادة القوانين اقرارها بالأغلبية الخاصة او الانتظار إلى دور انعقاد آخر.
من الواضح أن هناك الكثير من التعديلات الدستورية المستحقة لكي تستقيم الأمور، دون الاخلال بنظام الإمارة وصلاحياتها أو الانتقاص من دور السلطة التنفيذية وواجباتها.
وكلما كانت الإصلاحات الدستورية مبكرة، قللت من حدة الصراع بين السلطات وتداركت خطورة اتساعه.
آيساد
سحقاً للدول الصناعية، و”طز مرة ثانية فأمريكا وبريطانية”، وسحقاً لألمانيا، وسحقين اثنين لليابان، وسحقات لا حصر لها لكبريات الشركات الصناعية وأصحابها، ووو، وسحقات أكثر منها وأكبر لكل الاختراعات التي عجزت أن تنجب لنا جهازاً واحداً، واحداً بس، يضعه الواحد منا في جيبه فيكتشف كذب الكذوب وصدق الصدوق.
وسأشرح فكرته كي يتبناه مصنع من مصانع الخير؛ يكون بحجم علبة السجائر، نضعه أمام المسؤول أثناء حديثه، فيعطينا ضوءاً أخضر إذا كان المسؤول صادقاً، وأصفر إذا كان كاذباً، وميزات أخرى بحسب ما يراه، وبحسب الكذب ومستواه… نمرره على بيانات الحكومة أو التيارات السياسية فيضيء بأحد اللونين، ونضعه على مقربة من التلفزيون ونختار المحطة، ونراقب ضوءه فنحكم على المحطة الفضائية، صادقة هي أم كاذبة، وهكذا، بشرط ألا يستخدمه الزوجان، حفاظاً على البيوت والأولاد. ويمكن تسميته “آيساد” على وزن آيفون آيبود وآيباد.
جزماً سيحقق أرقاماً قياسية في المبيعات لم يسبقه إليها غيره، خصوصاً في عالمنا العربي الجميل، وعلي النعمة لأشترينّه، أو كما في اللغة، لأبتاعنّه، مهما كان سعره، ولو كلفني ثيابي التي أرتديها، على أن أكتفي بأوراق الشجر لتستر جسدي، فأضعه أول ما أضعه أمام رئيسي البرلمان والحكومة، قبل أن أضعه أمام بقية النواب والوزراء، ثم الإعلاميين المحترفين، ثم ناشري الصحف ومالكي الفضائيات، ثم ثم ثم…
وأقسم أن الجهاز بكامله، إذا وُضع أمام الفضائيات التي لا تمل من بث الأغاني الوطنية ولا تكل من المطالبة بهيبة الأسرة، سيصبح، الجهاز، كبقرة اليهود، أصفر فاقعاً لونه، وسيطلق أصواتاً لا تسر السامعين.
وأقسم مرتين أننا لو وضعنا الجهاز أمام بعض الليبراليين في البرلمان أو خارجه، لتمتم بكلمات يعاقب عليها القانون! ولو مر إلى جانبه بعض المتدينين في البرلمان وخارجه، خصوصاً ذلك المتدين، أو مدّعي الدين، عضو البرلمان، بملابسه المهيبة، لوقع الجهاز على ظهره وأطلق ضحكات تحرج الراقصة، قبل أن يستدير، الجهاز، ويقدم على فعل ما لا يحمد عقباه.
أما إذا وضعناه أمام الثنائي البرلماني، شهاب الدين وأخيه، فسيسد الجهاز أنفه، ويرتكب حماقات تذهل السكارى.
هو جهاز سيريح الناس ويتكفل بمهمة التفكير والتفسير، خصوصاً إذا ما تم تحديثه وأضيفت إليه ميزة “الختم على أنف الكذاب” بخاتم واضح لا لبس فيه، وأجزم أن ثلاثة أرباع المسؤولين الذين تمتلئ الصحف بصورهم، سينظرون إلى المصورين نظرتهم إلى ملك الموت، وسيهربون منهم هروبهم من الموت، وسيضع كل منهم ثوبه في أسنانه ويطلق ساقيه للريح، كما تهرب البغايا من شرطة الآداب، فيقفز هذا من النافذة، ويختبئ ذاك خلف الستارة! هو جهاز سيكفي لجان التحقيق العناء، ويكفي الناخبين الهراء، فأكثروا معي، يرحمني ويرحمكم الله الدعاء: “اللهم يسّر للمصانع تنفيذ “آيساد”، اللهم عجّل به فإنه رحمة، اللهم لا حول إلا حولك، ولا قوة إلا قوتك، فهب للمصانع وأصحابها القدرة على اختراعه، وهب لنا ابتياعه… آمين”.
نحو وطن قومي للبدون
اضربوهم واقمعوهم في كل تجمع وكل مظاهرة سلمية حتى يصرخ البدون ويقروا، وهم بكامل وعيهم وأهليتهم القانونية، أمام لجنة السيد صالح الفضالة، وأمام كل كويتي متنعم بالجنسية المباركة بأنهم ليسوا بدوناً، وأنهم من دول الجوار سواء كانوا من السعودية أو العراق أو إيران، وكأن بقية الكويتيين من فئة “الممتازة” أو “سوبر ديلوكس” قدموا من بافاريا أو النمسا!
أصبح عرفاً مستقراً أن تقابل كل مظاهرة للبدون بعصي وعضلات القوات الخاصة، حتى يمكننا تصور أن تقوم وزارة الداخلية بخلق قوات خاصة من القوات الخاصة، قوات خاصة الخاصة تتخصص في عمليات ردع وتأديب البدون ويكون مركزها الدائم في تيماء بالجهراء، ثم هناك القوات الخاصة غير الخاصة بالبدون وتتخصص في إعمال قانون منع التجمعات المحكوم بعدم دستورية بعض بنوده، ووسائل تلك القوات الخاصة وغير الخاصة بالبدون يفترض أن تكون أكثر رحمة بالمشاغبين من أهل الكويت، فيمكن أن نتخيل أن تستعمل تلك القوات الخاصة غير الخاصة قفازات من حرير لضرب المتجمعين أو توزع عليهم منشورات من الحكومة والمجلس بهبات وعطايا جديدة حتى يتخدر وعيهم “وينسطلوا” بعالم النعم وينسوا بالتالي لماذا كانوا أساساً متجمعين.
تلك مجرد اقتراحات لوزارة الداخلية، أتمنى أن تنظر إليها “بعين العطف والرعاية”- كما جاء في وعد بلفور المشؤوم بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين، مثلما علمونا في المدارس أيام زمان- فالنظرة البلفورية ربما ستعد غدا بإنشاء وطن قومي للبدون – ولا ندري بأي خرابة يمكن نفيهم فيها- طالما أن الأستاذ صالح الفضالة متأكد أن لديه الأدلة الدامغة على الجنسيات الأخرى لأكثر من 67 ألفاً من البدون، فهو قد قام بزيارات مكوكية لبعض دول الجوار لكشف الأصول العرقية للبدون مثلما فعل “ألكس هيلي” في رواية “الجذور” حين تقصى الكاتب الأميركي عن جذوره الإفريقية وتاريخ عائلته في العبودية! والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن، إن كانت الحكومة ممثلة بالسيد صالح الفضالة تملك الأدلة الدامغة على “أصول الـ67 ألفاً” فلماذا لا يتم كشف هذه “الأدلة الدامغة” للإعلام ولنواب التكتل الشعبي للقضاء على أي أمل “لهؤلاء البدون” بالدخول لجنات الجنسية الكويتية، وبفرض أن أصولهم معروفة وكأن أصول بقية أهل الكويت غير معروفة، فماذا ستصنع الحكومة معهم، فهي تدري الآن أنهم لا يستحقون الجنسية – حسب أدلة السيد الفضالة الدامغة- ولا أمل لهم فيها مهما تظاهروا وتجمعوا، بالمقابل لا أمل لهذه الحكومة ولا لغيرها سواء بسياسة العصا الغليظة أو بسياسة الوعود بالإقامة الطويلة أن تستنسخ “بلفور كويتي” يمكنه أن يحقق الحلم الاستحواذي الكبير لإنهاء شعار “هذي ديرتنا وفيها اللي نبي” بخلق وطن قومي للبدون غير هذه الدولة التي ولدوا وقضوا جل حياتهم بها… ماذا ستصنعون مع البدون غير ضربهم وملاحقتهم؟!… أنتم أدرى.
اللبناني غير
ليس هناك بين العرب من هو أكثر تميزاً من الشعب اللبناني. فبالرغم من صغر مساحة بلدهم وقلة عددهم، من غير المهاجرين منهم، فإننا نجد أنهم الأكثر إبداعاً في أكثر من مجال، حتى في حروبهم الأهلية، وما أكثرها على مر التاريخ، كانوا الأكثر تميزاً بدمويتهم وعنفهم ودمهم ودموعهم، كما هم في كرمهم ومحبتهم. ولو نظرنا لقصص النصب والاحتيال التي رويت عنهم، والتي لا تخلو منها أمة، لوجدنا هنا أيضا تفردا واضحا معجونا بطرافة وذكاء عجيبين، ولخص الصديق عماد محمود كل ذلك بقوله: «كل شي بينعمل، بدّو ينعمل مضبوط»! والطريف ان من السهل ملاحظة الفتاة أو الشاب اللبناني بين أي جمع متنوع، إن من خلال طريقة الاهتمام بالمظهر الخارجي او بطلاقة اللسان والتحدّث بأكثر من لغة، ومعروف أن اللبناني هو الوحيد الذي يستعمل 3 لغات في سؤاله عن الصحة، حيث يقول: هاي، كيفك؟ سفا؟ كما تعرف عنهم تلقائيتهم في التصرف من دون قيود كثيرة. كما لا ننسى أن لبنان أعطى العالم الكثير من العلماء والمثقفين، وأبدع اللبناني في ميادين الجمال والأدب والفن، بطريقة لم تستطعها غالبية، إن لم يكن كل الدول العربية الأخرى، مقارنة بحجمها طبعا! وكل هذا لم يأت. عبثا، بل يعود أساسا للتعدد والتنوع الثقافي والديني والمذهبي وحتى الإثني لشعبه. ولو تم تقسيم لبنان لدول أو كانتونات منفصلة ومستقلة عن بعضها على أسس دينية ومذهبية وعرقية، لاختفت ملامح «الشخصية اللبنانية» المحببة والمبدعة خلال أقل من نصف قرن! وهذا التنوع هو، ولا شيء آخر، الذي أعطى الشخصية اللبنانية مميزاتها وتكوينها المنفرد، الذي أصبح عنوانا للذوق والمحبة والكرم وحب الحياة و«فن» الاستمتاع بها.
لا أدعو هنا حتما الى تقليد الشعب اللبناني في كل شيء والاقتداء به، فهذه أمور تعود لكل فرد، وليس بالإمكان إجبار أحد عليها، أو تغييرها بمقال أو حديث، ولكن ما أهدف للوصول إليه هو أننا لا نستطيع أن نعيش منفردين في العالم ونعتقد بأننا الفئة الناجية، وأن طعامنا هو الأفضل ولباسنا هو الأنسب وعاداتنا هي الأصح وتقاليدنا هي الأجمل، ففي العالم تنوع كبير وعظيم، ومن الغباء عدم الاستفادة منه والنهل من موارد كل هذا التعدد والتنوع، فالبشر إخوة متحابون، ولا يمكن معرفة ما تعنيه المشاعر الإنسانية من أهمية إلا بتقبل الآخر أولا، ومن ثم تجربة العيش معه بسلام.
أحمد الصراف
تحذير كرة النار المدمرة قادمة سريعاً إلى الخليج
بقيت كرة النار الحارقة للأوطان والمتسببة في اشتعال الحروب الداخلية والخارجية مستقرة في أوروبا لقرون طوال، وكانت الصورة التقليدية والنمطية لبلدانهم وعواصمهم هي مبان مدمرة وجثث مقطعة وشعوب مهجرة وخزائن خاوية وفقر ومجاعات حتى ان بلدا كمصر الملكية امتلأت بالمستقرين بها والباحثين عن الأمن من إنجليز وفرنسيين وإيطاليين ويونانيين وروس وبلجيكيين وأتراك وغيرهم.
***
انتقلت كرة النار الجهنمية في الأربعينيات من مستقرها الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط الآمنة فشهدنا عام 48 الدمار والقتل والتهجير في فلسطين واعتقدت الشعوب الأخرى أنها آمنة في ديارها، الآن كرة النار نطت وانتقلت عام 56 إلى مصر فأحرقتها بحرب ثلاثية شنت عليها بسبب رعونة قيادتها العسكرية عديمة الخبرة واستماعها من كانوا يحولون هزائمها إلى انتصارات وبكاء شعبها إلى ضحكات.
***
في عامي 58 و59 انتقلت كرة النار والدماء إلى العراق وبدأت مذابح الأسرة المالكة في بغداد ثم تلتها مذابح الموصل ربيع 59، ثم استقرت كرة نار أخرى عام 62 في اليمن السعيد حيث بدأت الحرب الأهلية هناك بين الملكيين والجمهوريين واستمرت حتى 67 حيث توقفت الى حين مع بدء الحرب والدمار والتهجير على مصر وسورية والأردن وفلسطين، وفي عام 70 احترقت عمان باقتتال الأشقاء الأردنيين والفلسطينيين وبقيت الحرب مشتعلة بين اليمنيين والعمانيين في جبال ظفار بسلطنة عمان، انتقل المقاتلون الفلسطينيون بعد أيلول الأسود إلى لبنان وبدأت حربهم الأولى ضد الجيش اللبناني عام 73 ثم توقفت مع بدء حرب أكتوبر 73 على الجبهتين المصرية والسورية وتلاها على الفور بدء الحرب الأهلية اللبنانية عام 75 والتي استمرت 15 عاما تخللتها المذابح النكراء والقتل على الهوية بين أبناء الوطن الواحد وغزوان لبيروت عامي 1978 و1892.
***
تزامنت تلك الحرب مع قيام الأنظمة الثورية المباركة في ليبيا والسودان وسورية واليمن الشمالي والجنوبي ثم الجزائر في التسعينيات بشن حروب أهلية وخارجية على شعوبها هي أسوأ من حروب الاستعمار عليها، وتولى «ميسي» كرة النار الطاغية صدام السلطة في العراق أواخر السبعينيات فأراح جيشه من حرب الأكراد ومنضوي الحزب الشيوعي بشن حرب ظالمة على إيران استمرت 8 أعوام وقبل انتهائها بدأ بشن حرب بأسلحة الدمار الشامل لمدة عامين على شعبه الكردي في الشمال، ثم قذف بكرة الناراتجاه الكويت دون مبرر فقتل شعبها وهجر أهلها وحرق آبارها وما ان انتهى حتى عاد لتدمير جنوب وشمال البلاد إبان ثورة 14 محافظة ضده وتسبب فيما بعد بهدف ناري في مرماه عندما استقدم الحرب وكرة النار لبلاده عام 2003 بحجة انه سيهزم الفريق الزائر على تخوم بغداد.. نتيجة مباراته مزرية وشبيهة بنتيجة المباراة السابقة مع نفس الفريق عام 91.
***
انتقلت كرة النار عام 2006 إلى لبنان وبعدها عام 2007 إلى غزة مع استقرار بعض الكرات النارية بشكل دائم في العراق والصومال والسودان ويمن القاعدة والحوثيين، في عام 2011 تحركت الكرة المشتعلة إلى ليبيا واليمن وسورية ولا يعلم أحد من الضحية القادمة لكرة النار المتنططة في المنطقة وإن كنت أجزم بأنها متجهة سريعا شرقا إلى الخليج ووسطا إلى مصر وسورية وليبيا.
***
آخر محطة:
ما تظهره اليوتيوبات ومواقع الإنترنت من جرائم تقوم بها أنظمة قمعية عربية ضد شعوبها ممن لم يشهد له التاريخ مثيلا يجعلنا نتساءل عن العدو الحقيقي للأمة العربية وهل هو العدو الخارجي أم تلك الأنظمة؟!